الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحافة العمالية في العراق..

يعقوب زامل الربيعي

2017 / 3 / 1
الصحافة والاعلام


الصحافة العمالية
...........
منذ مطلع العشرينيات، وبعد الثورة العراقية الكبرى في حزيران 1920، ونتيجة ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا وسطوع الافكار العمالية فيها وتسارع تأثير نموها على العديد من دول العالم والشرق على وجه الخصوص من بينها العراق، أخذت الحاجة لتشكيل تكتلات عمالية ومهنية تتنامى لتأخذ موقع الصدارة في ذهن وهمْ القيادات السياسية والشخصيات الاجتماعية المعارضة آنذاك، والتي كانت تشعر بأهمية حاجة العمال وأصحاب المهن لمثل هذه التشكيلات النقابية والمهنية، وحاجتها إلى الإعلام والتنظيم الضروريين لتعميق الوعي الطبقي والسياسي للفئات الكادحة التي تعاني الأمرين من قوى الاحتلال البريطاني وتزايد المشاكل الجدية الناجمة عن هذا الاحتلال التي من بينها ازدياد جيش العاطلين عن العمل إزاء التوسع الكبير في عدد العمالة الأجنبية التي رافقت المحتل البريطاني لبغداد ومن جرائه.
في هذا الوقت بالذات، بدأت أنظار العمال والشغيلة العراقيين ممن يجيدون القراءة والكتابة أسوة بغيرهم تتجه نحو الصحافة المعارضة للتعبير عن همومهم وابراز مشاكلهم للرأي العام العراقي خاصة بعد تشكيل إدارة الحكم الملكي في العراق. حتى وصل الأمر قبل نهاية العشرينيات إلى بروز ظاهرة المطلبية العمالية التي أخذت تسود الشارع العراقي وما رافقها من تأييد ومناصرة جماهيرية سياسية أخذت تتوسع وتستقطب العديد من صحف المعارضة، التي أخذت تتابع النشاطات والأخبار العمالية بشكل يكاد يكون مركزاً ودقيقاً، إلى جانب تبنيها للمطاليب العمالية العادلة، ومناشدتها للجهات الرسمية المعنية وغيرها، لمناصرة القضايا المشروعة للعمال والمطالبة بحل مشاكلهم، ما دفع بعض الشخصيات الإعلامية إلى التفكير بتأسيس صحافة عمالية متخصصة تأخذ على عاتقها دور بلورة الوعي الطبقي والسياسي لشغيلة وكادحي العراق، كذلك إلى تنشيط وتعميق فكرة تشكيل نقابات وجمعيات عمالية مهنية تكون هذه الصحف المقترح وجودها إلى جانب أدبيات بعض الاحزاب الوطنية وصحف المعارضة العراقية، لسان حال ومنبر لإعلاء صوت وإرادة الطبقة العاملة المتنامية في العراق.
وهذا ما حصل فعلاً. ففي 26/أيلول/1929، حصل ( محمد مكي الأشتري ) على أول امتياز لجريدة عمالية سماها ( التعاون ) كما تذكر المصادر المعنية بتاريخ الحركة النقابية والصحافة العراقية، والتي صدر العدد الأول منها في 14تشرين الثاني 1930. ما دفع فيما بعد السيد ( راجي العسكري ) عضو جمعية الميكانيك إلى اصدار جريدة ( صدى التعاون ) في 19كانون الأول 1930، وكذلك السيد ( محمد صالح قزاز ) رئيس جمعية أصحاب الصنائع ليصدر بدوره جريدة ( الصنائع ) والتي ذكر القزاز: " أنه لا يستبعد أن يكون أول عدد منها قد صدر في أواخر صيف أو أوائل خريف سنة 1930".
ومع الاختلاف بشأن أول صحيفة عمالية في العراق، ووجود تباين حول تاريخ صدور العدد الأول منها، فإن أحد من المعنيين لا يختلف في أن أول صحيفة عمالية تحت عنوان ( العامل ) لصاحبها السيد عبد المجيد حسن، عضو الهيئة التأسيسية لجمعية عمال المطابع في 8أيلول 1930. في وقت صدر العدد الأول من الصحيفة الثانية بأسم ( نداء العمال ) لصحبها عباس حسين آل الجلبي في 22 تشرين الثاني 1930. وكان عباس الجلبي يشغل وقتها منصب رئيس جمعية المطابع العراقية للسنوات 1930 ــ 1933.
ومع أن موضوع صدور الصحيفتين آنفتي الذكر قد تناوله بالدراسة والاستقصاء أكثر من باحث ومؤرخ، إلا أنه لا يزال يحتاج إلى دراسات مفصلة أخرى لاستكمال جوانبه وللتعرف بشكل أدق على بدايات صدور الصحافة العمالية وأثرها حتماً في تكوين وعي عمالي أسهم في تشكيل أولى المنظمات العمالية.
قبل الشروع بدراسة مقارنة لمحتويات صحيفتي ( العامل ) و ( نداء العمال ) لابد أن نشير إلى جملة حقائق تاريخية تتعلق بإصدار الصحيفتين وبأصحابها
لا يخفي على أحد من المعنيين في أن جريدة العامل قد صدر العدد منها في 8/9/1930، بينما صدر العدد الاول من جريدة نداء العمال في 22/11/1930، مما يستدل منه أن زمني صدورهما يؤكد الشخصية المعنوية المستقلة لكل منهما خلافاً لما يذكره البعض. بأن (نداء العمال) امتداداً لجريدة (العمال). أو كما قيل يومها بأن الصحيفتين هما امتداداً لجريدة ( العامل ) الموصلية، التي صدر العدد الأول منها في الموصل في 5/آيار/ 1931.
وللفائدة نذكر توضيحاً: أن صاحب نداء العمال السيد عباس حسين الجلبي، كان أكبر سناً من جميع أعضاء هيئة جمعية عمال المطابع العراقية وأقدمهم في ممارسة مهنة الطباعة ( بدأ حياته عاملاً في المطابع ثم ما لبث أن أصبح صاحب مطبعة الآداب التي طبع فيها جريدته ). في وقت كان عبد المجيد حسن صاحب جريدة العامل من مواليد 1911، أي أصغر سناً من بين أعضاء الهيئة التأسيسية لكنه أكثرهم نشاطاً واندفاعاً في خدمة القضايا العمالية، هذا ما يؤكده السيد عبد المجيد حسن في مقابلة له مع الاستاذ شهاب أحمد الحميد حين أشار له: " كان عباس الجلبي رجلاً وقوراً، وأكبرنا سناً. كما كان يحب مهنة الطباعة وكما يتفانى في خدمة عمالها، كذلك يمتاز بمزاج خاص واتجاهات وطنية متميزة ضد الانكليز".
أما في مجال الدراسة والمقارنة بين الجريدتين ( العامل و نداء العمال ) من حيث الشكل والمضمون وكذلك المستوى الفكري والإخراج الفني، فأنه ينبغي تحليل محتوياتهما بشكل نحتاجه مفصلاً بعض الشيء هنا لتوضيح الفارق بين ما في الصحيفتين من تطور.
تستلفت الأنظار أن رأس جريدة (العامل) جاء خالياً من زحمة العناوين والشعارات والجداول الطباعية على عكس رأس صفحة (نداء العمال) في صفحتها الأولى والثانية. ومن حيث الشكل فأن غلاف(*) جريدة العامل يُعد أكثر جمالاً وأبسط إخراجاً. على أن غلاف جريدة نداء العمال كان مقدمة لجهد صحفي خالص.
وللفائدة المتوخاة وإغناءً لما له من أهمية تاريخياً لتوسيع المعلومة عن الجريدتين، نذكر أنه في الوقت الذي وصفت فيه جريدة العامل نفسها بأنها ( جريدة أدبية وفنية مصورة أسبوعية ) نجد فيها، وعلى ظهر غلافها الأول خبران سياسيان مكللان بالدعاء والترحاب نشرتهما تحت عنوان (الملك في أوروبا) و ( نوري باشا السعيد في بغداد ) وقت طرحت فيه شعاراً عمالياً بحرف أكبر من متن الافتتاحية.
مقابل هذا أن نداء العمال وحين عَرفت نفسها بأنها ( صحيفة اجتماعية انتقادية أدبية نصف شهرية ـ مصورة ـ ). وأنها " لسان حال العمال الناطق بلسانهم وسلاحهم الأدبي غايتها خدمة العمال في جميع البلدان العربية ". لكنها نشرت صورة فوتغرافية لـ " جلالة الملك حسين بن علي" بمناسبة انحراف صحته، وذلك على صدر غلافها الأول فيما أعتلى غلاف الصحيفة عنوان كبير من الحافة اليمنى وحتى الحافة اليسرى يقول: " على سواعد العمال يشاد كيان الشعوب وبنهضتهم تذاب قيود الظلم وأغلال الضلالة ".
...........
(*) صدرت جريدة العامل بعد طبع عددها الأول يوم الأثنين الموافق 8 أيلول عام 1930 في مطبعة الآداب في بغداد. ثمن النسخة الواحدة (آنتان ـ أي 8 فلوس). تكونت الجريدة من 20 صفحة حجم مجلة بقياس 22× 30سم. طبعت صفحاتها الداخلية (16 صفحة) على ورق أسمر بينما تم طبع الغلاف على ورق أبيض صقيل. أحتوى الوجه الأول من الغلاف على أسم وعنوان الجريدة تقع تحته عناوين الموضوعات الداخلية وأسماء الكتب مؤطر بنقوش أنيقة. كما أحتوى ظهر الغلاف الأول ستة أخبار محلية وإعلان واحد. تم ترتيب الجريدة بثلاثة أعمدة ترتيباً يدوياً بحرف (النسخ) عدا حرف الافتتاحية فأنه رتب بحرف ( الرقعة ) وبخط بارز للخطاط محمد صالح تحت عنوان ( أبناء وآراء ) في حين أحتوى الغلاف الأخير على جزء من مادة قصصية بعنوان " منوّر " تعريب طاهر البنديجي. أما ظهر الغلاف الأخير فقد خصص للنشاطات المسرحية تحت عنوان ( على مسرح الفن ) احتوت ثلاثة أخبار فنية حول " استقالة عزيز أفندي علي من رئاسة الفرقة الوطنية. وآخر عن جولة الفرقة التمثيلية العصرية برئاسة ( حقي أفندي الشبلي ) إلى المحافظات لإقامة حفلات تمثيلية في الكوت والعمارة والديوانية والبصرة والحلة لتعود بعدها إلى بغداد، ثم يغادر حقي أفندي الشبلي إلى القاهرة للالتحاق بفرقة السيدة فاطمة رشدي لإكمال دراسته هناك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار