الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفعول السادس الذي أضافه المتزمتون للنحو

عادل صوما

2017 / 3 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بشكل عام، يلاحظ المتأمل في اقوال المتزمتين منذ اختراع الاديان كافة، انهم محَرضون يستعملون الدين كأيديولوجية لإخضاع الناس والتحكم فيهم، ويعانون من مرض إنفصام الشخصية، وحين يحاصرون بالحقائق العلمية أو القبضة الحديدية من الدولة، يلوذون بالتقية أو التهرب من الوقائع وتجاهل الواقع.
هذا الامر مفهوم ويمكن ان يتقبله الانسان من أفراد متزمتين أو يتعيشون من الدين ولا قيمة لهم بعيدا عنه، لكن أن يقول طارق رمضان، بروفسور الدراسات الإسلامية في جامعة أوكسفورد، إن الإسلام بات دينا غربياً رغم أعداد المسلمين المقدرين بالملايين في أميركا وأوروبا، فالامر يعني أن الرجل في جوقة المحرضين بشكل غير مباشر على دفع المسلمين في الدول كافة ليعودوا إلى إسلامهم الشرقي الحقيقي سواء بالعصيان المدني أو نبذ الآخر أو إثارة النعرات الطائفية، رغم أن الايمان بالله لا يلغي الايمان بالدولة، بل أن الايمان بالدولة على صعيد الإنسانية أهم من الايمان بالله. الاول عام يساعد على حياة المجتمعات وأمنها وسلامة مواطنيها، والثاني خاص بين القلب والله ويساعد على السكينة والطمأنينة الشخصية.
لماذا يقول المتزمتون المسلمون هذا الكلام وحدهم؟ على سبيل المثال، هل هناك مسيحية غربية ومسيحية شرقية؟ هل يمكن أن يقول البابا تواضروس هذا الكلام عن مسيحيي مصر في أوروبا والاميركتين واستراليا؟ لم أسمع أيضا ما يشبه هذا الكلام من أي حاخام على يهود العالم بعيدا عن إسرائيل.
القيم الانسانية
بيكي اندرسون مقدمة برنامج GPS على شبكة CNNاستضافت البروفسور رمضان الذي شرح ما قاله اعلاه بالقول : "استندُ في ذلك على الأرقام والحقائق، فلدينا الآن الملايين من المسلمين. هم مواطنون في أميركا إلى جانب الملايين من المسلمين في أوروبا، وكل هؤلاء ثقافتهم أميركية وأوروبية الآن، ويؤمنون بدولهم ويتحدثون لغاتها ويتماشون مع قوانينها والأكثر من ذلك هو أنهم يساهمون في مستقبل هذه الدول، وعلينا أخذ ذلك باعتبار أنه بات دينا غربياً ولا يوجد فرق بين قيمنا وقيمهم المجتمعية."
أطلق البروفسور رمضان هذه القنبلة العنصرية متجاوزا أن اللغات المختلفة لا شأن لها بالايمان لأنه يستحيل أن يتحدث كل الناس اللغة العربية، ومن العنصرية محاولة فرض الاسلام واللغة العربية كل كل الشعوب، فبعض الناس غير مقتنعين بما يقوله الاسلام ولا يستسيغون طقوسه، والمساهمة في مستقبل أي دولة يعيش فيها أي مواطن يعود عليه وعلى اسرته بالنفع أولا وعلى وطنه ثانيا، كما أن القيم تتشابه في كل المجتمعات، فلا يوجد مجتمع يضع السرقة أو الاغتصاب أو القتل أو الاعتداء على الجيران أو شهادة الزور ضمن قيمه.
مسألة شرب الخمرة التي يتمسك المتزمتون بها ويعدونها رزيلة في المجتمعات الغربية فيها نظر، لأن المسلم يتعاطى حشيشة الكيف والافيون ويتناول الحبوب المخدرة، ونتيجة الخمرة والمخدرات واحدة. الأدبيات الإبراهيمية كافة، رغم انها تنبأت بالمستقبل كما يشيعون، لم تذكر شيئا عن المخدرات أو الإبر إياها أو الحبوب المخدرة أو المخدرات الرقمية لأنها ببساطة لم تكن موجودة في عصرها. حتى تحريم البيرة لم تذكره الادبيات الابراهيمية، رغم أن الفراعنة إخترعوها من ثمانية آلاف سنة على أقل تقدير، لأنها لم تكن موجودة في مجتمعاتهم.
الزي الاسلامي كما يروجون له، زي عصره وكان يرتديه الجميع قبل ظهور الاسلام، والرسول محمد نفسه لم يقل انه زي إسلامي، تماما كما أن الفستان والبدلة والقميص والبنطلون أزياء عصرنا، ولا شأن للفضيلة بالازياء لأن التحرش ونسبة الدعارة زادتا مع إنتشار ما يُسمى بمجتمعات إسلامية وزي إسلامي، والقمر الاصطناعي التركي يعتبر من أهم رواد ومروجي أفلام البونوغرافيك في الدول الاسلامية.
النقد المُباح
تناسى البروفسور وهو يطلق قنبلته العنصرية قيمة الحرية التي تقدسها المجتمعات الغربية ومنها بريطانيا التي تأويه هو شخصيا، ولا يستطيع أن يقول ما قاله فيها في دولة إسلامية، لأن قبضة الدولة الحديدية سوف تطاله بصفته محرضا على الدولة.
قيمة الحرية التي تكلفها الدساتير العلمانية جعلت على سبيل المثال مجلات مثل "تايمز" و:النيويوركي" تسخران من الرئيس ترامب على أغلفتها بما تعتبره المجتمعات الاسلامية "تخط لحدود النقد المُباح" أو "إهانة للذات الملكية" أو "إهانة وتجريح للرئيس"، ما يعني مصادرة العدد واحيانا الزج برئيس التحرير في السجن.
وفي رد على سؤال بتلميحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب حول حظر جماعة الإخوان المسلمين، تجاوز البروفسور المملكة السعودية ومصر واعتبارهما لهذه الجماعة إرهابية، وقال:"هذه فكرة سيئة، أنا كنت منتقدا لجماعة الإخوان المسلمين ولم أكن عضوا أبدا، والإدارة الأميركية يعرفونهم الآن تماما كما يعرفهم الأوروبيون، هم لم يكونوا عدوانيين أبدا أو متشددين، وكانوا جزءا من المجتمع الديموقراطي..".
وقائع معروفة
البروفسور رمضان إخواني يلجأ للتقية ونقد الاخوان المسلمين في المجتمعات الغربية بموافقة الاخوان أنفسهم، وهي حيلتهم المعروفة لدس عناصرهم في جيوش وشرطة الدول العربية، وفي مؤسسات الدول الغربية من أجل "التمكين". تجاهل البروفسور رمضان حوادث إغتيالات معروفة جدا للإخوان، منها محاولة إغتيال الكاتب الاسلامي عباس محمود العقاد، وإغتيال المستشار المصري أحمد الخازندار، وأحمد ماهر باشا رئيس وزراء مصر، ومحمود فهمي النقراشي رئيس حكومة مصر ووزير الداخلية، وإغتيال اللواء المصري قائد شرطة القاهرة سليم زكي، ومحاولة إغتيال رئيس وزراء مصر إبراهيم عبد الهادي، والرئيس جمال عبد الناصر، وإغتيال المفكر الاسلامي فرج فودة. ناهيك عن محاول حرق محكمة الاستئناف بالقاهرة ايام الملك فاروق الاول، وخطة تدمير القناطر الخيرية لإغراق القاهرة في عهد الرئيس عبد الناصر، حتى فتوتي إهدار دم محمد البرادعي والمرشح لرئاسة مصر حمدين صباحي، وإغتيال النائب العام المصري المستشار هشام بركات في عهد السيسي.
لم تعرف مصر بتاتا المدارس الجهادية في تاريخها سوى بعد ظهور حسن البنا، الذي تخرجت في مدرسته كل الجماعات الجهادية الاسلامية ومن نجومها بن لادن وأيمن الظواهري، وهم يطلقون على من يجابه عنفهم طواغيت. إستعارة من القرآن لم تنزل بسببهم أو من أجلهم، ولها مناسبة نزول محددة.
إقحام الدين في السياسة أدى إلى الويلات على مدى العصور، آخرها مصيبتا "ولاية الفقيه" و"خلافة البغدادي". وإقحام الدين في كل شيء بدءا من قضاء الحاجة إلى الاقتصاد، محاولة خطيرة للعودة بالذات إلى عصور سابقة واستعمال الاختراعات الحديثة، مثل ورق التواليت، واعتبارها لا تُطهّر في الوقت نفسه.
وبالنسبة للاقتصاد الاسلامي القائم على الجزية والخراج والزكاة والغنائم الحربية والعِبادات المالية وفرض الخُمس وما يُفرض على الاراضي التي اشتراها الكافر الذمّي وما لم يعد ممكنا إستعادته في عصرنا لاختلاف ظروف الحياة، والطريقة الكاذبة التي يروجونه بها، قال الخبير الاقتصادي البريطاني ايدر ترنر عنه: "ومع ذلك، سأقول، وآمل أن يقبل الناس هذا بمثابة تصريح صادق، القصد منه المساهمة في النقاش.. أنا قلق من أن بعض القضايا حول التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية تشارك في إنشاء ما لا يزال يعتبر في الجوهر الاقتصادي لدينا عقد دَينْ، لكننا ببساطة تمكنّا من وضع علامة اجتياز على عدد من خانات المتطلبات، ما يعني أن الناس يمكنهم إراحة ضمائرهم عبر التظاهر بأن شيئاً ما ليس دَيناً رغم أنه فعلياً دَينْ."
المتزمتون أضافوا لغويا إلى المفعول نوعا سادسا، فالمفاعيل خمسة هي : المفعول به، ولأجله، والمطلق، وفيه، ومعه، ثم "المفعول بأمر الله" وهو إضافتهم الجديدة، لأن ترويج أي فكرة سياسية أو إجتماعية أو ثقافية أو إقتصادية من عصور لم تعد تناسب مفاهيمها عصورنا يتم باسم الله، ومن لا يقبل هذه الفكرة فهو عدوهم ومن أهل النار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية: نرحب بأي قوة عربية أو إسلامية في غزة لتقديم المساعدة ل


.. تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل




.. العقيدة النووية الإيرانية… فتوى خامنئي تفصل بين التحريم والت


.. العالم الليلة | ليست نيتساح يهودا وحدها.. عقوبات أميركية تلا




.. شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ