الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منظمة التحرير الفلسطينية بدائل وحلول

سامي الاخرس

2017 / 3 / 1
القضية الفلسطينية


منظمة التحرير الفلسطينية بدائل وحلول
لا يمكن أنّ يحدث أيّ تغول أو تجاوز أو قفز على أيّ كيان مهما كان إن لم يكن يعاني من الترهل، والضعف، والتلاشي فيمنح الآخرين مساحة من العمل خارج الإطار، والتغول عليه وعدم أخد أيّ إعتبار له بالحسبان، سواء على الإطار العام أو الجزئي. فقبل الولوج بقراءة أوضاع منظمة التحرير الفلسطينية لا بد من التووقف أمام فصائلها الثلاث الرئيسية فتح والجبهتين الشعبية الشعبية والديمقراطية وهما المكون الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومدى تأثير أوضاع هذه القوى على قوة وثبات الإطار الوحدوي التمثيلي للمنظمة، ودلالة على حالتها. فحركة فتح القوة الأولى المهيمنة والمسيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية بعد المرحلة التمهيدية أو الإنتقالية التي كان على رأسها يحيى حمودة الذي خلف أحمد الشقيري المؤسس، تعاني من هلهلة وشرذمة في وحدتها التنظيمية والجماهيرية منذ اتفاقيات أوسلو 1994، حيث بدأت حركة فتح الإنتقال من الحركة الثورية الى حركة حاكمة وحزب سلطة، وانصهرت الحركة والمنظمة في السلطة ولم نعد نميز بين فتح والأطر الأخرى سواء م. ت. ف أو السلطة الفلسطينية، وأصبحت الثقافة الداخلية لأبناء وقادة فتح غير قادرة على التمييز بل وترفض التمييز لأن بقايا المنظمة وبقايا السلطة ومكتسباتها سر بقاء واستمرار فتح وجماهيريتها، أيّ ارتباط وجود، لذلك اشتدت الصراعات الداخلية داخل حركة فتح حول مكتسبات السلطة الفلسطينية، بل تحول الصراع رويدًا لشبه انفصال غير معلن يستند ويرتكز وفق التقسيم المناطقي والجيو سياسي وهذا ما برز جليًا في الأونة الاخيرة أو ما اطلق عليه اصطلاحًا(متجنجي فتح) وهو مصطلح يطلق على تيار النائب محمد دحلان، أيّ أن حركة فتح تعاني من ارباكات واهتزازات وحالة تململ وخاصة بعد توزيع المهام على أعضاء اللجنة المركزية واستبعاد الأسير مروان البرغوتي من المهام، أما الفصل الثاني في م. ت. ف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فإنه ليس بأفضل الأحوال داخليًا من حركة فتح منذ عام 1994 حيث فقدت جماهيرتها، وشعبيتها وأصبحت تعاني من أزمات داخلية عميقة لم تستطع تجاوزها أو علاجها أو اعادة تقييم لبرامجها السياسية والتنظيمية والعسكرية، ولم تستطيع التأثير في المدخلات الفلسطينية كقوة مؤثرة كما كانت عليه سابقًا، أيّ أنها تعاني من أزمة بنيوية وتنظيمية عميقة جدًا أثرت على جماهيرية الجبهة الشعبية وخاصة في الداخل الفلسطيني، في حين أنّ حالة الجبهة الديمقراطية تتراوح مكانها ولم تتقدم ولم تستطيع الاندفاع للأمام وتعاني من انحصار تنظيمي وجماهيري، وفشلت في خلق قاعدة يسارية قوية مع قوى اليسار الأخرى وبوجه خاص مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. المحصلة الأساسية من هذا التقديم المبسط أن فصائل م. ت. ف تعاني من أزمات عميقة وحادة يضاف إليها ماتم ممارسته ضد مؤسسات المنظمة التي لم يضخ لها أيّ حيوية او دماء جديدة بل تم تقليص دورها الذي أصبح شبه معدوم في تجمعات الشتات والمخيمات الفلسطينية، واستعاضت عنه بالسفارات الفلسطينية التي لا تقدم للاجئ الفلسطيني ما يرضى تطلعاته او يشبع رغباته وحقوقه ولم تعد تمثل له الملاذ الأمن، أو الملاذ المريح.
في ظل هذه الحالة العامة من التراجع والترمل على المستوى الوطني العام، وعلى صعيد القوى الوطنية العامة ظهرت قوى الإسلام السياسي الممثلة بحركتي حماس والجهاد الاسلامي، وخاصة حركة حماس التي تستند على العمل المؤسساتي وتنظيم صفوفها وقواعدها، وسياساتها الخارجية والداخلية، وتحولت من فصيل محدود إلى حركة لها امتدادات عميقة في كلِّ الساحات ومناطق الشتات، وتحولت مكاتبها الممثليات ردينة في العديد من الدول العربية وغير العربية، هذه اضافة لنجاحها في القفز على رأس النظام السياسي الفلسطيني بعد عام 2006 وسيطرتها على المجلس التشريعي الفلسطيني، ورفضها دخول م. ت. ف دون اشتراكات معينة تلائم قوة وجماهيرية هذه الحركة، وما تتمتع به من دعم العديد من القوى العربية والإقليمية التي تجد في الحركة قوة فلسطينية يمكن أن تشكل بديلًا في الظرف والوقت المناسبين.
أمام هذه الحقائق فإن م. ت. ف وأن انتزعت صفتها التمثيلية ووحدانية تمثيلها في ظرف سياسي كان لصالح القوى الوطنية، وعدم وجود قوى أخرى، فإن المرحلة أو الظرف الحالي هناك قوى وأصوات امتلكت وتمتلك الجرأة للحديث عن بديل لـِ م. ت. ف، وعن بدائل أخرى يمكن أن تتحدث باسم الفلسطينيِّين، وهناك قوى اقليمية تسعى لذلك ولكن ضمن سياسة الخطوة- خطوة، حيث هناك دلائل ومؤشرات داخلية وخارجية تعمل جاهدة لخلق البديل لـِ م. ت. ف أو الهيمنة والسيطرة عليها، وهو يمكن تحقيقه في ظلّ حالة الأزمة الوطنية العميقة، والتمدد لقوى الإسلام السياسي وعلى وجه التحديد في مناطق اللجوء الخارجية التي لم تعد تشعر أو تحس بوجود م. ت. ف ومؤسساتها، وإنما وجود إسمي لامعنى ولا مبرر له حسب رؤيتهم.
إذن فالحديث عن بدائل ليس بمعنى الحديث عن مسميات بل عن هياكل جديدة، ومفاهيم جديدة، فالمسميات هي مصطلحات لا تحمل في طياتها أكثر من شكليات معنوية، أما الأطر والهياكل فهي صميم عملية البديل، وهذا البديل أو البدائل في سياسات واستراتيجيات الإطار المادي عندما يتم السيطرة عليه، وكلّ المؤشرات والدلائل تؤكد أنه في حال إجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني فإن الخارطة الهيكلية ستتغير وعليه سيتم التغيير في اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي، والصندوق القومي والتمثيل في داخل م. ت. ف.
بعد الحديث عن البدائل ماهي الحلول؟ هنا بعيدًا عن الفهم الجزبي الضيق، لا بد لنا أنّ نسلم بأنّ جميع القوى الفلسطينية بكلِّ تياراتها وايديولوجياتها هي جزء من المنظومة الفلسطينية، والنظام السياسي الفلسطيني لا يمكن اقصاء أو عزل أيّ قوة، وعليه فاعادة ترتيب وتصويب الأوضاع الوطنية عامة، وأوضاع م. ت. ف في اللحظة الراهنة لا يمكن له أنّ يتم من خلال الإستراتيجيات السابقة التي كانت تعتمد على ديباجة المستقلين(غير المستقلين) والأحزاب الصوتية التي كانت خدماتية لصالح حزب وحركة ما، فهذه الاستراتيجية والسياسة لا يمكن التعامل على قاعدتها، فإنّ رضخت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لهذه السياسات، فحركتي حماس والجهاد وخاصة حماس لن ترضخ لها مطلقًا، بل أنّها تمارس نفس الإستراتيجية والسياسة في اللعبة السياسية، أيّ لا بد من اعادة صياغة للبيت المؤسساتي للمنظمة وفق قواعد وأسس متبنة تأخذ بالحسبان المتغيرات وحجمها في النظام السياسي الفلسطيني، وتشكيل منظمة قوية قادرة على استعياب الكل الوطني في ظلّ عدم طرح بديل لـِ م.ت.ف وذلك الترتيب لن يتحقق أو ينجح دون التوافق داخليًا ولفظ حالة التقاسم والمحاصصة وكذلك استنهاض من القوى الرئيسية لقواها واعادة ترميم بناها المتآكلة والمحتضرة.
أما المؤتمرات الأخيرة وعلى وجه الخصوص مؤتمر الشتات في اسطنبول فإن كان يحمل في مظهره الشكلي رسالة لخلق بديل فإنه يحمل بانعقاده رسالة عميقة جدًا بأنّ ما كان لم يعد بالإمكان، وأنّ هناك صوت وقوة يمكن أنّ تؤسس لقواعد صلبة وجديدة واعتقد أنّ المؤتمر بحشده وبرامجه هو رسالة تمسك بـِ م. ت. ف التي تعتبر هي الإطار الجامع لصوت الشتات الفلسطيني بما في ذلك موقف حركة حماس التي لن تتخلى عن م. ت. ف رغم أنّها خارج هذا الإطار ولكنها تدرك وتعي جيدًا أهمية وضرورة هذا الإطار، وخاصة في حالة اتخاذ أيّ خطوات مستقبلية سياسية على مستوى دولة الإحتلال أو السياسة الإقليمية أو مخاطبة الرأي العام العالمي والدولي. منظمة التحرير الفلسطينية كإطار باقية لن يتم المساس بها أجلًا أم عاجلًا، ولكن حالتها وأطرها ومؤسساتها لن يدوم حالها عما هي عليه إنّ كان أجلّا فلن عاجلًا.
د. سامي محمد الأخرس
27شباط (فبراير)2017
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في زلة لسان جديدة.. بايدن يطلب من إسرائيل ألا تقتحم حيفا


.. اعتصام أمام البرلمان في المغرب للمطالبة بإسقاط التطبيع مع إس




.. ما طبيعة الرد الإسرائيلي المرتقب على هجوم إيران؟


.. السلطات الإندونيسية تحذر من -تسونامي- بعد انفجار بركان على ج




.. خيمة تتحول لروضة تعليمية وترفيهية للأطفال في رفح بقطاع غزة