الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فساد الكبار وخطره على الأوطان ..

حميد طولست

2017 / 3 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


فساد الكبار وخطره على الأوطان ..
رغم تعدد مفاهيم الفساد ، وتباين تفسيراته ، تبعا لاختلاف طرق ومستويات وأساليب فاعليه ، يبقى التعريف القريب للمنطق، والشبه المتفق عليه له ، هو أنه في عمومه ، انتهاك لحقوق الغير، وضرب لمبدأ النزاهة وتكافئ الفرص ، واﺳﺗﻐﻼل للموارد اﻟمالية العامة للبلاد بدون وجه حق ، ويقع في الغالب الأعم عن طريق سوء استخدام المنصب ، واستغلال الموقع الوظيفي، واستعمال نفوذ السلطة أو الجاه للحصول على المكاسب والمتيازات والمنافع الشخصية غير المشروعة ، عن طريق الرشوة واختلاس وغسل المال العام ، التصرف المشين الذي يقوّض الاقتصاد ، ويحد من الاستثمار ،ويعطل التنمية ، ويشل عمل الشركات ومنظمات المجتمع المدني ، ويولد الفشل الإداري ، ويعرقل إدارة المهام والإجراءات التي تخدم ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟوطن وأﻣﻧﻪ واﺳﺗﻘراره ..
وﻣن أخطر أنواع الفساد الذي يضرب اقتصاد الكثير من البلدان ، هو ذاك النوع المختلف ﻋﻥ ﺍﻟﻔﺳﺎﺩات ﺍﻟﺗﻘﻠﻳﺩية ، الفساد والمخطط له ، في أساليبه وطرقه عن سبق اصرار وترصد ، والذي ليس مجرد انحرافات لا أخلاقية تصيب الذين اختاروا أن يكونوا فاسدين ، والذي يظهر للوهلة الأولى وبالحجج والبراهين الاقتصادية والمحاسباتية والعلوم الاجتماعية ، بأنه تشجيع للاستثمارات المجتمعية ، وبرامج تصحيحية لتجاوز أزماتها المالية والاقتصادية والاجتماعية ، بينما هو في جوهره وحقيقته ، من أخطر الفسادات الناتجة عن ﺻراع أﺻﺣﺎب اﻟﻘرار اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ، ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔوذ واﻟﻣﺻﺎﻟﺢ واﻟﻣوارد واﻟﻣﻛﺎﺳب اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ، والذي يطلق عليه "فساد الكبار" لاعتماده على لعبة خلط السياسة بالتجارة ، والقرار بالبزنس ، والمال العام بالمال الخاص ، المدمرة للاقتصاد والمجتمع والمصلحة العامة ، ﺳﻌﯾﺎ وراء تأبيد سيادة المصلحة الخاصة ، ﻟﺧدﻣﺔ ﻣﺻﺎلح الأفراد وأﻫداﻓﻬم اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ..
وليس المغرب في منأى عن هذا النوع من الفساد ، الذي ﻳﺣﺩﺙ ﻓﻲ نطاق الﻣﺳﺗﻭﻳﺎﺕ الﻋﻠﻳﺎ ، والذي أصبح في وقتنا الراهن ظاهرة خطيرة تعانيها أغلب المجتمعات والبلدان المتقدمة والنامية والمتخلفة على حد سواء ، والذي أضحى يشكل أخطر ﺗﺣد يواﺟه المغرب كبلد في طريق النمو ، بدليل كثرة ما تروجه الألسن من الإتهامات بتبديد المال العام ، والإرتشاء والإغتناء المفاجئ غير المشروع ، الذي تطول وتتنوع لوائحها، والتي تقابل ، مع السف، بصمت غريب ومريب من طرف المجالس الحكومية المعنية بالتحرك بالنظر والتحقيق فيها بما تملك من منظومة تشريعية قانونية وتحقيقية وقضائية وإدارية ومالية قادرة البت في إتهامات المواطنين ، التي تبقى معلقة وقائمة ومطروحة بإلحاحية شديدة في أسئلة المواطنين وتساؤلاتهم ، دون إجراء تحقيقات رادعة بعد ، وإطلاع الرأي العام على نتائجها مراجعات حسابات الكبار ، أثناء تقلدهم مهام تسيير الشأن العام ، لاتثبات براءة ذممهم من عدمهم ، مما تروجه الألسن عنهم من اتهامات الإغتناء غير المشروع وتبديد المال العام وغسيله ، والذي يوجب على السلطات الحكومية المعنية بمكافحة الفساد ، إتخاذ في حق من لبسهتم تلك التهم ، أقسى الاجراءات العقوبية القانونية المتماشية مع روح العدالة والنزاهة ، التي تتضمن الضوابط الموضوعية التي تغلق الكثير من الثغرات التي تستغلها مافيا الفساد، وتحدد العقوبات الرادعة التي تجعل هواة الفساد يترددون ألف مرة قبل اقتراف الفساد ويجعل محترفي الفساد يعانون من رقابة صارمة تعرقل نشاطهم وتجعل ممارستهم للفساد عملية محفوفة بالكثير من المخاطر، كما تكبدهم نفقات باهظة مما يقلل بدرجة كبيرة من نشاطاتهم الفاسدة والمفسدة ، كما يحدث في الأمم والشعوب التي لا تعتمد "الشفوي" في بناء أوطانها، ولا تكتفي إلا بالفعل ونتائجه المراقبة من طرف أجهزة الدولة وفي مقدمتها "الرقابة الإدارية "والتي يجب ألا تتدخل فيها الحصانات القضائية أو البرلمانية أو غيرها من الحصانات السياسية الأخرى ، التي تتخفى وراءها المنظومة الفاسدة التي تشرعن للفساد تحت تسميات ومفاهيم مختلفة ..
وأمام سرعة مرور الوقت ، أصبح لزاما على المسؤولين تطبيق كل إستراتيجيات مكافحة الفساد المتعددة ، وتجريب العديد من الوسائل التي نجحت بفضلها الكثير من المجتمعات من القضاء على فساد الكبار والصغار معا ، وعلى رأسها إصلاح النظام التعليمي بما يُؤمّن نشر ثقافة مجتمعية تبدأ من المدرسة عبر تعليم النشئ الجديد بمخاطر الفساد وزرع الفضيلة والأخلاق والتربية الصحيحة لخلق جيل واعٍ يفهم ويدرك جيداً مخاطر الفساد على المجتمع بشتى أشكاله وخلق بيئة مجتمعية تحرص على نشر روح العدالة والنزاهة وبناء الوطن ، لأنه إذا نحن تهاونا في ذلك ولم نعمل جدياً على مكافحة سرطان هذا الفساج المخيف، والحد من انتشاره، فإنه لاشك سيُشكّل أحطر العوائق والترهلات والكساح في بناء وتنمية الوطن، الذي سيكون مصيره التهميش على صعيد المجتمع الدولي ..
حميد طولست [email protected]
مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس
رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية
رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية.
عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة.
عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية.
عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس
عضو المكتب التنفيدي لـ "لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الأنسان "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد