الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدّيمقراطيّة : سيادة شعب ؟ أم وجه آخر للاستبداد واستعباد الانسان؟

الأسعد بنرحومة

2017 / 3 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يظن البعض أن الديمقراطية هي النزاهة والشفافية والمحاسبة والانتخاب , أو هي العدالة والمساواة , وما يزيد في انتشار هذا التصور هو التضليل المتعمد من خلال التسويق لهذه الصورة للديمقراطية .
النزاهة والشفافية والمحاسبة والانتخاب , أو العدالة والمساواة ليس كل ذلك هو الديمقراطية بل هي اما فروع أو ترقيعات لها طفت وظهرت مؤخرا بعد انتشار فضائع الديمقراطية من ظلم وفساد واستبداد وتلاعب على جميع المستويات .
الديمقراطية أساسا قامت على قاعدتي :السيادة والحرية
وكان تمثل السيادة يظهر في الحكم والتشريع , وتمثل الحرية في الحريات الأربع الأساسية .
وهنا تبدأ مشاكل الديمقراطية وعجزها بل وفسادها وبطلانها عقلا وممارسة أيضا.
فالديمقراطية تزعم بأن الشعب هو من يشرع لنفسه اما مباشرة أو عن طريق نوابه وسواء توافقا أو بالأكثرية , ولكن الحقيقة أن الشعب لا يشرع ولا يتأتى له عقلا وواقعا أن يشرع ,فالذي يشرع هو جزء من الشعب وليس الشعب " هذا فرضا أن النواب هم الذين يشرعون " . ودائما يكون النواب ممثلين للأقلية من الشعب على اعتبار طريقة توزع الأصوات ,هذا من ناحية , ومن الجانب الآخر فان الذي يشرع عمليا ليس النواب وانما هم فقهاء القانون وأهل الاختصاص والنواب يقتصر دورهم على التصويت على مشاريع القوانين ليس أكثر , وفقهاء القانون هؤلاء هم عادة فرد أو أفراد , وبالتالي الذي يقوم بالتشريع هو فرد أو أفراد وليس الشعب ولا يقوم الشعب بالتشريع كما تزعم الديمقراطية , فكذبت الديمقراطية من هذه الناحية .
أما الحكم , فالحاكم أجير عند الشعب يتم اختياره وتعيينه من الشعب حسب زعم الديمقراطية , ولكن لم يثبت يوما وفي جميع الدول التي تعلن عن نفسها أنها ديمقراطية ابتداء من فرنسا وأنجلترا وسويسرا وانتهاء بأميركا لا يوجد رئيس واحد عينه الشعب أو اختاره الشعب . تبدأ مشكلة الديمقراطية هنا من الخطوات الأولى من الانتخاب وهو "الترشح " أو "الترشيح "للرئاسة .فان كان من حيث الترشح فليس كل فرد من الشعب يمكنه أن يرشح نفسه الا اذا كان قادرا على تمويل حملته الانتخابية , وان كان من حيث الترشيح ,فان الشركات الكبرى هي التي ترشح ,وفي كلتا الحالتين يكون المال والثروة هو ضابط العملية من أولها , ويكون الرئيس الفائز قد فاز بسبب دعم جزء من الشعب وليس الشعب , هذا على مستوى الترشح والترشيح . أما على مستوى الانتخاب فان الشعب تنقسم أصواته بين مجموعة من المترشحين على الأقل اثنين , فيكون الرئيس الفائز هو الذي حاز على أغلب الأصوات , هذا ظاهريا , وهنا لا يكون الشعب هو الذي اختار من يحكم ,بل جزء من الشعب من فعل ذلك , ودائما في النظم "الديمقراطية" يكون اختيار الرئيس من جزء من الشعب ,والجزء من الشعب ليس هو الشعب , هذا من ناحية , أم لو دققنا أكثر في هذه العملية فان الجزء من الشعب الذي يختار حاكمه عادة هم القلة , أي المجموعة الصغيرة اذ لو أضفنا الى أصوات المعارضين أصوات من قاطع الانتخاب ومن لم يصوت فانه حينها يكون الجزء الأكبر من الشعب لم يختر رئيسه ,وهنا كذبت الديمقراطية مرة أخرى .
ويتبين في مسألة السيادة أن الديمقراطية كذبت مرتين :مرة فيما يتعلق بالتشريع عندما قالت بأن الشعب هو الذي يشرع ,ومرة في الحكم عندما قالت بأن الشعب هو من يحكم .
ولا يقال هنا بأنه هناك فرق بين الفكرة والممارسة ,اذ الممارسة دائما نسبية , نعم الممارسة لا تكون دائما مكتملة ,ولكن هنا نحن نبحث الفكرة أولا من حيث صحتها أو فسادها ,فان ثبت صحتها أي صحة الفكرة فحينها
نبحث الممارسة واذا حصل فساد أو ظلم فهو فساد من مارس وليس فساد الفكرة وهذا لا يشكل خطرا مادامت الفكرة صحيحة , ففي الاسلام مثلا نبحث الفكرة الاسلامية من حيث صحة العقيدة وصحة المعالجات وقد ثبت لدينا صحة العقيدة الاسلامية وصحة المعالجات مادامت منبثقة عن العقيدة فكانت الفكرة الاسلامية صحيحة , ولا يعني هذا أن الحكام الذين حكموا لم يظلموا كلهم ,ولكنه حينها يكون ذلك الظلم هو ظلم الحكام وليس ظلم الفكرة ,وهذا ليس هو الحال مع الديمقراطية ,فالديمقراطية كفكرة فاسدة وباطلة وقد رأينا ذلك الى الآن في مسألة السيادة اذ تبين أن الشعب لا يشرع ولا يحكم ,فتكون الديمقراطية فاسدة ,وتكون بالتلي باطلة ولا تصلح للناس ,بل هي فكرة ليس فيها امكانية التطبيق ويستحيل تطبيقها لأنه يستحيل عقلا على الشعب أن يشرع كما يستحيل عقلا على الشعب أن يحكم .
أما ما نراه اليوم من قيام دول تدعي الديمقراطية كفرنسا وبريطانيا وسويسرا وألمانيا أو كالدنمارك وأميركا فجميع هذه الدول لا تطبق الديمقراطية ويستحيل عليها تطبيق الديمقراطية لأنها فكرة خيالية لا وجود لها الا في بطون الكتب .وما استمرار هذه الأنظمة الى اليوم الا من خلال ممارسة التضليل والشعوذة ودمغجة الشعوب.
فكل ما فعلته هذه الدول هو أنها نقلت خضوع الشعب للكنيسة وجعلته خضوعا لأصحاب رؤوس الأموال , وبعد أن عانت شعوب تلك الدول من دكتاتورية القياصرة وظلم الكنيسة أصبحت تعاني من ظلم الحكام والاستعباد الذي يمارسه أصحاب رؤوس الأموال ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية