الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس : النقابات الأمنية ومستقبل الأمن في البلاد

الأسعد بنرحومة

2017 / 3 / 20
المجتمع المدني


تأسّست النقابات الأمنية في تونس بموجب المرسوم عدد 42 المؤرخ في 25ماي 2011
وتُتّهم النقابات الأمنية من عدد من الخبراء والسياسيين والنشطاء بأنّها تورّطت في عدد من الأعمال الخطيرة بتوجيه من مجموعة من النقابيين الأمنييين المدفوعين من بعض الأحزاب السياسية وبعض رجال الأعمال المتّهمين بالفساد والنّافذين في وزارة الدّاخلية , ومنها :
- طرد الرؤساء الثلاث من ثكنة العوينة وهو ما اعتبر حينها تمرّدا للأمن
- فبركة الأحداث والتلاعب بالمعلومة لخدمة وجهة نظر معينة
- العمل مع الحزب الحاكم على اعادة منظومة القمع للعهد البائد باسم الكفاءة
- استهداف المنظمات الحقوقية من خلال ترويج مقولة " الأمن أولا وأخيرا "
- لجم الناس واسكاتهم من خلال اتهام كلّ سائل عن الحقيقة بتبييض الارهاب
تورّط قيادات أمنية في ممارسة أجندات سياسية وموالاة بعض الأحزاب السياسية سبق أن أشارت اليه وزارة الدّاخلية نفسها في بيان لها بتاريخ 26-10-2013عندما اعتبرت تلك التصرفات والتصريحات اللامسؤولة حسب وصفها , والصادرة عن بعض العناصر الأمنية تحت ما وصفته بغطاء العمل النقابي تكتسي طابعا سياسيا يصل حتّى التهديد بالعصيان.
وقد قامت النقابات الأمنية بالاساءة كثيرا الى نفسها , وكشف أدوار بعض القياديين الأمنييين من خلال الاتهامات المتبادلة فيما بينهم خاصة بين النقابة الوطنية للأمن الدّاخلي وبين نقابة الحرس ونقابة الشرطة حسب ما نقل من تصريحات لهم في صحيفة الصباح 5-5-2015 , فقد جاء على لسان كاتب عام نقابة اقليم الأمن بتونس طارق الرياحي أنه يوجد بعض النقابات الأمنية مجندة لخدمة بعض القيادات الأمنية . كما صرّح الصحبي الجويني كاتب عام الاتحاد الوطني لنقابات قوّات الأمن التونسي فقال " النقابات الأمنية ضحية لأنه يتمّ استغلالها لضرب المؤسسة الأمنية والأحزاب السياسية ." وأضاف " يوجد فوضى نقابية وخلط بسبب وجود أشخاص يتحدّثون باسم النقابات الأمنية وهم لا يمتّون اليها بصلة .".
وبخصوص علاقة هذه النقابات السياسية بخدمة أجندات سياسية لا علاقة بحماية أمن الناس وحماية أملاكهم صرّح الكاتب العام لنقابة الحرس الوطني سامي القناوي لنفس الصحيفة وكذلك لأحدى القنوات الفضائية فقال " بعض النقابات مدمجة في اللعبة السياسية " , كما اتهم الاتحاد الوطني لنقابات قوّات الأمن التونسي الذي منها الصحبي الجويني بأنّه دخل في الأمور السياسية وهو ينتهج مواقف سياسية بحتة ". كما قال بأنّ عديد الأشخاص يتحدّثون باسم النقابات الأمنية في حين أّنّهم لا يمتّون للعمل النقابي بصلة بل يتمّ توظيفهم من قبل أطراف أخرى ".
انّ مهمة رجل الأمن هو حماية أرواح الناس وأعراضهم وأموالكهم , وهي مهمة كبيرة ومسؤولية عظيمة يسأل عنها أمام الله تعالى يوم الحساب , ومن أدّاها ورعاها حقّ رعايتها يلق الله سالما وجوزي الجزاء الأوفى , أمّا من خانها أو من استعملها في غير حقّها فأرهب الناس أو عذّبهم أو تآمر عليهم فهي الخسارة الكبرى يوم لا ينفع مال ولا بنون , فقد ورد عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم :لأن تهدم الكعبة حجرا حدرا أهون عند الله من أن يراق دم امرئ مسلم . فكيف اذا أخلّ رجل الأمن بواجبه في حماية الناس وتوفير الاطمئنان لهم؟
وحتى يضطلع رجل الأمن من شرطة أو حرس بواجبه في توفير الأمن للناس كان لا بدّ من الابتعاد عن تآمر بعض السياسيين وبعض رجال الأعمال الفاسدين ,بل عليه أن يكشف هؤلاء ويفضحهم ولا يكون أداتا لهم في أيديهم يوظّفونها في ترهيب الناس ليفرضوا عليهم مسارات تخدم أجندات حملها مشروع الشرق الأوسط الأميركي باسم الربيع العربي .
وممّا ساهم في ارتفاع الجريمة في البلاد من عنف ونهب وسرقات وانتشار للمخدرات هو تخلّي هذه النقابات الأمنية عن دورها الوحيد والرئيسي في حماية الناس وأمنهم , ودخولها في معارك السياسيين على السلطة وتنافسهم في خدمة أهداف خارجية , وهذا الأمر رغم أنه أصبح حديث عدد من النقابيين الأمنييين كما ذكرنا , ورغم اعتراف وزارة الداخلية به في بياناتها كما رأينا , الّا أنّه سبق للصحفي سفيان الشورابي المختطف في ليبيا أن تعرّض له في مقال له بجريدة آخر خبر في 2012 عندما اتّهم كلّ من لزهر العكرمي ومحسن مرزوق بدورهما المفصلي في اختراق النقابات الأمنية , ولا يستغرب علاقة هذا المقال باختفاء سفيان الشورابي وخاصة مع مقدرة البعض على مثل هذا التآمر ...
وتتعدّد الأمثلة على تورّط عددا من القيادات الأمنية في عديد القضايا الخطيرة , وفي مقدّمتها التورّط في ملفّ الارهاب سواء بالمشاركة أو بالتستّر عليه .
ففي برنامج حواري على قناة الحوار التونسي يوم الأربعاء 25-2-2015 صرّح عصام الدردوري رئيس منظمة الأمن والمواطن فقال:
" تحت نظرية الأمن القومي يريدون تذويب الحقيقة في جبل الشعانبي " ..
وقال " نظرية الأمن القومي ذريعة لاخفاء صفقة بين الحكومة وعناصر ليبية "
كما كشف عن تورّط آمر الحرس الوطني في تهريب الأدوية الى جماعات مسلحة في ليبيا.
أمّا سامي القناوي من النقابة العامة للحرس الوطني فقال بأنّ المعلومات التي يروّجها البعض من النقابات الأمنية مثل الصحبي الجويني هي معلومات مخابراتية , فكيف تحصّلوا عليها ؟؟؟؟؟؟؟
لقد كانت تلك الحلقة ليوم 25-2-2015 صادمة للكثيرين , وفضيحة أمام الرأي العام الذي جعل منها حديث المقاهي والأسواق , وتضرّرت منها كثيرا صورة رجل الأمن أكثر مما هي مضرورة , فقد كانت تلك الحلقة اتهامات متبادلة كشفت عن معلومات خطيرة عن تواطئ بعض هذه القيادات الأمنية مع بعض السياسيين المأجورين وبعض رجال الأعمال الفاسدين بما يهدّد فعليا أمن شعب كامل بما صنعوه من فوضى عارمة وأزمات متلاحقة مازال الشعب لم يخرج منها بل ويزيد فيها غرقا بسبب تلاعب البعض بأمنه ومصيره , هذا الثالوث الخطير من القيادات الأمنية والسياسيين ورجال الأعمال جعل أمن الناس ومستقبلهم عنوانا للمساومة والمتاجرة , وأصبح الارهاب هو الوتر الذي تمرّ به هذه المساومة .
وعلى اثر هذه الفضيحة الكبرى والهزّة الصّادمة التي هزّت الرأي العام والتي حصلت بين مختلف النقابات الأمنية خاصة خلال شهري جانفي وفيفري 2015 , طالبت كلّ من نقابة موظّفي الادارة العامة لوحدات التدخّل و النقابة العامة للحرس الوطني في بلاغ أوردته صحيفة الصباح الأسبوعي 27فيفري 2015 بالوقوف ضدّ ما اعتبراه سماسرة العمل النقابي الأمني , وادانة كلّ أشكال الابتذال والتقرّب السياسي .
وفي اتهام صريح لبعض القيادات الأمنية التابعة لهذه النقابات صرّح فيصل الزديري رئيس المرصد التونسي للأمن والمواطنة لاذاعة جوهرة اف ام 26فيفري2015قائلا : بعض القيادات في وزارة الداخلية قامت بغرس بعض الأشخاص في النقابات الأمنية حتى يقدّموا خدمات وفقا لأجنداتها في الداخلية .
وفي نفس السياق , وعن علاقة النقابات الأمنية ببعض الأحزاب السياسية قال رئيس جمعية "مراقب " وليد زرّوق : " لا يعقل تواصل الولاءات وخدمة الأجندات في ظلّ وجود أطراف تخدم النهضة وأخرى تخدم نداء تونس " .
هذه الاتهامات وغيرها , سواء التي ظهرت من خلال تبادل التراشق بالتهم بين النقابات الأمنية , أو من خلال عدد من تصريحات الخبراء والمراقيبن والتي تكشف تورذط بعض القيادات الأمنية في عدد من الملفات الخطيرة كالتهريب والارهاب والسمسرة بأمن الناس , دفعت وزارة الدّاخلية الى اصدار بيان موجّه ضدّ النقابات تلزم فيه جميع الأطراف النقابية الأمنية بالتقيد بأحكام القانون الأساسي العام لقوّات الأمن الدّاخلي , وتنبّه بأنّها ستتخذ الاجراءات القانونية والتأديبية اللازمة والنافذة حسب أحكام القانون ازاء كل نقابي أمني يصرّح في وسائل الاعلام في غير مجال النهوض بالمستوى الاجتماعي لأعوان قوات الأمن الداخلي " .
كما دفع خطورة ما آلت اليه الأوضاع بسبب تآمر بعض قيادات النقابات الأمنية , كلّ من نقابة موظّفي الادارة العامة لوحدات التدخل والنقابة العامة للحرس الوطني الى اصدار بيان مشترك بتاريخ 23-2-2015 دعوا فيه الى الوقوف ضد ما أسموه سماسرة العمل النقابي الأمني والتقرب السياسي .
ورغم هذه الجرائم الصادمة التي تورّط فيها عددا من النقابيين الأمنييين كالتهريب والارهاب والتواطئ مع عدد من السياسيين ورجال الأعمال الفاسدين , وكذلك رغم بيانات وزارة الداخلية التي تحذّر من الاستمرار في هذا النهج الّا أنّ بعض النقابات الأمنية صعّدت في مستوى تمرّدها , وتغلغلت أكثر في خدمة هذه الأجندات تجاوز الأحزاب السياسية وبعض السياسيين الى حدّ الاتصال بسفراء الدول الأجنبية وسفاراتها مثل ما جاء في التحقيق الذي أجراه مقداد الماجري في نقطة ساخنة على قناة الزيتونة 2-12-2015 عندما وقع ضبط نقابيين أمنييين مع السفير البريطاني في تونس .
أما عن علاقة بعض القيادات الأمنية مع بعض رجال الأعمال المتهمين بالفساد وبالتآمر على الدولة ,فقد كشفت التحقيقات وجود مئات المكالمات الهاتفية بين رجل الأعمال كمال اللطيف وبين كلّ من توفيق بوعون مدير الأمن السياحي سابقا , ومحمد نبيل عبيد مدير عام أمن وطني سابق وتوفيق الديماسي مدير الأمن العمومي سابقا وتوفيق فريحة مدير عام بوزارة الداخلية , الى محمد لزهر العكرمي الوزير المكلف باصلاح المنظومة الأمنية .
الى جانب هذا , فان البعض من القيادات الأمنية استمرّت في تمرّدها وعصيانها , فقد أعلنت النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي عن دخولها مرحلة من الاحتجاجات في شكل تصاعدي نحو العصيان الأمني العام والتمرّد والامتناع عن حراسة المؤسسات الرئيسية , فمن يوم 25فيفري 2015 قامت هذه النقابة مع عدد من الأمنيين بالاحتجاج أمام قصر الحكومة بالقصبة , رافق ذلك اعلان النقابة الجهوية بتوزر عن امتناعها عن تأمين التظاهرات الثقافية والسياحية نهاية الأسبوع , وقام بعض الأمنيين في سابقة خطيرة باقتحام مقرّ رئاسة الحكومة وهو الأمر الذي استنكرته الرئاسة واتهمت فيه هؤلاء بترديد شعارات سياسية وتهديدات . وقد وصف الناطق الرسمي باسم نقابة موظفي الادارة العامة لوحدات التدخل هذه الاحتجاجات التي قامت بها النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي بالمكابرة والتعنت والعناد وذلك حسب ما أوردته موزاييك اف ام في برنامج ميدو شو 26-2-2016.
تهديد النقابة الوطنية للأمن الداخلي للأمن العام في البلاد , وانخراطها في صراع السياسيين واعلانها التمرّد والعصيان والتخلي عن حماية المؤسسات دفع السيد علي الزرمديني الخبير الاستراتيجي والأمني الى القول " انّ الوقفة الاحتجاجية لأعوان الأمن يوم أمس تنمّ عن لا وعي ولا شعور بالمسؤولية , وهو تمرّد غير مسموح به . وما حصل هو مهزلة بأتمّ معنى الكلمة , ومهما يكن فلا يمكن أن ترفع شعارات سياسية "ّ , وذلك في حقائق أون لاين من يوم 26فيفري من نفس السنة .
ورغم خطورة ما أعلنت عنه بعض النقابات الأمنية من عصيان وتمرّد وتهديد بالتخلّي عن حماية التظاهرات الثقافية واخلاء المواقع ,ورغم قرار وزارة الداخلية , وتحذيرات الخبراء واستنكار العامة الا أنّها استمرّت في العناد والتعنّت والتمرّد حتى على الوزارة والدولة بما يكشف عن حجم الدّعم والحماية الذي يتلاقاه هؤلاء القياديين الأمنيين من بعض السياسيين ورجال الأعمال حتى صاروا موظّفين عندهم ينفّذون أوامرهم ويحمون مصالحهم على حساب أمن الشعب : ففي بلاغ صادر عن النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي ليوم 26من نفس الشهر ونفس السنة بامضاء الكاتب العام نبيل العيّاري أعلنت فيه عن استمرار حملتها الاحتجاجية التي انطلقت منذ 4نوفمبر2015الى حدود شهر فيفري 2016, وتؤكد تمسّكها بمبدأ الدفاع عن حقوق الأمنييين ورفضها للخضوع للتعليمات الادارية , كما حذّرت في نفس الوقت سلطة الاشراف من توخّي أي أسلوب فيه مساس لمنخرطيها على خلفية مشاركتهم في هذه التحركات .
يذكر أنّ ربط الاحتجاجات بالحقوق الاجتماعية لأعوان الأمن مجرد غلاف يخفي الدور الحقيقي لهذه النقابات في التغطية على بعض رجال الأعمال الفاسدين من ناحية , وكذلك في فتح الباب للسلطة في الشروع في تنفيذ منظومة الاصلاح الأمني التي فرضها الكنغرس الأميركي على تونس منذ 2011 والتي بقيت معطّلة حتى جاءت زيارة الباجي قايد السبسي الى أميركا وعقد مذكّرات التفاهم معها وعلى رأسها اصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية بما يخدم أهداف أميركا في المنطقة تحت شعار " الحرب على الارهاب ", وما يدلّ على عدم وجود علاقة بين الاحتجاجات وبين المطالب الاجتماعية أنّه قبل أيام من بيان النقابة الأمنية وفي 8فيفري 2016 التقى نبيل العياري الكاتب العام للنقابة مع الرئيس الباجي قايد السبسي , وقد صرّح نبيل العيّاري بعد اللقاء أنه كان ناجحا , وأنّ رئيس الدولة وعد باعادة النظر في الاتفاقية المبرمة بين رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية وعددا من النقابات , وهو مرّة أخرى على حقيقة الدور لهذه النقابات الأمنية في خدمة أهداف وبنود الربيع العربي سواء فيما يتعلق باصلاح المنظومة الأمنية بما يستجيب لمتطلبات الحرب على الارهاب , أو في يتعلق بدعم ما يسمى مشروع المصالحة مع رجال الأعمال الفاسدين , أو بدعم مشروع التوافق ...وخاصة أنّ عددا من هؤلاء القياديين الأمنيين كانوا من ضمن ما يسمى جهاز البوليس السياسي زمن بن علي وهو ما أكدّه المحامي والحقوقي شرف الدين القليل في تصريح له في 25فيفري 2015.
أمّا عن علاقة بعض القياديين الأمنيين لملف الارهاب فقد كشف عديد التحقيقات سواء القضائية أو الاستقصائية أنّ عددا من الجرائم الارهابية تورّط فيها قيادات أمنية رفيعة سواء من حيث الاستدراج لارتكاب جريمة , أو الايهام بارتكاب جريمة , أو التستّر على جريمة , أو التلبس بفعل جريمة للايهام بوجود تهديدات ارهابية حسب ما يقتضيه سير الحكام في مشروع الحرب على الارهاب الذي رفعته أميركا من أحل اعادة صياغة الجيوش وقوّات الأمن الداخلي ليقتصر دورهم على حماية النظام العلماني الفاسد ,وحماية سلطة الحكام ونفوذهم على شعوبهم غصبا عنهم .
ورغم خطورة المعلومات عن تورّط عددا من الأمنييين في موضوع الارهاب , ورغم تكرّر توقّف الأبحاث في كلّ مرّة عند نقطة معينة لا تؤدي بالقبض عليهم ولا بكشفهم , الا أنّ هذه النقابات لا تحرّك ساكنا ولا تدفع باتجاه استكمال التحقيقات وكشف المتورّطين رغم ما تملكه من ثقل . بل لا تحرّك ساكنا ولا تفعل شيءا أمام تغلغل عددا من الأجهزة الاستخباراتية الدولية في البلاد واتخاذها من بعض النزل في العاصمة مركزا لعملياتها ,وخاصة الاستخبارات الأمريكية والقطرية ...
لقد ذكرت صحيفة أفريكان مانجر وكما نقل عن صحيفة الثورة نيوز العدد 211لسنة2017 أنّ المخابرات القطرية تدير أعمالها من العاصمة التونسية ويستقرّ عملاؤها في أحد النزل الفاخرة بجهة قمرت ويتمتعون بتسهيلات وحرية في التنقل ,هذا ورغم وصول التحقيقات الى مراحل متقدمة الا أنها توقفت عند قضية المدعو " سالم علي الجربوعي " الذي سحب مبلغ 550ألف يورو من حسابه ببنك الاسكان فرع تطاوين وذلك يوم 13أكتوبر 2014, وقد كشفت التحقيقات تلقّيه تحويلات مالية ناهزت 8مليون دينار , كما اكتشفت فرق من المصالح المختصة والمصالح الفنية بوزارة الداخلية أثناء التحقيق الأولي أنّ المدعو "سالم الجربوعي " له علاقة بجمعية " الحياة الخيرية " بجرجيس التي يديرها المدعو ان" الأسعد الصويعي ورضا ابراهيم ", ومع تقدم الأبحاث تمّ اكتشاف تورّط عسكريان تونسيان وقد سحبا بدورهما أموالا ضخمة من الحساب البنكي للقطري سالم الجربوعي , ثمّ تبيّن لاحقا أنّ هذه الأموال تعود لحساب بنكي مسجل باسم " القيادة العامة للقوات المسلحة القطرية " , أمّا سالم الجربوعي فهو ليس الا عميدا بالجيش القطري وهو مكلف بمهمة ملحق عسكري بشمال افريقيا ...
فلماذا أقفل الملف الى هنا , رغم وصوله الى النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس1 , ورغم طلب الاذن في 10جويلية 2015من أجل التوسع في الأبحاث ؟
ولماذا صمت جميع القياديين الأمنييين ولم يتحرّكوا لكشف الحقائق؟
ولماذا لا تستغلّ النقابات الأمنية هذه ثقلها للضغط على الحكومة وعلى الرئاسة حتى لا تتدخل لمنع مواصلة التحقيقات؟
لماذا استطاعت النقابات الأمنية اقتحام قصر الحكومة وأطردت الرؤساء الثلاث , ولكنها لا تحرّك ساكنا أمام اغلاق عددا من الملفات الارهابية التي فيها تورّط لأمنييين؟
في حين تحرّكت هذه الأيام مبادرة برفع شعار " لا لعودة الارهابيين " رغم تورط الجهاز الأمني في تسفيرهم واستدراجهم للخروج , والسبب لهذا التحرّك ليس خوفا على البلاد منهم لأنّ السلطة هي التي أخرجتهم , فالحرب على الارهاب تحتاج لوجود ارهابيين , واذا كانوا غير موجودين فلا بدّ من صناعتهم , وهذا الذي حصل .
أما عن منع عودة المقاتلين من بؤر التوتّر الذي ترفعه النقابات الأمنية , فان رجوع هؤلاء واحتكاكهم بالناس سيفضح الكثير عن تورّط بعض الأمنيين في تسفيرهم واستدراجهم وتوفير المال والأوراق لهم , فكان لا بدّ من ابقاء اغلاقه وذلك اما بمنع عودتهم أو بادخالهم الى سجون خاصة يكون فيها معزولين عن الناس , وهذا ما يطالبون به .
أما التواطئ الفعلي لبعض القيادات الأمنية في موضوع الارهاب ,فانّ أحداث عملية المنيهلة الهليودية في 12ماي 2016 وما رافقها من أدوار مسرحي للايهام بوجود خطر ارهابي مازال حديث الصحف والخبراء الى اليوم...
لقد أصبحت النقابات الأمنية مؤسسات تعمل على تهيئة الأجواء للسياسيين للعمل على الدفع باتجاه سن قوانين وصياغة تشريعات تحمي العلمانية وفصل الاسلام عن الدولة والمجتمع وعن رعاية الشؤون كما تمليه مقرّرات راند الأمريكية , ويفرضه مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تنفذه الولايات المتحدة الأمريكية باسم الربيع العربي . فالأمة المسلمة لا يمكن لها أن تتجاوب مع الخطاب العلماني الديمقراطي الفاسد , في حين هي تتجاوب مع كلّ خطاب لا يناقض عقيدتها ولا يخالف دينها وهو الخطاب الاسلامي , فيصنعون الارهاب , ثم يتّهمون به الاسلام والمسلمين , وبعدها يأتي دور النقابات الأمنية لترفع شعارات الحظر على الخطاب الاسلامي النابع عن عقيدة الناس , وتجريم كلّ من يدعو للحكم بشرع الله بحجة أنه ارهابي أو متطرف , كما حصل مع وقفة النقابات الأمنية يوم 14جانفي2017 أمام وزارة الداخلية , وبعدها يخرج بعض مراهقي السياسة وسماسرة الحكم ليطالبوا بقوانين تحمي العلمانية وتحمي فسادها وعمالة الحكام .
انّ الصراع اليوم ليس مع الأمنيين ولا مع الجسش فهؤلاء أبناؤنا , والأصل فيهم أنهم حماة الشعب , وحماة الدّين , وحماة العرض , وليس أدوات في أيدي الحكام لممارسة الظلم والقمع وحماية الفساد . وهؤلاء ولعظمة المسؤولية التي يقومون بها فانهم مسؤولون عنها يوم القيامة القيامة أمام الله تعالى وحينها لن يجدوا معهم لا حاكما ولا نصيرا الا من أتى الله بقلب سليم ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟