الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة العربية في زمن الحروب الأهلية

عوني صادق

2017 / 3 / 8
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2017 - أثر النزاعات المسلحة والحروب على المرأة



في زمن العنف والحروب الأهلية التي تلتهم عددا من البلدان العربية منذ مطلع العام 2011، تقف المرأة العربية كأول الضحايا وربما آخر الشهداء ! وهي تتعرض في هذه الحروب لمزيد من العنف، الذي لم يبارحها في زمن السلم، بكل أشكاله، فتدفع بذلك الثمن مرتين: مرة بحكم موقعها الاجتماعي في التركيبة الاجتماعية لمجتمعات تعاني من التخلف والجهل والفقر تسود فيها تقاليد بالية ومفاهيم لا صلة لها بما يتحقق من تقدم في مختلف بقاع الأرض. ومرة أخرى، بما تلقيه عليها هذه الحروب من تبعات ومسؤوليات هي العادة مستبعدة عنها في وقت السلم.



في زمن العنف المنفلت من عقاله، والحروب الأهلية الطاحنة، تبرز أكثر ما تبرز ظاهرتان: انفلات الغزائز البدائية بمختلف أنواعها، واهتزاز القيم الاجتماعية، حقيقية كانت أو زائفة ومظهرية. وكلا الظاهرتين تعرض المرأة للكثير من أشكال العنف والظلم والاستغلال تبدأ بالاغتصاب والاعتداءات الجنسية المختلفة التي قد يرى فيها الخصم سلاحا استراتيجيا لإهانة وإذلال وقتل الروح المعنوية لدى الخصم، وقد تنتهي بالقتل مرورا بما بينهما من خطف وتعذيب وتشريد ودفع إلى التسول والانحراف. وتتعرض المرأة، وتتحمل كل تلك الأضرار نتيجة لقرارات وأفعال لم تستشر فيها، ولم تشارك في صنعها، فهي في النهاية أرملة أو أم لشهيد أو زوجة لأسير، إلى جانب ما تلاقيه بشكل شخصي !



وتعرض المرأة لكل تلك الأشكال من العنف، يترك أثارا خطيرة في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب، ليس على المرأة وحدها بل على الأسرة والمجتمع بأسره. ذلك لأن المرأة، بالرغم من السيادة الذكورية في هذه البلدان وبسببها، تمثل “بؤرة” المجتمع والنقطة التي تتقاطع عندها قيم المجتمع وتطلعاته، وخططه للتنمية والتطور الاجتماعي – الاقتصادي المتعلقة بالمستقبل. ولأن دور المرأة في المجتمع دور محوري، أعترف بذلك الرجل أو لم يعترف، فإن ما يصيب المرأة من أضرار مادية ونفسية ينعكس على المجتمع كله بمن فيه الرجال.



وأثناء الحرب، تسقط القيود المفروضة على المرأة من حيث حركتها وتصرفاتها ومجالات عملها، لكن تلك القيود تعود بمجرد أن تنتهي الحرب، وربما بشكل أقسى، بالرغم مما تكن قد قدمت من تضحيات وأظهرت من جدارة في تحمل المسؤولية في الزمن الصعب. ففي الحرب، مثلا، يموت الرجل فتتحمل المرأة مسؤولية إعالة ورعاية الأسرة، أو ما بقي منها. وقد تضطرها ظروف الحرب، وعدم توفر الغذاء والدواء والملاذ الآمن، إلى التسول أو الانحراف، لتوفير مستلزمات بقاء العائلة. وبعد الحرب، تحاسب المرأة على “انحرافها”، وما اقترفت يداها دفاعا عن أفراد أسرتها التي فقدت راعيها ومعيلها وأصبحت في حاجة ماسة لمن يقول بتلك المسؤولية الثقيلة ! ويتم ذلك طبعا باسم الدين والأخلاق والتقاليد البالية !



من الناحية النظرية، سواء بالنسبة لمنظمة الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة المنبثقة عنها، أو بالنسبة للمنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية، توجد المواثيق، وتعقد المؤتمرات، وتجري الفعاليات الكثيرة المطالبة بحماية المرأة (والمدنيين عموما) في زمن الحرب، وأثناء النزاعات. لكن من الناحية العملية، لا تعدو تلك المواثيق والمؤتمرات والفعاليات أكثر من حبر على ورق. وفي إحسن الأحوال محاولات للادعاء بأن الجميع مهتم ويعمل من أجل حماية المرأة وإيصالها إلى حقوقها المسلوبة.



ويظل المشوار طويلا لتحقيق حماية المرأة في زمني الحرب والسلم، وبعض ما ترنو إليه وما تستحق أن تنال من حقوق !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إيران وإسرائيل .. ما هي الارتدادات في غزة؟ |#غرف


.. وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 يدعون إلى خفض التصعيد في الشرق




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة استشهاد طفل برصاص الاحتلال في طولكرم


.. شهداء بينهم قائد بسرايا القدس إثر اقتحام قوات الاحتلال شرق ط




.. دكتور أردني يبكي خلال حديثه عن واقع المصابين في قطاع غزة