الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأس المال التنظيمي (الهيكل التنظيمي)

تامر البطراوي

2017 / 3 / 9
الادارة و الاقتصاد


رأس المال التنظيمي (الهيكل التنظيمي)
ظهر مصطلح "رأس المال التنظيمي" (Organizational Capital-OC) لأول مرة عام 1980 من خلال بحث قدمه كلاً من "بريسكوت وفيشلار" (Prescott and Visschler) بعنوان "رأس المال التنظيمي" وقد قاما بتعريفه على أنه "المعلومات الخاصة والمتراكمة التي تستخدم لتعزيز كفاءة الإنتاج داخل الوحدة الإنتاجية" (Carlin, Chowdhry, & Garmaise, 2012) ، والتي تشمل المعلومات المتعلقة بعمليات التشغيل وتوزيع المهام على العاملين ، ومعلومات حول الميزة التنافسية وتسريع النمو ، والمعلومات المتعلقة بشبكة أو هيكل علاقات العاملين (Prescott & Visscher, 1980, p. 459) ، وفيما بعد قام "بلاك ولينش" (Black and Lynch, 2005) بتوضيح نظرية "بريسكوت وفيشلار" في ثلاث نقاط وهي: التدريب ومشاركة العاملين في اتخاذ القرار وتصميم العمليات ، فيما يُعرف بمنظور الأفراد لرأس المال التنظيمي ، حيث لخص كلاً من "بروش ليف و راداكريشنان، 2016" الوجهات النظرية التي تناولت نظرية "رأس المال التنظيمي" في أربع وجهات رئيسية وهي: رأس المال التنظيمي المتجسد في الأفراد ، ورأس المال التنظيمي المتجسد في قيم وأعراف العمل ، ورأس المال التنظيمي المتجسد في النُظم الإدارية ، ورأس المال التنظيمي المتجسد في الهياكل والعمليات التنظيمية.
الأولى تعرف بنظرية رأس المال التنظيمي المتجسد في الأفراد ، وتعتبر أن رأس المال التنظيمي عبارة عن المعلومات والمهارات متجسدة في الأفراد والتي تعمل على توزيع وتنسيق الأفراد على مهام العمل وتكوين هياكل فرق العمل ودعم رأس المال البشري من خلال التدريب ، وهي وجهة نظر "بريسكوت وفيشلار" (1980) حيث فصلها كلا من (Black and Lynch, 2005) إلى ثلاث عناصر وهي التدريب ومشاركة العمالة في القرار وتصميم العمل ، "كارلن وآخرون" (Carlin et, 2012) اعتبروا أن رأس المال التنظيمي هو تلك المعرفة التي ترفع العامل من أقل درجة في الهرم الوظيفي لأعلى درجة ، "أيسفيلد وبابانيكولا" (Eisfeldt and Papanikolau, 2013) اعتبرا أن رأس المال البشري يتجسد في عنصر الموهبة المملوك لوحدات الإنتاج.
الوجهة الثانية أن رأس المال التنظيمي يتجسد في رؤية والتزامات الشركة وقيم وأعراف وحدة الإنتاج ، اعتبر "تومر" (Tomer, 1998) أن رأس المال التنظيمي هو التناسب ما بين قيم وأعراف وحدة الإنتاج وما بين تمسك العاملين بها في الحاضر والمستقبل ، "يوفانوفيتش وروسو" (Jovanovic and Rousseau, 2001) اعتبرا أن رأس المال التنظيمي يتضح في التزام وحدة الإنتاج بالرؤية والقيم وأثر ذلك التمسك على أصولها المادية والمعنوية.
الوجهة الثالثة بأن رأس المال التنظيمي هو النظم الخاصة (company-specific codified) أو المعلومات التنظيمية الخاصة المتراكمة داخل المؤسسة (Enterprise-specific Knowledge) ، وهو ما يفسر ريادة المنظمات الأقدم ، فبالرغم من أن المنظمات الأحدث تمتلك فنونا تكنولوجية أحدث إلا أنها لا تمتلك رأس مال تنظيمي ، على عكس المنظمات الأقدم التي ربما تكون تمتلك تكنولوجيا أقدم إلا أنها تمتلك رأس مال تنظيمي أعلى ، أتكيسون وكيهو (Atkeson and Kehoe, 2005) اعتبرا أن رأس المال التنظيمي كمعلومات محددة متراكمة تتأثر بوضع التكنولوجيا في المنظمة ، إلا أن التكنولوجيا ليست ضمن مكونات رأس المال التنظيمي ، العديد من الدراسات كدراسة "كابيلو ومادينا" (Cabello-Medina, 2010) و دراسة "كارمون ولافادو" (Carmona-Lavado, 2010) و دراسة "كويفاس ورودريجز" (Cuevas-Rodriguez, 2010) اعتبرت أن رأس المال التنظيمي جزء من رأس المال الفكري يختلف عن رأس المال البشري ورأس المال الإجتماعي ، فهو نظم المعلومات المتعلقة بالعمليات والمتولدة داخل وحدات الإنتاج والمملوكة لها ، والتي يمكن لأي عامل داخل المنظمة استخدامها ، كما تُعرف على أنها المعلومات المؤسسية المحفوظة في العمليات التنظيمية وقواعد البيانات..، والتي تظل محفوظة في ذاكرت وحدات الإنتاج حتى بعد مغادرة الأفراد الرئيسيين ، ووفقاً لهذه الوجهة خلافًا للأولى فإن رأس المال التنظيمي أو مستوى التنظيم بالمؤسسة لن يتأثر بتغير المديرين أو المستوى الإداري أو قمة الهرم الإداري ، لأن عوامل رأس المال التنظيمي تظل محفوظة في كيان وحدة الإنتاج يتناقله المديرين الجدد ، سواء أكان مستوى ضحل من رأس المال التنظيمي أو مرتفع.
الوجهة الرابعة هي أن رأس المال التنظيمي هو المعلومات المتجسدة في العمليات والممارسات والهياكل التنظيمية (Process and Structure) أو المتجسدة في النظم الإدارية ، اعتبر "إينفسون وويستفال" (Evenson and Westphal, 1995) أن رأس المال التنظيمي هو المعلومات المؤسسية التي تعمل على الدمج ما بين رأس المال البشري ورأس المال المادي في نظام معين لخلق وتوصيل إنتاج مُرضي للطلب" (Li, Qiu, & Shen, 2014) ، ويعرف بأنه "مكون رئيسي بعوامل الإنتاج غير الملموسة يُمكن من التفاعل والدمج ما بين الموارد الملموسة وغير الملموسة (tangible and intangible resources) والتي تُعد خاملة بحد ذاتها وذلك لإنتاج السلع والخدمات" (Lev, Radhakrishnan, & Peter, Measuring and Managing Organizational Capital Series No. 1, 2016, p. 4) ، ووفقا لذلك فإن الموارد البشرية بطبيعتها خاملة تمامًا كالآلات والمعدات ، يرتبط نشاطها بمستوى رأس المال التنظيمي ، فعلى سبيل المثال الوحدة الإنتاجية التي تتضمن مستوىات عالية من الإستثمارات البشرية والإستثمار في رأس المال الصناعي مع مستويات ضحلة من رأس المال التنظيمي ، فإن هذه الوحدة سيتدهور مستوى انتاجها لخمول نشاط عوامل الإنتاج بها بقدر تدهور رأس المال التنظيمي ، كما يتعاظم دور رأس المال التنظيمي على الإنتاجية في شركات الإقتصاد التشاركي التي لا تملك أصولاً مملوكة للوحدة الإنتاجية وإنما تقوم على إدارة أصولاً مملوكة لآخرين (كشركتي أوبر وإيربنب) ، "ليف" (Lev, 2001) اعتبر رأس المال التنظيمي يتمثل في كلاً من هياكل وتصميمات وعمليات الإنتاج الفريدة التي تسهم في خلق الميزة التنافسية ، فهو مزيج من الهيكل التنظيمي وتوزيع المهام والعمليات والتي تعمل معا على خلق ميزة تنافسية ، ووفقا لوجهة نظره فإن رأس المال التنظيمي أصل معنوي مميز عن سائر الأصول المعنوية المملوكة لوحدات الإنتاج ، كما اعتبره آخرون (Lounnsbury and Ventresca, 2002) و (Agterberg et al, 2010) بأنه الهياكل التنظيمية التي تحكم علاقات العمل داخل الوحدة الإنتاجية ، كما توسع آخرون (Gulati, 1998) بجعل رأس المال التنظيمي يشمل إدارة العلاقات الداخلية والعلاقات الارجية أيضًا مع العملاء حملة الأسهم ، كما اعتبره "ليف وراداكريشنان" (Lev and Radhakrishnan, 2005) بأنه تكتل من التكنولوجيات والممارسات التي تُمكن وحدات الإنتاج من عوائد أعلى من وحدات آخر بنفس مستواها من عوامل الإنتاج المادية والبشرية ، ووفقا لوجهة النظر هذه فإن رأس المال التنظيمي هو عامل تحفيز التفاعل ما بين العوامل الملموسة والمادية بوحدات الإنتاج والتي تصبح خاملة تماما وبغير أدنى إنتاجية في حالة غياب رأس المال التنظيمي (Lev & Radhakrishnan, Organitation Capital, 2016).

ترتب على اختلاف الوجهات النظرية حول تجسد "رأس المال التنظيمي" ثلاث وجهات نظرية أساسية لقياس رأس المال التنظيمي وهي: أول منظور ميدان العمل (SURVEY-BASED) لقياس رأس المال التنظيمي ويقوم على نظرية رأس المال التنظيمي المتجسد في العمل ، ويقوم على قياس رأس المال التنظيمي من خلال قياس مستوى التدريب ومشاركة القوى العاملة في اتخاذ القرار وتصميم العمل ، ثانيا المنظور الداخلي (INPUT-BASED) والذي يعتمد منهجه في قياس رأس المال التنظيمي على عوامل داخليه ، ويقوم على نظرية رأس المال التنظيمي المتجسد في النظم ، ويعتمد في قياسه على عوامل داخلية كحجم الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات IT والأبحاث والتطوير R&D والتسويق والإدارة ، حيث أثبتت دراسة "ميجاوا وكيم" (Miyagawa and Kim, 2008) علاقة ارتباط ما بين رأس المال التنظيمي وما بين إدارة الأبحاث والتطوير والتسويق (Roman & Jana, 2012, p. 124) ، ثالثا المنظور الخارجي (OUTPUT-BASED) والذي تقوم منهجيته القياسية على معيار نسبة المخرجات إلى الأصول المادية والبشرية ، وتقوم على نظرية رأس المال التنظيمي المتجسد في الهياكل والعمليات(Lev, Radhakrishnan, & Peter, Measuring and Managing Organizational Capital Series No. 1, 2016, pp. 11-15) .
وبناءً عليه يتضح أن اصطلاح "رأس المال التنظيمي" يُشير مفهومه إلى عامل إنتاج معنوي ضمن رأس المال الفكري يختلف عن رأس المال البشري ورأس المال الإجتماعي ، إلا أنه يعتبر أحد عناصر رأس المال الفكري التي لا تظهر في ميزانية الوحدات الإقتصادية (Roman & Jana, 2012) ، قد يتجسد في عنصر العمل أو في ذاكرة وحدة الإنتاج ، ويتسم بالقابلية للحفظ والتراكم والمشاركة ، وهو العنصر الحاسم في تحفيز التفاعل ما بين عوامل الإنتاج ، فالمعدات والتكنولوجيا التي يستخدمها التنظيم في إتمام مهامه ليست مفكرة أو نشطة بحد ذاتها وإنما عناصر خاملة بطبيعتها ومثلها في ذلك رأس المال البشري ، بخلاف عنصر التنظيم والذي يتميز بالفاعلية ، وإن كان رأس المال البشري خاصة ما يتضمنه من موهبة هو العامل الأساسي في خلق رأس المال التنظيمي (Lev, Radhakrishnan, & Peter, Measuring and Managing Organizational Capital Series No. 1, 2016, p. 4) ، وقد أكدت العديد من الدراسات القياسية العلاقة الإيجابية القوية ما بين مستوى رأس المال التنظيمي وما بين مستوى أداءات المنظمة ، كالعلاقة الإيجابية مع الأداء المالي على المدى الطويل والقصير (Huselid, 1995) ، والعلاقة ما بين ممارسات إدارة الموارد البشرية وما بين أداءات الشركة (Delaney and Huselid, 1996) ، والعلاقة القوية ما بين ممارسات إدارة الموارد البشرية وما بين الإنتاجية (Ichniowski, Shaw and Prennushi, 1997) ، كما أن الإبتكار في ممارسات إدارة الموارد البشرية كان له أثر في تحسن الإنتاجية بنسبة 7% في دراسة أجريت على الشركات اليابانية (Ichniowski and Shaw, 1999) راجع (Roman & Jana, 2012, p. 125) ، وأن مرونة أثر عامل التنظيم على الإنتاجية أعلى من غيرها من العوامل كرأس المال المادي أو رصيد البحوث والتطوير على الإنتاجية (Tronconi & Marzetti, 2010, p. 4) ، كما أن هناك علاقة معنوية ما بين رأس المال التنظيمي وما بين العائد على الأصول والعائد على حقوق الملكية (Roman & Jana, 2012) .




البطراوي، تامر (2017). أبحاث في الإقتصاد السياسي، مطبعة دار بيبول: الطبعة الثانية، الأسكندرية.

Facebook: Tamer Elbatrawy
Email: [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024


.. بايدن يعتزم تجميد الأصول الروسية في البنوك الأمريكية.. ما ال




.. توفر 45% من احتياجات السودان النفطية.. تعرف على قدرات مصفاة


.. تراجع الذهب وعيار 21 يسجل 3160 جنيها للجرام




.. كلمة أخيرة - لأول مرة.. مجلس الذهب العالمي يشارك في مؤتمر با