الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله أكبر أم الله أصغر!

جوزف قزي

2017 / 3 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


1 . الله أكبر أم الله أصغر، كلاهما سيّان. ونحن لا نعرفه في أيّ حال كان. لا أكبر ولا أصغر، لأن الكبر والصغر مقولة إنسانيّة، تنطبق على الكائنات المخلوقة، ولا تنطبق على الله الخالق إطلاقاً.
2 . إني أعرف أنّ البشر ينتمون الى أديان كثيرة ومختلفة، وأعرف أنّني أواجهها كلّها في قولي إنّ الله لا أكبر ولا أصغر، وفي قولي أيضاً إنّ الله خارج الزمان والمكان، وهو ليس ذكراً ولا أنثى، لا واحداً ولا اثنين ولا ثلاثة ولا مئة ولا مئة ألف؛ ولا هو فوق ولا تحت... بل هو الكلّ أو هو "الكلّ في الكلّ"... أي هو الوجود والموجودات كلّها، الكون والكائنات جميعها، وسوف يدخل الجميع، في نهاية المطاف، في سرّه...
3 . ثم إنّ الله أيضاً لا شأن له بصنع الأديان والمذاهب، التي هي من صنع الإنسان. وكذلك أيضاً لم يختر الله شعباً ورذل آخرين، ولم يميّز إنساناً عن إنسان، ولم يوحِ إلى هذا دون ذاك، ولم يدعُ نبيًّا باسمه، ولم يخصّ واحداً بكتاب وحرم أخر...
4 . ثمّ إنّي لست رجل دين، ولا من أهل الكتاب ولا من أتباع الأنبياء؛ ولكنني أحترم، طبعاً، كل دين وكل صاحب دين، وكل كتاب وكل مؤمن بكتاب. ولكن، لا الدين السماوي، ولا الكتاب المنزل، ولا تعاليم الأنبياء، ولا عجائب القديسين... كانت سبب إيمان ما أؤمن به. بل ليس في إيماني وفي حياتي أيّة إشارة إلى أيّ نبيّ أو دين أو كتاب منزل من فوق.
5 . ولا هي أيضاً تعاليم المسيحيّة والكنيسة، ولا تعاليم الآباء والأنبياء، كانت سبباً لإيماني بشخص يسوع. فيسوع لم يكن لي نبيّاً أو ملاكاً، ولا زعيماً أو قائداً، ولا مؤسّس دين أو حزب، ولا صاحب مشروع عالميّ عظيم، أو ثائراً إجتماعيًّا ناجحاً... يسوع هو بالنسبة إليّ "مخلّص" فحسب - وهذا معنى اسمه -، أي مخلّص ومحرّر، هو الذي خلّصني وحرّرني من قيود شريعة سماويّة اتّهمنا اللهَ بتنزيلها علينا في كتاب ومصحف...
6 . وما من أحد يستطيع أن يخلّصني ويحرّرني ممّا ورّطتُ فيه نفسي من شرائع منزلة من عند الله إلاّ الله أو مَن هو من عند الله. لهذا ما عرفتُ يسوعَ إلهاً إلاّ بعد "تخليصه" لي وتحريري من ثقل الأديان والأنبياء والكتب، ومن قيود الشرائع المنزلة علينا من الله.
***
7 .ألغوا، يا ناس، كل الشرائع السماويّة واعملوا غيرها شرائع بشريّة، فستكون بالتأكيد أنسب منها وأهمّ... هذه تتطوّر وتواكب الإنسان في تطوّره، أمّا تلك فجامدة ثابتة لا تلين، ولا تكترث لتطوّر العلم والعالم... خذوا بتعاليم الفلاسفة والعلماء، وتبنّوا قوانين الأمم غير المتعصّبة لدين، وانتموا إلى جماعة أو حزب أو حركة، وأفضلها جميعاً الكنيسة. إنّها الجماعة الإنسانيّة المثلى - والإنسان كائن إجتماعيّ - هذه الكنيسة - وهي في العبريّة تعني "الجماعة" تساعدكم على معرفة مشيئة الله ومعرفة الطريق إليه.
8 . لن يغضب الله منّا إن اعترفنا بعدم معرفتنا له، وإن أقررنا بجهلنا المطبق الكامل لوجوده وكيفيّة وجوده ولطبيعته وصفاته ومهمّاته وكيفيّة إدارته للكون ولكلّ كائن في هذا الكون... بل أقول: لو استطعنا أن نعرف شيئاً عن الله لحقّ لنا أن نقول له: إسترح الآن فنحن نقوم مكانك، ونعمل عملك، ونستغني عنك.
9. الله أكبر ممّا تقولون عنه، ومما تتصوّرونه، ومما تتخيّلونه، ومما تفكرون فيه... إنه الآخر الذي يختلف عنّا في كلّ شيء... لهذا فإنّا لا ندركه ولا نعرف عنه أيّ شيء...
10 . أن نقول ببراءة الله فهذا كفر؛ أمّا أن نقول بتبرئته فهذا إيمان خالص به وحده من دون سواه. الله لا يحتاج أحداً ليشهد له على براءته؛ ولكنه يحتاج دائماً إلى تبرئته مما اتّهمناه به، من صنع أديان، وتنزيل شرائع، وتأليف كتب، وبعث رسل وأنبياء...
***
11 . لو لم يجرؤ الإنجيليّون على الكلام عن موقف يسوع من اليهود واليهودية وممّا "قيل لكم" لما تجرّأت أنا على كتابة ما كتبت وأخذي بقول يسوع نفسه: "أمّا أنا فأقول لكم"... هذا القول يعني بكلّ وضوح إلغاء ما قاله الأنبياء وتخطّي ما جاءت به التوراة من تعاليم وتشريع وقيود.
12 . أرغب في أن أكون نبياً ورسولاً ومؤسّس دين وصاحب كتاب منزل وتشريع إلهيّ... ولكنّ الله حرمني ومنعني من هذه كلّها، دون أن أعرف لماذا! وكم صلّيتُ وتضرّعت لكي أحصل على نعمة من نعمه!! دون جدوى...
13 . لهذا دعوتُ وأدعو دائماً إلى إلغاء الدين، بل إلى إلغاء كلّ الأديان.. وذلك محبة بالله وبالإنسان معاً... ويجب أن نؤسّس حزباً لهذه الغاية، وقد آن الأوان... والإلغاء لا يعني الإلحاد وإنكار الله إطلاقاً؛ بل يعني محبة الله والإنسان معاً..
14 . التشريعات الدينية باتت غير مقبولة اليوم لأنّها جامدة ثابتة لا تتغيّر؛ أمّا التشريعات الطائفية والوطنيّة والكنسيّة والحزبيّة فمقبولة لأنها تتغيّر وتتطوّر. أن يتقاتل الطائفيون فهذا له علاج؛ أما أن يتقاتل الدينيون فهذا لا دواء له.
15 . بعد سقوط الأديان، ما البديل عنها؟ للتوّ أقول: البديل هو انتماء الإنسان إلى الجماعة، أي إلى الكنيسة التي هي أهم من جميع الأديان وجميع الأنبياء والكتب المنزلة والشرائع المسمّاة سماويّة.. إنّ هؤلاء ذهبوا وماتوا أمّا هي فباقية، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها.
***
16 . الله غير خاضع لقبولك له أو لرفضك إيّاه، لأنه ليس بمستواك، وليس خاضعاً لمقولاتك، ولا تستطيع أنت أن تكون بمستواه حتى تعرفه، تقبله أو تنكره أو ترفضه.
17 . أنا لست كافراً بالله، ولا ملحداً به، ولا ناكراً. بل أنا مؤمن به حتّى النخاع؛ ولكني لا أعرفه ولا أستطيع أن أعرفه، أو أن أعرف شيئاً عنه. لا أستطيع أن أعرف أين هو، وكيف هو، ومن هو؟ أعرف أنّه موجود، ودليلي عليه حاجتي إليه. وانتمائي إلى جماعة بشريّة أيضاً هو مرجعي في معرفة الله، هذه الجماعة إسمها "الكنيسة"، أستطيع أن أعارضها وأنتقدها؛ وهي تستطيع أن تتغيّر وتتبدّل وتتطوّر وتتقدّم.
18 . أنا لا أؤمن بأمور كثيرة؛ ولا حاجة لي بها. لكنني أؤمن بواحد فقط إسمه يسوع المسيح، لا لأنّه إله او ابنٌ لله، بل لأنّه حرّرني وخلّصني من قيود إلهيّة قيّدتُ بها نفسي باسم الله.
19 . يسوع المسيح المخلص، ثم "الكنيسة"، تلك الجماعة التي أنتمي إليها هي، بالنسبة إليّ، أهمّ من الأنبياء والرسل أجمعين. بل هؤلاء جميعهم لا يستطيعون خلاص أو تحرير أيّ إنسان؛ لأنّ خلاص الإنسان وتحريره ليس عملهم، وليس من رسالتهم. ولا هم أرسلوا لهذه المهمّة، التي لا يستطيع أن يقوم بها أحد غير الله... لست كافراً ولا ملحداً ولا غير مؤمن ولا أعبد وثناً. بل أنا مؤمن بالله؛ ولكنّي في الوقت عينه لا أعرف الله؟ لا أعرف من هو؟ وكيف هو؟ وأين هو؟ وما هو دوره؟ وما علاقته بالكون كلّه؟ وبالكائنات، كلّ بمفرده؟ وكيف يعتني بها؟.. لو كنت أعرف شيئاً لكنت أنا الله؛ ولكنت قلت لله: أنا مثلك، أو زح لأكون مكانك، أو لأقول لك: أنا هو الله...​








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - متاهات
ken trump ( 2017 / 3 / 6 - 11:34 )
جوزيف قزي
انا من قراء كتبك الجميله قس ونبي ونبي الرحمه وو تحليلات و تفصيلات اجتذبتني اليك اما اليون انا فقدت البوصله معك لم افهم مقصدك بل حرت في مقاصدك وادخلتني في متاهات خارج اطار فلسفتك
وشكرا
[email protected]


2 - ليتك بقيت أبو موسى الحريري
مصطفى خروب ( 2017 / 3 / 6 - 13:01 )
تقول :

--- 11. لو لم يجرؤ الإنجيليّون على الكلام عن موقف يسوع من اليهود واليهودية وممّا -قيل لكم- لما تجرّأت أنا على كتابة ما كتبت وأخذي بقول يسوع نفسه: -أمّا أنا فأقول لكم-... هذا القول يعني بكلّ وضوح إلغاء ما قاله الأنبياء . ----


لكنه قال ما جاء لينقض ؟؟؟


--- 16 . الله غير خاضع لقبولك له أو لرفضك إيّاه، لأنه ليس بمستواك، وليس خاضعاً لمقولاتك، ولا تستطيع أنت أن تكون بمستواه حتى تعرفه، تقبله أو تنكره أو ترفضه.


أكيد لأنه لا يستطيع الوجود بدوني ، فأنا اخترعته من رغبتي ومن ظنوني

--- 17 . أنا لست كافراً بالله، ولا ملحداً به، ولا ناكراً. بل أنا مؤمن به حتّى النخاع؛ ولكني لا أعرفه ولا أستطيع أن أعرفه، أو أن أعرف شيئاً عنه. لا أستطيع أن أعرف أين هو، وكيف هو، ومن هو؟ أعرف أنّه موجود، ودليلي عليه حاجتي إليه.

قولك أن حاجتك دليلك إليه يؤكد أنه إستنتاج لأنك انطلقت من الدليل إلى النتيجة


--18 . لأنّه حرّرني وخلّصني من قيود إلهيّة قيّدتُ بها نفسي باسم الله.--

حررك من قيود وربطك بأخرى ، من طلق إمرأة فقد جعلها تزني مثلاً


تحياتي


3 - السيد مصطفى خروب
بولس اسحق ( 2017 / 3 / 7 - 09:40 )
عزيزي مصطفى خروب وعذرا من السيد الكاتب قلت يا سيدي(حررك من قيود وربطك بأخرى، من طلق إمرأة فقد جعلها تزني مثلاً) لأنه قال مسبقا لا تطلق المرأة الا لعلة الزنا أي متلبسة بالزنى، أي لو لم تكن زانية لما تم تطليقها ،لان المسيح منع الطلاق الا لعلة الزنى! وقال أيضا من تزوج بمطلقة فقد زنى، كيف؟ لأنها أصلا زانية ولذلك هي مطلقة، ومن يرضى ان يتزوج بزانية فهو زاني، ام ان لك رأي آخر! وانا متأكد انك تؤيد المسيح بعدم جواز التطليق للزواج بأكثر من واحدة!! الا بسبب ظروف معينه وليس كرغبة... فالمرأة شريكة حياة وليس دابة!!
اما عن قولك(لكنه قال ما جاء لينقض وانما ليكمل الناموس) ولو عدت الى ناموس موسى فهو الشريعة والشريعة الموسوية هي الوصايا العشرة وباقي التشريعات أي الأوامر الإلهية، أي ليس اعمال فلان وعلان داود او سليمان...فهذا هو المقصود ما جئت لانقض، وارجوا ان تكون الفكرة وصلت، فالمسيحة يا اخي لا تأخذ التوراة بحذافيرها كما يتوهم الأغلبية وانما تأخذ بالإضافة الى الشريعة ما يخص النبوءات عن المسيح وليس الاقتداء بالأعمال والتصرفات الواردة فيها!! تحياتي لك وللسيد جوزيف.



4 - Jaurais aimé lire le commentaire N° 3
مصطفى خروب ( 2017 / 3 / 7 - 22:33 )
كنت أود لو قرأت التعليق فهو موجة لي ، هل بالإمكان الحصول عليه على عنواني الإلكتروني
[email protected]
Merci


5 - أخي العزيز بولس إسحق
مصطفى خروب ( 2017 / 3 / 8 - 00:28 )
أخي العزيز بولس إسحق

- كتبت -- حررك من قيود وربطك بأخرى، من طلق إمرأة فقد جعلها تزني مثلاً--- مثلاً كي لا اكتب كل ما يمكن

- عندما قال قد قيل عين بعين وسن بسن ! ألم يغيرها إلى إلى من ضربك عل خدك الأيمن فدر له الأيسر ؟

- كيف يكون حرره وهو صعب الأمر بعد أن أصبح النظر بشهوة إلى الإمرأه كحكم الزنى ؟

- ثم لا تحنثوا أصبحت لا تحلفوا البتة ، أليس هذا تغيير ؟

- الطلاق كان جائزاً ثم أصبح ممنوعاً ؟ هذا تحرير أم إضافة قيود ؟

أما من جهة الوصايا العشر ، فأنت تعلم تماماً أن وصايا موسى تغيرت إلى وصايا الكنيسة ويسوع لا دخل له في التغيير ، لكنها تغيرت ! إذا كانت من الله فكيف تتغير ؟

لم تعد تجد الوصية الثانية الخاصة بالتماثيل، ثم أن قدس يوم السبت أصبحت قدس يوم الرب الذي هو الأحد ! وأيضاً لا تشته مقتنى غيرك بما فيها امرأته قسمت إلى إثنين لتعويض الوصية الثانية !


لست هنا لآخذ موقف مع أو ضد بل لأقرأ الموضوع قراءة محايده !

شكراً لإدارة الموقع لإعادة نشر تعليقك الذي لم أر فيه ما يزعج

وشكراً لك أخ بولس على التعليق وتحياتي


اخر الافلام

.. #shorts - 80- Al-baqarah


.. #shorts -72- Al-baqarah




.. #shorts - 74- Al-baqarah


.. #shorts -75- Al-baqarah




.. #shorts -81- Al-baqarah