الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النّظام الرأسمالي في تونس فساد في الحكم ... الجزء الثّالث والأخير

الأسعد بنرحومة

2017 / 3 / 24
العولمة وتطورات العالم المعاصر


الانتخابات القادمة في تونس، تعميق للأزمة وتركيز لنفوذ الخارجي

لقد بدأ التحضير للانتخابات البلديّة المزمع عقدها قريبا , وبعدها الانتخابات الرئاسيّة والتّشريعية 2019 - إن تمت- ، كما أن آلة الدعاية لها قد انطلقت مبكرا لعلهم يتجاوزون خيبة انتخابات 23 أكتوبر 2011 وانتخابات 2014،والتي نأى كثير من الناس بأنفسهم عنها , وكانت الظاهرة البارزة هي عزوف الشعب عن المشاركة فيها , اذ لم يشارك من مجموع ثمانية ملايين ونصف شخصا الّا ثلاثة ملايين ومائة ألف شخصا.
لقد مرت أكثر من ستّ سنوات على خديعة الربيع العربي التي انطلقت سمومها من تونس، وماصاحبها من عمليات التضليل الفكري والخداع السياسي عبرشعارات "الحوار الوطني" و"التوافق" و"السلم الداخلي" و"الدولة المدنية".
وقد اتسمت هذه الفترة بممارسة الارهاب الفكري والنفسي والسياسي على الناس من خلال التلاعب بالملفات السياسية والاقتصاديةوالأمنية والعبث بأمن الناس وحياتهم وأرزاقهم وما رافق كل ذلك من قرارات ومواقف لا تخدم إلا الغرب المستعمر وشركاته العملاقة المنتصبة في البلاد تنهب خيراتها وثرواتها صباحا مساءا على طول البلاد وعرضها.
إنّ ماسبق ذكره كان وما زال يتم تحت حماية هؤلاء الحكام الجدد من رئاسة وحكومة وبرلمان مع شركائهم من أحزاب وهمية ومنظمات عميلة لا تستطيع الاستمرار والبقاء إلابتدفق الأموال الخارجية عليها من الغرب الكافربقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
وبعدكل هذه الجرائم التي تقع بحق أهلنا في تونس، وماصاحبها من مذلة واهانة لهذا الشعب العزيز الذي استمد عزته كباقي شعوب الأمةالاسلامية من عقيدته الاسلامية " وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِوَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ"، جاءت عملية سن الدستور باملاء من دوائر الاستعمار، ثم كانت فضيحة رفع التحفظات عن اتفاقية سيداو التي تشرع للفاحشة والفجور، وجريمة اغراق البلاد في الديون الاستعمارية عبر الاقتراض من بنوك المستعمر الكافر التي جعلها وسيلةلاستعمار الشعوب وتفقيرها.
ومن خلال تضليل الرأي العام، مورس بحق الناس أكبر عملية ارهاب نفسي وفكري عبر الترويج للافلاس والعجز مع أن حكام البلاد يسمحون للمستعمروشركاته بنهب خيرات البلاد من نفط وغاز وفسفاط وملح ويورانيوم وغير ذلك.
واليوم باتوا يستغلون ما صنعوه من "ارهاب"لعزل مناطق بأسرها عن باقي البلاد وكأنهم لا يكتفون بما عليه حال الأمة من تقسيمفرضته اتفاقية "سايكس بيكو1916" المذلة والتي أنتجت هذه الدول الكرتونيةالتابعة وهؤلاء الحكام العملاء.
وهملا يكتفون بذلك بل يمهدون لمزيد من التقسيم والفصل بحجة ايجاد مناطق عسكرية مغلقةبدعوى أنها مناطق عمليات لمحاصرة الارهاب الذي صنعوه ويحمونه ويريدون لهالاستمرار. فاعتبار أكثر من 35 ألف كلم مربع مناطق عسكرية مغلقة، وتحت أنظارالجميع، ما هي إلا مقدمة لتمكين أمريكا وحلفائها من الغربمن اقامة قواعد عسكرية دائمة في هذا البلد المسلم الذي انطلقت منه الفتوحات نحوافريقيا وأوروبا.
وفيهذه الظروف وحتى لا ينكشف وهم الاصلاح وزيف التغيير، كان لابد أن تظهر هذه الأعمال على أنها تعبير عن ارادة شعوب المنطقة وليست مفروضةمن الخارج من خلال مسرحية الإنتحابات. فأميركا وبعد تجربة احتلال العراق سنة 2003م تريد السير في سياسة كسب العقول والقلوب، وتريد أن تظهر نفسها أنهاناصرة الشعوب وداعمة لتحررها من الدكتاتورية.
وأميركاتريد أيضا أن يكون الحكام الجدد، وهم عملاؤها بلا شك ولا ريب، يتمتعون بدعم قاعدةعريضة من الشعب من خلال موجة الإنتخابات التي تجتاح المنطقة، وهو ما يظفي بعض الشرعية على قراراتهم وأعمالهم لصالح المستعمر الكافر.
إنالانتخابات المزمع عقدها في تونس، أو تلك التّي عُقدت في السّابق سواء كانت رئاسية أو تشريعية، لا تعدو أن تكون سوى عملية تضليل وخداع جديدة تمارس على الناس، ويتم تسويقها عن طريق أدوات الاستعمار الممثلة في بعض السياسيين والاعلاميين ومنظمات المجتمع المدني الذين تستعملهم أميركا لانجاح مشروعها "خديعة الربيع العربي".
إن هذه الانتخابات لا علاقة لها باختيار الناس ولا برضاهم، لأن التوافق السياسي بين القوى السياسية هو عنوان المرحلة. فالتوافق يقتضي أن يكون الجميع شركاء، وحتى يكونوا كذلك وقع تحديد كيفية الانتخاب من خلال القانون الانتخابي سلفا، وهو :
أولا:أن يكون الاقتراع على أساس القائمات وليس الأفراد، فبهذا الشكل لا يعرف الناخب من هو الشخص المعين الذي سينتخبه. وعليه فلا يحقق هذا النوع من الانتخاب التمثيل الحقيقي لأنه انتخاب لمجهول، والتمثيل الحقيقي هو الاقتراع على أفراد يعرفهم الناخب ويعيش معهم ويعرف تفكيرهم وميولاتهم ويستطيع أن يحاسبهم متى رأى أنهم قد انحرفوا. وقد سبق لعديد من رجال القانون أنحذروا من هذا النوع من الاقتراع ومن بين هؤلاء السيد قيس السعيد.
ثانيا:إن أغلب الأحزاب والحركات تفتقر لأدنى تواجد شعبي، فهي تجمعات حول أفراد ومصالح أوشعارات مبهمة. ومع ذلك فالتوافق يقتضي أن تكون شريكة في الحكم حتى ولو لم يخترهاالناس. وحتى يتم اشراكها في الحكم تم اعتماد نظام البواقي، وهو حجم الأصوات الباقية التي لم تبلغ النصاب الانتخابي ولا يمكنهاالحصول على مقعد. فهذه الأصوات تذهب لهذه التجمعات الاسمية التي لن تجد فرصة إلامن خلال هذه البواقي. وهذه أكبر مهزلة وعملية تضليل تمارس على الناس حيث يتماستبلاه عقولهم، فتعطى أصوات الناس لمن لم يحصل عليها ولا يستحقها؛ وكل ذلك يتم باسم القانون.
إن التوافق الذي تريده أميركا وتسعى إليه هو أن يتمبين مختلف الأحزاب والكتل السياسية التي تتبني جميعها فكرة أساسية واحدة وهي الديمقراطية، والتي تعني فصل الدين عن الدولة التي يروج لها الغرب الكافر.
ومن الواضح أن جميع الأحزاب والتكتلات الجماعية تتبنى نفس المنظومة الفكرية والقيميةالتي رفعها الغرب بقيادة أميركا مثل الحرية والديمقراطية والدولة المدنية والعدالةالإجتماعية وحقوق الإنسان.
إنجميع الأحزاب التي ترفع شعارات الغرب تلك، تظل مبهمة غامضة وتفتقر للوضوح والتفصيلفي تعاملها مع الناس، فهي لا تقدم لهم بديلا أو مشروعا فكريا وسياسيا نابعا منعقيدة الأمة.
فالأصل في الإنتخاب أن يكون على أساس ما اقتنع به الناس من بديل منبثق عن عقيدتهم التي آمنوا بها وهي العقيدة الاسلامية، وهي عقيدة التوحيد التي تناقض مع عقيدة فصلالدين عن الحياة التي تروج لها هذه الأحزاب ذات المرجعية الغربية أو التي تلك التي تدعي أنها ذات مرجعية اسلامية مع أنها تتبنى جل قيم الغرب السياسية والفكرية.
لذلك فالانتخابات القادمة لا علاقة لها بالتمثيل ولا بالتوكيل. فالانتخاب هو توكيل عن الشخص في الرأي إذا كان الأمر يتعلق بمجلس الشورى، وهو توكيل في الحكم إذا كان الأمر يتعلق بانتخاب رئيس الدولة. وفي كلتا الحالتين لا بد من حصول معرفة دقيقةبين طرفي العقد وهو الناخب والمنتخب أو الوكيل والموكل عليه؛ وهذا أمر غير متوفرفي الانتخابات القادمة.
وبالإضافةإلى ذلك فإن التوكيل في الرأي لا يكون في التشريع لأن المشرع هو الله سبحانه وتعالى، ومهمة الاستنباط هي للمجتهدين وليس للنواب، ولا عبرة للأكثرية أو الأقليةفي هذا الأمر، بل العبرة بالنص من القرآن والسنة والاجماع والقياس وليس غير؛ كماأنه لا عبرة للأكثرية أو الأقلية في الحصول على رأي فني أو اصطلاحي لأنه يحتاج لأهل الخبرة وأهل الاختصاص.
أماإذا كان التوكيل في الحكم فالانتخاب في الاسلام هو فقط للمترشحين للرئاسة من المسلمين الذين سوف يحكموننا بالإسلام. ومن يفوز بأكثرية الأصوات لا يصبح حاكما أورئيسا بمجرد حصوله على أكثرية الأصوات كما في النظام الديمقراطي الذي تروج لهأميركا.
فالانتخاب في الإسلام ليس طريقة لتنصب الحاكم في موقع رئاسة الدولة بل هو أسلوب لاختياره منبين المترشحين، أما طريقة تنصيب رئيس الدولة فيتم عن طريق بيعة الانعقاد؛ وهي عقد مراضاة واختيار بين الحاكم والمحكوم ومضمونها هو تطبيق الاسلام لا غير.
إنالحاكم في الإسلام ليس أجيرا عند الشعب يطبق ما يريده الشعب كما في النظامالديمقراطي بل الحاكم هو نائب عن الناس في تطبيق الاسلام، فلا يحق له أن يطبق غيرالاسلام. وإذا خرج الحاكم عن مضمون عقد البيعة في تطبيق الإسلام فإنه يخلع ويعزل،وإذا رفض قبول العزل أو الخلع فإنه يحارب. كما لا يحق للناس أن يطالبوا الحاكمبتطبيق غير الاسلام، بل يجبر من امتنع عن ذلك ولو بمقاتلته كما فعل أبو بكر الصديقرضي الله عنه مع المرتدين ومانعي الزكاة .
إن مايريده الغرب بقيادة أميركا من خلال هذه الانتخابات هو تثبيت مفاهيمه المنبثقة عنعقيدة كفر وهي عقيدة فصل الدين عن الحياة، وذلك حتى تصبح عقيدته بديلا عن عقيدةالتوحيد وبديلا عن المفاهيم الاسلامية وقيم الاسلام. "أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْلَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ(38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّلَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُم أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْلَهُمْ شُرَكَاء فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ (41) يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ(42)".
ماذايريد منا الغرب بقيادة أميركا؟
إن أهم ما يريده منا الغرب بقيادة أميركا بعد الانطلاق في الخديعةالكبرى"الربيع العربي":
أولا:تغيير عقيدة الأمة من العقيدة الاسلامية إلى عقيدة فصل الدين عن الحياة، والتي منها فصل الدين عن الدولة، وهذه هي الدولة المدنية، وفصل الدين عن السياسة، وهذه هي الديمقراطية، وفصل الدين عن الإقتصاد، وهذه هي الرأسمالية. ولذلك سموا عقيدتهم بالرأسمالية لأن رؤساء الأموال هم المتحكمون في الحياة والمجتمع والدولة عندهم.
ثانيا:تغيير العقيدة القتالية لجيوش المسلمين، وذلك عبر تحويلها من مقاتلة العدو الخارجي والمحتل إلى مقاتلة الشعب في الداخل بحجة محاربة الارهاب ومكافحة الجريمة المنظمة.هذا بالإضافة إلى الدور التقليدي الموكول إلى هذه الجيوش، وهو حماية الدولةالمدنية وعقيدة فصل الدين عن الحياة.
ثالثا:تكوين جيل من الشباب والنساء منفصل عن حضارته وعن عقيدته وعن تاريخه ومبهور بثقافة الغرب الكافروشعاراته، وبذلك يسهل على الغرب اغواؤه واشاعة الفاحشة بين صفوفه. وهذا الأمر هومن أهم أدوات تحكم الغرب في مصائر المسلمين.
رابعا:المزيد من تقسيم ما أنتجته اتفاقية سايكس بيكو لعام 1916 من دويلات كرتونية سوف يتجاوز عددها 80 دولة، وذلك حتى يسهل التحكم بها ونهبها وابقاء الاستعمار فيها. وتدفع الدول الغربية بلادنا الإسلامية نحو مزيد من التجزئة تحت عناوين حماية الأقليات وحق الشعوب في تقرير مصيرها، مستغلة ملف"الارهاب" الذي أنتجته على عينها لتسريع عملية التقسيم كما نرى ذلك فيليبيا واليمن والعراق وسوريا وربما حتى في تونس.
وحتى لا تظهر هذه الكوارث بمثابة جرائم غربية واستعمار جديد وتبدو وكأنها اختياراتشعوب، كان لا بد من وجود حكام ونواب للناس يحضون بدعم شعبي ويمررون المؤمرات الغربية عن علم أو عن جهل. لهذا جاءت موجة الانتخابات الأخيرة بعد انطلاق خديعةالربيع العربي في كل من تونس ومصر والجزائر واليمن وايران والعراق وتركيا لترسخ التضليل في وعي الناس والمؤامرة على الأمة.
إن مشروع الشرق الأوسط الكبيرالذي أعلنت عنه أميركا منذ 2004م، وما يسمى بـ"الربيع العربي"الذي تديره أميركا عن طريق عملائها ماهو سوى أحد المخططات الأمريكية من أجل تجديد استعمارها للأمةواحكام قبضتها على عليها بعد أن رأت منها بوادر التحرر والإنعتاق نحو الإسلام كماأنزاه الله على محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم. وما الانتخابات التي جرت وسوف تجري في تونس وغيرها من البلاد الإسلامية سوى محاولة هزيلة من الكفار من أجل اضفاء شرعية على الاستعمار الأميركي والأوروبي لبلاد المسلمين.
إن المشاركة في هذه الإنتخابات أو غيرها ضمن خديعة الربيع العربي ليست سوى وسيلة من الوسائل التي تجعلنا خداماوأدواتا عند أمريكا، تسخرنا لقضاء مصالحها الآنية والإستراتيجية..ومن الخسران أن تكونون جسرا تعبر منه أمريكا وحلفاؤها في أوروبا نحو القضاء على الإسلام والمسلمين..!!!
أمّا بالنسبة لتطبيق النظام الرأسمالي في بلاد المسلمين فانّه لا يمكن أن يحقّق نهضة حتّى ولو كانت نهضة خاطئة كالتي في الغرب وأميركا , والسبب في ذلك :
أنه نظام فاشل باطل يهدد وجود الانسان كانسان
والثاني أنه يطبق علينا عن طريق الاستعمار وبالحديد والنار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. امتعاض واعتراض وغرامات.. ما رأي الشارع العراقي بنظام المخالف


.. عبد الله حمدوك: لا حل عسكريا للحرب في السودان ويجب توحيد الم




.. إسرائيل أبلغت دول المنطقة بأن استقرارها لن يتعرض للخطر جراء


.. توقعات أميركية.. تل أبيب تسعى لضرب إيران دون التسبب بحرب شا




.. إبراهيم رئيسي: أي استهداف لمصالح إيران سيقابل برد شديد وواسع