الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في عيد المرأه ...سلاماً لرجل احترم المرأه ...سلاماً لأبي

امل عجيل ابراهيم

2017 / 3 / 20
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


لم يكتب ابي رسائل حب لأمي في (الفيس) او (الفايبر ) او حتى على الورق رغم انه كان يتقن الكتابة والقراءة التي تعلمها في الكتاتيب ويهوى المطالعة
لم يحمل الدباديب او الزهور لها في عيد الحب لأنه اصلاً لم يكن يعرف ان للحب عيد يوم كان الحب موجوداً في كل وقت ولايحتاج الى عيدٍ يذكرنا به
لم ير وجهها او يسمع صوتها قبل ليلة العرس بعد ان اختارها له والديه
لم يواعدها او يتغزل بها او يسهر الليالي في شوقه اليها
ولكنه احبها بطريقة تتمناها كل امرأة اياً كانت جنسيتها او ديانتها او عمرها لأنه ببساطة شديدة (احترمها جداً) في مجتمع كان اغلب الرجال فيه ومازالوا للآن يسمّون زوجاتهم (بالدابة او الهايشة اي البقرة )ويقولون للمخاطب حين يضطرون الى ذكر امرأه امامه (حشاك )و(تكرم) على اعتبار ان المرأه (نقيصة ونجاسة )يتكرم الرجل ان تذكر امامه
لااتذكر انه اهان أمي يوما ًولو بحرف واحد او انه استصغرها او خذلها او نسى ان يشكرها كلما قدمت له الطعام او كأس الماء قائلاً:رحم الله والديك واختكِ ...وكان لأمي اخت توفيت وهي صغيرة منذ وقت طويل
ولاانسى خوفي حين سمعت مرة صراخ احد الرجال في (طارمة )منزله وهو يشتم زوجته بالفاظ نابية وكنت ذاهبة لزيارة بيت اختي في حيّ غير بعيد عن منطقتنا فقطعت ذهابي وعدت الى أمي التي قالت بحنان وهي تمسك بيديَ المرتعشة (عبالج كل الزلم مثل ابوج)
كان أبي ،،القادم من عمق الريف وجهله وتخلفه انذاك لاينادي أمي ولايخاطبها باسمها مجردا ابدا ً،دون كنية او لقب تقديراً واحتراماً لها
الرجل الوسيم الجميل بملامحه الاوربية الجذابة بصوته الرخيم وهو يرتل كل ليلة (والتين والزيتون ) ...بنظافته الفائقة وعطره المميز وهدوءه وسعة صدره متحملاً في احيان كثيرة عصبية أمي وتقلب مزاجها
كان عالماً قائماً بذاته يسير وفق قواعد ثابتة منضبطة كأنه الكون بنظامه ودقته وترتيبه
ينام مبكراً في ساعة معلومة ويصحو مع آذان الفجر (وهي عادة جعلنا نطبقها ونعتاد عليها الى الآن )
يأكل وجباته الثلاث في اوقات محددة دون زيادة او نقصان أو اعتراض على نوع الطعام مهما كان ثم يغسل يديه واسنانه وهو يتمتم (اشبعتنا اشبع كل جائع) فتردد أمي وراءه احياناً (هاي هي حجي ...اشبعتنا اشبع كل جائع) في تلميحٍ لها لأمر يفهمه هو فيصمت دون ان يجادلها او يغضبها فقد كان بامكانه ان ينعم بالاموال (خصوصا وقت الحصار الاقتصادي على العراق وهو وقت زراعة الحنطة والشلب التي تباع باسعار باهضة )فهو من اسرة ميسورة ذات حسب ونسب وتمتلك بساتين النخل الكبيرة والاراضي الخصبة لكنه آثر ان يتركها (لعميّ) اخاه الوحيد الذي ظل يسكن الريف ولم يهاجر الى المدينة فلم يدخل في نزاع معه من اجلها
وكان يفتخر بآثار الندوب على يديه جراء زراعته لمئات النخيل في تلك البساتين ايمانا ًمنه بأن مامن انسان او طائر او بهيمة يستفيد منها الاّ وكانت له به صدقة بحسب الحديث النبوي الذي يتلوه علينا انا وأمي
وكنت وانا طفلة اراه يكتب رقاعاً صغيرة باسماء اشخاص ثم يلصقها على مبلغ من المال يضعه في صندوق صغير محكم وفهمت حين كبرت ان تلك المبالغ النقدية ،امانات لاشخاص يسكن اغلبهم في المناطق الريفية التابعة لمدينتا وقد كانوا يجمعونها من اجل تزويج ابناءهم او رحلة الحج وغيرها من الامور وكانوا يودعونها عنده حتى يتسنى لهم الوقت المناسب لانجاز ماارادوه منها فيسترجعونها منه شاكرين ممتنين
وكان لايمر اسبوعان او ثلاثة الاّ ويفاجئنا والدي دون سابق انذار بسفرة ترفيهية يصطحبنا فيها لزيارة المراقد المقدسة
لااتذكر انه تخاصم مع أمي خصاماًحقيقياً او انها سمعت منه كلمة تخدش شعورها او تنتقص من كرامتها وكانت هي بالمقابل تبادله الاحترام والمودة وتخاف عليه وكأنه طفلها واتذكر انها كانت تنشر ملابسه على سطح دارنا بعد ان تغسلها بيديها دون ان تجمعها بوعاء واحد مع ملابسنا اعتقاداً منها ان ذلك الامر ينقص من هيبة الرجل ثم تنتظرها الى ان تجف فتأتي بها مباشرةً لانها سمعت ان الشمس اذا (ضربت )الملابس بعد جفافها فان ذلك يجعل من يرتديها يصاب بالحمى
كانت عشرة طيبة ومحبة متبادلة ....لم تكن ......لولا احترام والدي لأمي وتقديره لها على مدى عشرتهما الطويلة (توفي والدي وهو في التسعين ولم تحتمل أمي الحياة بدونه فلحقت به بعد فترة بسيطة)
كان والدي متديناً جداً ومع ذلك لم يفرض الدين علينا ولم يجبرنا على اداء شعائره .......ولم يفرض عليّ الحجاب ايضا ً ولم يقيد حريتي بسلاسل كوني (بنت) وسط اربعة اخوة كنت اشاركهم هواياتهم الذكورية كلها واخرج معهم الى منظمات الطلائع والفتوة التي كانت تحتضن من هم في اعمارنا ،،،فنتبارى بالمناظرات الشعرية ونلعب البليارد والشطرنج الذي حصل اخي الكبير على البطولة الدولية فيه وننسج قطع السجاد الصغيرة ،،،حتى انهم اصطحبوني معهم في احدى المرات الى الشاطئ الذي يقسّم مدينتا الى (صوبين) فخفت جداًمن رخاوة الطين تحت قدمي في (الجزرة) الممتدة على طرف الشاطئ وظننت ان المياه ستغرقني فلم اذهب معهم ثانيةً
لم يعاملني والدي على كوني نصف انسان او نصف عقل وكنت دائما ارى نظرات اعجابه وتقديره لي ربما لأني اصغر بناته وربما لأنه شعر باختلافي وتميزي ،،،،وكثيراً مانقل زوجي كلماته الرائعة عني له وقوله (امل احب بناتي الى قلبي)
لم يزرع الخوف في داخلي والشعور بالنقص كوني امرأه في مجتمع يناصر الذكور بامتياز مع مرتبة التحيز الاولى
وكنت اشارك في مهرجانات الشعر والخطابة واكتب القصائد والقيها في (رفعة العلم) كل خميس ،،،وكان والدي في احيان كثيرة يطلب ان اقرأ له ماكتبت فيأخذه شعور غامر بالفرح حينما انتهي ويقول بفخر (الاّ اوديج تدرسين بروما) ولااعرف لماذا روما بالذات ولماذا اعجب بها والدي وهو لم يزرْ من مدن الدنيا سوى مكة وبيتها الحرام
تعلمت من والدي مالم تعلمه المدارس والجامعات ،،،،،،،،ولم تكن دروسه ،،،،نظرية او وعظية ،،،،بل كانت دروسا ً عملية طبقها بصدق وعفوية على نفسه اولاً فتبع ابناءه ماطبقه هو في حياتهم هم
تعلمت منه ان الصدق اعظم الفضائل وان الكذب واللف والدوران حيلة الضعيف ولايجب ان اكون ضعيفة
وان روح الدين ،،اخلاق ومعاملة وسلام وموادعه وليس طقوساً ببغائية وتعصباً وتطرفاً اعمى
وان الدنيا أقصر من ان نتحارب فيها من اجل مصالح وثروات نتفنن في جمعها ثم نتركها ونمضي ،،،وان الغنى غنى النفس وقناعتها وقواعدها الاخلاقية ،،،،،،،،وان النظام والاعتدال والاقتصاد في كل شيء الاّ في المشاعر والمواقف هو اساس الحياة السليمة
وان المرأه شريكة الرجل ولكنها الشريكة التي تحتاج الى الدعم والتشجيع والاحتواء
وان الحب ،،عشرة طيبة ومواقف مؤثرة وليس كلمات معدة سلفاً وباقات ورد عديمة اللون والرائحة
وان الرجولة الحقيقية هي الاحترام وثبات المشاعر والتمسك بالطرف الاخر بعيوبه ونواقصه فلا احد فينا قد حاز الكمال
وهي الامتنان والرحمة لمن تشاركك جسدها وروحها وعافيتها
تعلمت من والدي ان الزواج عقد ابدي علينا ان نحافظ عليه تحت اي ظرف وقد طبقنا (انا واخواتي )قاعدته تلك فلم تتخاصم اي واحدة فينا مع زوجها لتقصد بعد ذلك بيت ابيها (زعلانه) بانتظار ان يأتي لمصالحتها لاننا نعرف مسبقاً ان والدي لن يتقبل ذلك فكانت المشاكل تتلاشى وتتفتت تلقائياًفي داخل عوائلنا دون ان يعلم احد باسرارها
وحين اسمع الآن بحالات الطلاق التي تحصل يومياً (بالالاف)لاسباب تافهه في معظمها ....اتذكر والدي....وادرك ان احد اهم اسباب تفاقم الطلاق الان هو سهولة تقبله من الاهل وبساطة تعاملهم معه وعدم تقديرهم الصحيح لخطورته
توفي والدي بعد ان شاهد ابناءنا وابناءهم ولم يمرض في حياته سوى بمرض الموت ولعل السبب وراء ذلك هو حياته التي سيّرها وفق برنامج محدد قوامه النظام والاعتدال ،،وحياة اسرية رصينة اساسها الاحترام والاخلاق ،،،ونفس قانعة راضية ليس لها طمع في ملذات الدنيا ومادياتها
واحمد الله انه ترك لي اخوة واخوات يماثلونه ،،احدهم اختي (ام اثير) التي ورثت هدوءه اللطيف وحكمته العميقة وفهمه للحياة ،،،،،والاخر اخي (علي ) الذي يحمل نفس روحه المسالمة الوادعة وتعامله الفريد المميز مع زوجته واحترامه الشديد للنساء بشكل عام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: مقتل نحو 10 آلاف امرأة في الحرب على غزة


.. ليوقع لها على قرض.. امرأة تصطحب جـ ـثـ ـة عمها إلى البنك




.. انطلاق أسبوع أفلام المرأة في الأردن


.. قصة صادمة.. امرأة تطلب قرضاً من البنك في البرازيل بجثة عمها




.. ثورة في عالم الجمال.. مسابقة ملكة جمال الذكاء الاصطناعي تقام