الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


8 اذار دعوة الى مجتمع مدني ديمقراطي

عمر سلام
(Omar Sallam)

2017 / 3 / 1
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


8 اذار دعوة الى مجتمع مدني ديمقراطي

انه دعوة لنظام اقتصادي واجتماعي ينصف المرأة. لا كما يعتقد البعض بانه يوم المرأة ضد الرجل. فالحركة النسائية وفي كافة البلدان لم تكن ضد الرجل باي شكل من اشكالها انما كانت من اجل نظام عادل ينصف الجميع.
منذ بداية التاريخ تقاسم الانسان بجنسيه الذكر والانثى متاعب الحياة وبدأ صراعه مع الطبيعة من اجل البقاء، ومع بداية التفكير بمن هو؟ وكيف يعيش؟ وكيف يفسر الظواهر الطبيعية التي تؤثر على حياته وطعامه وكسائه؟
واخذ يكون تصوره وفق وعيه البدائي عما يحدث له وما يجري حوله دون أي تفرقة بين ذكر وانثى. وتقاسم الرجل والمرأة الأدوار بكل براءة دون أي تفكير باي تفوق لكلاهما على الاخر.
ومع عجزه بمفهومه البدائي عن تفسير ظاهرتين أساسيتين في حياته وهما ظاهرة الحمل والانجاب التي تقوم به المرأة وظاهرة تتالي الفصول في الطبيعة وظهور المزروعات التي يقتات منها. أدى به الى ان يربط بين اخصاب الطبيعة واخصاب المرأة.
وأصبحت المرأة هي مصدر الخصب فهي التي تنجب العنصر البشري والطبيعة تنتج الغذاء اللازم لاستمرار الحياة. هذا الربط أدى الى ربط قوة الطبيعة بما تنتجه من اعاصير ورياح وامطار في الشتاء بعنصر الاخصاب الاخر وهو المرأة، فكما الطبيعة هي من القوة الهائلة المعجزة للإنسان وتفكيره، أيضا هي المرأة فلو لم تكن بتلك القوة لما استطاعت ان تحمل في بطنها وتقدم المولود الجديد. فكلاهما استمرار للحياة وكليهما مصدر الخصب والتكاثر.
هذا ما عزز مكانة المرأة وجعلها ربة العالم القديم وبدأ معها عصر التفوق على الرجل واخذت مكانتها فيما يسمى المجتمع الامومي. ومع ذلك لم تمارس المرأة اضطهادها على الرجل بل بالعكس استمر تبادل المهام بين الرجل والمرأة في المجتمع. الا انها اخذت مكانتها الاجتماعية دون ان تظلم أحد.
وربطت الماركسية تلك المرحلة بأسلوب الإنتاج السائد الذي كان فيه الانسان ينتج ما يكفي قوت يومه. وهو المجتمع المشاعي البدائي الذي لم يعرف فيه الانسان الملكية الخاصة.
وفي هذه الفترة بدأ الانسان يفكر بأسباب الظواهر الطبيعية ويربطها بالآلهة، وتميزت اديان هذه الفترة بان الهتها اناث.
ومع اكتشاف الزراعة والبدء باستثمار الأراضي في الزراعة بدأ الانسان يدرك أهمية ملكية الأرض التي يزرعها وأصبح يدرك أهمية تخزين ما تنتجه الأرض. ظهرت الملكية الخاصة. واخذ يظهر دور الرجل في الزراعة نظرا لانشغال المرأة بالحمل وتربية الأطفال وتحضير الطعام للرجل الغائب عن البيت في الحقل. وبدأ الرجل يستثمر الوضع الجديد بالانقلاب على الحياة المشتركة والدور المشترك التفاعلي بالحياة، وبدأ يميز نفسه ثم اخذ ينتقص من قيمة المرأة الى ان انتهي به المطاف الى ان يكون السيد والمرأة هي جاريته.
وكرس ذلك في تشريعاته وبدأ ينقلب على الالهة الانثوية وبدأت الالهة تصبح ذكورية شيئا فشيئا. وكان اخر دور انثوي في الايان هو دور مريم العذراء التي خلفت اخر إله تعرفه البشرية وهو يسوع ابن الله.
ومع سيادة الرجل كرس سيطرته بمجموعة من القوانين التي تحكم سيطرته على المرأة. ومن اشد القوانين وطأة في انتقاص قيمة ومكانة المرأة، هي القوانين التي اقنع الرجل نفسه والمرأة بانها قوانين اتية من السماء. وان مكانتها منتقصة بفعل خلقي وبإرادة الخالق وليس هو أي كرجل من ينتقص قيمتها. فنسب اضطهاده لها بانها امر ألهى وهو امر طبيعي. وهذا ما كبل المرأة عبر العصور وجعلها مستسلمة لما قرره الله لها. وهذا اسوا ما قيد فكر المرأة بالتحرر وتأخر تحررها الى الان في المجتمعات العربية.
وكانت قصة ادم وحواء هي تعبير عن انتقاص من قيمة المرأة باعتبارها خلقت من ضلع رجل ثم تحميل المرأة مسؤولية الخروج من الجنة.
فمن سفر التكوين (16 وقال للمرأة: «تكثيرا أكثر اتعاب حبلك، بالوجع تلدين اولادا. والى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك». )
وهكذا تكرست سيادة الرجل بنص إلهي وهذا ما عقد وضع المرأة وجعلها مستسلمة لقدر إلهي، وأعطى الرجل ورقة قوة وسند سيادة مقدس على المرأة.
وهذا ما ثبته لاحقا القران في الآية التالية:
(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من اموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ان الله كان عليا كبيرا) 34 النساء.
واستمر وضع المرأة منقوصة الحقوق في ظل سطوة الأديان على المجتمعات ليس كطقوس عبادة بل كفكر وممارسة اجتماعية، الى اتى العصر الحديث واحتاج الإنتاج الرأسمالي الى الايدي العاملة فكان لا بد من ادخال الايدي العاملة الانثوية الى الإنتاج الرأسمالي وبدأت المرأة تعي انها تساهم مساهمة مباشرة في الإنتاج الصناعي وان لها دور لا يقل أهمية عن دور الرجل في المجتمع وبدأت تعي ذاتها في المجتمعات الرأسمالية واخذت تناضل من اجل حقوقها. وابتدأت الحركة النسائية في القرن التاسع عشر في العديد من الدول وكانت مطالبها الاساسية تخفيض ساعات العمل والمساواة في الاجور ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع.
وفي عام 1975 أثناء السنة الدولية للمرأة، عمدت الأمم المتحدة إلى الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في 8 آذار/مارس.
وهو اليوم الذي كانت تحتفل فيه القوى اليسارية في العالم منذ عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي والذي عقد في باريس عام 1945. وهو تذكيرا بمظاهرات عاملات النسيج في شوارع مدينة نيويورك في 8 اذار 1908 اللائي حملن قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار "خبز وورد". طالبت المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ومنح النساء حق الاقتراع.
وفي عام 1948 صدر الإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي أنصف المرأة وتنص المادة 2 منه
(المادة ٢
لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود. )

وهذا القانون اثبت ان تطور الفكر البشري أنصف نصف البشر اللائي لم تنصفهن الأديان لا بل وكرست استعبادها.
وفي الواقع العربي لا يمكن انصاف المرأة بحلول فردية او جمعيات نسائية ضد الرجال. فالرجل لم يسود على المرأة الا بامتلاكه أوراق قوة قانونية ودينية تمنحه هذه السيادة.
والاضطهاد في المجتمع العربي يمارس على الرجل والمرأة. ولكي يتحرر المجتمع العربي لا بد من ان يتحرر الرجل والمرأة من خلال انشاء دولة ديمقراطية وتغيير القوانين التي تساهم في إنشاء مجتمع مدني يلغي سطوة الدين على الحياة الاجتماعية واعتماد قوانين مدنية بعيدة عن اعتماد الدين بكل غموضه كمصدر للتشريع والقضاء. عندها تتحرر النساء.
وعندما تتحرر النساء عندها نستطيع القول ان الرجال قد تحرروا وان الأمة قد تحررت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحامية انتصار السعيد


.. في يومه الثاني ملتقى العنف الرقمي يناقش الوقاية والاستجاب




.. اليمنيات بين التحديات والإنجازات المسيرة مستمرة


.. الحروب والكوارث الطبيعية تُعرض الأطفال للإصابة بالاكتئاب




.. الشهباء تكتسي ثوبها الأخضر بقدوم فصل الربيع