الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنتخابات في الجزائر-المغالطة المنظمة-

رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)

2017 / 3 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


الإنتخابات في الجزائر
-المغالطة المنظمة-

رابح لونيسي
- جامعة وهران-



منذ أن دخلت الجزائر التعددية بعد أكتوبر1988 تعمل أطراف من النظام السائد على مغالطة الجزائريين بوجود ثنائية قطبية فقط، وتتمثل في أحزاب السلطة مقابل الأحزاب الإسلاموية، وتساهم كل الأدوات الأيديولوجية للنظام في الترويج لذلك، كي يترسخ ذلك بقوة في ذهن المواطن ونفسيته لدرجة أنه ينسى تماما وجود القوى الوطنية الديمقراطية والإجتماعية التي هي الوحيدة التي تمتلك برنامج كامل ومدروس وبدائل، وحتى في حالة الحديث عن هذه القوى الوطنية الديمقراطية والإجتماعية، فإنها تشوه بمغالطات وأكاذيب خاصة من الحليف الضمني للنظام، وهم الإسلامويون.
فعادة ما تقوم أطراف من النظام بتضخيم التيارات الإسلاموية إما للإنقضاض والتراجع عن مسار الإنتقال الديمقراطي كما وقع في 1992 أو لتخويف بعض الأطراف بهم، لكن بدل أن يختار بعض رافضي الإسلامويون البديل الوطني الديمقراطي والإجتماعي، فإنه يتم دفعهم بعملية نفسية مدروسة إلى التصويت على أحزاب السلطة والموالاة، لأن الكثير منهم يوهمونهم بأنه لا وجود لهذه القوى البديلة للسلطة والإسلامويين على الساحة، كما يحدث اليوم بواسطة بعض وسائل الإعلام المتحالفة مع النظام، فهل من المعقول أن تعطي بعض اليوميات المتواطئة مع أطراف من النظام رؤوس قوائم الأحزاب المشاركة في الإنتخابات التشريعية القادمة في كل الولايات، لكنها تكتفي فقط بأحزاب التحالف الرئاسي الثلاثي "الأفالان والأرندي وحمس"، متجاهلة القوى الوطنية الديمقراطية والإجتماعية عمدا، فهل نسي شعبنا أن هذا التحالف الرئاسي يتحمل مسؤولية كبيرة في تضييع حوالي 800ألف دولار جاءت من الفورة النفطية منذ بدايات الألفية الثالثة، لكنها ذهبت هباء منثورة لشراء الذمم وكريع لرجالات السلطة ومنها سياسيو هذا التحالف بدل توظيفها وإستثمارها في إقامة إقتصاد منتج يحرر الجزائر نهائيا وإلى الأبد من التبعية للمحروقات، فلو أستغلت تلك الأموال، لكانت الجزائر اليوم على الأقل في نفس مستوى كوريا الجنوبية تقريبا.
كما كان هذا التحالف الرئاسي وراء تعديل الدستور في 2008 وفتح العهدات، مما كان سببا رئيسيا لما وصلته الجزائر اليوم من إنسداد سياسي خطير وضعف المؤسسات، خاصة مؤسسة الرئاسة وسيطرة رجال المال الفاسد على دواليب الدولة، وهو ما يمكن أن يذهب بالدولة الوطنية الجزائرية التي أستشهد من أجل إقامتها ملايين الشهداء أدراج الرياح، لكن ما يؤسف له أن حمس بعد إندلاع الربيع العربي هربت من الباخرة، كي تستفيد من هذا الربيع الذي حولته قوى الظلام وسياسيويو العصبيات إلى فوضى دموية في عدة دول، مما يحق لنا تسميته ب"الخريف الدموي"، فظهرت مجموعة أحزاب وشخصيات، فأسست تنسيقية الإنتقال الديمقراطي للضغط على النظام من أجل هذا الإنتقال، ليتبين للكثير من هذه الأحزاب فيما بعد إستغلال حمس وإسلامويين آخرين ذلك كورقة ضغط للتفاوض مع السلطة كي تعود إلى بيت الطاعة وإعادة إنشاء التحالف الرئاسي من جديد لمواصلة نفس سياسات التدمير المنهجي للجزائر.
هذا في الوقت الذي عرقلت فيه أطراف من السلطة، ومعها بعض الأحزاب الموالية لها فكرة إعادة بناء الإجماع الوطني، والذي يمكن أن نطلق عليه "إجماع وطني جديد"، والذي طرحه البديل الوطني الديمقراطي والإجتماعي في الجزائر الممثل في جبهة القوى الإشتراكية )الأفافاس(، وهو ما يعني جمع كل الجزائريين بكل أطيافهم بما فيها السلطة بهدف إنقاذ الجزائر من خريف دموي لو تواصلت نفس السياسات، وهو ما يعني إجماع جديد، ويمكن إعتباره الإجماع الثاني بين الجزائريين بعد الإجماع الأول الذي تحقق بين كل الأطراف الجزائرية اثناء الثورة التحريرية لطرد الإستعمار الفرنسي الغاشم، لكن لم نتمكن من تحقيق كل أهداف ثورتنا التحريرية، ومنها الدولة الديمقراطية والإجتماعية بعد ما أنقضت مجموعة وجدة على السلطة في 1962 وإنقلابها على المؤسسات الشرعية للثورة، وذلك بدعم فرنسي ومصري، مما أدى بالجزائر إلى الإنسداد وأزمة سياسة مزمنة تحتاج اليوم إلى حل جذري يجمع كل الجزائريين ومنها السلطة والمعارضة والنقابات والمجتمع المدني وغيرها بهدف تحقيق سلمي لأحد أهداف ثورتنا المظفرة وهي إقامة الدولة الديمقراطية والإجتماعية، لأنه لايمكن تحقيق ديمقراطية مستمرة دون عدالة إجتماعية، ولا يمكن تحقيق عدالة إجتماعية دون مؤسسات ديمقراطية رقابية قوية.
لكن للأسف الشديد رغم كل التهديدات المحدقة بالجزائر، فإن أطراف من السلطة تصم أذانها لهذا المطلب، وتفضل إعادة أحزاب إسلاموية إلى السلطة والعودة بالجزائر من جديد إلى تحالف رئاسي بين أحزاب السلطة وإسلامويين هدفهم الإستفادة من الريع السلطوي في الوقت الذي تغرق فيه الجزائر شيئا فشيئا، فلا ندري هل هؤلاء غير مدركين فعلا بالمخاطر المحدقة ليس فقط بالجزائر، بل حتى بمصالحهم ذاتها.
لكن ما يؤلم أكثر عندما يهان شعبنا يوميا، خاصة في كل إنتخابات، فهل من المعقول أن يصوت شعبنا على أحزاب السلطة وحلفائهم، وهم الذين أفقروا الجزائريين، وضيعوا عليهم فرصا لن تتكرر إلا بعد عقود من الزمن؟، وأكثر من هذا أستولى المال الفاسد على دواليب الدولة ومؤسساتها، ويعمل لتقوية نفسه أكثر مستغلا الإنتخابات التشريعية القادمة، وأطلق يد هؤلاء ليس فقط لتحصين أنفسهم من المحاسبة، بل للتشريع ضد البسطاء من هذا الشعب كما وقع في مشروع قانون المالية لعام 2017، فيزيد شعبنا فقرا وبأسا، أليس الإنتخاب على هؤلاء معناه تكريس الأيديولوجية الإستعماريبة الفرنسية التي كانت تروج طيلة 132 سنة بأن الجزائري كلما أهنته وأفقرته زاد تعلقا بالجلاد، وهو نفس الكلام الذي ورد على لسان أحد رجالات النظام، أليس التصويت أو التزوير لأحزاب السلطة معناه تكريس هذ الفكرة الإستعمارية حول شعبنا؟، فهل من المعقول أن تطلب هذه الأحزاب السلطوية بتجريم الإستعمار، وهي تقوم بنفس ممارساته، وتروج عمليا وتطبيقيا لطروحاته وأيديولوجيته العنصرية ضد الشعب الجزائري؟.

البروفسور رابح لونيسي
- جامعة وهران-










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التحالف الاسلاموي البوتفليقي
مولود مدي ( 2017 / 3 / 9 - 17:13 )
ما تقوله أستاذ يا أستاذ رابح صحيح الى درجة كبير فالذراع الأيمن للاستبداد هي الاسلاموية المجرمة فمثلما استخدمها النظام في الثمانينات لمواجهة نفوذ بومدين يستخدمها الأن لتقوية نفوذه ويتجلى هذا التحالف القبيح في سياسة اللاعقاب المكرسة من طرف دول اللاقانون و الدليل أن قيادات الفيس تسرح و تمرح و كأن كل شيء عادي و طبيعي و المهزلة هي في اعتبار شخصيات رفعت السلاح في وجه الشعب و كفرته شخصيات وطنية ... الشعب ان علمته أن الديمقراطية و دولة القانون و المواطنة لا تتحق الا ببناء دولة علمانية حديثة كفّرك و أخرجك من الملة ... ان الجهل يفعل بشعبنا العزيز ما لا يفعله العدو بعدوه.


2 - الدين هو المسيطر
نور الحرية ( 2017 / 3 / 10 - 12:06 )
أولا تحية كبيرة للكاتب أستاذ لونيسي على هذا المقال الذي يعتني بتحليل الوضع السياسي والاجتماعي في الجزائر ولكن استاذ أراك متفائلا جدا لدرجة أنك أصبحت في مرحلة أحلام اليقظة وأسمحلي استاذ على هذا التعبير ولكنه الواقع المر .وهو بخصوص توقعاتك بنوايا التصويت للأحزاب الوطنية الديمقراطية صورت الامر على انه تغليط بسيط من وسائل الاعلام ولكن الامر باعتقادي هو ايمان متجذر لدى كل الشعب حتى لا نقول الاغلبية بان طريق الخلاص هو في اقامة الدولة الاسلامية على منهاج النبوة وغير هذا الطريق كلها في النار

اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية