الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشرين الآن وسوريتها

محمد طلعت

2017 / 3 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


القضية السورية ليست سياسية فحسب، بل هي في عمقها قضية ثقافية معقدة. وذات أبعاد متشابكة ملتوية. أكيد ستنتصر سورية في حربها السياسية والعسكرية وستحقق نصرا يضيف لها أمجادا تحسب للجيش العربي السوري"جيشنا الأول" وحائط صدنا المنيع. لكن ربما ستخسر حربها الفكرية والثقافية وما أعنيه هنا صحافتها.

لا أحد ينكر دور الصحافة السورية، وما تقوم به من تعديل مسار التشتت ولم الشمل، وجمع أكبر قدر من محبي سورية من العرب للكتابة عنها، والوقوف بجانبها جنبا إلى جنب أبنائها.

ولجريدة تشرين موقف سبّاق في استكتاب عدد لا بأس به من كُتَّاب العرب الذين تناولون الشأن السوري وكان لأقلامهم الجرأة في تشريح أعداء سورية، وكانت رؤاهم غاية في الدقة والموضوعية في تحليل مواقف الكيانات الظلامية التي تغتال سورية كل يوم. كانت أقلامهم وأفكارهم المطروحة في زوايا جريدة تشرين منبرا ينير الطريق لأبناء سورية ويثبتهم على مواقفهم والدفاع عن عروبتهم وسوريتهم الحبيبة. كل هذا بلا مقابل ولا انتظار ثمنا ماديا ولا بغية شهرة، إنما حبا لسورية ودفاعا عنها وحرصا منهم على أداء واجبهم اتجاه بلد يرونها بلدهم الثاني.

والحق أقول، الفضل كله يرجع للأستاذ نذير جعفر، وإدارة الجريدة السابقة بقيادة الأستاذة رغداء مارديني رئيسة التحرير. اللذان فتحا تشرين لعدد من الكُتَّاب المخلصين من العرب أصحاب الموقف الثابت اتجاه قضايا العروبة وحبا في سورية. الجميع كان يربطهم عقد حرية سورية من العصابات السوداء، ثمة اتفاق ضمني في مواجهة الفكر الأسود الناقم على الحسن السوري. هكذا كان الهارموني موحدا إيقاع الجميع بلا نشاز وبلا مصلحة ولا هدفا شخصيا. وبالطبع فلكل نجاح حاسدوه. تم منع الكُتَّاب العرب ونشر أفكارهم وطمس أقلامهم المساندة لسورية في الحرب القذرة التي يقودها أنطاع ولصوص الحضارات والثورات. وعليه تم تلويث سمعة الإدارة السابقة، واتهام مارديني بكل سيئة، ثم بدأ التنكيل وتطفيش جعفر بإخفاض راتبه وتقليص دوره واتهامه بما ليس فيه.

تغيرت إدارة تشرين وجاءت بمجموعة جديدة، أي نعم لكل مجموعة سياستها وقيادتها، ولها الحق في ترتيب صفحات جريدتها كما تشاء. لكن أن تقوم الإدارة الجديدة باستبعاد زوايا وأعمدة الكُتَّاب العرب، فهو أمر لا يليق بالبيت السوري أن يتعامل هكذا مع ضيف كريم بلا مبرر جوهري، خاصة وأن سورية في حاجة لكل مساند لها، فليس شرطا أن تكون سوريّا كي تدافع عنها. فهي لمن يقدرها ويعلم قيمتها الحضارية والإنسانية، ولن تكون أبدا لأصحاب الريات السوداء والعقل الضيق. ولن يبقى إلا الصحيح.

الصحافة السورية في مأزق حقيقي إن كانت إدراة تشرين الحالية تعبر عنها بهذا الأسلوب في تلويث أبناء المهنة الواحدة والمؤسسة الواحدة. البيت السوري فيه ما فيه من تصدعات ولا يحتاج المزيد منها خاصة وأن جداره الصحفي يحتاج إلى الاصطفاف والاستفادة بكل قلم حر وشريف.

وهنا لا أشخصن المسألة ولا أميل إلى رمي السهام، إنما ما أحدثته الإدارة الجديدة هتك في ثوب صاحبة التنوير التي تتعثر على مطبات غيلان الطمع الداخلي وتصفية المخلصيين (حرفيين ومهنيين) من أبنائها الشرفاء الذين أخلصوا الكلمة والرأى لسورية الكبيرة. إن ما صار يعد خروجا غير محمود عن الخط السياسي لسورية وقيادتها التي هي بحاجة أقوى لأصحاب الفكر المستنير لاستكمال حربها السياسية والعسكرية بالخوض في حربها الثقافية والفكرية الأشد ضراوة.

ودون الدخول في مهاترات تبريرية، فليعلم الجميع بما فيهم إدراة تشرين الجديدة أن سورية لا تحتاج المزيد من حروب لسانية أهلية، ويكفى شقاق الأهل وتهجيرهم عبر شواطئ الموت واللجوء. الدولة السورية بالأساس مستهدفة من قبل أعراب وأغوات وعبيد سلطنة آل أرطغرل وآل سعود في اقتسام سيادتها وثرواتها وأراضيها وقوميتها بتسهيل الاقتتال الداخلي بين أطياف البيت السوري، فهل ينجحون؟ سينجحون- لا قدر الله- إن اتبع البيت السوري سياسة الانشقاق والتميز وبتبادل الاتهامات والبداية بدأت مع المغرر بهم، وها هي تصل إلى بعض نخبتها الصحفية في التلاسن وتشويه سمعة الأنقياء منهم.

ولن أقول: ليس دفاعا عن جعفر ولا مارديني ولا عن باقى المحرريين المستبعدين المحسوبين على الإدارة القديمة، بل أقول إنه دفاع عن كل حر وشريف، وصاحب مهنة، وعن كل سوري جرمه الوحيد هو حب وطنه، هو تضامن مع الموقف الصعيب الذي تمر به سورية.

وأخيرا، نذير جعفر هذا الوطني المنبوذ من تشرين والمتهم بالأباطيل، هو القامة الإنسانية والاسم الكبير في النقد والأدب والإبداع والثقافة، استطاع أن يجمع بالكلمة الطيبة مجموعة من الأصوات العربية المحبة لسورية استمرت طيلة خمس سنوات في صفحة رؤى عربية، وهي مقالات كتبت خصيصا لتشرين، ولم تنشر إلا فيها، ومع تغير إدراة تشرين، فثمة من يريد استبعاد هذه القامة الثقافية، ويدخل بتشرين خندق التقزم والشتات والاتهامات والحسابات الضيقة، وهذا لا يليق بتشرين المعنى والمسمى.

سورية لا تستحق هذه الحرب الملتوية التي تتعرض لها من الداخل، يكفي الصهيونية وإخوانهم من المتأسلمين. سورية متماسكة، ولن تسقط أبدا طالما وجد فيها سوريون أسوياء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي