الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقة العربية

مزوار محمد سعيد

2017 / 3 / 17
كتابات ساخرة



الثقة هي تلك الراحة التي تقود الأمان نحو شخص ما مهما كانت الظروف والأسباب، لهذا من الجليل التعريج على القضية الأساسية في القضية، فذاك الشعور المريح والهادئ هو ما يؤسس لما يسمى بـ: الثقة، وهذا بالذات ما يحمل إلى كافة نواحي الحياة امكانية بناء نسيج عضوي يكون بمثابة الأخذ بالاعتبار قضايا مروج الذات الجماعية ومدى تواصلها مع أعضائها الداخلية، هي قضية مبدأ تتصل بما يولد بداخل المناخ العام الذي يجعل الإنسان ينسجم بداخل معطيات جماعته مهما كان توجهها.
نرى هذه القضايا تشترك فيها كافة الشعوب والأقاليم، وتسير على طريق هداها، فهناك الكثير من الأمثلة في هذا المجال:
المثال الألماني:
لقد شهد شعب صانعي الرماح قضايا مفصلية أدارتها الثقة بامتياز، وهي بذلك تتخذ من توجهات الألمان واعتقادهم الراسخ بأنهم أفضل الأمم منبعا لوقود وجودها، ومن يلاحظ ما حدث في قصر فرساي على مرتيْن ويتأمّل فيه بعناية فائقة، سيلمس تلك الثقة المتابدلة بين الشعب الألماني وقيادته، تلك التي قادته إلى العظمة.
المثال الانجليزي:
لقد أعجب شعب الامبراطورية بما حملته اليه الثورة الصناعية، وعلى الرغم من أنّ مفردة "ثورة" قد ارتبطت بالفوضى والعشوائية، فإن الشعب الانجليزي قد وثق في اباطرته الذين قادوه إلى ريادة العالم ونحو الرفاه الذي لا تخطئه أية بصيرة.
المثال الروسي:
هذا الشعب وثق في الايديولوجية السوفياتية، ورغم انهيارها منذ زمن، منذ ثمانينيات القرن العشرين، إلا أنه بقي وفيا لمبدأ "القوة" الذي عجز على الحفاظ على الامبراطورية السوفياتية، ولكنه نجح في التمكين لاتحاد روسي صلب، هو الآن يحاور العالم من مبادئ الند للند مع القوى الأخرى، حيث تم حفظ ماء وجه الشعب الروسي القيصري التاريخي بكل فخر.
المثال الفارسي:
ما أجمل وأوضح هذه الأمثلة، فالفرس وثقوا في براثين حضارتهم القديمة، وآمنوا بمشروعهم الاسلامي العظيم اليوم، لهذا فهم يجنون ثمار ما وثقوا فيه، حيث نرى بوضوح قدرتهم على ادارة الأزمات وبناؤهم لقوة اقليمية شرق-أوسطية تنازل القوى الاقليمية الأخرى وحتى بعض القوى العالمية في منظومة مقاومة للامبريالية العالمية بشكل فعال جدا.
المثال الصهيوني-اليهودي:
وثق الشعب اليهودي في ميراث وإرث أرض الميعاد، حال ذلك بين معتقداتهم وغلوهم نحو التعصّب، لهذا جعلوا من وجودهم على الأرض المقدسة مسألة عضوية تتجاذب معهم بتماهي كامل، ربما هذا ما يفسّر سرّ القتال المستميت وخططهم الخادعة وحتى قدرتهم الكبيرة على المناورة والحرص الشديد على البقاء على أرض فلسطين التاريخية بشكل يثير الاعجاب بالفعل.
المثال الأميركي:
هي معجزة الثقة التي بنيت بين الكثير من الأجناس عبر المفتاح الذي يسمى بـ: الكفاءة، وقد تجسّد في بناء امبراطورية أقوى من روما القديمة، امبراطورية تدخل البيوت وتزرع الأفكار بكافة أنواع القوى، والأخطر أنّ لها قوة ناعمة لا يمكن صدّها أبدا، حيث تظهر الثقة المتبادلة بين البيت الأبيض وآخر فلاح على سهل الكولورادو بشكل عجيب، يجعل من هذه الأمة أمهر الشعوب في بناء أرض للأحرار على الواقع الواهم.

كل شعوب الأرض تبني ثقتها بين أعضاء نسيجها على الأفكار، كل المتوجين بالعظمة يبنون الثقة بشكل احترافي عجيب، حتى الأمة "العربية" حاولت بناء الثقة هذه، لكن حضور الحكم اللنيني وزواله، واقامة الحكم الأميركي رغم قوة أدائه، وحتى الجذور الدينية لم تتمكن من إقامت هذا "الحلم" الذي تحوّل لدى كثيرين إلى وهم، أمر غريب جدا.
حاول العرب اقامة الثقة بينهم فعجزوا عن اقامتها حتى في بيوتهم وبين أفراد عائلاتهم، لسبب بسيط، وهو ذاك الفارق القيمي بين ما يؤمنون به ويصدقون حضوره وبين تطبيقاتهم المتحركة.

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - علينا بالتخلص من آفة تسمي العرب
محمد البدري ( 2017 / 3 / 18 - 00:09 )
لم يحاول العرب اقامة اي ثقة بينهم وعجزوا عن اقامة اي منظومة اخلاقية تربطهم حتى في بيوتهم وبين أفراد عائلاتهم، لسبب بسيط، وهو المنظومة القيمي لما يؤمنون به ويصدقون حضوره هو نفسه ذاتهم المريضة. تطبيقاتهم المتحركة علي الارض هي ذاتها التي دخلوا بها الاسلام من بوابة الجاهلية العربية. المشكل المطلوب حله كيف تتخلص شعوب المنطقة من ثقافة العرب الاسلامية التي جعلتهم كما وصفتهم في السطرين الاخيرين من مقالك؟

تحياتي

اخر الافلام

.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما


.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا




.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة