الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب التي تُدار في الخفاء

طارق سعيد أحمد

2017 / 3 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لماذا ينبغى أن تدخل "الفتوى" فى الحيز التنظيمى والضبط الآن؟ هل تعلم أنه أول مشروع قانون يقدم للبرلمان لتنظيم الفتاوى الدينية؟

الفتوى، تلك اللفظة الناعمة كالموس، والمدمرة الثقيلة كفيل فقد عقله، تُلاحق وتداهم وتحتل العقول وتبني مستعمراتها بهندسات متعددة الأشكال، كما أن جيوشها تقاوم وتحارب حتى تقتل صاحبها أو تنتصر له، لكن الحقيقة المطلقة هي أنها مهما اشتبكت دلالاتها مع المفاهيم المستحدثة داخل حيز تاريخي بعينه له خصائصه وسماته لا بد من موتها وسحقها على عتبته خصوصا هذه مرحلة التاريخية الجديدة للإنسانية التي تبلورت أفكارها على اكتشافات علمية و أعمال ابداعية وسياسات وتقدم تكنولوجي خطير، وخصوصا أيضا أن تلك "الفتوى" التي يُعبر عنها أصحاب العمائم أو السلفيون أو الإخوان "الجماعة الإرهابية" وغيرهم، متعدد التوجهات ودرجات التشدد على اعتبارها الجرعة الدينية المكثفة والملزمة أوهي حقيقة الدين نفسه، ومن يمتلكها ويسيطر على اطلاقها بالنحو الذي يراه هو "فقط" صوابا فقد ملك المسلمين في يده!.. محض هُراء.

إذن هي الحرب التي تدار في الخفاء منذ زمن بعيد لا أحد يعلم متى وكيف بدأت بين أقطاب الجماعات الإسلامية والتوجهات والفصائل المتأسلمة داخل مصر والعالم العربي والممتدة الآن إلى دول أخرى في العالم!، وذاق على يدها المرار المصبوغ بالدماء، والحقيقة الواضحة والفاضحة لتلك الحرب تمثلت في شكل قانون قدمه أحد اعضاء البرلمان المصري يدعى الدكتور عمر حمروش ـ أمين سر لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، ومعه 60 نائبا آخرين، بشأن "تنظيم الفتوى العامة"، وهو أول مشروع قانون يقدم للبرلمان لتنظيم الفتاوى الدينية "لاحظ وتذكر أنه أول مشروع قاون لتنظيم الفتوى"، وأحاله الدكتور على عبد العال رئيس البرلمان المصري، وعلى وجه السرعة للجنة مشتركة من لجنتى الشئون الدينية والشئون الدستورية والتشريعية داخل البرلمان لينتهي تفصيله على مقاس الازهر، ودار الإفتاء المصرية!.ونصت المواد التي تم نشرها على هذا الوجه:ــ
المادة الأولى:ــ يحظر بأي صورة التصدي للفتوى إلا إذا كانت صادرة من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ومن هو مرخص له من الجهات المذكورة في المادة الثانية.
المادة الثانية:ــ الجهات التي لها حق منح ترخيص بالفتوى هي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ووفقا للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
المادة الثالثة:ــ للأئمة والوعاظ ومدرسي الأزهر الشريف وأعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر أداء مهام الوعاظ والإرشاد الديني العام بما يبين للمصلين وعامة المسلمين أمور دينهم ولا يعد ذلك من باب التعرض للفتوى العامة.
المادة الرابعة:ــ الفتوى في القضايا العامة وخاصة المتعلقة بشئون الأوطان لا تصدر إلا من المؤسسات الواردة في المادة الأولى وتقتصر ممارسة الفتوى العامة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي على المصرح لهم من الجهات المذكورة.
المادة الخامسة:ــ يعاقب على مخالفة أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر وغرامة لا تزيد عن ألفي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وفي حالة العود تكون العقوبة هي الحبس والغرامة التي لا تتجاوز خمسة آلاف جنيه.انتهت المواد هنا.
وبنظرة عابرة على تلك الكلمات التي أرى أن الحبر الذي طبعت به والمساحة التي أخذت من الصحيفة لنشرها خسارة جما نكتشف حجم عشوائية التفكير من الأساس والتلهف العجيب على حبس أي شخص خصوصا في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ينطق بكلمة يقول فيها رأيه في شأن من شؤون الدين الإسلامي المتسع الذي يريد حمروش وأعوانه أن يضيقوه ويتحكموا في العقول من على بعد وبقوة القانون متناسين أن الفتوى هي مجرد وسيلة لحظية تعبر عن كم هائل من آليات التفكير وتتغير وفق الزمان والمكان والشخص وتتحكم فيها تفاصيل أخرى.


وقال هذا الـ حمروش، فى المذكرة الإيضاحية للقانون، "إنه بالرجوع إلى ما يحدث فى الواقع فى مصر والبلاد العربية والإسلامية، يتبين لنا أن أخطر ما يواجه هذه المجتمعات هو استغلال واستخدام الفتوى لتحقيق أغراض شخصية أو سياسية، وهو الأمر الذى كانت له آثاره الخطيرة على العالمين العربى والإسلامى وفى القلب منهما مصر"، مما قيل يتضح أمامي وأمام الراصدين للحركة السياسية في مصر أن هذا الدكتور الـ "حمروش" يريد خداع الجميع .. لماذا؟ لأنه إذا كانت حجته ومبرره هو الخوف على مصر والعالم الإسلامي كما يدعي، ما كان عليه أن يضع سلطة اطلاق الفتوى وهي سلطة عظيمة لو تعلمون "وسنعرف لماذا خلال سطور المقال القادم الذي سيعرض تاريخ الفتوى" في يد مؤسسة بعينها لتحتكر اطلاق الفتوى بقانون سوف يجرم على أي شخص مهما كان أن يفكر في شؤون الدين أو يفتح فمه بكلمه واحدة تمس الإسلام من قريب أو من بعيد، خصوصا أن مشروع القانون الذي قدمه هذا الـ"حمروش" لم يضع مفهوم واضح لـ"الفتوى"!.

ولنتابع كلام الرجل الذي نشرته العديد من الصحف في صورة تصريحات خاصة مهمة وحصرية وحتمية ولوعزية لوزعية وسرمدية وشديدة الخطورة وتعاملت معه كمنقذ "واحد تاني كدا بقى عندنا اتنين منقذين" للدين الإسلامي حيث تابع أمين سر لجنة الشئون الدينية بالبرلمان المصري قائلا "لما كانت مصر هى قلب العروبة ومجمع الحفاظ على الإسلام فإن كل تطور ينبغى أن يخرج من مؤسساتها، وبالتالى فإن مواجهة هذا الاستخدام الخطير للفتوى، وما ترتب عليه من آثار تطرف وإرهاب ينبغى أن يدخل فى الحيز التنظيمى والضبط، وذلك بمنع غير المتخصصين فى الفقه الإسلامى وأصوله من التصدى للفتوى، وكذلك منع استخدام واستغلال الفتوى لتحقيق أغراض شخصية أو سياسية، لذا رأيت تقديم مشروع قانون لتنظيم الفتوى فى الشريعة الإسلامية"... حمرا.. الطمام طبعا أو زرقا السماء هي نفس الطريق الذي يدعي الدكتور حمروش أنه قدم لنا الحقائق وأتى بفتح عظيم حين قال "لما كانت مصر هي قلب العروبة" رغم إني لم أفهم على وجه الدقة والتحديد أيه علاقة العروبة بالقضية ولكنها حقيقة كما ذكرنا من قبل أنها حمرا.. الطماطم أو مصر العروبة ما علينا هما حقيقتان بالفعل. لم ينتهي الحديث إلى هذا الحد سنكمل حديثنا عن القانون "الحمروشي" في المقال القادم.

هامش: "تنظيم الفتوى العامة"، هو أول مشروع قانون يقدم للبرلمان المصري لتنظيم الفتاوى الدينية لتحتكرها مؤسسة الأزهر ودار الإفتاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا