الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحلام أردوغان تصطدم بالواقع الميداني في الشمال السوري

زياد عبد الفتاح الاسدي

2017 / 3 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


من الوضح أن أردوغان لم يتعلم من تجارب أسلافه من سلاطنة الدولة العثمانية .. الذين عولوا على دعم أوروبا لهم خلال حروبهم الطويلة مع روسيا القيصرية (ولا سيما في حرب القرم أواسط القرن التاسع عشر) بعدما تعرضوا لهزائم عديدة في مواجهة الجيوش القيصرية .... ولكن الغرب نفسه الذي دعم الدولة العثمانية سابقاً في آخر حروبها ضد روسيا القيصرية ,عاد ليُطلق رصاصة الرحمة على الامبراطورية العثمانية المُحتضرة مع نهاية الحرب العالمية الاولى مُستعيناً بما يُسمى " بالثورة العربية الكبرى" التي قادها الشريف حسين , ليرث بالتالي التركة العثمانية في العراق وبلاد الشام .
وهنا يبدو بوضوح أن أردوغان لم يقرأ التاريخ بإمعان أو ربما لم يفهمه .... فرغم الدخول العسكري الروسي الحازم في الحرب السورية في مواجهة الجماعات الكتفيرية المدعومة من تركيا , لم يزل أردوغان يُعول على حلفائه في الغرب والولايات المُتحدة لانقاذه من الورطة التي وقع فيها منذ حربه الاجرامية على سوريا بتشجيع وتوجيه من الغرب وتمويل وتسليح سخي من مشيخات النفط الخليجية .... فقد اعتقد أردوغان بكل غباء أن أن حليفه الغربي سيساعده الى النهاية في السيطرة على المنطقة العربية , لاستعادة الامجاد العثمانية تحت قيادته بمساعدة الاخوان المسلمين والجماعات الاخوانية والتكفيرية المُسلحة ..... وهو لم يستوعب حينها أن الغرب بتشجيعه على شن حربه الاخوانية والتكفيرية على سوريا .. لم يكن يأبه لحلمه العثماني في توحيد المنطقة تحت رايته , بل كان يهدف فقط الى تمزيق المنطقة طائفياً وهدم استقرارها وأمنها الاقليمي , واستنزاف جيوشها الوطنية وتهديد النفوذ والامن القومي لروسيا وإيران وضرب أنظمة وقوى المقاومة في المنطقة , في الوقت الذي نجح فيه الغرب بأجهاض ثوراتها وانتفاضاتها المليونية التي اندلعت في تونس ومصر مع نهاية عام 2010 , مُستعيناً بمشيخات الخليج وقوى الاسلام السياسي الرجعي التي تمكنت من التسلل الى صفوف الجماهير المليونية الغاضبة في تونس ومصر في ظل غياب أو ضعف الطليعة السياسية الوطنية والتقدمية التي كان من المُفترض أن تقود الحركة الجماهيرية الغاضبة واستلام السلطة السياسية بعد سقوط النظامين التونسي والمصري, بدلاً من التنظيمات الاسلامية العميلة .
ولكن أردوغان رغم فشله المُتواصل والذريع في اسقاط النظام السوري, ورغم الواقع الجديد الذي فرضه الدخول الروسي على خط الازمة السورية منذ سبتمبر 2015 , لم يزل يتخبط الى الآن في توجهاته وأهدافه في سوريا والعراق والمنطقة..... وبدلاً من تراجعه عن جنون العظمة وتخليه عن أحلامه وأهدافه العدوانية المُتهورة بعد الهزائم الساحقة لجماعاته التكفيرية في أحياء حلب الشرقية , تابع أردوغان من تخبطه وقراراته الفاشلة التي قادت الى المزيد من أزمات تركيا الداخلية والاقليمية , ولا سيما بعد التدخل العسكري المُباشرفي شمال سوريا من قبل الجيش التركي وقوات درع الفرات التي شكلها أردوغان من مُسلحي أحرار الشام وبقية الجماعات التكفيرية .... وهو على أية حال تدخل يبدو كتورط خطير لتركيا سيقودها أوقادها بالفعل الى المزيد من الفشل والاستنزاف العسكري المُكلف جداً في أوحال الشمال السوري , ولاسيما بعد معارك الباب الطويلة في مواجهة تنظيم داعش , الذي رغم كونه الحليف السابق لتركيا , إلا أنه كبد الجيش التركي وقوات درع الفرات خسائر فادحة جداً في الجنود والآليات قبل انسحابه من المدينة .
ولكن رغم سيطرة الجيش التركي في نهاية الامر على مدينة الباب , إلا أن هذه السيطرة لم تُقدم للجيش التركي أي إمتيازات ميدانية تُذكر سوى خسائره الفادحة في معارك الباب , في الوقت الذي تقدم فيه الجيش السوري في أرياف حلب الشرقية التي يُسيطر عليها داعش ليصل الى الريف الجنوبي لمدينة الباب ويتقدم بعدها في اتجاه شمال الشرق نحو مدينة منبج , ليلاقي قوات سوريا الديمقراطية التي قامت بالانسحاب من القرى الواقعة جنوب غرب منبج لصالح الجيش السوري وقامت بتسليم المدينة لحرس الحدود التابع للجيش السوري , وذلك بالتنسيق مع قيادة الجيش السوري برعاية روسية ... والهدف من كل ذلك هو قطع الطريق على الجيش التركي وقوات درع الفرات , ومنعها من التقدم شرقاً لعبور الفرات باتجاه الرقة .... وهنا تم حصر تواجد الجيش التركي وقوات درع الفرات في الشمال السوري ضمن منطقة حدودية محدودة في غرب الفرات بحيث لا يستطيع الجيش التركي تجاوزها للتقدم شرقاً نحو الرقة دون الصدام المُباشر مع وحدات الجيش السوري , التي لن يتمكن الجيش التركي على أية حال من اعتراضها أو الصدام معها وفق الاملاءات الروسية على القيادة التركية .
ولم يزل أردوغان الآن يتأرجح في قرارته الهستيرية , حتى بعد التفاهمات التركية مع الجانبين الروسي والايراني عشية انعقاد مُؤتمر استانة .... فتارة ينقلب على هذه التفاهمات ويُهاجم ايران بشدة ليتقرب من حليفه الامريكي على أمل التصعيد العسكري وانشاء المناطق الآمنة ... وتارة يعود الى هذه التفاهمات ويحافظ على علاقات متوازنة مع إيران .... وهذه جميعها مؤشرات واضحة للهستيريا وعدم الثقة بالنفس , ولخسارة تركيا بقيادة أردوغان للعقلانية السياسية التي قد تقوده ان عاجلاً أم آجلاً الى الهاوية السياسية ......... وعلى أية حال ان غداً لناظره قريب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أردوغان يعرف ما يريد ؟
س . السندي ( 2017 / 5 / 10 - 08:36 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي زياد وتعقيبي ؟

1: المُلا المزيَّف أردوغان يعرف جيداً ما يريد وما يفعل ؟

2: ما كان له يفعل ما يفعل لولا دعم الغرب والصهونية العالمية ، فهو ليس الا تلميذ فيها ؟

3: فمن أتو به من الشارع وزرعوه في حزب عبدالله كولن يعرفون جيداً أيضاً ما يفعلون ، وهو لخراب ليس فقط المنطقة بعد هدوء العواصف بل وايضاً تركيا؟

4: تقاربه مع الروس خطة ذكية من اسياده للضحك على الروس ، أولا لمعرفة نواياهم ومن ثم لتخريب ما يسعون اليه في الوقت المناسب ، والروس مضطرون للتعامل معه محبة بالهريسة ، ويكفي توجيهه صفعتين للروس ( أسقاط طائرتهم السوخوي ، وقتل سفيرهم) من قبل أحد اتباعه ؟

5: وأخيراً ...؟
ابني من يعتقد أن أردوغان لا يسعى الى الانتقام من العرب بعباءة الدين ، سلام ؟

اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا