الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليوم العالمي والمنسيات من النساء !!

حميد طولست

2017 / 3 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اليوم العالمي والمنسيات من النساء !!
كثيرات هن النساء "بفاس الجديد " -الحي الشعبي الذي عشت فيه ردحا من الزمان- اللواتي لا يعرفن أن لهن حقوقا على المجتمع الذي يتحملهن فيه مكرهات أعباء الحياة وتواجه تحدياتها مسؤوليات وواجبات أكثر مما يتحمله الرجال في المجتمعات التي لا تحترم المرأة وتكرمها كما نص الله على ذلك، وكثيرات هن النساء ، اللواتي لا يعرفن أن هناك عيد خارج عيدي الأضحى والفطر اللذان يتحملن هم توفير مصاريفهما على حساب راحتهن وصحتهم لإرضاء أطفالهن ، عيد يحتفي بالمرأة ويعقد فيه نشطاء المجتمع المدني ، والجمعيات المدافعة عن حقوق المرأة ، اللقاءات والندوات والمحاضرات التي ناقشون فيها العديد من الدراسات وورشات العمل والأنشطة المتعلقة بقضايا المرأة ، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية، ويرفعون خلالها الشعارات الرنانة المنددة بما تعانيه النساء من قمع وعسف ، لقاءات وندوات تعقد في محافل وقاعات خارج الأحياء الشعبية التي يتعذر عليهن ارتيادها ، لبعدها ، أو لتهيبهن من جلال المناسبة ، أو تقليلا من فعاليتها في تغيير الواقع الصعب الذي تعانيه النساء العاديات بسبب الأعراف البالية والتقاليد الاجتماعية القديمة، الضاربة الرقم القياسي في اضطهاد وقمع وإذلال وتشرد المرأة وعدم استقرارها وحرمانها من الأمان والأمان وانعدام توفر ادني مقومات العيش الكريمة التي تحتم على المرأة تحمل أعباء الحياة ومواجة تحديات الخطر الداهم على وجودها كنصف المجتمع والذي يحدث اضطرابا في وظائفها الاجتماعية التربوية والثقافية ودورها في تهيئة الأجيال ، ويشكل خطرا كبيرا على المجتمع برمته .
نعم كثيرات هن النساء اللائي لا يفطن بهذه المناسبة وما ينال فيه موضوع "المرأة" من الاهتمام أكثر مما ناله أي موضوع آخر ، حيث يتحدث الجميع عنها وعن قضيتها من مختلف زواياها ، إلا أن ذلك الاهتمام ، على ما يبدو ، ورغم كثرة المتدخلين وتنوعهم ، لا يفد بما يكفي لحل قضية المرأة الأزلية والمعقدة في كل أبعادها ، ولا يجدي في إنصافها ، أو حتى في رد الاعتبار للأغلبية العادية منهن ، التي نسيها المجتمع، وغبنتها الجمعيات المنظمة امراسم التكريم والإنصاف ، رغم مرارة وصعوبة الظروف التي تمر بها ، وقساوة حصار الجوع والألم..
ليس ذلك بسبب ما تعانيه المرأة من ظلم ذوي القربي من الرجال وقهرهم ، فقط ، وليس بسبب ديكتاتوريات الحكومات التي لا ولم تسعى بجد لتغيير واقعها المرير عبر تكريس الديموقراطية وتنشيط حركة المجتمع المدني ووضع دساتير صارمة في بنودها وتشريع قوانين مناسبة لا تتناقض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ، ولا تخالف الدين الحنيف ، تمكنها من تبوأ مكانتها اللائقة في المجتمع.
وليس كذلك بسبب الفكر الديني المتخلف لتلك الجماعات المتطرفة ، التي تهين المرأة يومياً بما تشيعه عنها من دونية ونقص في العقل والدين ، ومن تشكيك في قدراتها العقلية وجدارتها ، لتنتزع منها ابسط حقوقها الإنسانية ، بما تفرضه عليها من خزعبلات تنسبها لشرع الله - رغم أن اشرع الله بريء منه براءة الذئب من دم يوسف – لتمارس بها عليها السيطرة بكل طروحاتها ، كالحجاب والبرقع الذي غدا معهما مشهد نساء الأحياء الشعبية وكأنهن نازحات من أفغانستان أو ايران أوفى السعودية واليمن والصومال وليبيا وغيرها كثير من البلدان التي تُجبر فيها الفتيات في الخامسة والسادسة من أعمارهن على ارتداء الزى الإسلامي رغم أن الطفل في تلك السن فاقد للاهلية القانونية والشخصية .
لكن الشيء المثير للدهشة والاستغراب هو أن ما تعرفه قضية المرأة من تعقيد واستعصاء على الحل ، لا يرجع للأسباب السالفة الذكر وحدها - وإن كان دورها فيه خطير هي الأخرى -وإنما ،ومع الأسف الشديد ، فإن السبب الأكبر الذي يزد من صعوبة حل قضية المرأة ، يردع بالدرجة الأولى لتشبث نسبة كبيرة من الإناث بذلك الوضع المهين لكرامتهن ، وتواطؤهن في الدافع وبشده عن كل موقف مشين ينتكس أوضاعهن ، ويرجع بهن إلى عهود الرق والعبودية ، تحت بند القدرية والتدين المظهري ، الذي هو أكبر تحدٍ يواجه النساء اليوم في البلاد والمجتمعات الإسلامية ، ويهدّد مكتسباتهن ومستقبل مساواتهن وحقوقهن الإنسانية .
لأن تحرر المرأة الحقيقي مرتبط ، بل رهين بتحرر عقليتها أولا ، من كل القيود التي كبلت بها نفسها بدعوى الانبعاث الحركي للإسلام ، قبل تحررها مما يكبلها به المجتمع ..
وفي الختام وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة أتقدم بالتحية والإجلال والإكبار للمنسية من نساء المغرب العاديات ، ومن خلالهن إلى كافة منسيات العالم من النساء العاديات ، اللواتي أتمنى لهن ألا يطل هذا التجاهل وذاك التناسي والتنكر مذهبا لدى بعض منظمي مهرجانات التكريم تجاه المرأة العادية التي هي في أكثر أحوالها وحالاتها، في أشد الحاجة والاحتياج إلى التكريم أكثر من المكرمات في الصالونات والاحتفالات والمهرجانات، تشجيعا لها على اللواتي يضطرن للعمل ليل نهار في مهن بسيطة ، كخادمات في البيوت ، أو تضطرن إلى أن تبيع على بسطة في الشارع والزقاق في سبيل لقمة العيش، لرعاية أطفالهن و الإنفاق على تعليمهم بعد فقد الزوج والمعيل ، أو لرعاية زوج مقعد وتدبير أمور علاجه .
أليست هذه النماذج من النساء العاديات هن الأحق بالتذكر والتكريم، لأنهن في الواقع نساء "خارقات" رغم أنهن أميات، لا يقرأن ولا يكتبن، ولا تملك الوقت ولا "الإبداع" كي تصبح مشهورة، يشار اليها بالبنان، فإنهن ينفقن وقتهن وجهدهن وراء تحصيل لقمة العيش، ليعلمن أطفالهن، اللواتي لا يتمكن الرجال إنصافهن مهما فعلوا ، كما قال الشاعر الفرنسي اراغوت: "لو وقف جميع رجال الكرة الأرضية لمدة خمسين سنة متصلة يعتذرون للنساء عما فعله بحقهن الذكور على مدى التاريخ البشري.. لما كان ذلك كافياً"..
حميد طولست [email protected]
مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس
رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية
رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية.
عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة.
عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية.
عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس
عضو المكتب التنفيدي لـ "لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الأنسان "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري


.. رحيل الأب الروحي لأسامة بن لادن وزعيم إخوان اليمن عبد المجيد




.. هل تتواصل الحركة الوطنية الشعبية الليبية مع سيف الإسلام القذ


.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف




.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب