الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو تعزيز مكانة المرأة في السلم الاهلي والاستقرار الاجتماعي لمرحلة مابعد داعش في العراق

خضر دوملي

2017 / 3 / 13
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2017 - أثر النزاعات المسلحة والحروب على المرأة


نحو تعزيز مكانة المرأة في السلم الاهلي والاستقرار الاجتماعي لمرحلة مابعد داعش في العراق
خضر دوملي*
اسفرت الصراعات المستمرة في العراق منذ 2005 والى الان الى تراجع كبير لمكانة المرأة مجتمعيا ومؤسساتيا، واصبحت الانتهاكات بحقها تتصدر كل الاخبار، بدءاَ من اعتبارها سلعة للمقايضة او لحل مشاكل عشائرية وصولا الى بيعها عبر مواقع الكترونية خاصة اسسها تنظيم داعش الارهابي.
وفقا لهذا التصور الذي شكل تحديا كبيرا امام تصدر المرأة لمواقع المسؤولية او مساهمتها في رفد المجتمع بالابداعات، تغيرت الصورة الاجتماعية للمرأة وبات مشهد الفتيات صغيرات السن وهن يرتدن اغطية الرأس الاسود والابيض ( الحجاب الاجباري عائليا ) هي الصورة التي تواجهنا صباحا لغالبية التلاميذ وهن في طريقهن للمدراس .
باتت المواقع الالكترونية مثلا تتفاخر بنقل صورة نساء يلبسن الخمار وكأنهن يريدون اخبار الناس بالعودة مئات السنين الى الوراء في وقت كان الصور المدنية للمرأة في العراق قبل خمسين عاما اكثر زهوا.
اختفت صور النساء القياديات وبات زعيق بعض البرلمانيات كأنه يشوه صورة المرأة في المجتمع بشكل عام قبل ان يتشوه في اعلى مؤسسة في البلاد، ألا وهو مجلس النواب، حيث طالبن بعضهن مثلا او صوتن على تعدد الزوجات او كن هن انفسن زيجات ثانية، الاخريات اللواتي كنا نأمل ان يكونوا صورة للمرأة المدنية في ذلك المجلس سكتوا صاغرين وهن يشاهدن تمرير قانون سلب المرأة حريتها في قانون البطاقة الوطنية الذي اعتبر انه في حال أسلمة ( اعتناق الدين الاسلامي ) من قبل أحد الوالدين فأن الاولاد القاصرين يصبحن مسلمين تباعا .
مشاهد كثيرة سجلت وتسجل كل يوم تشهد وتؤكد على تراجع مكانة المرأة – فمن صور واخبار زواج النكاح الذي خلف العشرات من اطفال القاعدة في العديد من المناطق في وسط العراق، وصولا الى مشاهد حية اخرى تقضي على مكانتها الاجتماعية عندما اصبح أمر صعودها على خشبة المسرح بمثابة كفر لايشبه أي كفر اخر – تصوروا الفن المسرحي بلا نساء في مدينة المسرح البصرة، وان تجرأت وعلت خشبة المسرح فهي مغطاة بالسواد .
قصص قتل النساء والفتيات – القصص الملفقة بعمليات الانتحار، الصور البشعة والاحصاءات التي تنشر هنا وهناك عن الانتهاكات بحق المرأة في العراق لم تصبح شأنا وطنيا، ولا قضية مدنية تقام حولها حملات مدافعة واسعة، ولم تتعدى سوى حملات محددة وضيقة في نطاق جغرافي لايتحول اول تتحول نتائجه في اغلب الاحيان الى تنديد ومناشدات وتوصيات تضيع على رفوف مكاتب اهل العمائم والمسئولين الغارقين في عالم الفساد، وألا كيف يقدم ممثلي النساء في جنوب العراق مثلا انفسهن على انهن المدافعات عن حقوقهن ولاتزال المرأة تستخدم كفدية لحل نزاع عشائري؟ او لايحق لها السفر ألا بمحرم؟ وغيرها وغيرها لاتتوقف عند محطة القانون الجعفري الذي يحق تزويج فتيات في سن صغيرة الذي هو بحد ذاته جريمة وتخلف اثارا صحية كبيرة؟؟.
آلاف النساء وهن في كل يوم يتقدمن في التقارير التلفزيونية التي كثيرا لاتحترم حرمة المرأة في المخيمات وتلاحقها بتصريحات وتعليقات تسيء اليها اكثر مما تنقل معاناتها، تبين حجم الماسة وجملة المصاعب التي تعانيها، بدءا من انتشار الامية وصولا الى عدم قدرتها السيطرة على العائلة وفتحت الباب كبيرا على انتشار وزيادة نسب الزواج المبكر.
المشهد الاخر لمكانة المرأة اجتماعيا دمرته تنظيم داعش بالكامل عندما استخدمته كسلعة تباع وتشترى باثمان رخيصة، وهذه الصور لايمكن ان تمحو من ذاكرة الناجيات الايزيديات من قبضة تنظيم داعش ، فعند سيطرته على سنجار بعد غزوها في الثالث من شهر آب اغسطس 2014 خطف التنظيم اكثر من ستة الاف وخمسمائة شخص غالبيتهم من النساء والاطفال لم ينجو الفتيات ذي التسع سنوات من الاعتداءات وفق شهادات دونت ووثقت من قبل اللجان المختصة ،،، ارتكب تنظيم داعش امام اسماع وانظار الناس ابشع الجرائم عندما عرضهم كسلع رخيصة تباع تحت مسمى ( السبي والجواري والاماء ) وتفنن المقاتلين في صفوف التنظيم في ارتكاب ابشع الجرائم بحق النساء وصفت احدى الناجيات بعد ان تحررت ( باعوني 12 مرة وفي كل مرة كنت اشعر انني شيء لاقيمة له ) فيما قالت ناجية مسيحية ( لا كرامة لي في وطن تباع فيه نسائه وسادته صامتون وومثلينا في البرلمان من النساء يبكون على مصالحهم ورواتبهم ). الجرائم التي ارتبكها التنظيم والتي اقرت من قبل العديد من المؤسسات الدولية بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية توجت قبل ان تنتهي فصول سيطرة التنظيم على المنطقة الى فتح اسواق النخاسة الالكترونية – اسواق تعرض فيها النساء ومفاتنهن واعمارهن للبيع كاية سلعة اخرى، الذي يعد ابشع انتهاك يمارس بشكل منظم ضد النساء في القرن الواحد والعشرين قرن ضمانة حقوق الانسان، الى درجة تسابقت وسائل الاعلام في نقل تصريحات احد قادة التنظيم بأنه اغتصب 200 أمرأة وفتاة أيزيدية وكأنه افتخار.
كيف ستصبح مكانة المرأة بعد هذه المآسي وبعد القضاء عسكريا على داعش ؟
مع تقدم القوات العراقية بمختلف صنوفها في مسيرة القضاء على تنظيم داعش عسكريا يتقدم الى الواجهة كيف ستكون مكانة المرأة في المناطق التي تضررت بالصراعات والنزاعات والتشرد والنزوح؟ وكيف ستصبح مكانتها في المناطق التي رزحت تحت سيطرة التنظيم بين سنتان ونصف وثلاث سنوات؟.
كيف يمكن للمرأة المساهمة في عمليات المصالحة المجتمعية وتحقيق العدالة التي اقرت وفق القرارات الدولية 1325 والقرارات اللاحقة بعدها ؟.
ما هي مساهمة المرأة في وضع الخطط الخاصة بتحقيق السلم المجتمعي الذي بدون مساهمة ومشاركة فاعلة للمرأة لايمكن ان يتحقق الاستقرار ..
عليه فان النظر الى الاسئلة الثلاثة التالية بصورة واقعية، يمكن بعدها ان نقدم الفكرة الابرز على انه دون وضع خطة وطنية مرافقة لبرامج المنظمات الدولية في عمليات السلم الاهلي والتماسك الاجتماعي تضمن مشاركة فاعلة للمرأة فأنه يصعب تحقيق أي من الاهداف المستقبلية لرفع مكانة المرأة وتعزيز قدرتها لمواجهة التحديات الكثيرة التي اسفرت عن الصراعات الطائفية والدينية في العراق، خاصة ان قرارات دولية مثل القرار 1325 تؤكد على دور ومساهمة المرأة في السلم والمصالحة .
ان الرؤية الواقعية و التوجهات الدولية نؤكد وبلاشك انه من الضروري ان يكون للمرأة مكانتها ومساهمتها في برامج ومشاريع التماسك الاجتماعي، وهذا الامر مستند الى الدراسات الدولية بأنه كلما تم تهميش المرأة كلما اصبح تحقيق الاستقرار الاجتماعي امرا صعبا، وباتت امكانية عودة النزاعات في أية منطقة من المناطق التي تعبر ان المرأة كائن لايحق له ان يكون سوى في المنزل يكون امرا واردا. او اذا لم تستهدف برامج التنمية الاجتماعية المناطق التي شهدت عمليات اغتصاب للنساء واعتبرته سلعة رخيصة، او للنساء اللواتي تم حرمانهن من التعليم وممارسة الاعمال والنزول الى السوق بشخصها ووجها معززة مكرمة فأن التنمية الاجتماعي لن تتحقق والاستقرار والسلم الاهلي سيكون مهزوزا، لأن رغابت مكبوتة ستظهر اذا لم تنصف الضحايا وتتحقق العدالة ويقدم الجناة من قبل النساء اولا الى المحاكم .
يبقى هناك الامر المباشر والمرتبط بعمليات التماسك الاجتماعي، حيث تعتبر المرأة كمستهدف ومساهم في برامج التماسك الاجتماعي في الاولوية الاولى للمنظمات، وهذا يتطلب الدعم المباشر من قبل المؤسسات الحكومية وتفاعل المجتمع المحلي ودعم تلك البرامج بالصورة التي تعزز مكانة النساء، وذلك يعني ان المجتمع يتحمل المسؤولية التاريخية في منح الفرصة للمرأة في ان تقود عمليات التماسك الاجتماعي من خلال مباردات نسوية صغيرة في مواقع وبيئات اجتماعية محددة وفق الاطر المدنية تدريجيا، كما ان الامر الهام والذي يعتبر الاساس الرئيس لكي تكون برامج التماسك الاجتماعي اكثر فاعلية في تعزيز مكانة المرأة في مرحلة مابعد الصراع تتمثل في مراجعة شاملة للقوانين الوطنية ذات الحقوق بحقوق المرأة، وتصدي تدريجي لتأثير العادات والتقاليد وتأثير الشريعة المباشر التي يتم بأسمها استغلال النساء وفي ظلها يتهرب الجناة من العدالة، من خلال برامج ومشاريع مجتمعية في البيئات التي احتضنت الارهاب ووقفت معه، وفي المجتمعات التي تسد الباب امام المرأة للخروج من المنزل كأنسانة سوية - برامج هادفة تعزز المسؤوليات التي يمكن ان تناط للمرأة ومساهمتها للمشاركة في صناعة القرار كي تصبح صورة المرأة اكثر موائمة للواقع والتطلعات المستقبلية التي تعيد لها مكانتها الاجتماعية وفق منظور مدني .
هذه الخارطة العملية هي التي ستحقق مكانة مهمة للمرأة في تعزيز التماسك الاجتماعي، اذا ما رافقته برامج خاصة بالتأهيل والعلاج النفسي او مشاريع خاصة بتطوير مهاراتها في مواجهة الصورة النمطية او قدرتها على التشبيك والمدافعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي