الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف كنا .. وكيف اصبحنا

رياض محمد سعيد
(Riyadh M. S.)

2017 / 3 / 23
المجتمع المدني


كيف كنا ... و كيف اصبحنا
كنا في الماضي نشاهد الناس من الاقرباء والغرباء عند زياراتنا لهم يستقبلونا في حب و وقار واحترام ، يكرمونا ويضيفونا ووجوههم تبتسم ، وعندما يزورونا نبادلهم الاحترام والود ونضيفهم ونكرمهم ونبادلهم المجاملة وقلوبنا منفتحة نتعلم من الكبار ونعلم الصغار العادات والتقاليد والاصول ، كانت القلوب صافية والمحبة حاضرة في الوجوه و العيون ، و كنا اذا فقدنا قريب نحزن ونرى اهلنا في حزنهم عندما يتشحون بالسواد .. كانت عادات عند العراقيين كثير و جميلة وعزيزة ونتباهى بها ونسعى لها ، كان اهالينا اذا فقدو قريب حزنو وامتنعو عن التلفزيون والراديو والضحك بصوت عال اكراما للفقيد واحتراما لأهله وتعظيم لذويه .
اما اليوم فقد كثر الاموات حتى صار العراقيين بقيمون المأتم الجديد قبل ان تنقضي ايام الفقيد الذي قبله ، يقيمون المأتم وهم يحملون عصى السلفي ويتنقلون بسياراتهم الفارهة و يجيبون على هواتفهم النقالة و المتطورة والتي تعزف على رنات اغاني البزخ العراقي الرخيص ، ولا بأس ان يخرج من مأتم ليحضر زفة احد الاصدقاء ويقضي بعض الوقت على الطريق للعشاء وتدخين الناركيلة قبل العودة الى البيت للمبيت ليبدأ يوم جديد .
هكذا هي حياة العراقيين اليوم بعد ان اصابهم الملل من كثر الاحزان و الهموم ، تراهم يستمعون الى اهوال مصائب اخوانهم الذين هجرو من بيوتهم التي دمرتها الحرب ، وينصتون الى الاخبار ومواقع التواصل الاجتماعي وهي تنقل اخبار الفزع و الموت و الفساد وقذارة السياسيين و تعرض فيديوهات النازحين وهم متراصين متزاحمين يتدافعون للحصول على لقمة خبز او بطانية من مراكز المساعدات ليسدو جوع وبرد اطفالهم الساكنين تحت الخيام .. يتبادل العراقيين هذه الفيديوهات بأسف وهم يشربون الشاي في انتظار بدأ مباريات كأس اوربا لأندية ريال مدريد وبرشلونة ، وعندما يحين وقت المباريات وتنتهي الاخبار تعود البهجة والضحكات اليهم ليعيشو اللحظة التي بين ايديهم لعلمهم ان النهاية قد تكون قريبة وانهم قد يلحق بهم الهم والحزن مثل ما لحق بغيرهم ، فلم لا يقضو ما لديهم من وقت و زمن بعيدا عن الاحزان.
لقد اصبح الحزن و الموت رفيقان لا فرق بينهما ، اصبحا بلا قيمة وبلا تأثير لدى العراقيين ، هكذا هي الحياة في العراق ، لا شيء يثير غضبهم بعد ان تشبعت نفوسهم بالحزن واليأس ، تركو كل شيء الى لا شيء واصبح اللاشيء هو القيمة التي تفرض نفسها عندما يرو ويسمعو ساستهم يعلنون في وسائل الاعلام انهم يسرقون الوطن من اموال الشعب ولا احد يردعهم .. لا شعب يحاسبهم .. ولا قانون ولا رقابة ، ويعلنون بكل قباحة انهم مستمرين في السرقة طالما الشعب لا ينتفض وغير قادر على ايقافهم .. واذا نهض بعض من الشعب فالقتل مصيرهم ، حتى اصبح الخوف يعني الموت وكلاهما امر مسلم به ولا مفر منه اذا ما حضر.
لذا لا تلم اخي القاريء اي عراقي تراه يتسكع في الشوارع يبحث عن اللهو و المتعة او ان ترى العراقيين يتبادلون الاحزان مثلما يتبادلون التهاني والافراح في النوادي ومراكز الترفيه ومعارض السيارات والمطاعم الفاخرة او ان تجدهم في الاسواق يقتنون الملابس واكسسوارات الزينة من الذهب فالعراقيين ما في بيوتهم من اموال فوق قدرات البنوك وما لدى النساء و الزوجات من ذهب ومجوهرات اضعاف مضاعفة لما في ودائع البنوك ، ذلك لأنهم يعرفون ان ما تجنيه اليوم ستفقده غدا او تفقد حياتك فيصبح بلا قيمة ، فما قيمة المال اذا كان الانسان لاقيمة له في وطنه . اما الفقراء ومن لا فرصة لهم لا في العمل ولا في السرقة و لا في السياسة ، فمصيرهم محكوم في خيارات محدودة بدايتها الاجرام و الادمان واخرها الموت والسجن .
واخيرا ... اذا كنت اخي القاريء من المتفائلين ، فأدعو من الله ان يكون تفائلك قريب قبل ان ينشأ ويكبر اطفال اربعة محافظات عراقية بمدنها يعيشون في مخيمات النازحين او في خرائب وعلى انقاض بيوتهم بلا تعليم ولا رعاية صحية ولا تغذية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يُفهم الفيتو الأمريكي على مشروع قرار يطالب بعضوية كاملة


.. كلمة مندوب فلسطين في الأمم المتحدة عقب الفيتو الأميركي




.. -فيتو- أميركي يفشل جهود عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدة


.. عاجل.. مجلس الأمن الدولي يفشل في منح العضوية الكاملة لفلسطين




.. رياض أطفال بمبادرات شخصية بمدينة رفح تسعى لإنقاذ صغار النازح