الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع دمشق .. هل كانت انتفاضة أم خديعة؟!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2017 / 3 / 10
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


بير رستم (أحمد مصطفى)
إنني ومن خلال متابعتي على اليوتيوب لبرنامج "السلسلة الوثائقية؛ ذاكرة المخابرات السورية" والتي قامت بها وقدمتها تلفزيون "أورينت" وكذلك ومن خلال تلك السنوات الطويلة التي قضيتها وكأي مواطن سوري في ظل ظروف أمنية ورقابية شديدة وقاسية حيث كانت هم تلك الأجهزة هي معرفة أدق تفاصيل حياة الإنسان السوري، وبالتالي فإن جميعنا يدرك كم كانت حياتنا بائسة، بل محزنة ومرعبة حيث التوجس والخوف والشك بكل الناس _حتى أقرب الناس_ والجملة المتداولة بين السوريين بأن؛ "الحيطان لها آذان" لم تأتي عن عبث، بل تلخص وتختصر مفهوم الدولة الأمنية التي تشكلت وتضخمت في سوريا مع الأيديولوجيا البعثية المتحالفة مع برجوازية عسكرية فاسدة والتي يمكن أن نعتبر اللجنة العسكرية التي تشكلت من خمس ضباط، استولوا بعدها على الحكم في سوريا هي النواة الأولى وذلك لم عرف فيما بعد بـ"سوريا الأسد" أو تلك الدولة البوليسية، بأجهزتها الأمنية المختلفة.

لكن موضوعنا ليس التاريخ الأمني لسوريا حيث إنه ملف شائك وغامض وربما سيحتاج لسنوات ومراكز بحثية وجهود مضنية للوقوف على أسرار وخبايا هكذا موضوع ضخم وخطير وذلك لم تم من تكديس لمسائل وقضايا داخل أقبية ومكاتب وزنازين تلك الأفرع الأمنية التي تشكل وبكل تأكيد ليس فقط تلالاً، بل جبالاً من الأوراق والملفات حيث كانت الجهات الأمنية المخابراتية تحاول _وما تزال_ أن تقف على كل شاردة وواردة في حياة المواطن السوري .. إذاً فالقضية كبيرة ومعقدة وشائكة، لكن ما يهمنا هنا هو تفصيل صغير؛ ألا وهو الذي يتعلق بقضية "ربيع دمشق" ومن ثم الإعلان عنه في دمشق وذلك من خلال المؤتمر التأسيس الأول للمجلس الوطني السوري عام ٢٠٠٧ والذي حضرته شخصياً ضمن أعضاء ما يمكن تسميته بالوفد الكوردي أو وفد الحركة الوطنية الكوردية في سوريا وبحضور (١٦٥) عضواً باتوا يشكلون اليوم أغلبية جسم ورموز ما يعرف بالمعارضة الوطنية السورية.

ما ذكرني للوقوف على هذه القضية وكما قلت متابعتي خلال الفترة الأخيرة لبرنامج وتقارير "أورينت" عن المخابرات السورية وعلى الأخص الحلقة السادسة والذي يتحدث فيه العميد منير الحريري؛ ضابط سابق في فرع المدينة (الميسات) للأمن السياسي بدمشق العاصمة عن هذا الجسم السياسي الجديد؛ "ربيع دمشق" ومراقبة الأجهزة الأمنية له ولرموزه وقياداته، بل والالتقاء بالكثيرين منهم يصل لأن يوصف البعض بالأصدقاء، طبعاً ذاك لا يعني تخويناً لأولئك الإخوة حيث ندرك جميعاً وكما أسلفنا؛ بأن الجميع كان خاضعاً للمراقبة الأمنية الدقيقة وهنا يتبادر للذهن السؤال التالي: هل كان النظام جاداً في إجراء بعض الإصلاحات السياسية في البلد والقيام بنوع من الانفتاح على قوى المعارضة وبالتالي انفتاح الغرب عليه بعد "أزمة الحريري" وبوساطة تركية قطرية حيث شهدت تلك المرحلة علاقات قوية بين الجارين _تركيا وسوريا_ وصل الأمر إلى إلغاء الفيزا والرسوم الجمركية والبدء بالكثير من المشاريع الاقتصادية التركية في سوريا .. أم أن النظام كان يراوغ لتثبيت أركانه بعد رحيل الأسد الأب واستلام الابن "بشار" مقاليد السلطة في البلد وسط ممانعة عدد من الرموز القديمة للسلطة وبالتالي لجأ لسياسة الخداع والمكر لتثبيت الأقدام ومن ثم الانقلاب على الجميع.

القراءة الواقعية تقول: بأن النظام كان يريد الاثنتين؛ هي من جهة كانت تبحث عن فرصة لالتقاط الأنفاس وتثبيت الأقدام ومن جهة أخرى تريد تقديم بعض التنازلات الغير جوهرية في بنية النظام كترميم الحكومة ببعض الوزراء من قوى المعارضة "إعلان دمشق" أيضاً في خدمة الهدف الأول، ألا وهو توطين أركان النظام الجديد ولإدراكها بأن لا يمكن في ظروف والمناخات الدولية الجديدة العمل وفق آلية ونهج النظام القديم لدولة بوليسية ربما لم يفوقها قمعاً وتنكيلاً إلا الشقيق الآخر في منظومة البعث _ونقصد النظام العراقي الأسبق_ وهكذا قدم النظام السوري بعض الإشارات بالانفتاح على الديمقراطية والحريات العامة ساعدت على نهضة فكرية ساهمت في ولادة منتديات ثقافية ونشاط سياسي تتوج بكل من "إعلان دمشق" و"المجلس الوطني السوري" والتي يمكن اعتبارها بحق نوع من الانتفاضة التي تشكلت على قاعدة خديعة سياسية من قبل النظام صدقها الكثير من النخب الفكرية والسياسية في البلد وقد وصل الأمر بالبعض للترويج بأن الرجل _ويقصدون الرئيس الجديد حينها_ بأنه شاب ومتعلم بأرقى الجامعات الأوربية فهو بالتأكيد _وبحسب تلك الادعاءات_ "لن يقبل السير في النهج القديم وسوف يؤسس لسوريا جديدة"!!

لكن تناسى هؤلاء بأن من يقبل بهزلية مسرحية لاستلام السلطة، سوف يقبل أن يكون أسوأ مما كان عليه النظام السياسي القديم وللأسف وذلك إن شعر بأي تهديد جدي للكرسي والسلطة والمافيا الحاكمة للبلد وهذا ما وجدناه مع الأزمة الجديدة حيث وحشية الابن فاق الأب وذلك من أجل الحفاظ على السلطة، فإن كان الأسد الأب دمر مدينة لبقائه على الكرسي فإن الابن دمر البلد مع عصابات إجرامية أخرى وذلك من أجل السلطة وذاك الكرسي اللعين .. نعم قامت الانتفاضة السورية مع "ربيع دمشق"، لكنها قامت على أسس هشة ورمال خادعة متحركة أغرقت الكثيرين في وهم التغيير من خلال التعويل على العمل السياسي جعل الكثيرين يدفعون أثمان باهظة؛ سجناً واعتقالاً وأموالاً متناسين بأن لا الظروف الداخلية ولا الخارجية تساعد على التغيير حيث المجتمع ما زال غارق في ثقافة قطيعية قبلية خاضع لفكر ديني طائفي مذهبي وكذلك فإن الظروف الخارجية هي الأخرى ليست لصالح قوى التغيير وللأسف وذاك ما وجدنها أكثر مع الخديعة الكبرى؛ ألا وهي خديعة (الربيع العربي) والتي ما زالت شعوب المنطقة تدفع ضريبتها دماً واقتصاداً ودماراً للبلاد وتشريداً للعباد .. وأخيراً رغم كل ذلك؛ فإن شعوب المنطقة ستنتصر، لكن سيلزم ذلك الكثير من الوقت والجهد وربما الكثير من الخدائع والخديعات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا


.. كلمة مشعان البراق عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتي




.. لماذا استدعت الشرطة الفرنسية رئيسة الكتلة النيابية لحزب -فرن


.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح




.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل