الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصورة تشكيلا و شعرا

حميد المصباحي

2017 / 3 / 16
الادب والفن


التشكيل كرسم،يكتسب دلالته بإيحاءات،تعانق المعنى المتعدد،ليولد كما هو
الأمر تجاه ما هو جميل،شعورا بتجاوز المعنى
العام،المعتبر ماديا أو وظيفيا،فالكأس للشرب،غير أنه في الصورة
المرسومة،يحيل على المعنى،تنضاف لذلك،كيفية رسمه،و بصمة الفنان المعبر به
عما اختلج في داخله في تلك اللحظة،التي لا يمكن أن يعيشها مرة أخرى مهما
حاول و تحايل،و هنا سبق لبرجسون،أن عبر عن هذه الحالة،منبها،إلى أن
التشكيلي غالبا ما تقوده يده الراسمة لمخالفة الفكر التي كانت في ذهنه
قبل أن يبدأ عمليته الإبداعية،لكأن المعاني حسب برجسون،تقفز جديدة متمردة
عما تخيله،و هنا أسأل،هل اليد هي الفاعلة أم التخيل أم الذاكرة؟؟؟
لا شك أن الصورة تشكيليا،ليست إلا وليدة اللحظة،لكنها تستحضر باليد معاني
مخزنة في الذاكرة،أو مستبطنة،قد لا يدركها حتى الفنان التشكيلي نفسه،إلا
بعد مثابرة و شقاء وجودي،فماهي أوجه التداخل و ربما المفارقة تجاه الصورة
الشعرية؟

الصورة شعريا.
لا ترسم و إن بدت تجريديا حاضرة،لكن تجسيدها الفعلي،أي ما يجعل منها صورة
شعرية،لا يتحقق إلا باللغة الطبيعية،الجميلة و المعبرة،و هنا تكمن
جماليتها،فإن لم تكن مرئية و ملموسة كاللوحة،فهي لغة صوتية تحمل المعنى و
تجعله مدركا كصورة قبل أن تصير إيقاعا،قد يغني عن وضوح الصور،بما أسميه
جمالية الغموض،لكن رغم ذلك ،فالصورة،حاضرة و لو بشكل ناقص،و درجة حضورها
تتفاوت حسب التجارب الشعرية و قدرة الشعراء على الإيحاء بها،فما هي أوجه
الإختلاف و التداخل،بين الصورتين،الشعرية و التشكيلية؟؟؟؟
1_صورة التشكيلي
_____________
هي شكل لا يخلو من لون،يبدعه الفنان ليعبر عن الحالة،ليست حالته هو
بالضرورة،بل ربما قد تكون حالة مجتمع أو حتى حضارة بأكملها،زيفا أو حتى
حقيقة،لكنها تثير الناظر لغيرها،للمحتجب فيها،معاني و رموز،لذلك اعتبر
التشكيل في القرون الوسطى ممهدا للفكر بخفائه و احتجابه و تعبيره عن
أكثر الأفكار ثورية،و رفضا لمزاعم الكنيسة التي كانت عنيفة تجاه القول و
لم تدرك أن الصور ساهمت في تقويض سلطتها كما الفكر فلسفيا و أدبيا،و بذلك
فإن الصورة تشكيليا ناطقة بذكاءات وجدانية و حتى رمزية،معبرة و متجاوزة
لما يشاهد منها و متأثرة بقدرة الناظر على فك رموزها،و إدراك
أبعادها،فالصورة تشكيليا مغالطة و نافرة من الدلالات التي تقدم نفسها
للوهلة الأولى،تلك التي تثق في الحس،فلا يضيف إلا ما تدركه العين الحسية
من ألوان اتساقات و توازنات،هنا تختفي صورة التشكيل و أبعاده،أو هكذا
يراد له أن يبدو خاليا،من العمق الوجودي المتعب للخيال و الذاكرة،تلك
الأدوات التي يصقلها التشكيلي و يعمقها بريشته متداعيا أمامها لتعبره و
تعبر عنه و عن عالمه الجميل في جرأته.

2صورة الشاعر
____________
كما التشكيلي ،قد يصور محاكيا للواقع و الطبيعة،لكن هذه المرحلة تجوزت
تشكيلا و أعتقد حتى شعريا،فالصورة في الشعر يبدو أنها لم تعد تراهن على
الإيقاعات الوتية في اللغة،بل خلق الشاعر إيقاعات بديلة،يستوحيها من
اللغة نفسها،فالحروف حاملة لوقع المعنى كما أزعم دائما،و الصورة كلما
امتدت لتعدد الدلالات برمزيات الإيحاءات،كانت شاعريتها صوريا أكبر و اكثر
تأثيرا،رغم أنها شعريا خالية من اللون،مكتفية بملامح الفكرة،حضورا و
أحيانا حتى غيابا،فهي تقفز متخذة وسائط مؤثرة،بما فيها صوت الشاعر أو
إيقاعاته التي سبق للقارئ أن سمعها،تتأثر بحالة القارئ و المنصت لترتسم
بأشكال أخرى،كلما اتضحت،تم تجاهلها أو محاولة نسيانها لخوض مغامرة
التجاوز،التي لا تحدث للصورة التشكيلية،التي يزيدها ربما القدم عمقا و
امتدادا.
3الصور و المعاني
_______________
صورة الشعر تبرو باللغة،و صورة التشكيل تظهر بالرسم و اللون،و بذلك
فمهارة الشاعر لغته أولا،بينما مهارة التشكيلي يده،التي طبعا لا يمكنها
الإستقلال عن ذهنه،لكن مبادرتها و انفلاتها وارد،و هو إبداعي،بينما يد
الشاعر إن زلت،رمقها بقواعد القول أو إيقاعات القصيدة،و عليها أن تعود
معتذرة عن حمقها،لكن انفلاتات الشاعر قد تحدث في القول،فلا يراجعها إلا
أثناء إعادة الكتابة.
حميد المصباحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه