الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإيمان الصادق وصدق الإيمان ..

حميد طولست

2017 / 3 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الإيمان الصادق وصدق الإيمان ..
بديهي أن الإيمان الحقيقي الصادق الذي وضعه القرآن مقابل الفسق ، ومقابل الشرك ، ومقابل السوء ، ومقابل الإجرام ، ومقابل إتباع الهوى ، ومقابل المعصية والاستكبار والإفساد ، ليس هو مجرد التصديق بالتمني والإقرار الشفوي بعقيدة معينة، ولا يثبت بالمظاهر والتحلي باللباس القصير ولا يتجلى في إطالة اللحى وتغميق سواد زبيبة الصلاة على الجباه ، وإنما هو ما وقر في القلب وصدقه الفعل قولا وعملا ، أي قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالجوارح والأركان ،كما يقول الفقهاء، وهو ذاك الذي يمنّ به الله على عباده الصالحين ، ويربط نفسوهم بسموه وجلاله ، ويميّزهم عن غيرهم من أهل الفسق والفجور ببهاء الطلعة، وحسن الطليعة ، وجمال الخلقة ، ونضارة الوجوه ، مصداقا لقوله سبحانه : "وجوه يومئذ ناضرة"، وقوله :"وجوه يومئذ ناعمة" وقوله: "تعرف في وجوههم نضرة النعيم" ، فكلما صح الإيمان وصدق ، تجسد في السلوك و تجلى في الجوارح ، وظهرت آثار نعمته على الوجوه ، وترجمته المبادئ والمعتقدات إلى أقوال وأعمال وسعي واجتهاد ، وكان له الصدى الطيب على القلوب ، والأثر البالغ على المشاعر ، وصدق من قال : "لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه " ولعاش بحق روحانية الإيمان ، وتجسدت صديقته في سلوكه ورق قلبه وارتقى بإنسانيته ، ولم يبقى كعبادة الغالبية العظمى وصلاتهم ، مجرد ركوع وسجود فقط ، كما أشار إلى ذلك عمر ابن الخطاب: " لا تنظروا إلى صيام أحدكم ولا إلى صلاته ، ولكن انظروا إلى صدق حديثه إذا حدّث ، وأمانته إذا أأتمن ، وورعه إذا أشفى ، فما أكثر المنافقين الذين يخفون نفاقهم وراء صلاتهم وصيامهم و لحاهم ولباسهم الذي يظهرون به أتقياء، ولا شك في إن أكثر المجتمعات تدينا و التي تدعي : بأنّ سبب فساد الأخلاق هو نقص الدين " ، هي الأكثر فسادا في الإدارة ، والأكثر إرتشاء في القضاء، والأكثر كذبا في السياسة، والأكثر هدرا للحقوق، والأكثر فسقا والأكثر تحرّشا بالنساء، والأكثر اعتداء على حقوق الأطفال.
فصدق الإيمان وحقيقته ، ليس بالمغالاة في مظاهر التدين ، التي يستطيع ممارستها أيا كان حتى لو كان كافرا وملحدا ، لأنه وكما يقال ، ليس المهم هو صلاتك وصيامك ، لأن كل ذلك يهم الذي خلقك ، لكن المهم ، هو أفعالك وتعاملك مع أمثالك ، فلا تتحدث لناس عن دينك ، ودعهم يرون أثره في سلوكك وأخلاقك وتعاملاتك ، فسلوكك الخارجي يعكس ما بداخلك ، سلبا أو إيجابا ، والالتزام بأحكام الدين ، والتخلق بآدابه ، يكون بالعمل الخالي من المعاصي والإسراف في الاستكبار والإجرام في حق الغير.
وليس العمل المقبول الذي يدخل الجنة ونعيمها ويمكن من ملكوت الخلود ، هو اعتقاد كل منا بأن ما يؤمن به من دين هو الأصل والأصح و الأصلح على الإطلاق لكل زمان ومكان ، وهو الحق كل الحق ، وهو الحقيقة المطلقة بلا أدنى ذره شك ، فقط ، دون العمل الذي يبني الإنسان ويأخذ بيده ليرقى في الحياة ، وإنما الذي يدخل الجنة هو كل عمل صالح له صدا وأثرا طيبا على البشرية، بما يقدم للناس من خدمات تجسد رقة القلوب وإنسانيها ، لقوله تعالى : "وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين" ، صدق الله العظيم."
حميد طولست [email protected]
مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس
رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية
رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية.
عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة.
عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية.
عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس
عضو المكتب التنفيدي لـ "لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الأنسان "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الايمان اعتقاد أولا ثم سلوك
عبد الله اغونان ( 2017 / 3 / 1 - 18:38 )
الايمان المثالي

هو صفاء العقيدة وصحة العبادات وحسن معاملة الخلق

فمن كان سلوكه وخلقه حسنا لكن عقيدته فاسدة فايمانه فاسد والكفر نوعان

كفر الاعتقاد وهو الكفر الأكبر

وكفر العمل وهو ارتكاب الكبائر والموبقات

لكن تبقى دائما فرصة الرجوع والتوبة والاخلاص

اخر الافلام

.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53