الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمحة عن الدولة المملوكية:( 648 ه – 921 ه ) – ( 1250 م – 1517 م )

أحمد صبحى منصور

2017 / 3 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لمحة عن الدولة المملوكية:( 648 هــ – 921 هــ ) – ( 1250 م – 1517 م )
كتاب : نشأة وتطور أديان المسلمين الأرضية
الباب الأول : الأرضية التاريخية عن نشأة وتطور أديان المحمديين الأرضية
الفصل الخامس : تسيد دين التصوف السنى فى العصر المملوكى
( 648 ـ 921 ) ( 1250 ـ 1517 )
لمحة عن الدولة المملوكية:( 648 هــ – 921 هــ ) – ( 1250 م – 1517 م )
مقدمة :
يعتبر قيام الدولة المملوكية حدثا فريدا فى التاريخ الإسلامى ، حيث حكم المماليك وهم رقيق الأمويين أملاك أسيادهم الأيوبيين ، وتقودهم فى بادء الأمر إمرأة ـ هى شجرة الدر ـ كأول وأخر سلطانة فى تاريخ المسلمين . وهذا الوضع لم يكن له أن يستمر إلا بقوة المماليك ودهائهم وضعف الأيوبيين وتناحرهم وقوة مركز مصر فى العالم الإسلامى على أنها الملجأ الوحيد لإنقاذ المنطقة من الصليبيين والخطر المغولى القادم .
وقد استطاع المماليك تأكيد نفوذهم بإرهاق الوجود الصليبى ثم إزالته نهائيا فى نفس الوقت الذى قضوا فيه على الخطر المغولى ، وبمطاردة المغول فى الشام لم تقم للدولة الأيوبية قائمة فى الشام بعد أن انتهت من مصر .
وهكذا ورثت الدولة المملوكية الفتية العروش الأيوبية فى مصر والشام .
أولا : خطوات أقامة وتوليد الدولة المملوكية فى مصر
1 ــ يظهر أن المماليك لم يفكروا فى الخروج على طاعة الأيوبيين ، إذ قضوا على حملة لويس التاسع التى غزت مصر واحتلت ميناء دمياط، وأسروا لويس التاسع، وحفظوا السلطة كاملة لتوران شاه ولى العهد الأيوبى فى وقت حرج ، كان فيه أبوه الملك الصالح أيوب ميتا وهو بعيد فى العراق ، ولو كان لديهم الطموح لاستغلوا تلك الجروح القاسية فى مصلحتهم ، إلا أن أقصى ماكانوا يطمعون فيه هو العرفان بالجميل من السلطان الشاب الغائب الذى حفظوا له ملكه . ولكنهم فوجئوا بنكرانه الجميل ورأوه لا يختلف فى شيىء عن صغار الأيوبين فعاجلوه بالقتل قبل أن يوقع بهم ، فقتل توران شاه كان عملا وقائيا فى أوله كما يظهر من إستقراء وقائع التاريخ .
2 ــ إلا أن القضاء على توران شاه أوقع المماليك البحرية فى مشكلة من يخلفه. ولإنقاذ الموقف فقد تُوّجت شجرة الدر سلطانة ـ وهى أرملة الملك الصالح أيوب – وهى إمرأة أظهرت حنكتها السياسية وقت الشدة - وبدأت الدولة المملوكية بشجرة الدر سلطانة تحميها سيوف المماليك البحرية، وبدأت الدولة الجديدة تفاوض الملك الفرنسى الأسير لويس التاسع فى مدى التنازلات التى يجب أن يدفعها والفدية المطلوبة منه حتى يطلقوا سراحه.
3 ــ وإذ إنتهت الدولة المملوكية من ذلك حتى واجهت عدة مصاعب أهمها :-
* الخليفة العباسى والرأى العام الإسلامى
1 ـ لم يستسغ الخليفة العباسى – وهو يمثل الرأى العام المسلم – أن يتولى الأمر إمرأة ولو كانت شجرة الدر. بعث الخليفة العباسى المستعصم بالله يتساءل هل خلت مصر من الرجال حتى يولوا أمرهم إمرأة .
2 ــ وتحاشيا لإغضابه والرأى العام معه فقد تم حل المشكلة بأن تتزوج شجرة الدر من أيبك الداودار ، وبذلك أصبحت شجرة الدر تقاسم زوجها السلطة وتحكم من وراء الستار. وإذ انتهت تلك المشكلة فقد اتجه المماليك لحل مشكلة أخرى .
*المصريون والأعراب والشيعة :
1 ــ لم يرض المصريون أن يحكمهم رقيق هم مماليك الايوبيين؛ يقول المؤرخ المملوكى أبو المحاسن ( لم يرضوا بسلطان مسّه الرق ،وظلوا إلى أن مات السلطان أيبك وهو يسمعونه ما يكره حتى فى وجهه إذا ركب فى الطرقات) ولذا اشتد المماليك فى قسوتهم على العامة المتذمرين من توليهم السلطة حتى أن المقريزى وأبا المحاسن يقولان أن الصليبيين لو ملكوا مصر ما فعلوا بالمصريين كما فعل بهم المماليك فى بداية عهدهم.
2 ــ ولا ريب أن المصريين وإن خضعوا بالقهر والذل للقوة الجديدة إلا أن القهر لا يعنى إلا الحقد الدفين المكبوت ، وقد استغل هذا الشعور بعض العلويين وجمعوا إلى جانبهم كثيرا من الأعراب وأعلنوا الثورة وأن ملك مصر يجب أن يكون للعرب وليس للأرقاء .
وهذا ما فعله حصن الدين ثعلب الذى أقام دولة عربية مستقلة فى مصر الوسطى ومنطقة الشرقية فى بداية الدولة المملوكية ، مستغلا قوة الأعراب . وحاول حصن الدين الإتصال بالناصر الأيوبى عدو المماليك ، إلا إن عقد الصلح بينهما أضاع أمل حصن الدين فعول على الإعتماد على جهوده الذاتية .
3 ـ وبعد أن فرغ السلطان أيبك من الخطر الأيوبى الخارجى قام بتوطيد سلطانه فى الداخل فأرسل أقطاى زعيم المماليك البحرية بجيش تمكن من هزيمة الأعراب فى بلبيس. وطلب حصن الدين الأمان فأمنه المعز أيبك ، ثم اعتقله وقتل أصحابه، وعامل الأعراب بالعسف حتى ذلّوا وقلّوا على حد قول المقريزى .( السلوك 1/2/370 ، 372: 379 ، 381 ، 382 ، 385: 386 ) ، وكانوا القوة العسكرية الوحيدة وقتها بين المصريين .
4 ــ والواقع أن توطيد الدولة المملوكية بدأ حقيقة فى عهد قطز الذى انتصر على الخطر المغولى وفى عهد الظاهر بيبرس الذى قلّم أظافر المغول والصليبيين.
ثانيا : المماليك والشام
1 ــ كان الشام الخطر الأكبر على الدولة المملوكية الناشئة، ففيه الصليبيون. ومفهوم أنهم أعداء للسلطة الجديدة التى أبادت حملة لويس التاسع، وفي الشام أيضا الملوك الأيوبيون الذين لن يسامحوا فى سقوط مصر فى يد مماليكهم وعبيدهم بعد أن قتلوا ابن عمهم توران شاه .
2 ــ ثم كان الخطر الأكبر على الجميع وهم المغول الذين اكتسحوا فى الجولة السابقة الدولة الخوارزمية ثم عادوا فى هذه الجولة فاكتسحوا قلاع النزارية الباطنية فى آلموت ثم دمروا بغداد والخلافة العباسية سنة 658، وتهاوت أمامهم العروش الورقية لبنى أيوب وسلجوق فى الشام والعراق ، ووقع على كاهل المماليك فى بداية دولتهم أن يتعاملوا مع ذلك الخطر بعد أن انحدر للشام واتجه لمصر .
3 ــ وقد أفلحت الدولة المملوكية فى مدّ سلطانها على الشام حتى الفرات . بل وصلت إلى ما أبعد ما وصلت عليه دولة صلاح الدين فى عهد الظاهر بيبرس الذى أخضع الأرمن ودمر عاصمتهم وامتد ملك الدولة المملوكية فى عهده إلى اقصى إتساعه .
ولنتبع خطوات المماليك فى ضم الشام وتعاملها مع تلك القوى .
الورثة الأيوبيون فى الشام :
1 ــ تزعمهم الناصر داود الذى استولى على دمشق فى الصراع ضد المماليك بعد تولى شجرة الدر السلطنة. الناصر داود كان أكبر الورثة الأيوبيين ثم أن مركزه الجديد فى دمشق يفرض عليه أن يحدد موقفه من القاهرة . وتحالف الناصر داود مع الصليبين وبدأ الصراع بينه وبين المماليك فى غزة سنة 648 فهزمه أقطاى كبير المماليك البحرية .
2 ــ ولم ييأس الناصر داود فجمع أقاربه من الملوك الأيوبيين وزحف بهم إلى مصر ، ودارت معركة كبيرة عند الصالحية وانهزم فيها الناصر داود مع كثرة عساكره لأن المماليك الذين فى جيشه إنضموا إلى الجيش المملوكى المصرى ، وأسر المعز أيبك جملة من الملوك الأيوبيين ومعهم بعض الأمراء المتعاونين معهم .
3 ــ وفى عام 649 إستولى الأمير أقطاى على الساحل الشمالى ونابلس إلى ممر الشريعة، فأرسل الناصر داود حملة إلى غزة ، فخرج السلطان المعز أيبك بجيشه إلى الصالحية، ودارت مفاوضات بينهما طالب فيها المماليك باعترافه بحمكهم مصر وجزء من الساحل الشامى. وفى سنة 651 تقرر الصلح على أن يكون للمماليك مصر والأردن وللناصر ما وراء ذلك، وأن يضم المماليك غزة والقدس ونابلس والساحل كله وأن يطلق المماليك الملوك الأيوبيين الأسرى ( السلوك 1/2/370 ، 379 ، 381 : 382 ، 385 : 386 )
4 ــ وواضح أن المماليك نجحوا فى أن يمدوا سلطانهم إلى جنوب الشام مع الساحل، وقد وافقهم السلطان الناصر داود ، ونال لنفسه الشام الشمالى ؛ أى أملاك أقاربه الملوك الأيوبيين المأسورين عند المماليك منذ معركة الصالحية، وقد اشترى داود حريتهم من أسر المماليك بعد أن اتفق مع المماليك على اقتسام الشام .
ثم كان الإمتحان الأكبر لدولة المماليك الناشئة أمام المغول .
المماليك والمغول
1 ــ كان المغول أكبر خطر هدّد المنطقة. تحركوا من أقصى الشرق يدمرون كل جزء من العالم مروا به، فقضوا على امبراطورية الصين وتجمعات الترك الرعويين، وما لبثوا أن هزموا الدولة الخوارزمية بعد عدة جولات. بعدها انفتح الطريق أمامهم للدولة العباسية ، فدمروا بغداد وقتلوا الخليفة العباسى وسكان بغداد. وسار الرعب فى ركابهم ، وسبقتهم فى القدوم للشام سُمعتهم الوحشية فاستسلم لهم بعض الأمراء الأيوبيين بلا قتال ، كحاكم حمص الذى خدم هولاكو وسار فى صحبته والناصر داود حاكم دمشق وحماه. وتوغل المغول فى الشام متجهين لمصر، وبعث هولاكو برسالة إلى المماليك يطلب خضوعهم.
2 ــ بعد إغتيال أيبك بتدبير شجرة الدر كان قطز يتولى نيابة السلطنة للسلطان الصبى (على بن أيبك)، وانتهز الفرصة فأعلن نفسه سلطانا ليواجه الخطر القادم. وأثناء الإستعداد الحربى أرسل مقدمة جيشه إلى غزة يقودها بيبرس. وهزم بيبرس الحامية المغولية فى غزة ، فكان أول نصر على المغول. وقتهاهلك منكوخان الخان الأكبر للمغول، وخوفا من ضياع حقه انسحب هولاكو بجزء من جيشه عائدا إلى قراقورم عاصمة المغول فى الشرق وترك الباقى تحت قيادة كتبغا ليواجه المماليك.
3 ــ وسار السلطان قطز قرب عكا، ثم جاءته أخبار أن كتبغا عبر نهر الأردن وأنه نفذ على الجليل الشرقى ، فسار قطز مسرعا إلى الجليل الشرقى ، فوصل عين جالوت قبل وصول المغول.
معركة عين جالوت ( 658 هــ - 126 م)
1 ـ وقدم كتبغا ولم يعلم أن جيش المماليك قد سبقه، وأخفى قطز معظم قواته ولم يعرض أمام العدو إلا المقدمة التى يقودها بيبرس، ووقع كتبغا فى الفخ فهجم على مقدمة الجيش بكل قوته فتقهقرت أمامه واستدرجته إلى التلال فأحاطت به جموع المماليك وطوقته، وأبلى كتبغا بلاءا حسنا فى القتال دون جدوى إذ أن الهزيمة الكاملة حاقت بالمغول لأول مرة فى تاريخهم ( السلوك 1/2/141 ، 415 ، 416 ، 417 : 419 ، 422:425 ، 427: 433 ) .
2 ـ وتعتبر عين جالوت من المعارك الفاصلة فى التاريخ العالمى إذا بها اندحر المغول شرقا. واكتسبت الدولة المملوكية الوليدة احترام المسلمين فقد أنقذوهم ليس فى الشرق الأوسط فحسب وإنما فى أفريقيا كلها.
ومن ناحية أخرى عجل القضاء الحربى على المغول بدخول بعضهم فى الإسلام حين أسلمت القبيلة الذهبية التى تحكمت فى العراق وكونت به دولة مغولية مسلمة.
واستولى قطز على سائر بلاد الشام حتى الفرات وخضع له أمراء الشام الأيوبيون.
وعجلت هذه المعركة بزوال الصليبين إذا أن المماليك المنتصرين عزموا على التخلص النهائى منهم، فتابع بيبرس ــــ الذى قتل قطز وخلفه فى الحكم ــــ الجهاد ضد الصليبين والمغول معا ، وتأكدت بذلك سلطة المماليك كأكبر قوة فى مصر والشام .
الظاهر بيبرس والمغول
1 ــ تمكن بيبرس بعد أن تسلطن من الإستحواذ على إمارات الأيوبين فى الشام، وعاقب الملوك المسيحيين المتحالفين مع المغول مثل ملك أرمنيا وأمير أنطاكية الصليبى. وفى هذه الأونة أعلن بركة خان زعيم القبيلة الذهبية إسلامه وتحالف مع بيبرس وتعاونا معا فى إمداد كياكوس السلجوقى بجند تمكن به من استعادة ملكه فى الأناضول .
2 ــ مع تحالفه مع الأرمن والصليبين لم يستطع هولاكو الإنتقام من المماليك، بل انشغل بهجوم بركة خان عليه فتمكن بيبرس من توفير وقته لإجهاد الوجود الصليبى إلى أن انتهى نهائيا فى عهد الأشرف خليل بن قلاوون ( عن غزوات بيبرس ضد المغول " السلوك 1/2/465 : 473 : 474 ، 495 ، 497 ، 600 : 602 604 : 607 ، 628: 629 ، 633 ")
3 ــ وحتى تستكمل مصر المملوكية مظاهر زعامتها للعالم ( الإسلامى ) فقد دعا السلطان الظاهر بيبرس أحد الأمراءالعباسيين ونصبه خليفة عباسيا فى القاهرة. إلا أن بيبرس تخوف من طموح الخليفة الجديد فحجز عليه، ثم تخلص منه بأن بعثه بجيش صغير ليحارب المغول فهزم وقتل، وعين آخر محله. ومن وقتها اقتصر دور الخليفة بعد ذلك على مبايعة كل سلطان ( السلوك 1/2/448 : 449 ، 451 ، 453 : 457: 463 ، 467 ، 477 : 479 ) وأصبحت الخلافة العباسية عقدا تتزين بها القاهرة المملوكية التى أضحت حاضرة العالم ( الإسلامى ) بدلا بغداد ..
المماليك والصليبيون
1 ــ ارتفع شأن المماليك بانتصارهم على حملة لويس التاسع، ثم ارتبط توطيد الحكم المملوكى فى عهد الظاهر بيبرس بحروب نشطة ضد الأمارات الصليبية فى الشام.
2 ــ على أن جهد بيبرس تركز فى حرب الصليبيين والأرمن والمغول معا. وكان شعلة من النشاط الحربى لا تتوقف ، فقد هزم الأرمن ونهب مدنهم ليؤمّن ملكه فى حلب وشمال الشام، ولم يترك الفرنجة يستريحون فأكثر من الإغارة عليهم حتى أصبحت حياتهم فى عكا لا تطاق، ثم فاجأ أنطاكية واقتحمها ودمرها بمن فيها، وبسقوط أنطاكية فى يد بيبرس انهار الصليبيون فى شمال الشام حتى أن الدواية تخلوا عن قلاعهم المجاورة لأنطاكية ( من غزوات بيبرس ضد الصليبين " السلوك 1/2/483 : 487 ، 488 : 491 ، 519 ، 513 ، 524 : 530 ، 543 ، 533، 557 : 560 ، 564 : 571 ، 585 : 588 ، 590 : 595، 618 : 628 )
3 ــ وتابع قلاوون جهد سلفه بيبرس فاستولى على حصن المرقب الحصين وأخرج عنه الأستبارية، ثم أتم الإستيلاء على اللاذقية وفتح طرابلس، ونقضت عكا الهدنه فتجهز للقضاء عليها- وكانت المعقل الأخير للصليبين – إلا أنه مات قبل القضاء عليها.
4 ـ وأتم ابنه ذلك العمل عملا بوصية أبيه. وبإستيلاء الأشرف خليل بن قلاوون على عكا سلمت صور وبيروت وانطرطوس وعثيلت وأرواد. وظلت جيوش المماليك تزرع الساحل الشمالى من أقصاه إلى أدناه بضعة شهور وهى تدمر أى أثر للفرنج فى المنطقة.
وأنهى المماليك بذلك الحروب الصليبية التى بدأت قبل ذلك بنحو قرن ونصف القرن.(السلوك : 1/3/747 ، 753 : 754 ، 762 : 766 )
ثالثا: السلاطين المماليك وتوارث السلطة: المماليك وفنّ التآمر
مفتاح الشخصيه المملوكيه –كنظام سياسي- هو المساواه بينهم جميعا في الأصل و النشأه والتفاضل بينهم يكون بالمقدره القتاليه والدهاء السياسي. فكلهم جئ به من بلاده الاصليه رقيقا لينخرط في سلك المماليك ثم ليتدرج بكفاءته السياسيه و الحربيه حتى يصل الي السلطنة، والعبرة بملكات المملوك و قدراته فقط ، لذا نجد بعض الغرائب، فالظاهر بيبرس كان في الاصل مملوكا للامير البندقدار، ونسب اليه فقيل بيبرس البندقدارى، واعتقة سيده، ثم وصل بيبرس بدهائه وقدراته الي ان اصبح سلطانا وسيده السابق مجرد تابع صغير له في دولتة، ومهارة بيبرس تتجلى في قدراتة الفائقة على المؤامرات والدهاء مع نشاطه الحربى.
وحين يصل المملوك بدهائه وحذقه في المؤامرات الى السلطنة فإنة يواجه مؤامرت الاخرين الي ان يموت ميتة طبيعية أو نتيجة المؤامرة، وقد يصبح القاتل هو السلطان التالى .وهكذا تدور السياسة المملوكيه في حلقة لا تنتهى من الدسائس والمؤامرات.
وقبل ان نعرض للتفاصيل نضع بعض الملاحظات التى تقعد سياسة المؤامرات المملوكيه :
1-أن معرفة المماليك بفن المؤامرات بدأ قبل قيام الدولة المملوكية، فقد تعلم المماليك فن المؤامرات في القصور الأيوبية أثناء خدمتهم الملوك الأيوبيين، إذ برع الايوبيون في التآمر ضد بعضهم البعض مستخدمين مماليكهم ضمن أدوات الدسائس، فكان مماليك السلاطين الايوبيين عنصرا في تدبير المؤامرات.والمماليك البحرية شاركوا في مؤامرات الصالح ايوب ضد بقية الأيوبيين، ثم تآمرالمماليك ضد ابنه توران شاه وقتلوه وأقاموا دولة المماليك البحرية. واستكثر احد أعلامهاالسلطان قلاوون في شراء المماليك وأسكنهم برج القلعة وهم (المماليك البرجيه). وبكثرتهم تعلم المماليك البرجية فن المؤامرات في سلطنة آل قلاوون الي ان قامت دولة المماليك البرجية، بعد أن تعلموا فن التآمر خلال الدولة المملوكيه البحريه، تماما كمافعل البحرية اثناء الدولة الايوبية.
2- قد تنتهي المؤامرة بقتل السلطان –وحينئذ يتولي القاتل السلطنة طالما كان كفئا ، وبذلك يصبح قتل السلطان مسوغا شرعيا لصلاحية القاتل للسلطنة شأن شريعة الغاب ، وذلك هو الغالب في السلطات العسكرية ، فالاقوى بالجند والأتباع والنفوذ هوالأغلب. لم يخضع الامراء المماليك إلا لمن هو أقوى منهم ليكون السلطان عليهم، وإلاّ فهو قرين لهم وند. لذا فعند موت السلطان فحظ ابنه ان يكون مجرد فترة انتقالية، يتصارع فيها كبار الأمراءللوصول الى أعلى منصب بجوار السلطان الصغير ليتمكن بعدها من عزله او قتله.
ومن عجب ان اغلب السلاطين كان يعهد لابنه بالسلطان بعده ، ويخدع نفسه ويصدق نفاق اتباعه فيخيل له انهم سيرعون حقه عليهم بعد موته في رعايتهم لأبنه ولى العهد، فيأخذ عليهم العهود والمواثيق بأن يخلصوا لابنه بعد موته ، ويقوم السلطان فى حياته بالتمكين لأبنه ولى عهده ما استطاع، ومع ذلك فان اخلص من يقوم بأمر ابنه في حياته هو اول من يعزله بعد فترة انتقالية معقولة ويتسلطن بدلا عنه ، وينشئ اتباعا جددا من المماليك الذين يشتريهم ، ويبعد عنه رفاقه السابقين في المؤامرات واعداءة طبعا، وبعد ان تقترب منيته يظن ان الامور قد استتبت له فيأخذ العهد لإبنه من كل الأمراء، ويأتمن عليه اقرب اتباعه، إلا ان القصة تتكرر بحذافيرها ويعزل التابع ابن سيده السلطان السابق، وتتكررالقصة مع كل سلطان، وتستمر المؤامرات. بهذا قامت الدولة المملوكية البحرية، وبهذا استمرت، وبهذا نشأت الدولة المملوكية البرجية ، وبهذا استمرت الي ان سقطت الدولة المملوكية، وبعد ان سقطت استمر المماليك في الحكم في اطار الدولة العثمانية فاستمرت مؤامراتهم ،حتي قضي عليهم (محمد علي ) في مذبحة القلعة فأراح واستراح.
ونعود الي استعراض سريع للدولة المملوكية من خلال مؤمرات امرائها وحكامها:
1-اثناء الدولة الايوبية :وقبل ان تقوم دولة المماليك شارك المماليك في حوادث الخلافات المستمرة بين ابناء البيت الايوبي ، فالمماليك (الصلاحية ) الذين اشتراهم صلاح الدين الايوبى علا شأنهم علي حساب المماليك (الاسدية ) الذين اشتراهم أسد الدين شيركوه. تذمر المماليك الاسدية أثناءحكم صلاح الدين إلا إن قوة شخصيته وإنشغالهم بمواجهةالحروب الصليبية لم تسمح بتطور الامر.
بعد موته استغل أخوه الملك العادل استياء الاسدية من علو نفوذ الصلاحية فتحالف معهم ضد المماليك الصلاحية حتي ضم مصر، فعلا شأن المماليك الاسدية وضعفت المماليك الصلاحية. ثم أنشأ العادل مماليك له عرفوا بالعادلية، واولئك كان لهم دور بعد موت العادل حيث كرهوا سلطنة ابنه الكامل فاضطهدهم وكوّن مماليك له عرفوا بالكاملية، وبدورهم فانهم كرهوا تولية ابن سلطانهم الكامل واسمه العادل الثاني فاعتقلوه وسلطنوا أخاه الاكبر الصالح ايوب على مصر.
وأكثر الصالح ايوب من شراء مماليك جددا وأسكنهم في الجزيرة النيلية المواجهة للقاهرة فعرفوا بالبحرية نسبة لبحر النيل. كالعادة كره المماليك البحرية ابن سلطانهم الصالح ايوب –وهو توران شاه ـ اذ كان كأسلافه يضطهد مماليك ابيه ويعول علي انشاء عصبة مملوكية جديدة تدين بالولاء له، لذا لم يكافئهم علي جميلهم حين حفظوا له ملكه بل بادرهم بالعداء فقتلوه وأقاموا دولتهم .
فالمماليك منذ بداية الدولة الايوبية هم الأعرف بفنون المؤامرات، وكان وصولهم للسلطة بمؤامرة أطاحت بحياة توران شاه،وعلي ذلك الدرب سارت دولتهم .
2-وبتولي المماليك السلطنة اتخذت مؤامراتهم طابعا محليا داخليا فيما بين المماليك انفسهم للوصول الي الحكم او الاحتفاظ به.
بعد قتل توران شاه بتدبير شجرة الدر وتنفيذ المماليك البحرية بزعامة اقطاي وبيبرس اتفقوا علي تولية شجرة الدر أرملة الملك الصالح أيوب، واستنكر الخليفة العباسي ان تتولي امرأة حكم المسلمين في مصر فكان لابد لشجرة الدر ان تتزوج إما أقطاي الزعيم الحربى للمماليك البحرية وإما ايبك زعيم المماليك السلطانية. ورأت شجرة الدر ان نفوذها من الممكن ان يستمر مع ايبك زعيم البحرية دون اقطاي القاتل الخشن فتزوجت ايبك، وبذلك اصبح المماليك قسمين يتآمر كل منهما ضد الآخر، بادرأقطاي بالهجوم فهاجم جنوده القرى والضواحى حتي يثبت أن السلطان الجديد غير قادر علي حفظ الأمن، وفي نفس الوقت خطب الي نفسه اميرة ايوبية وطلب من شجرة الدر ان تخلي لها مكانا في القلعة.
وتآمرت شجرة الدر وايبك علي قتل اقطاي وشارك في المؤآمرة قطز الساعد الايمن لأيبك، وكان قطز صديقا لبيبرس –وهو الساعد الايمن لأقطاي -وخدع قطز بيبرس واقنعه بسلامة نية شجرة الدر في دعوة اقطاي لمقابلة شجرة الدر. وحين دخل اقطاي الي القصر السلطاني حيل بينه وبين جنوده وقتل .والقيت رأسه الي اتباعه ففروا وهربوا من مصر وكان من بينهم بيبرس .
وصفا الجو لأيبك وشجرة الدر، إلا ان الخلاف ما لبث ان شب بينهما اذ كانت شجرة الدر امرأة طموحا تنشد الاستقلال بالسلطة وتري زوجها – الذي كان تابعا سابقا لها –مجرد اداة لتنفيذ مآربها. وايبك من ناحيته عزم علي التحرر من قبضتها والاستئثار بالنفوذ، واستوحش كل منهما من الاخر، واعلن ايبك انه سيخطب الي نفسه نفس الاميرة التي كان اقطاي سيخطبها لنفسه سابقا، وليزيد من اغاظة شجرة الدر رجع الي زوجته السابقة(ام علي) فاستعملت شجرة الدر كل دهائها حتي اقنعت ايبك بالصلح معها،وحين جاء يقضي معها الليل كانت ليلته الاخيرة. وثارت المماليك علي شجرة الدر ونصبوا ابنه عليا الطفل سلطانا ، وشفت ام علي غليلها من غريمتها شجرة الدر فأمرت الجواري أن يقتلنها ضربا بالقباقيب.
وتولي قطز الوصاية علي السلطان الصغير علي بن ايبك.وأقبل الزحف المغولى فعقد قطز مجلسا اعلن فيه أن البلاد في خطر وان السلطان الجديد لا يستطيع ان يقوم بالامر، وعزله وتولى مكانه. ولتوحيدالجهود ضد المغول فقد بعث السلطان قطز لصديقه اللدود بيبرس وأمراء البحريه الفارين ليتعاونوا معه ضد الخطر المغولى ، فأتوا إليه من الشام.
وبعد إنتصار قطز على المغول تآمر عليه المماليك البحرية بقيادة بيبرس إنتقاما من مقتل سيدهم اقطاى وقتلوا قطز في طريق العودة . وتم تنصيب بيبرس سلطانا. وقام بيبرس بتوطيد الدولة المملوكية ورفعة شانها في الشام والعراق والحجاز، وحاول في أخريات حياته أن يوطد الامر لابنه سعيد فولاه العهد من بعده، وحتى يضمن ولاء المماليك له من بعده فقد زوج إبنه من بنت الأمير قلاوون الالفى كبير المماليك وجعله نائبا لابنه، وأخذ العهد لابنه في إحتفال كبير اقسم فيه قلاوون وكل أمراء المماليك علي الاخلاص ( لسعيد بركة بن الظاهر بيبرس ) ولى العهد بعد ابيه .
ولكن ذلك كله لم يجد نفعا، إذتآمر على (سعيد بركه) من قام بأمره بعد ابيه، ولم تعن المصاهرة أو الايمان المغلظه شيئا عند قلاوون الذى أرغم صهره سعيد بركةعلى التنازل سنة 678 ، وتولى مكانه. وظلت اسرة قلاوون في الحكم نحو قرن او يزيد 678-784.
ولكن متاعب قلاوون لم تنته بإعتقال المماليك الظاهريه –اتباع الظاهر بيبرس – وإحلال مماليكه محلهم ،إذ ثار عليه أقرانة من الامراء كما فعل الامير سنقر نائب الشام، فاستكثر قلاوون من شراء مماليك له لتوطيد سلطته، وأقام لهم ابراجا خاصه بالقلعة فعرفوا (بالمماليك البرجيه) . وأولئك هم الذين تآمروا على إغتصاب السلطه من ابناء واحفاد سيدهم قلاوون، ثم استطاع احدهم فى النهايه وهو برقوق إقامة الدولة المملوكيه الثانية أوالبرجية بعد الدولة المملوكيةالبحرية.
3-قبل قيام دولة المماليك البرجية أسهم المماليك البرجية في الفتن في دولة أبناء قلاوون فى نهاية الدولة البحرية، وشاركتهم فى التآمر في ذلك بقايا المماليك البحرية.
تآمربعض المماليك البحريه على قتل الاشرف(خليل ابن قلاوون )الذى فتح عكا وانهى الوجود الصليبى ، فقتل بيدرا السلطان الاشرف خليل وأعلن نفسه سلطانا إلا إن أمره لم يتم، فقد تمكن المماليك البرجيه –اتباع البيت القلاوونى –من قتل الامير بيدرا.
ثم تنازع المماليك البرجية حول من يتولى السلطة، ثم إتفقوا على تولية الصبى (محمد بن قلاوون) السلطه بإسم الناصر محمد. وكالعادة تحكم نائب السلطان ــ وهو الأمير كتبغاـ في شئون السلطان الصغير القلاوونى الناصر محمد، ثم عزله ونفاه الى قلعة الكرك فى الأردن وتولى كتبغا السلطنة سنة 694. ثم تآمر على كتبغا حليفه الامير لاجين (وهو احد قتلة الاشرف خليل بن قلاوون) وكان لاجين قد اختفى ثم ظهر وتحالف مع كتبغا، وبتأييده تولى كتبغا السلطنة، ثم تنازعا فانتصر لاجين وهرب كتبغا فتولى لاجين السلطنة، وظل فيها إلى أن قتله إثنان من صغار المماليك، ولم يتمتعا بتأييد الامراء الكبار فأعدموهما، وأعادوا السلطان محمد بن قلاوون للسلطنة للمرة الثانيه (689-708).
الا ان الناصر محمد وقع في ايدى الاميرين المتحكمين فيه (بيبرس وسلار) فاضطر للفرار بنفسه للكرك فتسلطن بيبرس الجاشنكير،إلا إن أمره لم يتم فقد ثارعليه العوام والجند وتمكن الناصرمحمد من الرجوع ، واسترد عرشه وقتل بيبرس الجاشنكير وسلار ، وحكم مستبدا بالامر حتى وفاته.
وهكذا بدأ المماليك البرجية في التآمر اثناء الدولة البحريه القلاوونية، وقد اتخذ تدخلهم في بداية الامر مظهر الدفاع عن آل قلاوون بقتلهم بيدرا قاتل الاشرف خليل بن قلاوون ثم ما لبثوا ان تحكموا في اخيه الناصر محمد، ثم تطور نفوذهم اخيرا حتى تولى احدهم وهو الظاهر بيبرس الجاشنكير الحكم كأول سلطان برجى فى الدولة البحرية، ومع تهاوى عرشه سريعا إلا ان ذلك كان ارهاصا بقيام الدولة البرجية على يد برقوق فيما بعد.
ولقد انعكس نفوذ المماليك البرجيه على مصير السلاطين من ابناء واحفاد الناصر محمد بن قلاوون بعد وفاته ، فكثر توليهم وعزلهم تبعا لمؤامرات كبار الامراء البرجية ، حتى انه في العشرين سنة الاولى بعد موت الناصر محمد بن قلاوون تسلطن ثمانية من اولاده (741-762). وفى العشرين سنة التالية تسلطن اربعة من احفاده، وبعضهم تسلطن وعمره عام واحد كالسلطان الكامل شعبان بن الناصر محمد ، وبعضهم لم يبق في الحكم إلاشهرين مثل الناصر احمد بن الناصر محمد. وفي ظل الاضطراب وعدم الاستقرار أتيح لبرقوق كبير المماليك البرجية الوصول للسلطنة أخيرا. أى إنه بعد ان جرب المماليك البرجية التحكم في ابناء الناصر محمد بن قلاوون تولوا الحكم وساروا بنفس اسلوب المؤامرات.
4- وقد عمرت دولة الممماليك البرجية اكثر من مائة واربعة وثلاثين سنة (784-922)، حكم فيها ثلاثة وعشرين سلطانا ،ومنهم تسعة حكموا مائة وثلاث سنوات ،وارتبط بهم تاريخ الدولة البرجية ،وهم برقوق مؤسس الدولة وابنه فرج و شيخ وبرسباي وجقمق واينال ،وخشقدم وقايتباي وقنصوه الغوري .
وقد تمكن برقوق بسلسلة من الدسائس والمؤامرات ان يقيم الدولة البرجية وتغلب علي مصاعب عديدة وصلت الي درجة عزله من السلطنة الا انه عاد وانتصر ، فلقد غدا ابناء الناصر محمد بن قلاوون لعبة في ايدي الامراء البرجية الذين تنافسوا علي الوصول الي درجة الاتابك أي نائب السلطنة للسلطان القلاووني الصغير. وتبلور النزاع اخيرا بين اميرين كبيرين هما بركة وبرقوق ، وانتهي الصراع بينهما بانتصار برقوق علي منافسه بركة، والتزم بركة أمام القضاة الاربعة باعتزال السياسة وأن يترك ذلك لبرقوق وحده، أى أصبح برقوق هو المرشح عن البرجية او الجراكسة للتحكم في السلطان القلاووني الصغير كالعادة، إلا أن برقوق كان يريد ان يخلع السلطان المغلوب علي امره ويحكم هو رسميا ، ولذلك خشي من منافسه القديم بركة فاعتقله في الاسكندرية واوعز الي واليها فقتل بركة في السجن . وثار اتباع بركة فأعلن لهم برقوق ان قتل بركة تم بدون علمه، وسلم لهم والي الاسكندرية فقتلوه واسترضاهم بذلك .
وتفرغ برقوق بعد ذلك لخلع السلطان ( علي ) القلاوونى، وكان الرأي العام يعطف علي ابناء البيت القلاووني ولا يميل الي خلعهم من السلطة الرسمية، وقد سبق ان الجنود والعوام ثاروا علي بيبرس الجاشنكير حين خلع الناصر محمد بن قلاوون وتعاطفوا مع الناصر محمد حين هرب الي الكرك حتي رجع وانتصر علي غريمه. وبرقوق يدرك ذلك جيدا، لذا عمد الي تخدير الرأي العام فاستضاف شيخا صوفيا معتقدا –أي يعتقد الناس في ولايته ـ وهو الشيخ علي الروبي، وقد اعلن الروبي ان برقوق سيلي السلطنة يوم الاربعاء التاسع عشر من رمضان سنة 785 ،وان الطاعون –وكان وقتها ساريا – سيرتفع عن القاهرة ثم يموت الطفل علي، والمعلوم ان الصوفي يحظى باعتقاد العامة في علمه للغيب، واذ هيأ برقوق الاذهان لما سيحدث فقد قتل السلطان الصغير واشيع موته ودفنوه في نفس اليوم ، ثم عين بعده اخاه امير حاج، ثم عقد مجلسا بالخليفة العباسي والقضاة الاربعة والامراء فعزلوا امير حاج وبايعوا برقوق في التاسع عشر من رمضان سنة 785 هـ أي في نفس الوقت الذي اعلنه الشيخ الروبي سابقا .
ثم عمد برقوق للتخلص من الامراء الذين ساعدوه وقضي عليهم بالقتل والنفي واعتقل الخليفة العباسي، وفي هذه الظروف مات الشيخ الروبي ميتة غامضة مما يعزز الشك في أن للسلطان برقوق يداً في مقتله، وبذلك ضمن برقوق لنفسه ان ينفرد بالامر ولا يكون لأحد عليه فضل او نفوذ باعتباره شريكا في المؤامرة .
الا أن برقوق أخذ من مأمنه كما يقال، فقد ثار عليه الأمير يلبغا والى الشام فأرسل اليه برقوق مملوكه منطاش علي رأس جيش لإخضاعه، إلا إن يلبغا اتفق مع منطاش علي عزل برقوق ، فاستدار منطاش بجيشه ومعه يلبغا بجيشه الي القاهرة لعزل برقوق ، فهرب برقوق الي الكرك، ودخل منطاش ويلبغا الي القاهرة، واعيد السلطان امير حاج القلاوونى للعرش، وكما كان متوقعا دب الخلاف بين منطاش ويلبغا وانتصر منطاش ، وفي هذه الاثناء هرب برقوق من الكرك واعد جيشا ، وانضم اليه انصاره ،والتقي مع مملوكه السابق منطاش في موقعة شقحب وانتصر عليه، وعاد برقوق الي السلطنة للمرة الثانية سنه 797 .
5- ومات برقوق سنة 801 وتولي ابنه الناصر فرج . وقد اضطر فرج للاختفاء بسبب مؤامرة حتي اعاده الامير يشبك. ثم ثار عليه الاميران شيخ ونوروز فتنازل لهما. وثار النزاع بين شيخ ونوروز ، وانتهي بمصرع نوروز وسلطنة شيخ.
بعد موت السلطان شيخ تولي ابنه احمد تحت وصاية الامير ططر الا ان ططر سلبه السلطنة وتولي بعده . ومات ططر واخذ العهد لأبنه محمد بن ططر تحت وصاية برسباي الا ان برسباي ما لبث ان عزل ابن السلطان ططر وتولي مكانه. وتوفي الاشرف برسباي وعهد الي ابنه يوسف بن برسباي تحت وصاية الامير جقمق ، وبالطبع تسلطن جقمق، وحين مات جقمق عهد الي ابنه عثمان ابن جقمق بوصاية اينال فعزله اينال وتسلطن مكانه.
وسادت فترة من الضعف في الدولة البرجية وتولي فيهم سلاطين ضعاف، وكثر فيهم العزل والتولية، حتي ان بعضهم كالسلطان خير بك لم يمكث سلطانا الا ليلة واحدة سنة 872 .
ثم انتعشت الدولة مؤقتا بتولي السلطان قايتباي الذي حكم تسعة وعشرين عاما، و تنازل في السنة الاخيرة لأبنه محمد بن قايتباي الذي دفع حياته ثمنا لمغامرات الكبار . وتعاقب جملة من السلاطين الضعاف حتي تولي قنصوة الغولي سنة 906 فأعاد الاستقرار الي حين. ثم انتهي امره وامر الدولة المملوكية في مرج دابق سنة 922 ، وقتل العثمانيون السلطان طومان باى وأصبحت مصر ولاية عثمانية .( عن كتاب : شخصية مصر بعد الفتح الاسلامى للمؤلف : 93 : 106 . ط القاهرة 1984 )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكات | مكافآت لمن يذبح قربانه بالأقصى في عيد الفصح اليهودي


.. ماريشال: هل تريدون أوروبا إسلامية أم أوروبا أوروبية؟




.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني


.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح




.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي