الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
شط أبو جفوف ، شط الشامية : نبض للذكريات
ذياب مهدي محسن
2017 / 3 / 21سيرة ذاتية
عسنك ياشط عسنك ، تنشف وعبرك كَيش ياشط عسنك
يامنك ياكــلها منك ، حارمني شوف هواي ياكـلها منـك
حينما يذكرالعراق ، لأبد وأن يذكر بعظمة نهريه دجلة والفرات .. وكما أنه لكل عظيم امرأة ، ولكل ثورة قائد ، أيضاً لكل حالة عشق عراقي ، شاطئ في دجلة الخير ، او الفرات ، أو ضفة نهر أو بحيرة . شط ابو جفوف ، شط الشامية . هو قصة عشقي الأول . هو بيت أسراري الجميلة ، وطفولتي ، وانتظاري . شط بهذا الجمال يجتاز الشامية كعربيد ، بدهلته للخير ، وعلى ضفافه تحتضنه اشجار الصفصاف والغرب وبساتين النخيل ، والعنبر الشتال بانواعه . يجتاز المدينة حاملاً مع حركة مويجاته البطيئة ألف قصة عشق وحب بكل ما فيها من سعادة وألم ، ليقذفها إلى جوف اهوار جنوب المراثي العراقية ، لتختلط مع ملايين من القصص الغرامية هناك في الرجع البعيد اهوارنا السومرية ، مُشكلة معاً على سطح امواجه حكايات حب لا تنتهي .
شط ابو جفوف ، شط الشامية :
كم ألف الشعراء معلقات في زرقتك حين الصيهود ودهلته الحمراء في خنيابه " فصل الربيع عادة". وفي وصف جماله ، وكم وضع الملحنون مقطوعات موسيقية وغنائية لازالت خالدة من خلاله ، انه الفرات السرمدي . مثله مثل كل الأنهار، خاطبته اللغات ، وكأنه كائن مخاطب. ضفافه وعمقه المائي كلها صفحات كُتب عليها أحاديث المناجاة وعمق الصمت ... الجلوس إلى ضفتيه ، يعمق في الإنسان مساحة الحرية والأتساع ، يفتح أمام الإنسان كل الخيارات ، ويعطيه المدى ، ليسترجع كل الذكريات التي سُجنت في اللاوعي ، قد يضحك ، قد يبكي ، أو قد يصمت ليتوحد معه في انسيابه وحركته التي لا تتوقف .
لشط ابو جفوف المخضوضر الآن !؟ تسابيح في ذاكرتي حينما كانت دهلته خير وعطاء وانماء ، تسابيح مثله مثل كل المخلوقات الأرضية ، ولكن لا يفهم تسبيحه إلا العشاق والمحبين ، من لغة عشق الشرق الأسترالي ، أتيت بذاكرتي إليك أيها الشط الساحر . حاملاً معي كل حكايا الحب ، ومفردات العشق والغرام الفراتي ، التي حكيتها إلى حبيبتي وعشقي الأول مابين النجف والسماوة نبض ذكريات حبي وعشقي .كم كانت منبهرت بمعانيها الجميلة ، وخافت أن أكون بائعاً للهوى ونحن في ريعان الصبا ، كعادة العراقيين ؟. فكنت ياشط ابوجفوف أنت الشاهد على صدق مشاعري . وكنت أنت المستشار لحبنا وعشقنا . وكنت أيها الفرات العظيم محراب العشق الذي كنت أصلي إليه مع حبيبتي كلما هاجت بنا الأشواق ، كنا نهرب إليك ، لنحكي لك بصمت قصة حب قد بدأت تُرسم على أمواجك ، نسألك ونحن ننظر إليك بعيون ملؤها الأمل ، نسألك هل قصة حبنا ستخلد على أمواجك كأجمل قصة حب عرفتها البشرية ؟ كنا نسمع تسابيحك ومباركتك لنا ، وكنا نفهم كل لغات العشق التي كنت تتقنها ، نستلهم منها المفردات الجميلة التي روت حديقة حبنا الغض . وكم خانتنا الكلمات عندما كنا نجلس أنا وحبيبتي على صخرة قبعت على ضفتك تحت صفصافة هرمة ، التي فصلت بستان النخل عن الماء. وكم كنت منقذنا وملهمنا بعد صمتنا الطقوسي وتأملنا للونك وعمقك ، وسحرك ومداك ، عندها كانت تتدافع المعاني الرائعة من قلبينا ، وكأننا كنا نقرأها كلمة ، كلمة ، سطرت على أمواجك المتهادية . وبدون شعور كنا نتعانق ، وتأخذنا القبلات التي كانت تنسينا وجودنا المادي ، لنتحول الى عالم الروح ، نسبح على زرقتك حينما تصفو ، كنت تحملنا أيها الفرات ، ليطول بنا العناق ، وتطول بنا القبلات ، حتى نسمع هديرمحرك زورق أو مواطير تحمل أثقالها على سطحك الممتد . فنعود من جديد الى عالم المادة ، لنودعك على أمل اللقاء القريب .
ياشط ابو جفوف ياشط الشامية : كنت عراب حبنا وعشقنا ، وكنت شاهداً على فراقنا . كم قالوا وكتبوا أن الزواج هو مقبرة للحب ، لكنك عَمّدت حبنا بطول البقاء . شاءت الأقدار أن نودعك ، وكان وداعنا لك وفي دواخلنا لقاء أنذاك . عدت الى العراق لكني اصطحبت معي هذه المرة ذكريات من استراليا . وأمني النفس ان ارجع لأعيش في مدينة عنوانها النجف مأهولة بالعشق والفكر والصلوات . وأتذكر حينما تتصل بي حبيبتي تسألني : " ألا يوجد في مدينتكم الجميلة ( بيرث ) فراتاً وعلى ضفته تقبع صخرة في ظل صفصافة لنجلس إليها كما أعتدنا مع شط ابو جفوف ، شط الفرات "!؟. استولى على الصمت ، وأغمضت عيناي مسترجعاً صورة شط الشامية ، نهر الفرات ودجلة الخير ، الذي تغنى به الشعراء يوما ما ... سألتني مجددا : " حينما تأتي لنذهب لزيارته " ؟ ، فهي تعشق الأنهار لأنها أبنة الرافدين ارض مابين النهرين العراق العظيم . ورحت اسرح في خيالي ، وافترضت لقائي بها ، وتعانقنا ورحنا مسرعين لزيارة شط ابو جفوف ، شط الشامية . صُدمت من هول ما رأت ، نهر تحول الى جدول صغير ، مياهه من مجاري مدينة الشامية . سقطت من عينيها دمعتين ، وسألتني ... " أتدري لماذا جف نهركم هذا "، أجبتها لا أدري ... قالت لي وهي تشد على يدي : لأن قصص حبكم وعشقكم قد جفت ، وما عاد يحمل الفرات إلا الحزن والألم . فجفت عروقه . عشرون عاماً عشتها في غربتي ، ولازلت وفيّ للعراق ، اذكره كل لحظة وكل يوم ، وفي كل مناسبة له مليون أمنيه اريدها واريدها لكنها أماني ؟؟ وهل ينسى العاشق عراب حبه الفرات.... قرنفلاتي
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم
.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..
.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية
.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها
.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة