الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقائد الدول وطقوس الغيبيات

عادل صوما

2017 / 3 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


صرح الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال ندوة تثقيفية للقوات المسلحة المصرية منذ شهر ونيف، أنه لن يسمح لأصحاب "توجهات دينية معينة"، بدخول الجيش المصري، وأشار إلى أنه سيتم طرد أصحاب هذه "التوجهات" من الجيش ايضا. وأضاف الرئيس السيسي "هذا الأمر معمول به منذ ثلاثين عاما وهذا هو السبب في أنه جيش مصر وليس جيش أي أحد". وأضاف أنه عندما يأتي عسكريون من دول أخرى للتدريب في مصر "نقول لهم إننا ندرب جيشا وطنيا وليست لدينا توجهات مذهبية أو طائفية".
دعم التعددية
من المؤكد ان قرار رئيس مسلم بحق جماعة إرهابية لم يرق لجماعات حقوق الانسان، أو لقضاة ألمانيا الذين برأوا سبعة أشخاص شكلوا دوريات في الشوراع تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية، وبرروا ذلك إنهم لم ينتهكوا قوانين حظر ارتداء ملابس تدل على انتماءات سياسية. صدر الحكم بعدما أثارت هذه الجماعة حالة من الغضب في مدينة فوبرتال غربي ألمانيا منذ سنة 2014، عندما كان يقترب أفرادها من المارة يوميا وهم يرتدون سترات برتقالية اللون وتحمل عبارة "شرطة الشريعة"، ويطالبوا السكان المحليين بالتوقف عن المراهنات والاستماع إلى الموسيقى وتناول الكحوليات. غضب الناس لأن ما حدث لم تفعله أي سلطة محلية أو حتى كهنة متزمتين، وتفهم المركز الرئيسي للمسلمين ذلك الامر وادانوا هذا السلوك وقالوا "إن سلوك هؤلاء الأفراد كان مؤذيا للمسلمين".
وفي الوقت الذي تشهد مدن أوروبية أخرى، مثل لندن وكوبنهاغن وهامبورغ، ما يسمى "دوريات الشريعة" من قبل إسلاميين متشددين، تدرس شرطة بريطانيا السماح للضابطات المسلمات بارتدراء النقاب في محاول لدعم التعددية، رغم معارضة مجلس مسلمي في بريطانيا هذا القرار.
نعوش الدول
من اللافت للنظر فعلا أن اكبر الدول ذات الغالبية المسلمة مثل السعودية ومصر والامارات العربية المتحدة والمغرب تعارض تمكين الجماعات المتطرفة من جيوشها وشرطتها، وصنفتها بعض هذه الدول بأنها جماعات إرهابية، لأن النتيجة معروفة وهي بث الحقد والكراهية في صفوف قوات الجيش والامن تجاه الدولة علمانية كانت أم ملكية.
أصبح شيئا عاديا، ويكرره الاعلام بدون إعادة نظر، أن يُقال "جيش القذافي" وجيش صدام حسين" وجيش السيسي" وجيش النظام السوري"، وقد صحح الرئيس السيسي الامر وأعاد تذكير الناس بجيش مصر بصفته ليس جيشا لأي أحد، ويستحيل ان يحدث ذلك في ليبيا لأن الدولة ذهبت وليس معمر القذافي فقط، ويبقى الرئيس بشار الاسد والجيش السوري كرمزيّن أخيريّن للدولة السورية.
لم يقل الرئيس محمد نجيب عن جيش مصر انه جيش الملك فاروق الاول، ولم يقل الرئيس القذافي عن جيش ليبيا انه جيش الملك إدريس السنوسي، ولا قال الرئيس صدّام حسين عن جيش العراق انه جيش الرئيس أحمد حسن البكر. تآمروا على رؤسائهم أو ملوكهم وظلت العقيدة الوطنية في قلوبهم، وهي تختلف تماما عن طقوسيات المستفيدين من الاسلام سياسيا الذين يجيشوا عناصرهم ومدمني الترديد بدون تفكير والاميين والجبناء، انهم يحاربون جيش السيسي أو القذافي أو صدام حسين، بالميلشيات التي يعطوها اسماء إسلامية.
هذه الخطوة هي المسمار الثاني في نعوش الاوطان بعد المسمار الاول وهو التمييز بالملابس واللحى والطقوسيات التي تختلف في تفاسيرها عن الطقوسيات الام، لتخدم مصالحهم المالية والسياسية.
هكذا، مع باقي المسامير التي يزرعوها في اوصال الوطن الاجتماعية والثقافية، يَسهُل عليهم وأد الاوطان وهي حية ليعيش المواطن بلا حياة تحت رحمتهم، أملا في جنة لا براهين علمية عليها، لأنهم هم أنفسهم يقتلون بعضم بعضا آملا في الجنة، وكأن هناك جنات بمواصفات مختلفة لكل فصيل منهم.
محسوس وغيبي
عقائد الدول محسوسة، بينما طقوس الايمان غيبية. عقائد الدول لا جدال حولها، بينما طقوس الغيبيات لها عشرات التفسيرات. لم يُسجل التاريخ منذ إنشاء الدول أن أعمال قتل أو تطهير عرقي أو إبادات جماعية حدثت بسبب الايمان بالدولة، بينما قُتل مئات الملايين باسم الايمان بالله، لدرجة تجعل المرء يتساءل: هل خلق الله الناس ليقتلوا بعضهم بعضا بسببه؟
تفاسير الدستور تخضع لمراجعات تشريعية لا خطر فيها بل مناقشات، وتفاسير طقوس الغيبيات تكمن خطورتها حسب الاذواق والمصالح، فعلى صعيد السياسة خرج بسببها أربعة قتلة يرتدون ثياب القوات المسلحة المصرية وصرخ أميرهم في وجه القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس السادات: "ياكافر يافرعون ياابن الكلب"، ثم أطلقوا عليه وعلى من في المنصة 72 رصاصة وألقوا اربع قنابل. وعلى صعيد الغيبيات أفتى أحدهم بجواز أكل لحم الجن*.
منذ احداث الحادي عشر من سبتمر 2001 وانتشار الارهاب في العالم يتزايد بدون استثناء لأي دولة، ولم يضع احد سوى الرئيس دونالد ترامب النقاط فوق الحروف ليجعل الناس تقرأ بشكل صحيح وليس تخمينا. حاولت إدارة الرئيس السابق أوباما وضع إطار لما يحدث من عمليات ارهابية، وشكلت مجموعة عمل لمكافحة التطرف العنيف في سنة 2010، لكن المشاركين خرجوا بتعريفات كانت غريبة حتى على المفكرين الاسلاميين أنفسهم، ومنها على سبيل المثال: "الجهاد كحرب مقدسة اختراع أوروبي"، و"عودة الخلافة أمر لا مفر منه"، و"الشريعة يُساء فهمها"، والارهاب المتأسلم تناقض في المصطلحات، لأن الإرهاب ليس إسلامياً بالتعريف".
قال الرئيس ترامب إنه سيجعل "أميركا آمنة"، وتعهد وهو مرشح بأن "أحد أول أعمالي كرئيس سيكون إنشاء لجنة معنية بالإسلام الراديكالي". والهدف من تلك اللجنة، حسب ما قال "سيكون لتحديد والشرح للرأي العام الأميركي المعتقدات الأساسية ومعتقدات الإسلام الراديكالي، وللتعرف على العلامات التحذيرية للتطرف، وللكشف عن الشبكات الموجودة في مجتمعنا والتي تدعم التطرف". وقال ايضا :"اللجنة "ستشمل أصوات الإصلاحيين في المجتمع الإسلامي بهدف وضع بروتوكولات جديدة لضباط الشرطة المحلية والمحققين الفيدراليين وفاحصي الهجرة".
الاخوان المسلمون في جملة الاسلام الراديكالي، ومن صفاتهم الخبث واللؤم والوقاحة والاغتيال، وهم يحاربون الدولة المصرية برسائل السيارات المفخخة كل فترة ردا على إعتبارهم جماعة إرهابية ولعرقلة تنفيذ حكم الاعدام برؤوس كبيرة منهم، ويحاولون من خلال حملة علاقات عامة داخل الادارة الاميركية عرقلة قوانين تهدف إلى تصنيفهم منظمة إرهابية، وتولت شركة "غلوفر بارك غروب" مقابل خمسة ملايين دولار مهمة تأمين خدمات واتصالات بين مسؤولين في إدارة الرئيس ترامب وعدد من قيادات منظمة الاخوان الدولية.
دول موازية
توجه الرئيس ترامب المسيحي يكاد ان يتطابق مع توجه الرئيس السيسي المسلم، والتوجهان المدنيان اللذان يؤيدهما كثيرون من المواطنين المسلمين والمسيحيين الصامتين المتضررين في دول كثيرة، هدفهما القضاء على الدين الموازي للدين الأصلي، والدولة المتزمتة الموازية للدولة المدنية، والشرطة الدينية الموازية للشرطة المدنية، وإقصاء القضاء الشرعي المنوط بالاحكام الدينية عن القضاء المدني المنوط بأعمال الدولة والمؤسسات.
هل الدول كافة جادة في مكافحة ظاهرة الارهاب؟
أجاب على هذا السؤال بطريقة غير مباشرة جون ديفيد لوغان كاتب سيناريو فيلم "مصارع الحلبة"، عندما طلب بطل الفيلم من مصارعي الحلبة الذين معه، حينما وضعوا جميعا مترجلين في مواجهة حتى الموت مع عربات فرسان الامبراطور الحربية في الحلبة، أن يشكلوا كتلة واحدة تنحني وتحتمي بدروعها، حتى تنقلب العربات التي ستدهسهم ليواجهوا الفرسان المترجلين بعد ذلك، لأنهم لو واجهوا العربات منفردين ستسحقهم واحدا فواحد.
*ارسلت إلى موقع صاحب الفتوى استفسره إذا كانت فتواه تجوز على لحم الجن الطازج أو المُفرز، وفي أي سوبرماركت تباع هذه اللحوم الحلال، فرماني في رده بتهمة الزندقة والالحاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53