الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القطاع الزراعي ومشكلة ملكية الأرض الزراعية

زاهر نصرت

2017 / 3 / 13
الصناعة والزراعة


يمتلك العراق وضعاً جغرافياً مميزاً يتيح له ان يكون في مقدمة البلدان المتطورة زراعياً ، ان تميز وتنوع مناخه أدى الى تنوع محاصيله الزراعية ووجودها على مدار السنة فما يزرع في إقليم كردستان العراق تحت ظروف مناخية معتدلة ووفرة في الامطار هو غير ما يزرع في وسط وجنوب العراق ذو المناخ الحار والرطب ، لكن القطاع الزراعي عانى من عدة مشاكل جوهرية اثرت بشكل مباشر على انتاجيته على الرغم من امتلاكه الكادر الاكاديمي المؤهل لوضع البرامج والخطط الكفيلة بحل تلك المشاكل التي تعتبر احداها مشكلة ملكية الأرض الزراعيةوهي من النقاط ألتي لم تعالج حتى الأن من وجهة نظر أقتصادية بل كان ينظر لها من الزاوية السياسية فقط ما أدى إلى تدني مستوى القطاع الزراعي من حيث الإنتاجية أوالعلاقة مع القطاع الصناعي.

كان قانون الأراضي العثماني للعام 1858 هو أول قانون يحاول أن ينظم العلاقة مابين الدولة ( الحكم العثماني ) ومشكلة الأرض الزراعية وفق أسس قانونيةوقد تم بموجب القانون المذكور تصنيف حيازة الأراضي الزراعية الى :
1 – حيازة المُلك : ان حائزي المُلك هم المَلاكون وكان محصورا بالمدن ومحيطها القريب المباشر فقطوهو المُلكية الخاصة المطلقة وشكل قديم من أشكال الحيازة ولعدد قليل جدا من الناس وهي قابلة للتوريث والبيع بدون الرجوع للدولة.
2 – حيازة الوقف : حائزي الوقف هم المَلاكون ايضاً وتكون الأرض مخصصة لعمل خير أو لصالح ذرية المالك الأصلي.
3 – حيازة الطابو : هي تحويل مشروط لمُلكية أراضي الدولة الى الأفراد وتعطي مانحها حقا قانونياً دون علم الدولة بالتوزيع والبيع والارث وتعود الأرض الى الدولة أذا لم تستعمل لمدة ثلاث سنوات على الأقل .

لقد كان هدف القانون آنذاك هو عثمنة العالم العشائري ووضع المُلكية في إطار أسس قانونية تؤدي الى زيادة سلطة الدولة ومركزيتها على حساب سلطة المشايخ عن طريق إعادة توزيع الأراضي بين مختلف أعضاء العائلات العشائرية الحاكمةوجعل العلاقات بين العراقيين محكومة أكثر فأكثر بالممتلكات المادية التي تعتبر الأرض احداها واقل فأقل بالقربى والنسب أو الموقع الديني أو اعتبارات مكان الولادة ، وقد خلف الأتراك ورائهم نظاماً عشائرياً ضعيفاً في حالة متقدمة من التحلل ، ولكن إلى جانب هذا التحلل العشائريكان الموقع الاقتصادي للمشايخ والاغوات يتزايد يوماً بعد يوم ليتحول رجال عشائرهم الفلاحين إلى أشباه عبيد.

في عام 1932 صدر قانون جديد لتسوية الأراضي الذي أبقى على حيازة الدولة للأراض الزراعية بأشكالها كما جاء في قانون 1858 مع إدخال حيازة جديدة للدولة هي:
1 – حيازة اللزمة : وهي تحويل مشروط لمُلكية أراضي الدولة إلى الأفرادتعطي مانحيها حقاً قانونياً ولكن بعلم الدولة بالتوزيع والبيع والإرثوتعود الأرض إليها أذا لم تستعمل لمدة أربع سنوات على الأقل.
2 – حيازة الميري صرف : وهويبقى حق التصرف بالأرض في يد الدولة حيث تقوم بتأجيرها لأفراد هم في العادة من كبار المشايخ.
لقد ساهمت السياسة البريطانية في بداية تأسيس الدولة العراقيةوسياسة العهد الملكي بعدها من خلال قوانين الأرض إلى زيادة مركز رئيس العشيرة سياسياً وأقتصادياً وعلى حساب الفلاح.

بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 صدر قانون الاصلاح الزراعي رقم 30 في أيلول عام 1958 الذي حدد سقف ملكية الأرض بــ ( 1000 ) دونم للأرض المروية سيحاً و( 2000 ) دونم للأرض الديمية( تسقى مطراً ) والاستيلاء مع التعويض بسندات حكوميةعما يزيد عن هذه المساحة وتوزيعها على الفلاحين بملكيات صغيرة ذات حد أدنى قدره ( 30 ) دونم في الأراضي المروية و ( 60 ) دونم في الأراضي الديمية ، إن القانون ابقى رغم ذلك على أكثر من أربعة ملايين دونم من أخصب الأراضي عند المالكين الاقطاعيين السابقين بحكم الحد الأقصى المحدد لهم في القانون مع حقهم في اختيار موقع الأرض التي يمتلكونها.

كان الزعيم عبد الكريم قاسم يأمل من خلال هذا القانون الذي خص بمفعوله ( 2803 ) من مشايخ وملاك الأراضي الكبار الذين كانوا يملكون عموماً في ما بينهم أكثر من ( 18 ) مليون دونم اي أكثر من ( 56 % ) من مجموع الأراضي ذات الملكية الخاصة في حجب وسيلة القوة والسلطة عن طبقة الاقطاعيين وكسب دعم وتأييد الطبقة الفلاحيةحيث ترك القانون ( 250451 ) مزارعاً صغيراً ومتوسطاً دون مساس بالاضافةالى السماح بتأسيس الجمعيات التعاونية الفلاحية ، رغم ذلك واجهت القانون صعوبات كبيرة تمثلت في التعقيدات القانونية وعدم وجود الخرائط وقلة المساحين والمهندسين واخصائي الأراضي والمتخصصين الزراعيين والتي أدت إلى عدم اكتمال توزيع الأراضي ضمن مدة الخمس سنوات التي حددها القانون. وبعد انقلاب شباط 1963 كانت الفوضى هي السمة السائدة في عملية تطبيق القانون ما أدى الى تدهور الحياة المعاشية للفلاح وزيادة الهجرة من الريف إلى المدينة وتدنى مستوى الانتاج وبعد عشر سنوات من القانون 1968 كانت الحكومة قد استولت على اكثر من ستة مليون دونم وما تم توزيعه لم يتجاوز مليوني دونم.

في أيار 1970 صدر قانون الاصلاح الزراعي رقم 117 الذي ألغى حق المالك السابق في إختيار قطعة الأرض المحددة له وكذلك ألغى مبدأ التعويض عدا قيمة المباني والتجهيزات والمغروسات الدائمة وتم توزيع الأرض على الفلاحين بدون الدفع كما حدد القانون وعلى أساس طريقة استغلال الأرض ( المروية وغير المروية ) ونوع المحاصيل المزروعة وخصوبة الأرض وموقعها حجم التوزيع على الفلاحين في حدود ( 40 – 600 ) دونم للأرض المروية سيحاً و ( 1000 – 2000 ) دونم للأرض الديمية ( المروية مطراً ) ورغم الدعم ألنسبي الذي تمتع به القطاع الزراعي في تلك الفترة الذي تمثل في إدخال المكننة الزراعية وانجاز بعض المشاريع الزراعية الكبيرة واستصلاح الأراضي المتملحة إلا أن مشكلة توزيع الأراضي بقيت مسألة معلقة ولغاية 1975 لم يوزع أكثر من ( 40 % ) من الأراضي المصادرة كما أن ثلث الأراضي الزراعية كانت مملوكة للفلاحين بعقود قصيرة الأمد ( لمدة سنة واحدة ) ما دفع الالاف من العوائل الفلاحية إلى الهجرة إلى المدينةوفي سنة 1975 صدر قانون إضافي للأصلاح الزراعي حدد بموجبه الملكية الزراعية في منطقة الحكم الذاتي في كردستان العراق.

وقد عمدت الدولة فيما بعد الى توسيع ودعم نفوذ طبقة البرجوازية الطفيلية في المدينة والريف وذلك بإصدار تشريعات وقوانين أمنت حقوق وهمية ومزيفة ووسعت لها طريق العودة لاستغلال الفلاحين كالقانون رقم 35 لسنة 1983 المختص بايجار أراضي الإصلاح الزراعي للشركات الزراعية والافراد وما تلته من قوانين وقرارات كثيرة مهدت لتداعيات خطيرة وشكلت قيداً على إمكانيات تنمية وتطور الزراعة والمجتمع الريفي الى يومنا هذا .

اذن لابد من سن قانون جديد ينظم ملكية الأرض الزراعية وعلى اساس الملكية الفردية للفلاحين وضمان حرية تنظيمهم الديمقراطي ورفع مستواهم المعاشي والثقافي والصحي وشمولهمبالضمان الاجتماعي واعادة تشكيل الجمعيات الفلاحية على اسس تصب في خدمة الفلاح والقطاع الزراعي.




زاهر نصرت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة