الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرات شاهدعلى حركة الشواف في الموصل في 9اذار1959

لقمان الشيخ

2017 / 3 / 9
سيرة ذاتية


في ربيع سنة 1959 , كانت مدينة الموصل تعيش في خلافات وصراع بين الحركات ذات التوجهات اليسارية وخصومها من حملة المبادئ القومية’وقد تدخلت اذاعة صوت العرب, وعن طريق المعلق المعروف أحمد سعيد’والذي قام بالتحريض على التمرد والقضاء على حكم عبد الكريم قاسم’وقد ساهم في التحريضمن الطرف السوري’رئيس المكتب الثاني عبد الحميد السراج , وقام بارسال اسلحة وأفراد من لوائه , شوهدوا يتجولون علنا في شوارع الموصل’مما شجع نشاط الأحزاب القومية ’وجعلها تتفوق على الاحزاب اليسارية’الذين استشعروا الخطراحتمال فقدانهم مواقعهم في المدينة’لذلك وبالاتفاق مع حكومة 14 تموز وعبد الكريم قاسم , قررالحزب الشيوعي العراقي وحلفائه من الحزب الوطني الديمقراطي تسيير جماهير غفيرة بواسطة كل وسائل النقل المتوفرة لديهم من قطار وسيارات خاصة وعمومية الى مدينة الموصل’واقامة مهرجان بأسم انصار السلام’’استطاعوا رغم العوائق من الوصول الى المدينة في يوم السادس من شهر اذار’وقد انقسم مواطني الموصل بين مؤيد’وغاضب’وحال وصولهم كانت جماهير المؤيدة لهم ترحب بالقادمين , وتجيب على نداء
المسيرة التي تردد عبارة ( اهل الموصل يا كرام نحن انصارالسلام ) وكان جواب الجهور( اهلا هلا بالوفود تحت رايات السلام )’وتقدمت المسيرة نحوالملعب الرياضي في باب سنجار’حيث تلقت في طريقها بالقرب من رأس الجاده وحي المشاهدةة وابل من الحجارة من صبية حرضوا للقيام بهذا الرمي , وبعد وصولهم الى ساحة الملعب وجدواحشداكبيرامن جماهيرالموصل في استقبالهم هناك , رغم التهديد والوعيد من الرافضين لهذا اللقاء بالتصدي لهم بقوة السلاح ورمي المتفجرات عليهم ,
مر كل شيء بهدوء وسلام ,
وقد ازال سكان الموصل التهم التي كانت توجه لمواطني المدينة بالبخل’حيث وجدالضيوف الكرم وحسن الضيافة عندما قدم الوفير من الطعام والشراب كرما من اهل المدينة , ولا يزال الأحياء منهم يذكرون هذا الجود والكرم .
لكن لم ينتهي هذا الحدث بسلام’حيث وفي الثامن من شهر آذار يوم عيد المرأة العالمي وصل مندوب الحزب الشيوعي العراقي’وكان اسمه مصطفى نجيب العمر الى قضاء تلعفر’وكنت حينها معلم هناك , لينقل خبر فشل تمرد العقيد الشواف , وأنه يستعد للهرب الى سوريا , وطريق سيره يمربالقرب من القضاء , وفي الحال
تشكلت فرق من الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي , مع عدد من مواطني القضاء , حملوا السلاح’واستولواعلى السيارة المسلحة المخصصة لدوريات الحدود بعد اجبار مفوض الشرطة المسؤول على الاذعان والتخلي عنها.
انطلقت جموع المسلحين الى منطقة تقاطع مفرق الكسك’بعد ان حل الظلام.
ولم تمر ساعات حتى شوهدت اضواء سيارات قادمة الى المنطقة الذي ذهب اليها المسلحون.
مما جعل الحاضرين يستعدون لهم , لأن اعداد اضواء السيارات القادمة تفوق عدد السيارات التي انطلقت من قبل , وكانت المفاجئة وجود عدد من الجنود المسلحين بقيادة ضابط برتبة نقيب في قيادتهم , ’انذاك كان لابد من اقناع القوة التي كانت ترابط هناك بالتفاهم’واقنعوهم بمرافقتهم الى مركز القضاء للقاء المسؤولين هناك ’والحقيقة انهاكانت عملية خداع للإيقاع بهم’حيث تم حجز الضابط في غرفة خاصة بعد ان فرق بينه وبين جنوده.
وبعد تحقيق تلك المهمة وصلت اخبارالحادث الى مقرالعقيد الشواف’والذي قام باطلاق التهديدات والتحذيربواسطة تلفون المقربمعاقبة القائمين’بها وباعتقال الحملة العسكرية التي كانت في وجهتها الى منطقة عين زالة النفطية لوضع
اليد عليها.
لم يخيف التهديد بالعقاب’احدا’بل انطلقت حملة ثانية وتشكلت قوة لاستقبال وجبة جديدة لنفس العملية , وكانت النتيجة جلب عدد اخرمن المسلحين مع قائدهم ضابط اخر’وكنت حاضرا هذا المشهد’كوني محسوب على اليسار’لكن الحقيقة ان ذلك لم يعجبني’بل اصابني الاشمئزاز من ذلك المشهد الخطير لكوني ضد العنف’ولحسن حطي’اني لم اكون مجبراعلى حمل السلاح والمشاركة بهذا العملية التي تهدد بسفك الدماء’حيث اني فنانا اتبع مقولة الفنان الكبير شارلي شابلن( اكره لون الدم’حتى ذلك الذي يجري في جسمي) ,
بعد ذلك انسحبت بهدوء الى دارسكني’وابتعدت عن هذا المشهدالمؤلم.
وكانت ليلة كابوسية’انتابتني خلالها مزيج من مشاعرالحذروالخوف من الآتي.
وفي الصباح تواردت الأنباء عما جرى بعد تركي للمشهد الخطر عند رؤيتي عدد كبير من الجنود بكامل عدتهم العسكرية وهم جالسين على الأرض ينتظرون مصير قيادتهم من الضباط ,والذين كما اسلفت,كانوامحتجزيهم لدى المجاميع المسلحة,يفاوضون المسؤولين,وينتظرون نهاية التنفاوض.
وكاد الامر يؤدي الى الانفجارلوعلم الجنود ان قياداتهم معتقلين ,
لكن تم معالجة الامر’حيث اخبرني احد الحضور’ان البعض استغلوا وجود ضابط
احتياط من نفس القضاء كان في فترة من الراحة هناك’فطلب منه القائمون على عملية الاعتقال على ان بلبس الهندام العسكري ويتوجه الى المقر’ويقوم,باصدارالأوامر الى الجنود بالتخلي عن سلاحهم .
وفي الحال اطاعوا الأمر’حيث كانوا متعبين بعد الانتظار طول الليل ,وبهذه العملية الذكية تم تلافي’وقوع معركة دموية تذهب لها مئات الضحايا , بقيت هناك الى نهاية الأسبوع ’ثم عدت الى مدينة الموصل’ لتمضية ايام نهاية الاسبوع في مدينتنا الموصل , وعلى اطراف المدينة شاهدنت ’احد قادة التيار القومي’والذي كان اسمه فاضل الشكرة مقيد اليدين تحت تهديد سلاح شخص استطاع القبض علية’عندما كان يحاول الهروب الى سوريا.
بعد وصولي المدينة كانت الأحوال قد هدأت’بعداعمال قتل وسحل’وحشية’جرت في المدينة,نتيجة فشل حركة الشواف.
فشكرت ربي على عدم رؤيتي لتلك المشاهد البربرية التي قام بها الغوغاء في المدينة .
لقمان الشيخ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا خصّ الرئيس السنغالي موريتانيا بأول زيارة خارجية له؟


.. الجزائر تقدم 15 مليون دولار مساهمة استثنائية للأونروا




.. تونس: كيف كان رد فعل الصحفي محمد بوغلاّب على الحكم بسجنه ؟


.. تونس: إفراج وشيك عن الموقوفين في قضية التآمر على أمن الدولة؟




.. ما هي العقوبات الأميركية المفروضة على إيران؟ وكيف يمكن فرض ا