الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاغتيال الاقتصادي المستدام في الدول العربية

رجاء عبدالله عيسى

2017 / 3 / 6
الادارة و الاقتصاد


الاغتيال الاقتصادي المستدام في الدول العربية
أ.م.د.رجاء عبدالله عيسى
ان وسائل اغتيال الاقتصاد وجعله عبد تابعا لدول الغربية ومؤسساتها الدولية وشركاتها الكبرى عديدة ومنها الديون السيادية التي مارستها في تدمير وعدم نهضة الامم المتخلفة واحاول ان وضح اهم جوانب هذا الموضوع او المصيدة التي اصبحت تطيل اغلب الدول العربية للاسف بشكل الاتي:-
مفهوم الديون السيادية هي الديون المترتبة على الحكومات ذات السيادة، وتتخذ أغلب هذه الديون شكل سندات. وعندما تقوم الحكومات بإصدار سنداتها فإنها تسلك سبيلين لا ثالث لهما: إما طرح سندات بعملتها المحلية، وغالبا ما تكون هذه السندات موجهة نحو المستثمرين المحليين، وفي هذه الحالة يسمى الدين دينا حكومياً. أو تقوم الحكومة بإصدار سندات موجهة للمستثمرين في الخارج بعملة غير عملتها المحلية، والتي غالباً ما تكون بعملة دولية مثل الدولار أو اليورو.
انواع الديون السيادية
عندما تقوم حكومات دول بإصدار سنداتها فإنها تكون دائما أمام خيارين، الأول أن تقوم بإصدار هذه السندات بعملتها المحلية، وغالبا ما تكون هذه السندات موجهة نحو المستثمرين في السوق المحلي، وفي هذه الحالة يسمى الدين الناجم عن عملية الإصدار "الدين الحكومي Government debt"" او الدين العام الداخلي او تقوم الحكومة بإصدار سندات موجهة للمستثمرين في الخارج بعملة غير عملتها المحلية، والتي غالبا ما تكون بعملة دولية مثل الدولار أو اليورو، ويطلق على الدين الناجم عن هذه العملية عبارة "الدين السيادي Sovereign debt او الدين العام الخارجي، وغالباً ما يلجأ بعض الحكومات إلى هذين التدبيرين لسداد إلالتزامات المالية، والتي لا يكون تمويلها متوافراً، ما تضطر البلدان إلى الاستدانة لدفع المستحقات المتراكمة عليها.
اولا:الدين العام الداخلي : هي التي تترتب على الحكومة التسديد بالعملة المحلية ويسمى بالدين الحكومي
ثانيا:الدين العام الخارجي: هي ديون مترتبة على الدولة لأفراد والمؤسسات والشركات والحكومات الاجنبية، فيتم تسديده بغير العملة المحلية، وحسبما يتم الاتفاق عليه في قِرض. الاتفاقية الموقعة مع الجانب المقرض تمثل قضية الدين العام إحدى أهم المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها اقتصادات العديد من دول العالم، خاصة النامية منها، لما تسببه من اختلالات مالية قد تعمق الاختلالات الهيكلية التي تعاني منها هذه الاقتصادات
وبشكل عام يفترض عندما تقوم الحكومة بالاقتراض لمدة محددة أن يكون لديها تصور زمني عن هيكل تدفقات إيراداتها، سواء بالعملة المحلية أو بالعملات الأجنبية، وبناءا على هذا التصور يمكن للحكومة أن تحكم على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها نحو دائنيها في المواعيد المحددة للسداد أم لا، وتواجه الحكومة أزمة دين سيادي إذا أساءت تقدير هيكل التدفقات النقدية من العملات الأجنبية في المستقبل، على سبيل المثال إذا تمت المغالاة في تقديرات هذه التدفقات بما قد يوحي للحكومة بتمكنها من الحصول على النقد الأجنبي اللازم لسداد التزاماتها بسهولة، أو إذا ما تعرضت الدولة لصدمة خارجية تؤثر على تدفقات النقد الأجنبي لهذه الدولة بالشكل الذي يؤدي إلى تعرض أرصدتها من النقد الأجنبي التي تملكها الحكومة لدى البنك المركزي إلى عجز عن الوفاء بكافة الاحتياجات اللازمة للدولة من العملات الأجنبية، ومن ثم فإن أخذ الحيطة من جانب الحكومات في هيكلة ديونها بالعملات الأجنبية من الناحية الزمنية بالشكل الذي يمكنها من استيفاء متطلبات خدمة هذه الديون وفي المواعيد المحددة وبقدر كبير من الثقة، يعد أمرا ضروريا حتى لا تقع الدولة في أزمة ديون سيادية.
ويقصد بأزمة الديون السيادية عدم قدرت الحكومة على تدبير العملات اللازمة لسداد الالتزامات المستحقة عليها بموجب الدين السيادي. وتجدر الإشارة إلى أن معظم حكومات العالم تحرص على ألا تفشل في سداد التزاماتها نحو ديونها السيادية، وذلك حرصا منها على الحفاظ على تصنيفها الائتماني في سوق الاقتراض من التدهور، ذلك أن توقف الحكومة عن السداد، أو نشوء إشارات تشير إلى ذلك، يؤدي إلى فقدان المستثمرين في الأسواق الدولية الثقة في حكومة هذه الدولة وتجنبهم الاشتراك في أي مناقصات لشراء سنداتها في المستقبل، أكثر من ذلك فان ردة فعل المستثمرين لا تقتصر على أولئك الذين يحملون سندات الدولة، وإنما يمتد الذعر المالي أيضا باقي المستثمرين الأجانب في هذه الدولة والذين لا يحملون هذه السندات. أكثر الدول العربية ديونا هي مبينة في جدول(1)
جدول(1) اكثر الدول العربية ديونا لسنة 2012
الدولة نسبة الديون السيادية /الناتج المحليالاجمالي
لبنان 137.46
مصر 71.73
السودان 69.98
الاردن 62.36
موريتانيا 62.28

لماذا تقو م الدول بالاستدانة بالرغم ما يترتب عليها من تبعات قد لا تؤدي في أغلب الأحيان إلى
تحقيق اهداف الدول المستدينة ؟
وللإجابة على هذا التساؤل بشكل عام ، يمكن القول أنه عندما لا تكفي الموارد المالية المتاحة لتلبية الغايات ، وعندما تكون تكلفة الدين أقل من الربح المتوقع منه ، تنشأ المديونية، إلا أن هناك عددا من الأسباب المنهجية التي إن اجتمعت فإنها تؤدي إلى تأزيم وضع الديون وتفاقمها وانفجارها ، ومن أهم تلك الأسباب :
أولا : الأسباب الداخلية ، وأهمها :
1 - الميل إلى الاستثمار من أجل التنمية
وهذا يتطلب كثافة رأسمالية وتكنولوجيا متقدمة ، وهو ما تفتقر إليه الدول المدينة ،مما يضطرها إلى الاقتراض الخارجي لشراء الآلات والمعدات والتعاقد مع الخبراء الأجانب وشراء براءات الاختراع وحقوق الصنع .
3- سوء توظيف القروض:سوء توجيه روؤس الاموال وخاصة بدول العربية والنامية بشكل عام كونها توجه لاغراض استهلاكية باستيراد السلع الاستهلاك المرتفعة الاسعار مقابل تصدير الموارد الطبيعية باسعار زهيدة
3- تهريب رؤوس الأموال إلى الخارج
بدء الدول بالاقتراض لسد الفجوة التمويلية للمشروعات التنموية، نشئ الفساد الإداري والمالي والسياسي يعم أجهزة الدولة ومؤسساتها في معظم الدول لعربية. وقد نجم عن هذا الفساد نهب جانب كبيرمن القروض الخارجية وتهريبها إلى الخارج وتم إيداعها في البنوك الأجنبية لحساب أصحاب النفوذ والسلطة ورجال ألاعمال والقريب منهم، وأدت هذه الظاهرة إلى تراكم الديون وفشل التنمية .
4- ارتفاع معدل التضخم في الداخل مما يجعل من عملية الاقتراض بالعملة المحلية مسألة مكلفة للدولة، نظرا لارتفاع معدلات الفائدة الاسمية على السندات التي تصدر بالعملة المحلية، بينما تكون عملية الاقتراض بالعملات الأجنبية أرخص نسبيا.
5- عدم استقرار في معدل صرف عملتها مقابل العملات الأجنبية، فتميل في هذه الحالة إلى تفضيل إصدار سنداتها بعملات أجنبية مستقرة نسبيا في القيمة.
على العموم احتفاظ الدولة بدين مقوم بالعملات الأجنبية يرفع من احتمال تعرضها للتوقف عن سداد هذه الديون، ويقصد بالتوقف عن السداد فشل الدولة في الوفاء بالتزاماتها القانونية وفقا لعقود دينها الخارجي مثال ذلك فشلها في سداد أقساط الديون في المواعيد المستحقة، ويعني الفشل في هذه الحالة عدم تمكن الدولة من تدبير أو شراء العملات الأجنبية اللازمة لاستيفاء الالتزامات المستحقة عليها في الموعد المناسب، الأمر الذي يؤدي في الحالات الحادة إلى إعلان إفلاس الدولة.
ولا توجد نظم محددة تحكم عملية إفلاس الدول، مثلما هو الحال بالنسبة للشركات، التي غالبا ما تجبر على ملأ استمارة إفلاس، لكي يتخذ بعد ذلك الإجراءات القانونية اللازمة لتصفية الشركة، أما بالنسبة للدول التي تقع في أزمة ديون سيادية فإنها غالبا ما تلجأ إلى محاولة تدبير العملات الأجنبية من خلال طرقها الخاصة أولا، فإذا فشلت فإنها إما أن تلجأ للمؤسسات غير الرسمية مثل نادي باريس Club de Paris وهو مؤسسة غير رسمية تمثل تجمع الدائنين من الدول الغنية في العالم، والذي أنشئ في عام 1956 نتيجة المحادثات التي تمت في باريس بين حكومة الأرجنتين ودائنيها، ويتولى النادي مهمة إعادة هيكلة الديون السيادية للدول أو تخفيف أعباء بعض الديون أو حتى إلغاء بعض هذه الديون السيادية مثلما حدث عندما قام النادي بإلغاء كافة ديون العراق في 2004. وغالبا ما تستند قرارات النادي إلى توصية من صندوق النقد الدولي.
أو قد تلجأ الدولة إلى المؤسسات الرسمية الدولية مثل صندوق النقد الدولي طالبة المساعدة في سداد ديونها، فيقوم الصندوق بتقييم أوضاع الدولة، فإذا كان التوقف عن السداد راجعا لظروف طارئة، على سبيل المثال انخفاض أسعار صادرات هذه الدولة، فإنه يعقد معها ما يسمى باتفاق المساندة Standby والذي بمقتضاه يتم منح الدولة تسهيلات نقدية بالعملات الأجنبية في صورة نسبة محددة من حصتها لدى الصندوق (على صورة شرائح)، دون أن يفرض على الدولة إجراءات لتصحيح هيكلها الاقتصادي والمالي. أما إذا كان التوقف عن السداد يعود إلى مشكلة هيكلية مرتبطة بضعف هيكل إيرادات الدولة أو سوء عملية تسعير السلع والخدمات العامة، أو عدم مناسبة عملية تقييم معدل صرف عملتها المحلية... الخ، فان الصندوق يشترط في هذه الحالة أن ترتبط عملية تقديم المساعدة للدولة (بما فيها تلك التي سيقدمها نادي باريس بالطبع) بضرورة إتباع الدولة لبرنامج إصلاح هيكلي يتضمن مجموعة من الإجراءات المقترح ان تتبعها الدولة حتى تستطيع إصلاح هيكل ميزانيتها العامة وتخفيض العجز في ميزان مدفوعاتها، وتحسين قدرتها على الاقتراض والسداد في المستقبل.
اسباب اصدار السندات من قبل الحكومات الخليج العربي
هناك سبعة أسباب وراء ضرورة إصدار السندات من قبل حكومات دول مجلس التعاون الخليجي.
١. التصنيف الائتماني المرتفع للحكومات الخليجية حيث حققت دول الإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت التصنيف الائتماني (Aa2/AA)، فيما تراجع التصنيف الائتماني للسعودية نقطة واحدة عن هذه الدول ليصبح (-Aa2/AA) وفقًا للتصنيف الائتماني الصادر عن مؤسستي موديز وستاندرد آند بورز على التوالي.
٢. تُعد السندات السيادية لدى دول مجلس التعاون الخليجي بمثابة "ائتمان نادر" ولذلك فهي تلقى ترحيب مستثمري السندات الدوليين.
٣. أسعار الفائدة مستقرة عند مستويات منخفضة للغاية في نهاية شهر كانون الثاني، وصلت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات (والتي تُعد مرجعًا لعائدات السندات السيادية الأخرى) إلى ١.٧٧%، ثم ارتفعت بعد ذلك إلى ١.٩٢% وهي تكلفة تمويل ما تزال منخفضة للغاية قياسًا بالمعايير السابقة.
٤. من المتوقع أن تشهد أسعار الفائدة ارتفاعًا عن مستوياتها الحالية: على الرغم من التصريحات الأخيرة التي صدرت عن النظام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والتي قلّلت من التوقعات التي تشير لحدوث ارتفاع وشيك في أسعار الفائدة، ولكنني ما زلت أرى بأن أسعار الدولار ربما تشهد على الأرجح ارتفاعًا عن مستوياتها الحالية على المدى البعيد.
٥. يمكن لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي أن تساعد على تطوير أسواق رأس المال المقترض لديها من خلال التحلي بمبادئ الريادة ووضع منحنى "معياري" للعائدات: وقد أصبح هذا الأمر ملموسًا في الوقت الحالي أكثر من أي وقت سابق، خاصة وأن الصناديق السيادية لدى دول مجلس التعاون الخليجي بدأت تقلص من الميزانيات وأصبح هناك عبء أكبر على القطاع الخاص في تحقيق التنمية الاقتصادية.
٦. السندات السيادية هي السندات الأقل تكلفة لتمويل عجز الميزانية: تجددت المناقشات والجدل بشأن فرض ضريبة قيمة مضافة في كافة دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تُلوّح الكويت بفرض ضريبة على المؤسسات المحلية. وتُعد الضرائب طريقة معتادة لتمويل العجز في الميزانية، إلا أن رفع الدين يجب أن يُعطى أولوية على هذا الإجراء، نظرًا لأن تأثيره على الاقتصاد المحلي والمستهلكين يكون محدودًا وغير مباشر بنفس القدر الذي تُحدثه الضرائب.
٧. الإصدار بالدولار الأمريكي سوف يمنح اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي احتياطي من العملات الأجنبية: تتزايد قوة الدولار الأمريكي أمام جميع العملات في الأسواق الرئيسية العالمية والناشئة وهو ما يخلق مزيدًا من الضغط على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة دبي التي تعتمد جزئيًا على العائدات السياحية التي تحققها من خلال الزائرين من دول مثل منطقة اليورو وروسيا والهند والتي انخفضت القدرة الشرائية بها. وسوف يؤدي الإصدار بالدولار الأمريكي في الوقت الحالي، في الوقت الذي تشهد فيه العملة وضعًا قويًا، إلى منح اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي احتياطي وافر من العملة الأجنبية. ويمكن استخدام هذا الاحتياطي في استيراد المعدات المطلوبة في مجال البنية التحتية من دول مثل اليابان أو ألمانيا والتي شهدت عملاتها تراجعًا حادًا بالتزامن مع النفط. وعلى النقيض، يمكن إعادة سداد هذا الدين في المستقبل في أوقات تداول الدولار الأمريكي (الذي يتم تحديد عائدات النفط بناءً عليه) بمستويات أفضل.
هل هناك عجز في الميزانية يجب تمويله؟ ولماذا لا يتم خفض الميزانية بدلًا من ذلك؟ هناك عدة طرق تستخدمها الحكومات للتعامل مع انخفاض أسعار النفط، من بينها تقليص الميزانيات تمشيًا مع انخفاض العائدات، والحفاظ على الميزانيات والاعتماد على الاحتياطي، مثل الاحتياطي الموجود بالصناديق السيادية، وزيادة العائدات غير النفطية من خلال زيادة الضرائب أو غيرها من وسائل الدخل الحكومي مثل الرسوم الحكومية، وبالطبع، زيادة الدين! وبالنسبة للحكومات التي تشهد احتياطي واسع وقدرة على زيادة الدين، تكون هناك العديد من الفوائد لوضع ميزانية معاكسة لمسار الدورة الاقتصادية: تن
- تعزيز الاقتصاد في الوقت الذي تشهد فيه عائدات النفط والغاز انخفاضًا، وتتسبب المخاطر في إبطاء النمو الاقتصادي بالكامل
- أحد الأهداف الرئيسية بعيدة المدى أمام حكومات دول مجلس التعاون الخليجي هو تسريع وتيرة التنويع بعيدًا عن عائدات النفط
- تجنُب أي قلاقل اجتماعية لاسيما في ظل البيئة الجيوسياسية المضطربة الحالية

ما هي مسارات التمويل البديلة؟ لماذا يجب أن يكون الدين جزء من الحل على الأقل؟
كما رأينا بالفعل مع معظم ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي، فإن الحكومات بشكل عام قد اتخذت القرار الصحيح بالحفاظ على الميزانيات. ويُعد الإنفاق السيادي في معظم هذه الدول عاملًا رئيسيًا لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومن المرجح أن تكون هذه هي الاستراتيجية الصحيحة. وفيما يتعلق بتمويل الميزانية، يبدو الاعتماد على الاحتياطي الهائل للصناديق السيادية فكرة طبيعية. ما هي تكلفة الفرصة فيما يتعلق بالاعتماد على احتياطي الصناديق السيادية مقارنة بإصدار السندات السيادية؟
وتكمن الإجابة عن هذا السؤال في تكلفة السندات الحكومية أو الصكوك مقارنة بمتوسط العائد الناتج عن الصناديق السيادية، ويُعد هذا سؤالاً محيراً إذ أن تكلفة إصدار الدين يمكن تقديرها بسهولة أكبر فضلاً عن إمكانية ملاحظتها بشكل أكثر شفافية عن متوسط العائد على الصناديق السيادية. وعلى الرغم من ذلك، فيمكن للشخص أن يحتج بأن متوسط العائد على الصناديق السيادية يجب أن يكون دوماً أعلى من تكلفة التمويل الحكومي. وتشير الحقيقة المنطقية هنا أن الصناديق السيادية يجب أن ينتج عنها عائدات طويلة الأمد للغاية للأجيال القادمة، ويجب أن تُسهم هذه الأهداف الاستثمارية الطويلة الأمد في تحقيق عائدات أعلى بكثير من الديون الحكومية من الدرجة الاستثمارية.
أليست الديون من الأشياء السيئة؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فمتى تبدأ الديون الكبيرة للغاية في إحداث المشاكل؟ يفترض المنطق السليم أن الدين هو عنصر قابل للاستمرار في التمويل السيادي، ولا سيما بالنسبة لأولئك الذين يتمتعون بمصادر قوية بديلة للتمويل ومنها على سبيل المثال الموارد الطبيعية الوافرة والقدرة على تحصيل الضرائب.
كما يشير المنطق السليم أيضاً أن الديون الكبيرة للغاية قد تكون لها آثار سلبية، يجب ألا يكون هناك كيان سيادي (سواءً شركات أو أفراد) "مولعاً" بالاستدانة أو لا يستطيع السيطرة على زيادة مستوى الديون وتكلفتها، ومن ثم فما هو مستوى الدين المقبول الذي يعتبر جزءاً من الميزانية العمومية للكيان السيادي؟ لا يوجد بالتأكيد "إجابة ملائمة لجميع الأوضاع" سهلة إذ أن حساب قدرة الاستدانة المثالية للكيان السيادي سيتطلب إجراء تحليل مستفيض لميزانية هذا الكيان السيادي وتدفقات العائدات وتوقعاتها.
وكمثال على ما سبق، فقد سن الاتحاد الأوروبي القوانين التي تحدد نسبة العجز في الميزانية إلى الناتج المحلي الإجمالي بـ ٣%، ونسبة إجمالي الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي بـ ٦٠%، وفي الوقت الذي تُعد فيه هذا القوانين مرجعاً رائعاً للغاية، فمن الضروري أن ندرك أيضاً أنه حتى دول الاتحاد الأوروبي قد انتقدتها على مدار السنوات وحاولت جعلها أكثر مرونة من خلال التغيير التدريجي لها.
ومع ذلك، فقد حدد صندوق النقد الدولي القيم التالية -كمرجع- بوصفها نسبة "إجمالي الدين الحكومي العام" إلى الناتج المحلي الإجمالي في بعض من دول مجلس التعاون الخليجي كما مبين في الشكل (1):
شكل(1) نسبة الدين الحكومي الى الناتج المحلي الاجمالي في دول مجلس التعاون الخليج العربي



المصدر: http://www.agsiw.org/ar/gcc-sovereign-debt-in-a-low-yield-world
تُعد هذه القائمة المختصرة بمثابة رسالة تذكير جيدة للتنوع الذي نشهده في دول مجلس التعاون الخليجي على مستويات متعددة، وفي حالتنا هذه يتعلق التنوع بمستويات الاقتراض الحكومي. وفي جميع الحالات، فإن وجود إمكانيات كبيرة لتمويل الديون يُعد مؤشراً مطمئناً ولا سيما في الدولتين الأكبر اقتصادً وهما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، كما تستلزم النظرية الاقتصادية المنطقية وكذلك ضروريات تنمية الأسواق المالية وجود موجة من إصدار السندات السيادية بدول مجلس التعاون الخليجي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بينما تستقر أسعار النفط .. قفزات في أسعار الذهب بسبب التوتر


.. مباشر من أمريكا.. تفاصيل مشاركة مصر فى اجتماعات صندوق النقد




.. كيف يمكن أن نتأثر اقتصادياً بالمواجهة بين إسرائيل وإيران ؟ |


.. ما هي التكلفة الاقتصادية للضربات التي شنتها إيران على إسرائي




.. وزيرة الخزانة الأميركية تحذر من -تداعيات اقتصادية عالمية- بس