الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع في سوريا والعراق هل هو على -الهلال الشيعي- أم الأنبوب النفطي؟!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2017 / 3 / 9
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


بير رستم (أحمد مصطفى)
ربما يكون العنوان قد أوحى للكثيرين بمضامين المقالة وما نود قوله حيث "المكتوب مبين من عنوانه" _كما يقال_ وإنني أردت، بل تقصدت أن يكون العنوان على بينة وتوضيح لكي أسهل على نفسي وعلى القارئ تلمس الخطوات والاستدلال بها وصولاً إلى ما نريد إيصاله للمتلقي والقارئ حيث وبكلمة واحدة يمكننا القول؛ بأن الحروب دائماً كانت وما زالت تحركها المال وتغلفها الشعارات السياسية والمبادئ الأخلاقية، ليس فقط قديماً، بل على مر التاريخ والأحقاب والحضارات ولذلك فإن الشعوب والأمم كانت دائماً ضحية لشعارات فلسفية، بل وقوداً لحروب طاغية يسعى إليها المتجبرون والطغاة لتكديس المزيد من الثروات والخيرات بحيث تكون عوناً لهم في ممارسة المزيد من القهر على الضعفاء والمساكين أو ما تعرف بالشعوب.

إذاً لندخل مباشرةً لصلب القضية، لكن مع مقدمة سريعة لما نريد أن نشير له فيما بعد؛ ألا وهو قضية الصراع الأخير في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً كل من سوريا والعراق حيث يعاني البلدين، مع عدد من دول ما تعرف بالمنطقة العربية، "ربيعاً" دموياً برائحة الغاز والنفط ومنذ سنوات عديدة _تزيد عن عمر "ربيعها" حتى_ حيث وبمراجعة سريعة لتاريخ هذه المنطقة الجغرافية الجيواستراتيجية الواقعة على "طريق الحرير" والقوافل التجارية وسفنها القادمة من أقاصي القارة الأوربية باتجاه دول شرق آسيا والصين بحيث تربط بين تلك العوالم والقارات والشعوب كمركز ونواة للعالم، جعلها دائماً موقعاً حيوياً لأطماع الدول والإمبراطوريات ونحن نعلم بأن؛ الاقتصاد والثروات والمعابر التجارية كانت هي الدافع والمحرك لكل الحروب والغزوات والفتوحات وفي كل الأحقاب، بل أقدم أسطورة بشرية؛ تؤرخ صراع "قابيل و هابيل" على الاقتصاد حيث الرب قبل تقدمة أحدهما، بينما رفض الأخرى.

وبالتالي فإن الوجود والصراع البشري كان دائماً تحركه قوة الاقتصاد وتراكم الثروات ولو قرأنا عن الحروب التي نشأت في العالم _قديماً وحديثاً_ لوجدنا بأن المال والنفوذ والهيمنة على ثروات وخيرات العالم كانت هي التي تقف ورائها وإن غلفت أحياناً بشعارات دينية كالحروب الصليبية الإسلامية أو مؤخراً تحت مفاهيم وقيم حضارية حداثوية كالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وقبلها ما عرفت بحق الشعوب والقوميات في نيل حقوقها الوطنية وتأسيس دول وجمهوريات وأحزاب تأثرت بمبادئ الثورة الفرنسية والمدارس الفكرية والفلسفية الأوربية وعصر نشوء الدولة القومية الحديثة في أوربا، لكن ولكي تُسهّل تلك الحكومات على نفسها قيادة شعوبها إلى تلك المعارك الطاحنة، كان لا بد من قيم ومبادئ فلسفية اجتماعية ترتبط بالمنظومة الأخلاقية لتلك المجتمعات والمرحلة الحضارية وبالتالي كانت الحروب الدينية في فترة تسيّد الفكر الديني وبعدها القيم والشعارات الوطنية مع بداية عصر نشوء الفكر القومي.

وهكذا يمكننا القول؛ بأن الموقع الجغرافي للبلدين _وأقصد سوريا والعراق؛ موضوع المقالة_ جعلت منهما أحد أهم دولتين في المنطقة خلال فترة الصراع بين الدولة الإسلامية "الخلافة العثمانية" والدول الأوربية حيث شهدت عدد من الحروب والتحالفات وذلك للاستيلاء على "طريق الحرير" الذي يصل القارة الأوربية إلى الصين ودول شرق آسيا .. وإننا ومن خلال إلقاء نظرة على الموقع الجغرافي لكلا البلدين، سنجد بأنهما يشكلان صلة الوصل بين كل من البحر الأبيض المتوسط وما يعرف بالخليج العربي أو الفارسي ومضيق هرمز حيث أقرب طريق تجاري بين جنوب وشمال الكرة الأرضية، لكن أزداد أهمية هذين البلدين أكثر بعد اكتشاف النفط في بدايات القرن الماضي مع أعوام 1930 وبالتالي مد خط أنابيب النفط من هذه المنطقة للقارة الأوربية، بل ازدادت الأهمية أكثر بعد اكتشاف حقول الغاز في جغرافية هذه البلدان وعلى الأخص في سواحل المتوسط لبلاد الشام وسوريا ونشوء صراع بين عدد من الدول والمشاريع للفوز بهذه المنطقة الحيوية معبراً لها ولخطوط إيصال الطاقة للدول الأوربية.

وللوقوف أكثر على واقع الصراع فإنني سأحاول أن أتتبع عدد من الأحداث والمحطات الهامة والتي سبقت تفجير الأوضاع في سوريا وذلك منذ بداية القرن الحالي وتسلم الأسد الابن الحكم في البلد والتي تصادفت مع اكتشاف حقول الغاز في المنطقة _نقصد في سواحل سوريا_ وبكميات تضع سوريا في المرتبة الثانية بعد روسيا من حيث حجم المخزون الغازي في العالم، متجاوزةً كل من إيران وقطر، مما فتح شهية الكثير من دول العالم والمنطقة لبناء علاقات طيبة مع الحكومة السورية، لكن ونتيجة البنية الأيديولوجية والعلاقات التاريخية بين سوريا والاتحاد السوفيتي _سابقاً_ ووريثتها روسيا اليوم، فقد كانت تلك الدول تصطدم بذاك الجدار الصلب وتشكل عائقاً في إقامة تلك العلاقات، مما جعلت أمريكا _القوة العالمية المهيمنة_ بأن تضغط على حلفائها من الدول العربية في المنطقة، لتضغط هي الأخرى على سوريا، فكانت السعودية وعبر البوابة اللبنانية إلى أن وصلت لأقصى حالات التفجير وكانت قضية اغتيال "رفيق الحريري"، مما شكل مدخلاً جديداً لسياسة العصا والجزرة وقد تكللت وبعد أعوام تلك المساعي الفرنسية بفك حبل المشنقة عن رقبة النظام السوري.

وهكذا فقد استطاعت تركيا وفرنسا أن تعيدا سوريا للمنظومة الدولية وذلك بعد أن شهدت خناقاً أوربياً أمريكياً بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني "رفيق الحريري" عام 2005 واتهام سوريا وحلفائها في لبنان _حزب الله_ بالتورط بها، بل استطاعت تركيا وفي منتصف عام 2009 أن تقنع القيادة السورية بعقد لقاء قمة جمع بين رؤساء كل من سوريا وتركيا وفرنسا وقطر في العاصمة السورية "دمشق" وذلك لمناقشة ما يشكل اليوم جذر المشكلة والحرب الطاحنة في المنطقة حيث تناقش الزعماء الأربعة لهذه الدول لإقناع الرئيس السوري بمد خط أنابيب الغاز القطري عبر كل من السعودية والأردن إلى مصفاة حمص السورية ومنها إلى تركيا وصولاً للقارة الأوربية وبالتالي يتم كسر الاحتكار الروسي للطاقة كمصدر رئيسي لها، بل ووحيد للغاز غير المسيل "السائل" حيث قطر تعتبر الأولى في هذه الأخيرة، لكن ولكلفته العالية لا يمكن لها أن تنافس الروس إلا عبر ذاك الخط الذي أشرنا إليه والذي اجتمع رؤساء الدول الأربعة لإقناع النظام السوري بالقبول به داخل الجغرافية السورية.

وهنا ومباشرةً تدخل كل من الروس والإيرانيين لإفشال المشروع حيث إنهما أكثر المتضررين منها، وفعلاً فقد استطاعت الدولتان وبحكم العلاقات التاريخية والتقاطعات الأيديولوجية المختلفة، فقد تمكنا من إقناع الرئيس السوري برفض فكرة المشروع القطري، بل وتم استبداله بما عرف بـ"الخط الإسلامي" كبديل عن ذاك المشروع حيث وعبر هذا الأخير ؛أي الخط الإسلامي_ يتم مد خط أنابيب الغاز من طهران عبر العراق وصولاً للأراضي السورية .. وفعلاً فقد اجتمعت البلدان الثلاثة في عام 2011 وقبل الأحداث المؤلمة والكارثية بسوريا بعدد من الشهور وتم التوقيع على معاهدة بخصوص المشروع، لكن وكما قلنا لم يكتب له أن يرى النور حيث اندلعت ما تعرف بالثورة السورية ودخلنا ودخلت المنطقة في حرب شبه شاملة وأقرب ما تكون لحرب عالمية ثالثة ما زلنا نحن جميعاً نعاني منها، لكن ليس تحت مسمى الصراع على النفط والغاز وخطوط الإمداد، بل تحت مسميات عدة منها الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة أو ما يتم تداوله مؤخراً وتحت مسمى الصراع الديني السني الشيعي، رغم أن آخر ما يهم هذه الحكومات هي قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية .. طبعاً لا ننفي بأن شعوب المنطقة وضمناً الشعب السوري، لم يكن قد خرج مطالباً بتلك الحقوق، لكن وكما كل مرة فقد خدع بتلك الشعارات الجميلة لغايات ومقاصد دولية إقليمية تجارية كما في أي حرب كونية أو إقليمية أخرى.

وهكذا فإننا نحن عموم شعوب المنطقة، وضمناً الكورد، ومنذ ما يقارب ثلاثة قرون تقريباً بتنا "المفعول به" وللأسف حيث وبعد النهضة الأوربية انقلبت الآية وبات الشرق يتقهقر وهم يتقدمون على حساب شعوبنا .. لا أريد أن أعيد، لكن فقط أود أن أقول؛ بأن أحد أهم أسباب الصراع في المنطقة وتحديداً في سوريا والعراق _كان وما زال_ هي أسباب اقتصادية تتعلق بمد وإيصال الخطوط التجارية والربط بين طرفي العالم وأخيراً مد خطوط النفط والغاز إلى أوربا وبالتالي فإن الصراع هو قائم بين مشروعين وخطين؛ خط يمتد من قطر السعودية الأردن وصولاً إلى تركيا وأوربا عبر سوريا _كما قلنا_ والخط الآخر هو الخط الإيراني أو ما يعرف بالخط الإسلامي والذي يمتد من الحقول الإيرانية وصولاً للساحل السوري عبر الأراضي العراقية .. وهكذا فإن جوهر الصراع هو الاقتصاد وإيصال الغاز لأوربا من دول الشرق الأوسط وكسر الاحتكار الروسي لإحدى أهم مصادر الطاقة في العالم ولذلك فإن القضية هي قضية ما يمكن أن نسميه ب"الهلال الغازي"، لكن تحت مسمى (الهلال الشيعي)، كون ما زال بإمكان الحكومات سوق الشعوب بسهولة تحت يافطة الشعارات الدينية الطائفية وكذلك الأقوامية ولذلك تم إحياء الصراع الديني في المنطقة كمحرك لقطعان الجيوش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري