الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-سجن بحجم الوطن..-

منير الكرودي

2017 / 3 / 10
الادب والفن


نظرا إليه باستغراب وقال له، في حوار عابر كمن يسجل احتجاجا صامت.
- هل تعرف ما هو السجن!
- حق المعرفة. رد عليه زجرا في تقطيب كبير لجبينه...
- وكيف لك أن تعرفه بهذه اليقينية. أجابه كمن يشك في قوله، أو بالأحرى بدا كمن خانه لسانه بعفويته التي ورطته...!
- قضيت فيه 33 سنة، عمر كامل ضاع في السجن، مع فارق بسيط.. سجن كل زنازنه مفتوحة على بعضها البعض ومترامي الأطراف حد البصر... قالها في حصرة ممزوجة باﻷلم والحسرة. ..
- وأين يوجد مثل هكذا سجن!.. إنه سجن من طراز عالي الجودة والخدمة... قهقه وأردف كمن استأنس به، بعد أن ذهب عنه كل توجس منه، محظوظ أنت إذن..
- إنه وطني.. قالها وعيناه كادتا أن تغرورقا بالدمع...
- آسف إن فتحت جرحا عميقا.. لم أقصد.. لكنني لم أفهم ما الذي تقصده بوطنك... هلا تفضلت وأوضحت لي.. تبدو لي شابا عمره بعمر السجن الذي قضيته، حسب زعمك، وما لي أراك بخريج سجون... سأله دون أن يعلم من أين استقى جديته في السؤال والحديث معا، مع شخص لم تجمعه إلا تبادل نظرات قصيرة إثر حادثة مستهجنة أتاها طائش...
- وطني سجن كبير.. كل مواطنيه سجناء يتنقلون بين الزنازن كما شاؤوا. منهم من ينتقل إلى زنزانة توصد من ورائهم المزالج... ومنهم من يموت تحت التعذيب، وفي ذلك مذاهب شتى تتنوع وتتفنن في أخذ روحهم في غفلة منهم، ومنهم من يدركه الموت دون أن يعرف طريقا للحرية، وهم الفئة الغالبة من سجناء وطني، ومنهم من يفني عمره جريا وراء السراب...
- عفوا.. أفهم من كلامك أن الجميع هناك سجناء!!! فمن يتولى مسؤوليتهم إذن.. أقصد من مأكلهم وملبسهم وحراستهم...
- المجرمون والسفاحون وكل من يدور في فلكهم، صغارا وكبارا ومبتدئين من متعلمي فنون الإجرام... قالها وصمت.
- أعتذر.. مثل هؤلاء الذين لدينا هنا، مشيرا بطرف عينه إلى شخص يستغفل الكاميرا لسرقة شيئ، ربما لا قيمة له هنا، وربما دفعته الحاجة أكثر من أي شيء آخر، يجب أن نرسلهم إلى ذاك السجن هناك، بل إلى ذاك المنفى السحيق، نستبدلهم بآخرين جيدين هناك...
- وداعا.. أراك في وقت آخر.. رسم ابتسامة عريضة كلها استغراب وتساؤل... وانصرف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما


.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا




.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة