الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمال جميل الرئيس الضابط الموصلي الشهيد في اليمن

ابراهيم خليل العلاف

2017 / 3 / 4
سيرة ذاتية


جمال جميل الرئيس الضابط الموصلي الشهيد في اليمن
أ.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
كنت قد انتهيت منذ سنوات من بحث لم تتيسر لي فرصة نشره عن ((العراق واليمن : دراسة تاريخية في علاقاتهما1921 ـ1962)) وقد عدت اليه بعد قراءتي لما كتبه الزميل العزيز الاستاذ يوسف ذنون في جريدة فتى العراق ( العدد 56 السنة 2، 6 كانون الثاني 2005) بعنوان : ((العلامة العبيدي في اليمن )) وكان المقال رائعا ومتميزا ومما جاء فيه ان ضباط ثورتي 1948 و 1962 في اليمن قد تأثروا بكتاب ( النواة ) لمحمد حبيب العبيدي رحمه الله وكان لهم حافزا على الثورة ضد الاجنبي وعملائه واعتقد ان للضابط الموصلي جمال جميل (1911 ـ1949) دورا في اطلاعهم وتعريفهم بالعلامة العبيدي وبكتبه ودعواته ضد الاجنبي . وفي هذه المقالة احببت ان اقف قليلا عند هذا الضابط الموصلي العراقي رحمه الله وكيف كان له دوره الفاعل ليس في تأسيس ( الجيش اليمني) بل وفي اثارة الوعي الوطني والقومي بين منتسبي هذا الجيش .. فمن هو جمال جميل ؟
جمال جميل هو احد اعضاء البعثة العسكرية العراقية التي اوفدت الى اليمن اوائل سنة 1940 لغرض تحديث انظمة الجيش اليمني وتدريبه وفق الاساليب الحديثة وكانت برئاسة العقيد الركن اسماعيل صفوت وعضوية الرئيــس ( الرائد) جمال جميل ( ضابط مدفعي) والرائد محمد حسن المحاويلي ( ضابط مشاة) والملازم الاول عبد القادر محمـــد الناظمـي ( ضابط مخابرة) والملازم سيف الدين سعيد آل يحــيى( ضابط مشاة ) كما ضمت البعثة (12) من ضباط الصف . وقد وصلت البعثة صنعاء فــي 3 نيسان 1940 وانجزت مهمتها مع مطلع 1943 وعادت الى العراق وبقي جمال جميل الذي تزوج من ابنة امر المدفعية اليمنية ( اسماعيل بك) وقد عمل جمال جميل في اليمن معلما في الكلية الحربية وتخرج على يديه طلاب الدفعتين الثانية والثالثة من هذه الكلية 1944و1945 . وتشير الوثائق المتداولة انه دعا الامام يحيى حميد الدين امام اليمن انذاك الى الاصلاح ونبذ سياسة العزلة وثمة رسائل بعثها الى الحكومة العراقية طلب منها دعم اليمن والتدخل لانقاذ الشعب اليمني من التخلف وحذر من التلكؤ في اجابة طلباته وقال ان ذلك سيدفع اليمن الى هوة الارتماء في احضان الاجانب .. وعندما يأس من ذلك اسهم في ثورة 1948 التي نجم عنها اغتيال الامام يحيى ، لكن ابنه (سيف الاسلام احمد) تمكن من اجهاض الثورة فقبض على جمال جميل واعدم في رمضان 1369هـ (1949) وقبل اعدامه خاطب طلابه في الكلية الحربية ومما قاله : لايرهبكم مصرعي ، عيشوا مبادئكم وقضية وطنكم وموتوا من اجلها فالموت في سبيل الواجب شرف وخلود" .
رثاه كثيرون منهم منهم الشاعر ابراهيم الحضراني الذي قال :
حتَّامَ يا وطني أراك تُضـــامُ
وعلى جبينك تُعبدُ الأصنــــامُ؟
وإلامَ يرتفعُ الطغاةُ ويعتلـــي
عرَش التبابع معشرٌ أقــــزامُ؟
وتظل يا مهد الجدود ممُزَّقًــا
بيد الخطوب تدوسكَ الأقــــدامُ
حتَّامَ يمضي للرزيّة والأســى
عامٌ ويأتي بالفجيعة عـــــامُ؟
اليوم بالزفرات عامٌ قد مضــى
ولَّى تُشَيِّع نعشَه الآثــــــامُ
ولَّى، وقد طعنَ السعيدةَ طعنــةً
برجالها الأحرار لا تلتـــــامُ
نُصبت على الأعواد فيه جهـرةً
جثث الأسود كأنها أغنـــــامُ
(أجمال) ذكرك إذ يعود تعودُ لي
بين الجوانح زفرةٌ وضِــــرامُ
عجبًا لخطبك لم تُرع من هولـه
دُوَلٌ، ولم تُنَكسْ له أعــــلامُ
وتهزّ أعواد المنابر بالأســـى
هزًّا، وتسكبُ دمعَها الأقـــلامُ
خرجوا يقودون الرئيس كأنــه
مَلِكٌ وهم حولَ الرئيس سُــوامُ
أو أنه القمرُ المنيــــرُ يَزُفُّهُ
نحو المغيب من الظلام ظَــلامُ
شاهت وجوهُ الظالمين حِيالَـــه
وبدا الرئيسُ وثَغرهُ بسّــــامُ
ومشى إلى الفردوس مشيةَ مؤمنٍ
يحدوه للأجل المتاحِ غـــرامُ
ورنا إلى دار العلالة قائـــــلاً:
"يا مهبط الشُّورى عليك سلامُ"
لم يُنسه الحقَّ الذي من أجلــــه
وهبَ الحياةَ، الموتُ والإعدامُ
حتى إذا مثُل الهِزَبْرُ وأحدقـــت
فرقٌ مضَللَةٌ وسُلّ حُسامُ
والموتُ أُرجفَ والقضاءُ فأوجفـت
منه القلوبُ، وطاشت الأحلامُ
وتطلَّع التاريخ يكتب كلمــــةً
شَرفٌ له، لو حازها ووسامُ
وتهيأ المَلكُ الطهور يمــــدّه
من ذي السمــوات العلا إلهامُ
مدّت إليه من اللِّئام بــــوادرٌ
عن مثلها يترفعُ الأنعامُ
وسطا على الضِّرغام كلبٌ أجربٌ
إذ صار رَهن قيوده الضرغامُ
هلاَّ برزتَ إليه (إسماعيــلُ) إذ
لا الكفُّ موثقةٌ، ولا الأقدامُ
قالوا: تلبس بالجريمة ويْحَكـــم
أإلى الملائك يُنسبُ الإجرامُ
زَعْمٌ لعمري يَسخرُ التاريخُ مــن
تِرْدادِه، وتُقَهقه الأيامُ
(أجمال) ما بالُ العروبة لم تُـرع
لما تحطَّم سيفُها الصِّمْصامُ
سكنت أسود الرافدين وأحجمــت
حيثُ السكوتُ يعابُ والإحجامُ
والنيل لم يُظْهر أساه تحسُّــــرًا
مما عراك ولم يَضجَّ الشَّامُ
حَقَرت مُصابَك ويلها، أم أنهـــا
حَسِبَتْه جُرحًا ما له إيلامُ؟
قد كنتَ واحدَها الذي في صـدره
كَمَن الإباءُ وعَشعش الإسلامُ
فتكاتُك الغرَّاء لا عــــزمٌ إذا
ذُكِرت يُقاسُ بها ولا عَزَّامُ
ومن شعره الرقيق أيضًا قوله:
الندامى وأين مني الندامـــى
ذهبوا يمنةً وصرت شآمــــا
يا أحباءنا تنكر دهــــــرٌ
كان بالأمس ثغره بسامــــا
ما علينا في هجره من مــلام
قد حملنا على الليالي الملامــا
وطوينا على الجراحٍ قُلـــوبًا
دميت لوعةً وذابت غرامـــا
سوف يدري من ضيَّع العهد أنّا
منه أسما نفسًا وأوفى ذمامـــا
نحن من لقّن الحمام فغنـــى
ومن الشوق عطَّر الأنسامـــا
قد بذلنا النفيس من كلِّ شــيءٍ
فجنينا الأوهام والأحلامــــا
يا ليالي الأحلام عودي فإنـــا
قد عشقنا بِرُغمنا الأحلامـــا
رددي حيث تنتهي ما بلغنـــا
من مرام ولا شفينا أوامـــا


ومنهم الاديب حسن بن عبدالرحمن بن عبيداللاه السقاف في صديقة تعز (18 تشرين الاول سنة 1963 والذي قال :
نفـس يـكـاد النـور ينبـثق
وصـحـايف بيضـاء تأتـلق
لله در أبيك مـن بـطل
لتقر ملء عيـونه الحدق
كـم فـي جنابك يا جمال وكم
أغرى بثـاقب طـرفـك بالارق
أملىا عليك النجم منفرداً
اليـاذه صفحاتها الغسق
كان جمال جميل ضابطا كبيرا ومناضلا خالدا عرف بنشاطه الوطني والقومي ويعتز اليمنيون اليوم به ويجلونه ويضعونه في مكانه الذي يستحقه بين اخوانه الذين استشهدوا في سبيل خير اليمن وعزها ووحدتها .
كتبت هذه السطور سنة 2005 ونشرتها في جريدة فتى العراق (الموصلية ) وبعد 61 سنة من اعدام الشهيد جكال جميل اجرى الاستاذ عبد الله مصلح وهو كاتب يمني حوارا مع ابنة الشهيد الدكتورة سميرة جمال جميل (أول مهندسة معمارية يمنية ) ، ونشر الحوار في جريدة الناس(اليمنية ) ثم في( موقع نشوان نيوز) الالكتروني يوم 14 تشرين الثاني 2009، ويسعدني ان انقل الى قراءي الاعزاء نص الحوار استكمالا لما اورته من معلومات عن هذه الشخصية العراقية الموصلية العربية اليمنية.وجاء في الحوار:
((منذ فترة زمنية ليست بالقصيرة والبحث جارٍ عن الابنة الوحيدة الباقية من أولادا لرئيس الشهداء، وأول مهندسة معمارية في اليمن، وأول دكتورة في قسم الهندسة بجامعة صنعاء، لتروي لنا قصة الرجل العراقي الذي لم يجد عن هبة يقدمها لليمن غير حياته الغالية وروحه الأغلى التي قدمها رخيصة في سبيل حرية وطن وكرامة شعب ظل يرزح تحت نير الاستبداد حقبة من الزمن.
إنه الشهيد الرئيس/ جمال جميل، الذي كان فعلاً جميلاً في حياته وجمالاً في استشهاده.
صحيفة "الناس" ارتأت زيارة ابنته الدكتورة/ سميرة جمال جميل لتحدثنا عن تفاصيل حياته المشهودة، وشهادته الحية.
- في البداية نود أن تحدثينا عن نشأة وحياة والدك الشهيد جمال جميل؟
* ولد الشهيد جمال جميل في 3 مارس 1913م، في مدينة الموصل من أبويين عربيين، وتلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في المدرسة الخضرية، ثم التحق بالكلية الحربية وتخرج منها، وكان من الأوائل، وتم تكريمه آنذاك من الملك فيصل الأول، وتدرج برتبه العسكرية حتى رتبة النقيب، وشارك خلال هذه الفترة في الانتفاضة العسكرية التي قادها اللواء بكر صدقي على حكومة ياسين الهاشمي، واتهم بالمشاركة في مقتل الفريق جعفر العسكري – رئيس أركان الجيش العراقي- وعلى إثر ذلك حوكم وجرد من كل الرتب العسكرية وحكم عليه بالإعدام ولكن التف زملاؤه حوله من الضباط والقيادات العسكرية، فلم تستطع الحكومة العراقية برئاسة نوري السعيد تنفيذ حكم الإعدام فنقل من الجيش إلى قوة نهرية صغيرة (حراسة الحدود المائية) وعمل فيها لفترة قصيرة قبل أن ينتدب للعمل في اليمن عام 1940م.
- كيف تم انتقاله إلى اليمن؟
* كان هناك اتفاق ثقافي عسكري بين اليمن والعراق في عهد الإمام يحيى حميد الدين وهذا الاتفاق كان يقضي بتبادل الخبرات العسكرية بين البلدين ومن ضمن الاتفاق استخدام فرقة أو بعثة عسكرية عراقية لتدريب الجيش اليمني في تلك الفترة فاختيرت هذه البعثة من شباب عراقيين ومنهم الشهيد جمال جميل.
- ما كانت طبيعة عمله في اليمن؟
* نسب إليه تدريب ما كان يسمى حينذاك بالجيش الدفاعي، وأشرف على تشكيل أول فوج مدفعي نموذجي، وشارك في تنظيم المدرسة الحربية وإصلاحها، وشارك في تنظيم مدرسة المخابرة (الإشارة) وشارك في إعادة تنظيم وتسليح الجيش اليمني على الأساليب الحديثة، وكان الجيش اليمني في ذلك الوقت مشكل من لواء واحد فقط، وجيش أعجز من أن يصلح للقتال.
- كيف بدأت عملية اتصاله بالأحرار اليمنيين؟
* كانت في البداية اتصالاته محصورة بتلاميذه من الضباط على مختلف الرتب، وكان يزورهم ويحضر حفلات أفراحهم ومجالس العزاء، ويتفقد أحوالهم، وكان يتألم لحال الوطن والأمة لما تعانيه من جوع وفقر، حيث أصاب اليمن عام 1934م مرض (التيفوس) وحصد ما يقرب من نصف مليون شخص، وأصاب البلد في نفس الوقت حالة قحط ومجاعة، ولم تتحرك لها ضمائر الحكام وسيوف الإسلام، حيث كانوا هم يحتكرون تجارة الحبوب، فبدأ الشهيد جمال جميل يعبر عن امتعاضه لما يصيب الأمة صراحة وجهاراً.
- كيف؟
* مثلاً في عام 1366هـ عاد سيف الإسلام عبد الله من زيارته لأمريكا، بعد أن وقع اتفاقاً معها، وتقرر إقامة حفل استقبال وتكريم لسيف الإسلام عبد الله هذا، ألقى فيه الشهيد جمال جميل خطاباً لاذعاً للأئمة، حيث قال موجها كلامه لسيف الإسلام عبد الله:( منذ سنين وأنتم تزورون دولاً كبيرة وصغيرة.. غنية وفقيرة.. أسألكم بالله هل رأيتم جيشاً أسوأ حالاً من جيشكم؟ أنا أجيب عنكم: كلا)، كما دعا في خطابه إلى النهوض بالشعب اليمني، وكان وقع هذا الخطاب على الجيش شديداً فقد كان الهتاف والتصفيق يشق عنان السماء، وكانت تلك أول مواجهة بين الإمام يحيى والشهيد جمال جميل.
- وماذا كان رد فعل الإمام؟
* في اليوم التالي أرسل الإمام يحيى رسالة إلى الشهيد جمال جميل نصها ( إلى الرئيس جمال جميل .. عافاه الله.. لقد ساءنا ما بلغنا من خطبتك أمس في الجيش، فإنها لم تكن حسنة..)
- هل كان على صلة أو علاقة بحركة نضالية على المستوى القومي العربي، أم كان انضمامه للأحرار مجرد قناعة شخصية؟
* لم يكن للشهيد علاقة بأي حركة نضالية على المستوى القومي العربي وإنما كان يتواصل الحوار مع بعض الشخصيات من حركة الإخوان المسلمين في مصر.
- وما علاقته بحركة الإخوان المسلمين في مصر؟
*ليس له علاقة بالإخوان المسلمين، ولكن الورتلاني هو مندوب الإخوان الذين كانوا هم مع الجناح المدني فقط، أما الجناح العسكري ويمثله الوالد ليس له علاقة بالإخوان ولا غيرهم.
أما انضمامه للأحرار فكان بقناعة شخصية لديه بعد أن تواصلوا معه، وضموه إلى الحركة باعتباره ممثلاً للجانب العسكري.
- هل كانت أسرته على علم بما كان يقوم به الشهيد؟
* في البداية كلا، وعندما بدأت الاجتماعات تكثر وتتواصل وخاصة تلك التي كان يعقدها في منزله، عندها بدأت الشكوك تتسرب إلى الأسرة.
- كيف انكشف أمره لدى الإمام، وكيف كانت نهايته؟
* لم ينكشف أمره لدى الإمام يحيى، ولكن من خلال التحضير للثورة كان التشاور والتنسيق يتم بين الشهيد عن الجانب العسكري وبين الجناح المدني الذي كان يتزعمه حسين الكبسي وآل الوزير والورتلاني حتى أعدوا العدة لقيام الثورة، وتم اغتيال الإمام يحيى في منطقة حزيز في شهر فبراير عام 1948م، وتم الإعلان عن قيام الثورة وسقوط الإمامة، وقيام حكومة ملكية دستورية، لكن ثورة 48 فشلت لأسباب كثيرة يعلمها القاصي والداني، وسيق الأبطال إلى محاكمات صورية وهمية وأعدموا وقطعت رؤوسهم وعلقت على غصون الأشجار ونوافذ المباني الحكومية في ميدان شرارة (ميدان التحرير حاليا ) .
- ماذا كان رد فعل دولة العراق الشقيقة على استشهاده؟
* لم يكن هناك أي رد فعل رسمي من العراق، بل شجعوا على إعدام الشهيد.
- لماذا؟
* من أجل التخلص منه لما له من ماضي سابق في الحركة الوطنية العراقية.
- حدثينا عن أبرز موقف مؤثر سمعتيه عن والدك؟
* الموقف الأول ما أخبرني به أخي جميل، حيث قال ذات مرة أنه كان واقفاً بباب المنزل من الداخل وعندما رأى والدي، طفلاً عارياً يلعب بجانب المنزل نزل من البيت وخلع قميص أخي جميل وألبس ذلك الطفل وهذه الصورة كانت تتكرر مراراً، وكان دائماً يعطي أولاد الجيران ما لدى أخوتي من ملابس وألعاب كانت غير موجودة في ذلك الحين في اليمن حتى لايشعروا أنهم أحسن من غيرهم.
أما الموقف الآخر فكان يوم إعدامه حين قادوه مكبلاً بالسلاسل وأخرجوا طلابه من الكلية الحربية ليتأملوا المنظر وجعلوه يمشي بين صفين من طلابه فكان يخطب فيهم لا يرهبنكم دمي ولا تخافوا واجعلوا رياح الثورة تصفو في صدوركم أنتم الأمل أنتم المستقبل.. إلى أن وصل إلى ميدان التحرير وقبل تنفيذ الحكم وهو يتحدث إلى طلابه إذا بسيف الإسلام إسماعيل ابن الإمام راكباً فرسه مخموراً وفي يده عصا ضرب بها والدي الشهيد في فمه إلى أن سال الدم،فرد عليه الشهيد بقوله: اليوم يا إسماعيل وأنا أسير.
ومرت الأيام وانتقم الله لأبي حين شاء أن يضرب سيف الإسلام إسماعيل يوم 26 سبتمبر 1962م في نفس المكان الذي ضرب فيه والدي على يد البطل عبد الله جزيلان الذي قال له: هذه من جمال جميل.
- هل كنت تشاهدين منظر إعدام والدك وضربه في ذلك اليوم؟
* لم أكن موجودة حينها في اليمن لأن والدتي علمت برغبة الإمام بحضور إخوتي وقت إعدام والدي الشهيد أما أنا فكنت مولودة صغيرة فهربت بنا والدتنا من بيت إلى بيت ومن مكان إلى آخر حتى انتقلنا إلى العراق.
- كيف استمر حال الأسرة بعد رحيل عائلها الشهيد؟
* كانت أياماً صعبة جداً جداً. فمنذ اليوم الأول لسقوط ثورة48م، وهو يوم الفراق بيننا وبين والدنا، حيث جاء تلك الليلة وكتب وصيته بأن ليس عليه ديون ويوصي أمي بنا، وفي الساعة الثامنة صباحاً تفاجأ الجميع باجتياح القبائل لصنعاء ويقال بأنه كان مشهداً مرعباً، إلى درجة أنهم كانوا عندما لم يستطيعوا أخذ الذهب من أيدي النساء كانوا يقطعون أياديهن بما فيها من الذهب .. وبالتأكيد كان لمنزلنا (الكائن في شارع جمال) النصيب الأوفر من ذلك النهب إذ نهب بيتنا كاملاً حتى الأبواب والنوافذ، بل قاموا بحفر الجدران والسقوف بحثاً عن ذهب أو فضة.
وكانت والدتي ترد عليهم بان الذين قبلكم قد أخذوا كل شيء ولم تكف تلك الأفواج حتى أخذنا أحد الجيران وهو الوالد ناشر الحمامي إلى بيته ولكن عسكر الإمام لحقوا بنا فخبأنا في مخزن الحبوب، وكان العسكر يبحثون عنا بحراب بنادقهم في الحبوب ولكن الله نجانا، وبعدها انتقلنا إلى بيت الشيخ الفاضل حسين الحبشي، ثم في بيت الشيخ سيد مختار العجمي من رجال صنعاء، وفي هذه الأثناء كان الناس يحسنون إلينا والبعض منهم كان يستخدم الأطفال لمضايقتنا.. حتى جاء الفرج من بغداد واتصل عمنا الكبير وتوسط لخروجنا وتطوع لاستقبالنا والعيش في كنفه، واستمرت الحياة في العراق حتى قيام ثورة 26 سبتمبر1962م.
- وكيف عدتم إلى اليمن؟
* بعد قيام الثورة المجيدة جاء المرحوم المشير عبد الله السلال (رئيس جمهورية اليمن )) ،الى العراق ، وأعادنا إلى اليمن معززين مكرمين.
- لماذا كان يلقب بالرئيس جمال جميل؟
* عندما وصل الشهيد إلى اليمن ضمن البعثة العسكرية العراقية كان يحمل رتبة نقيب، وكانت رتبة النقيب آنذاك تسمى بـ"الرئيس" وهكذا لقب الشهيد بلقب الرئيس واستمر اللقب إلى يومنا هذا.
- ما مدى الرعاية والاهتمام التي تحظون بها من قبل الدولة اليمنية؟
* نحن نعيش منذ عودتنا مواطنين يمنيين مثلنا مثل أي مواطن يمني…
* دماء الوالد لم تذهب سدى، ونرى ثمار هذه الدماء على أرض الواقع…
- بعد 47 عاما من عمر الثورة، ما زالت الثورة مهددة من بعض القوى، ما تعليقك على ذلك؟
* نعم لا زالت الثورة مهددة من القوى ... التي تريد العودة بعجلة التاريخ إلى الخلف، وهذا بعيد المنال عليها، لأن شجرة الثورة المباركة أينعت وأثمرت وجنى الشعب ثمارها، وهو لن يفرط بالمكاسب والانجازات التي تحققت ...)).
_____________________________________
*في الصورة الشهيد جمال جميل الثاني من اليمين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخبز يعيد بارقة الأمل الى سكان غزة | الأخبار


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يضع دول المنطقة أمام تحديات سياس




.. العاهل الأردني: الأردن لن يكون ساحة معركة لأي جهة وأمنه فوق


.. هل على الدول الخليجية الانحياز في المواجهة بين إيران وإسرائي




.. شهداء وجرحى جراء قصف قوات الاحتلال سوق مخيم المغازي وسط قطاع