الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات على مشروع تعديل قانون المفوضية رقم 11 لسنة 2007

سربست مصطفى رشيد اميدي

2017 / 3 / 1
دراسات وابحاث قانونية


بعض الملاحظات على مشروع التعديل الثاني لقانون المفوضية رقم (11) لسنة 2007

اثير جدل كبير في وسائل الاعلام وأروقة مجلس النواب العراقي حول التعديل الثاني لقانون المفوضية بتنسيب قضاة محل اعضاء مجلس المفوضين، ولإلقاء الضوء على ماهية مشروع القانون نوضح اهم ملاحظاتنا بصدده بالنقاط الاتية:
1- ابتداءاً ان الدستور العراقي قد خصص الفصل الرابع للهيئات المستقلة مكونا من (8) مواد وخص المفوضية العليا لحقوق الانسان والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهيئة النزاهة بالمادة (102) من الدستور. لذلك فان مقصد المشرع واضح وهو اعطاء هذه الهيئات استقلالية تامة عن السلطات الثلاثة المعروفة للدولة وهي السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية وان زج القضاء في اختصاص تنفيذي اقر المشرع باستقلاليته معناه تجاوز مبدأ الفصل بين السلطة وهو مبدأ اساسي لنظام الحكم البرلماني والتي نصت عليه المادة الاولى من الدستور العراقي. وبالتالي باعتقادنا ان مشروع التعديل هذا يخالف احكام الدستور العراقي.
2- عند البحث في اختصاصات القضاء فأن ادارة الانتخابات والإشراف عليها غير موجودة ضمن مواد الفصل الثالث من الدستور الخاصة بالسلطة القضائية بمواده الخمس عشر من المادة (87) لغاية المادة ( 101) ماعدا الفقرة سابعا من المادة (93) من الدستور التي حددت اختصاصات المحكمة الاتحادية وهو المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب. وبالتالي فهذا دليل اخر على ان هذا القانون يخالف احكام الدستور لان الاتيان باختصاص جديد للسلطة القضائية لم يتضمنها الدستور هو مخالفة صريحة لإحكامه.
3- المادة (8) من القانون رقم 11 لسنة 2007 تحدد اليات الطعن بقرارات مجلس المفوضين امام الهيئة القضائية الخاصة بالانتخابات التي تشكل من قبل محكمة التمييز ومن ثلاثة قضاة غير متفرغين. وقرارات الهيئة القضائية للانتخابات باته وغير قابلة للطعن بأي شكل من الاشكال. هذه المادة تشير بوضوح بان للسلطة القضائية اختصاص البت في الطعون التي تقدم بخصوص قرارات المجلس وبالتالي فان كل قرارات مجلس المفوضين خاضعة للطعن امام القضاء. وهذا هو الاختصاص الطبيعي للقضاء حيث البت في النزاعات التي تنشأ عن تطبيق القوانين من الجهات المتضررة سواء كانت هيئات ام اشخاص.اما في هذا المشروع والذي لم يعالج ذلك اساسا هنالك تناقض واضح حيث سيصبح القضاء (مجلس المفوضين) في هذه الحالة هو الخصم والحكم في نفس الوقت. وهذا امر غريب ومخالف لأحكام العدالة والإنصاف وكذلك لمبدأ الفصل بين السلطات.
4- جاء مشروع التعديل في حكم غريب لتعديله في المادة الثانية وهو الغاء (1) من الفقرة (د) وهو ادارة اعمال المجلس التنظيمية والإدارية. حيث ان قرارات المجلس هي قرار وزير فيما يتعلق بالشؤون التنظيمية والإدارية والمالية وان سلب هذا الاختصاص من المجلس ورئيس المجلس حيث يمثلها امام الغير فان الامر سيكون مناطا برئيس الادارة الانتخابية وقراراته لا تعتبر قرار الوزير. حيث انه وفق الفقرة (ج) من ثالثا من المادة (3) من القانون يعتبر رئيس المجلس هو الممثل القانوني للمفوضية وله بموجب ذلك تمثيلها امام الغير. فهذا التعديل سيضع المؤسسة في تخبط ونتيجة لذلك سيكون مصير الموظفين وشؤونهم الادارية والتنظيمية في مهب الريح لأنه ليس من حق المجلس اتخاذ القرارات الادارية والتنظيمية.
5- المادة (3) من مشروع التعديل بخصوص تعيين مدراء المكاتب من القضاة يسري عليه ما ثبتناه في الفقرة (1) و (2) اعلاه.
6- بخصوص نفس المادة من مشروع التعديل نتساءل ما هو مصير مساعدي رئيس الادارة للشؤون الفنية وللشؤون الادارية والمالية هل تم اغفالهما عمدا ام القصد هو الغاء هذه المناصب خاصة وان نفس المادة تقترح رفع هيكلية من رئيس الادارة الانتخابية والمصادقة عليها من قبل المجلس في حين ان المشروع بت به مقدما. والملاحظة الاخرى لماذا الامين العام لمجلس المفوضين يكون قاضيا في حين اغفل هذا الشيء بالنسبة لمدير عام الشؤون الادارية والمالية ليكون مجرد حاصلا على شهادة جامعية اولية. وهذه امر يجعلنا نعتقد ان المشروع كتب بانتقائية وليس حسب ما ورد في الاسباب الموجبة للمشروع.
7- بخصوص المادة الرابعة من مشروع التعديل صادر حتى رغبة القاضي بالاستبدال اذا طلب نقله من مجلس المفوضين باعتبارها اصبحت تحت سلطة القضاء ومجلس النواب على سبيل المثال.
وان المادة بمفهومها ستجعل المفوضية ومجلس المفوضين لا يملك قراره ويكون ذلك خاضعا للمزاج السياسي داخل مجلس النواب وخاصة للأغلبية السياسية الموجودة في اللجنة القانونية التي تخضع المفوضية لمراقبتها.
وهنا سيكون القضاء او بعض قراراته فيما يخص الانتخابات تخضع لرقابة السلطة التشريعية علما ان المادة (88) من الدستور تنص على ( القضاة مستقلون لا سلطات عليهم في قضاءهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة التدخل في شؤون القضاء او في شؤون العدالة).
فكيف بهذا المشروع الذي يخلط بين السلطات حيث انيط اختصاص اخر للقضاء وكذلك يستوجب اشراف السلطة التشريعية على اعماله وفق المادة (102) من الدستور.
8- المادة (9) من مشروع التعديل يلغي الفقرات ( اولا وثانيا وعاشرا ) من المادة (9) من قانون المفوضية رقم 11 لسنة 2007 والإتيان بنص اخر بدل هذه الفقرات وهو (يحل مجلس المفوضين الحالي بصدور هذا القانون ونشره في الجريدة الرسمية).
انما يبين بأن واضعي المشروع يريدون استهداف اعضاء مجلس المفوضين الحالي لان صبرهم قد نفذ فلم يعد يتحملون حتى ابقاء الفقرة اولا من المادة (9) الاصلية ليستمر المجلس بأداء اعماله لحين اختيار المجلس الجديد وممارستهم لمهامهم ولم يتحملوا حتى ان يستمر ليقوم المجلس الجديد باستلام المؤسسة منهم. وعلما انهم اي واضعي المشروع من الذين قد رشحوا عن طريق هذا المجلس لعضوية مجلس النواب وفازوا بمقاعدهم نتيجة عمل هذا المجلس فلماذا هذا الانتقام إلا لسبب وهو ان المجلس الحالي كان حريصا على اصوات الجميع ومن ضمنهم واضعي المشروع.
وكذلك بإلغاء الفقرة العاشرة من المادة اعلاه من قانون المفوضية فاعتقد ايضا الهدف واضح وصريح وهو استبعاد مكون مهم من الشعب العراقي من كل الوظائف المهمة في الدولة العراقية حيث كان رئاسة المجلس لدورتين من مكون محدد وهذا واضح للجميع وهو دق اخر اسفين في مبدأ الشراكة.
9- الاسباب الموجبة للمشروع نصت على انه ( بغية اجراء انتخابات نزيهة وعادلة لضمان الحيادية والاستقلالية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات شرع هذا القانون).
يبدو ان مفهوم الاستقلالية قد غاب عن واضعي المشروع حيث يقصد بالاستقلالية، للمفوضية استقلالها في قراراتها عن السلطات الثلاث . ووضع قانون المفوضية والقوانين الانتخابية الضمانات اللازمة لهذه الاستقلالية ووضعت الية للطعن في قراراتها. اي ان كل قراراتها خاضعة للطعن امام القضاء وبالتالي فان القضاء يضمن حياديتها ونزاهتها وعملها وفق القانون. اما القول بغية اجراء انتخابات نزيهة وعادلة، فان المحكمة الاتحادية قد صادقت على نتائج الانتخابات والمحكمة الاتحادية العليا اعلى درجة في المحاكم وقراراتها باتة وملزمة للجميع وبالتالي فالطعن بعدم نزاهة الانتخابات يعني الطعن بعدم نزاهة ألقضاء. لأنه لم يباشر اي عضو من اعضاء مجلس النواب عمله إلا بعد مصادقتها وللعلم فان المحكمة الاتحادية رفضت المصادقة على عدد من اعضاء مجلس النواب الفائزين ثم صادقت عليهم ورفضت المصادقة على عضو اخر على الرغم من كونه فائزا ولم يباشر عمله كعضو في مجلس النواب. وبالتالي نعتقد ان واضعي المشروع يناقضون انفسهم لأنهم جعلوا القضاء قرينة للنزاهة والاستقلالية في حين انهم يطعنون في نفس الوقت بالقضاء ومن خلال الادعاء بعدم نزاهة الانتخابات. ثانيا ما علاقة المفوضية بذلك حيث ان العدالة الانتخابية تتعلق بالنظام الانتخابي المطبق وهو ما ينص عليه القانون الانتخابي وليس قانون المفوضية . وهذا خلط للامور وعدم فهم الف باء العملية الانتخابية . وبالتالي يفترض ان يتم الاعتراض من قبلهم على القانون الانتخابي. وللعلم فان مشروع تعديل قانون مجالس المحافظات والاقضية يقترح معادلة سانت ليغو المعدل بالنسبة ( 1.7، 3 ، 5 ،... الخ) لتحويل الاصوات الى مقاعد في مجالس المحافظات والذي اعد من قبل مجلس الوزراء. اما مشروع تعديل قانون انتخابات مجلس النواب والمعد من قبل رئاسة الجمهورية فقد اقترح معادلة (هوندت) لترجمة الاصوات الى مقاعد نيابية والاثنين ليست في صالح الاحزاب الصغيرة.
هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فان الادعاء بعدم نزاهة الانتخابات التي اجرتها المفوضية منذ سنة 2005 ولحد الان. انما يقودنا الى التساؤل اذا كانت الانتخابات غير نزيهة فان نتائجها تكون كذلك وبالتالي فان الدورات النيابية لمجلس النواب ولمجالس المحافظات قد جرت من قبل هذه المفوضية ( الغير نزيهة) حسب ادعاء البعض اي ان نتاجها وهي هذه المجالس (غير نزيهة) وبالتالي تضع عضوية اعضاء مجلس النواب ومجالس المحافظات محل شك وتساؤل في مدى شرعيتها لأنه حسب المبدأ القانوني (كُل مابُنيَ على باطل فهو باطل) فإذا كانت الاسباب الموجبة هي لأجل اجراء انتخابات نزيهة فنفترض من واضعي القانون ان يدعو الى حل مجلس النواب لكونه قد جاء نتيجة انتخابات غير نزيهة ايضا بعد اقرار هذا المشروع من قبله والقيام بانتخابات مبكرة.
ان تقارير المنظمات والمراقبين الدوليين والذين ليس لهم مصلحة انتخابية لم تشير الى عدم نزاهة الانتخابات وكذلك تقارير الامم المتحدة التي يعمل فريق كامل من خبرائها مع المفوضية منذ 2004 ولحد الان فلم يشر الى ذلك ايضا. ولكن توجد خروقات في مراكز ومحطات الاقتراع والقانون قد اوجد الالية لمعالجتها من خلال تقديم الشكاوى بصدد تلك الحالات والمفوضية في كل عملية انتخابية تلغي نتائج العشرات من المحطات في محافظات العراق المختلفة وفي جميع الانتخابات التي اجرتها المفوضية منذ تأسيسها.
عليه نعتقد ان مشروع القانون قد وضع بعجالة ولم يتم الاستعانة برأي المفوضية بهذا الخصوص وهي المختصة وفق الدستور والقانون بشان الانتخابات او على الاقل رأي الامم المتحدة او المنظمات العالمية المعروفة ذات الشأن الانتخابي وأستطيع ان اتطوع وأعطيهم اسماء ووسائل الاتصال بتلك المنظمات, لذلك فقد تضمن كل هذه المخالفات الدستورية والتناقضات في مواده التسعة.
في النهاية هذه الملاحظات تعبر عن وجهة نظري الشخصية وليس من الضروري ان تعبر عن الرأي الرسمي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات واضعها امام انظار المختصين والمواطنين لعلها تكون ذات فائدة.



سربست مصطفى رشيد
رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات
1/3/2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهادة فلسطيني حول تعذيب جنود الاحتلال له وأصدقائه في بيت حان


.. فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي




.. جوزيب بوريل يدعو إلى منح الفلسطينيين حقوقهم وفقا لقرارات الأ


.. تونس.. ناشطون يدعون إلى محاكمة المعتقلين السياسيين وهم طلقاء




.. كلمة مندوب دولة الإمارات في الأمم المتحدة |#عاجل