الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توظيف التكنولوجيا في التعليم

ناجح شاهين

2017 / 3 / 5
التربية والتعليم والبحث العلمي


توظيف التكنولوجيا في المدارس والجامعات:
دعم للتعليم أم تعظيم لأرباح الشركات العملاقة؟
ناجح شاهين
- هناك هجوم تكنولوجي واسع يشمل العالم كله. ولا شك أن جزءاً رئيساً من المعارضة التي يتلقاها دونالد ترامب تأتي من قطاع الهاي تك في سيليكون فالي، ولا بد أن بطل المعارضة لسياسات ترامب "الانعزالية" هو بيل جيتس، يأتي بعده مباشرة رائد آخر من رواد الانفتاح اسمه جورج سورس. لذلك يجب علينا في بلاد العرب الفقيرة المنكوبة، بما في ذلك فلسطين أن نفكر فيما يلزمنا حقاً من بضاعة التكنولوجيا الرائجة في كل مكان بغض النظر إن كان استخدامها نافعاً أم ضاراً. بطبيعة الحال لا يوجد علاقة ضرورية منطقياً بين استهلاك السلعة ووجود منفعة فعلية "حكيمة" تعود على المستهلك الذي ينفق ماله ووقته وجهده من أجل الحصول عليها.
- ومن الأمثلة البارزة على ذلك مقدار الأموال التي تربحها صناعة الجنس والإباحيات التي تصل إلى ما يزيد على زهاء ستماية مليار دولار. وذلك لا يشمل سلعاً من قبيل العقاقير المحرضة جنسياً من قبيل "فياجرا" أو "لافيترا"...الخ ومن الأمثلة البارزة الأخرى الأموال الطائلة التي تهدر في شراء سلع التدخين المختلفة من قبيل السجائر والمعسل والتمباك. أما قطاع الاتصالات والانترنت فحدث ولا حرج عما يحققه من أرباح على حساب قوت "الغلابى" الذين يحرمون أنفسهم وأهليهم من الغذاء لكي يشتروا جهاز محمول "ذكي" بالتقسيط ويدفعوا بعد ذلك فواتيره التي لا تنتهي لشركات الاتصالات والانترنت وما لف لفها.
- من هنا لا بد أن نميز بين استخدام التقنية في التعليم على نحو رشيد وهادف، وبين غزو المدارس بالسلع التكنولوجية المختلفة بغرض تحقيق المزيد من الأرباح للرأسمال العالمي وذيوله في "عوالم الجنوب" التي ننتمي إليها.
- ولكي نضرب مثالاً عملياً على ذلك نقول إن التكنولوجيا الموظفة في جامعة القدس المفتوحة في سياق عملية التعليم تتفوق على العديد من جامعات العالم. وبحسب معرفتنا المتواضعة فإن جامعات العالم الأشهر والأغنى والأكثر مساهمة في البحث والإنتاج تقع في مستوى أقل من القدس المفتوحة من ناحية "توظيف التكنولوجيا" في التعليم خصوصاً في أمور من قبيل المساقات المقدمة عبر الشبكة العنكبوتية الأمر الذي يغني تقريباً عن المحاضرة "التقليدية" والكتاب الورقي. من هذه الناحية لا تحلم هارفارد أو برنستون او باريس الأولى أو أكسفورد بما وصلت إليه "المفتوحة". بالطبع يعلم القاصي والداني أن التعليم المفتوح كله بحسب نسخته الإنجليزية الأم لا يجوز أن يعامل بوصفه شيئاً يزيد على طريقة لتوسيع ثقافة بعض الفئات المجتمعية التي لا تستطيع بسبب العمر أو أية ظروف أخرى أن تلتحق بالتعليم النظامي المعتاد. من هنا لا نستغرب أن لا ينتج التعليم المفتوح خريجين بمستوى إنتاج المعرفة أو أن تفشل الجامعة المفتوحة ذاتها في إنتاج اي شكل من اشكال المعرفة. أصلاً لا تمتلك الجامعات المفتوحة بما فيها جامعتنا مقراً جامعياً موحداً يتمتع بالمرافق الضرورية للبحث العلمي المكلف جداً في مجالات مثل الفيزياء أو الكيمياء أو الطب أو حتى اللغات والإنسانيات. ولهذا نقول إن "تفوق" القدس المفتوحة في استخدام التكنولوجيا ليس له أية دلالة فيما يخص قيمة الممارسة التعليمية أو العلمية التي تقوم بها الجامعة، وبالطبع لا يمكن لأحد أن يجادل في أنها جامعة متواضعة تثقيفية لا أكثر ونخشى أن تكون أقل.
- وانسجاماً مع النقطة السابقة نؤكد أن التفكير والإبداع وإنتاج المعرفة واكتساب المهارات البحثية ومهارات الكتابة العلمية في الحقول المعرفية المختلفة لا علاقة له باستخدام التكنولوجيا أو غيابها. بل لعل استخدام التكنولوجيا أن يكون معوقاً للتدريب على مهارات البحث والتفكير العليا الضرورية لإنتاج المعرفة. والواقع أن الطالب الفلسطيني قد انتكس بسبب اتكائه المحزن على "جوجل". بل إن مراكز الخدمات التي تكتب للطلاب "أبحاثهم" مقابل بعض المال تقوم بدورها باستخدام جوجل وتقنيات القص والنسخ واللصق.
- وعند التفكير في التقنية في المدرسة نلاحظ في اللغات على سبيل المثال استخدام الشريط او السي دي شكلياً، بينما يقوم المعلم بعد عرض سريع لا يستمع له الأطفال بتقديم الإجابة لهم لينسخوها في دفاترهم. وهذا لا يمنع الجهات المعنية من التظاهر بأن "التكنولوجيا" تستخدم في تعليم اللغات دون أن تكلف نفسها عناء فحص جدية ذلك الاستخدام. وبالمناسبة نقول بحزن إن المعلم/ة في معظم الاحيان لا يتمكنان من فهم لكنة المتحدث الذي يستخدم اللغة الإنجليزية الأم على سبيل المثال، وهو ما يجعل العملية كلها مؤلمة ومحزنة للجميع إن طالباً أو مدرساً.
- ومما يزيد الطين بلة أن أحداً لا يخبر المعلمين والمعلمات عن طبيعة الأهداف المرجوة من "التعاطي" مع التكنولوجيا، ولذلك تجد ممارسات من قبيل تكليف التلاميذ بإحضار مادة من "جوجل" ونسخها في دفاترهم. بالطبع غالباً ما تقوم المعلمة أو المعلم بإلقاء تلك المادة في سلة المهملات دون إلقاء نظرة عليها. أما الطفل فيقوم أهله بالنيابة عنه بالبحث في " جوجل" ثم نسخ المادة. ولعمري إن كان المقصود هو تعليم الأطفال على استخدام محرك البحث "جوجل" فلا بد أن الشركات التجارية التي تسوق منتجات الهاي تك تقوم بذلك على أكمل وجه، ولا داعي أن نساعد عائلة ميكروسوفت أو فيس بوك أو جوجل أو تويتر لأنهم يبتكرون بأنفسهم الطرق الضرورية لتعظيم أرباحهم.
- لا بد إذن من تحديد الخسائر التي نتكبدها جراء "استهلاكنا" لسلع الكتنولوجيا وتوظيفها في التعليم، ولا بد من تحديد المنافع التي سنجنيها من "توظيف" التكنولوجيا على نحو دقيق. أما إذا ابتعنا الكتنولوجيا وقذفناها في وجه المعلمين والطلبة كيفما اتفق، ودون أن ندري سبباً لذلك، فإن ما نفعل في الواقع يساوي مساعدة الرأسمال العالمي في سيليكون فالي بكاليفورنيا من أجل زيادة أرباحه خصوصاً في هذه اللحظات التي تدور فيها بعض الشكوك حول رئيس "مجنون" اسمه ترامب يكاد يضحي بمصالح القطاع "الأكثر" حيوية ونمواً في الاقتصاد الأمريكي. إنه قطاع اقتصادي يبيع البشر في أنحاء الكون كلها "الهواء" محض الهواء الذي لا يكلف شيئاً في مدخلات الإنتاج ويجني أرباحاً خيالية بكل معنى الكلمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل