الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ياهودايزم [14]

وديع العبيدي

2017 / 3 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وديع العبيدي
ياهودايزم [14]
الدين والدولة.. منافسة تدميرية..!

كل شخص يعمل ما يعتقده صحيحا، ويعتبره الافضل في حينه!..
بل ان بعض الاشخاص تكون له قناعة قوية، باللحظة التاريخية وفعل التاريخ، وان ما يشغل ذهنه، سوف يغير حركة التاريخ نحو الامام، او يفتح مسارا جديدا، يعدل مسار البشرية!. هذا الشعور/ القناعة الاخيرة، تكاد تغلب لدى اكثر الكتاب، وبعض السياسيين.
تأكيد الكاتب لطروحاته وقناعاته، مصدره احساسه الميتافيزيقي بأهمية كتابته لتعديل مسار التاريخ او الاضافة اليه. وهو ديدن بعض السياسيين/ الحكام غير العاديين، والذين ينتهون الى الذورة والدكتاتورية، او السقوط والادانة، بيد انهم في الحالين، يتصدرون الذاكرة التاريخية.
كان ضباط الرومان وسياسيوهم، على قسط كبير من العلم والدراسة، بحكم تربيتهم الخاصة والثقافة الرومانية وخبرتهم السياسية. ولا يجوز وصف أي حاكم او ضابط عسكري بالجهل ولانحطاط كما يجري لدينا، حيث نفتقر لثقافة سياسية.
والسؤال هو: الى أي مدى كان قرار قسطنطين صائبا؟.. علما ان قسطنطين الذي اعتنق عقيدة (الطريق)، كان يصدر عن قناعة شخصية، وهو نفسه لم يتعمّد، الا عندما كان على فراش الموت. أما قرار جعل (المسيحية) ديانة رسمية في الامبراطورية، فكان من انجاز خلفه، الذي استخلفه كأمر واقع، ومضى به خطوتين للامام!..
ان صوابية اية فكرة رهن بامتحان تطبيقها الواقعي، ونتائجها المباشرة وغير المباشرة. وقد تنجح فكرة ما في – مختبر- وتفشل في الواقع الحي. قد تنجح في بيئة معينة، وتفشل في غيرها. وثمة.. لا سبيل لاطلاق احكام وقرارات سريعة ومباشرة، بأمر سلطاني قهري، لا يأخذ بالتفاصيل وطبيعة الخلافات.
واعتقد ان الاغريق كانوا اكثر حكمة، عندما كان يتم تطبيق – قرار جديد- في مدينة او بلدية معينة، -في موضع اختبار-، وبناء على نجاحها أو فشلها، يمكن تعميمها او تقليصها، أو دراسة اخطائها وتعديل اسسها. وكثير من القرارت والقوانين فشلت لنقص الخبرة وعشوائية التعميم، وعدم الاخذ بتفاصيل الخلافات البيئية والاجتماعية والزمنية.
ولا ارى هنا.. صوابية اعلان الامبرااطورية الرومانية امبراطورية مسيحية. ولكن الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي كانت تنشده، لم يتحقق ابدا، حتى سقوطها المريع تحت قذائف محمد الفاتح، وهو بين التاسعة عشرة والواحدة والعشرين من سنيه، عندما دخل القسطنطينية- عاصمة بيزنطة التي بناها قسطنطين قبل احد عشر قرنا من ذلك.

هل للدولة دين؟..
الدولة شخصية معنوية تتشكل من مفاهيم وأطر ادارية، وبالتالي، فهي لا تفكر او تشعر، لا تنهض او تجلس ولا تتكلم او تئن. الدولة مثل السيارة والتلفون وملعقة الطعام، فهل تعتقد ان للسيارة او التلفون او الملعقة ديانة او عقيدة او قناعة او شعورا خاصا بها؟..
ولكن الذي يقود الدولة ويستخدمها هو شخص يفرض عليها قناعاته ورغباته، ويجعلها اداة ولعبة لخدمة اغراضه. وأسوأ انواع الدولة، هو -الاوتوقراطية- و- الدكتاتورية-، ومن نظائرها – الثيوقراطية-!.. ففي الاولى يستبد شخص الحاكم ويسخر مؤسسات الدولة لمصلحته ويطبعها بقناعاته، بوصف الرجل الاوحد في المملكة.
أما الدولة الثيوقراطية/ (الحاكمية الالهية)، فهي الاكثر نكاية ومراوغة ورياء، بافتراضها ان -الآله- هو رأس الدولة الحاكم من خلال شخص اختاره-، أو كرّس نفسه-، لتنفيذ الاوامر الالهية. وفي هاته الدولة – الاله- يتكلم ويامر ويغضب وينفعل ويصدر قرارات ترقية وتصفية، مثل أي حاكم او قائد عسكري.
لفهم أي ظاهرة اجتماعية او سياسية او دينية، لابد من البحث في اصولها وبداياتها وظروف تكونها. وقد مثلت ظواهر الحكم الاوتوقراطي والثيوقراطي بدايات الفكر السياسي واصول الحكم. ففي الحكم السومري – مثلا- كان شخص الحاكم هو صورة الدولة، ومنها صورة الدولة العربية حتى اليوم، ومنه الحكم القبلي، الذي شكل الحاضنة لتطور نظرة الحكم هاته.
أما الدولة الثيوقراطية، فقد عرفت في بابل الاولى [حمورابي يتسلم وثيقة الاحكام من اله الشمس- اله بابل الاعلى]، ومثل حكم الفراعنه في مصر، وصولا الى الحكم الصيني في عصوره الامبراطورية التي استمرت حتى قيام الجمهورية والحكم الشمولي.
في الدولة الثيقراطية، يلعب الكهنة دور – االممثلية الالهية سواء باتباع الكتاب الديني أو طاعة الانبياء الذين يكلمهم الله ويكلمونه-، وهذا يجعل من شخص – الحاكم- اداة لتنفيذ توصيات الطبقة الدينية، وواجهة لخدمة اغراضهم او رغباتهم. وتكون هاته الدولة مهزوزة ضعيفة الاستقرار، نتيجة الشد والجذب بين شخص الحاكم واشخاص قادة الدين.
الدولة الدينية هي حالة بدائية في الاجتماع السياسي، ولذلك تعتمد طرقا بدائية لاستحصال القوت، وتمويل نشاطاتها اليومية. فتتخذ الاساليب العسكرية للغزو والاستيلاء واكتساب الغنائم وسيلة لوجودها. علما ان فكرة الغزو وما يرافقها هو خلاف صريح لمبادئ النص الديني الذي يتذرع بالعدل والمساواة والاخوة البشرية. فالدولة الدينية هو اصل الدولة العسكرية المتمددة، الى اماكن تتوفر الموارد الطبيعية او المدنيات المزدهرة اقتصاديا. ومعظم مشاريع الاحتلال والسيطرة وصولا للاستعمار الحديث خرج من تحت عباءة الدين ومن بين نصوص وسطور اسفار دينية. وليس اخرها الغزو الامريكي للعراق الذي استند فيه بوش الابن الى أمر الهي(*). وكل ما يشهده العالم منذ سقوط حائط برلين من معارك وحرواب وأزمات في شرق أوربا ووسط أفريقيا، وما تلاها من حركات عنف ديني واسلام سياسي لا تخرج عن عباءة النص الديني وصراعاته على مستويين: ديني- ديني، ديني- علماني!. أما صراعات الشرق الأوسط والمنطقة العربية تحديدا فكلها صراعات دينية مباشرة أو صراعات سياسية بمرجعيات ومحركات دينية.
وادناه قائمة سريعة للدول والصراعات والأزمات ذات المرجعيات الدينية المباشرة وشبه المباشرة..
1- انشاء امبراطورية بيزنطه المسيحية [طائفة ارثوذكسية اغريقية] على انقاض الامباطورية الرومانية.
2- خلاف القسطنطينية عاصمة بيزنطه الاغريقية الارثوذكسية مع روما الكاثوليكية [المسيحية الغربية].
3- خلاف الاسكندرية المصرية وكنيستها الارثوذكسية القبطية مع كل من كنائس القسطنطينية وروما وانطاكية وفلسطين.
4- ظهور الاسلام كحركة دينسياسية تحولت الى قوة عسكرية متنامية بعد عقد من بدايتها في ظاهرة الدولة العربية الامبراطورية التي ناجزت كل من فارس وروما وبيزنطه العداء وتوسعت على حساب مستعمراتها في شرق المتوسط وشمال افريقيا، وانتهت في صورة دولة الخلافة [أي خلافة النبي الحكام والقائد العسكري].
5- تفتت دولة الخلافة الاسلامية الى دول وامارات واقاليم دينية منشقة ومتصارعة فيما بينها على أسس طائفية ومذهبية، مثل دول بني الاحمر في الاندلس، والقرامطة في البصرة والخليج العربي، والاسماعيلية في اليمن، وسلسلة الدول العبيدية في المغرب وتونس وصولا للدولة الاطمية في مصر والدرزية والاسماعيلية والنصيرية في بلاد الشام.
6- الدول البويهية/ (شيعية)، والسلجوقية/(سنية) في اطار الحكم العباسي القائم على اصول دينية باطنية ايرانية قديمة ممثلة بابي مسلم الخراساني وابي العباس السفاح.
7- انشاء الدول الامبراطورية العثمانية الصوفية السنية، وجنوح الدولة الصفوية لاعتماد المذهب الشيعي ديانة رسمية لايران، خلاف جاره العثماني السني، ولم يتوقف الصراع العسكري والديني التوسعي بينهما، والممتدة اثارهما في عراق ما بعد الغزو الانكلوميركي عشية هذا القرن.
8- انفصال الهند الى دول متعددة على اساس ديني برعاية المحتل البريطاني، وضد مشروع الهند الموحدة للمهاتما غاندي. حيث اعلن استقلال محمد علي جناح/ (1945م) بباكستان اسلامية/ الجناح الغربي لشبه جزيرة الهند، مقابل دلهي الهندوسية، ثم اعلان بنغلادش الاسلامية/(1973م)/ الجناح الشرقي لشبه جزيرة الهند. وما زالت تعيش الهند وجاراتها المسلمة صراعات بينية وخارجية على اساس ديني.
9- كل الحروب التي شهدتها المنطقة العربية هي صراعات سياسية عسكرية ذات جوهر واطار ديني، الحروب العربية ضد اسرائيل- [اسلامي- يهودي!]. ومنها حرب حزب الله اللبناني الشيعي وحركة حماس الاخوانية ضد اسرائيل.
10- الحرب الاهلية في لبنان، والحرب العراقية الايرانية، والعنف الديني في العراق لمرحلة ما بعد (2003م)، والحرب الاهلية في سوريا منذ 2011م، كلها ذات جوهر واحد هو الصراع السني- الشيعي، وغطاؤه الخارجي [ايراني- ارامكوي]، تحترق بناره مجتمعات لبنان وسوريا والعراق، وهو امتداد للازمة الاصلية التي قامت عليها دولة العباس السفاح.
11- ما يسمى بحركات الربيع العربي في البلدان العربية الجمهورية غير الموالية للمحور الانكلوميركي ذات جوهر ومرجعية دينية شلفية برعاية جيل الاستشراق الثاني والثالث، والذي انتهى بتسليم السلطات للاسلام السياسي المتطرف [تونس، مصر في عهد مرسي، ليبيا السلفية، تسليم الحكم في عراق الاحتلال لأحزاب شيعة موالية لايران].
12- سماح الغرب بنشأة امارات طائفية: حزب الله في جنوبي لبنان، حماس في غزة، الحوثيين في اليمن الجنوبي. والدعم الخارجي مستمر لاقليات طائفية شرق السعودية وغرب العراق، وفي شمال وجنوبي وغربي السودان.
13- حركات انفصالية على اساس ديني في دول وسط افريقيا مثل نايجيريا/(بوكو حرام)، حركة (شباب) في الصومال، وبلدان اخرى مازالت مرشحة للتأزم والانفصال على اساس اراق دينية، تتلاعب بها البيت الابيض.

ومن حاضنة الدولة الدينية، ظهرت الدولة الاتوقراطية والدمقراطية. ففي الاوتقراطية يحل شخص الحاكم محل – طبقة الدين والاله المزعوم- ويتولى الحكم وادارة الدولة والمجتمع لخدمة اغراضه وقناعاته. وفي الدولة الدمقراطية تحل طبقة وجهاء البلد/ الاغنياء/ اقطاع الارض/ البرجوازية التجارية- الصناعية محل طبقة الكهنوت في التحكم بتنصيب الحاكم – الممثل والخادم لمصالحها- وادارة الدولة بما يخدم وجهات نظرها وتنمية مصالحها واستمرار هيمنتها.
والنموذج الاخير هو السائد في اوربا الحديثة – باسم الدمقراطية- حيث تقود البرجوازية الاوربية عجلة الدولة والاقتصاد والمجتمع، بحسب رؤاها واستمرار سيادتها. وفي نصف القرن الاخير، يلحظ غياب الكارزمات السياسية الحاكمة، واستخدام شباب طموحين (للمال والصيت)* لشغل مراكز الدولة العليا وشغل وزارتها، بصفة موظفين تحركها اصابع ومصالح البرجوازية المستفيدة من –بزنس- الدولة. ومنها ايضا تولية نساء على الوزارة، حيث يمكن التحكم بهن من وراء الستار. وارتبطت ازمات بريطانيا مثلا باستلام امرأتين مرغريت تاتشر وتيريزا ماي. وكان ديفيد كاميرون المحافظ احل عشرة نساء في فترة ولايته الثانية في وزارته محل الرجال، منهن خليفته رئيسة البريكست.
فهاته ليست دول مدنية اقتصادية تتوزع بين اسواق المواد الخام وتصريف المنتجات، وانما مأفيات مالية(*) تمارس القرصنة المالية وكل انواع المغامرة والمقامرة، بدون وازع اخلاقي – تهميش الاخلاق والكنيسة- وتربية مجتمع ينقسم الى فئتين: مستثمر- مستخدَم. ومجتمع من طبقتين: الاغنياء المالكونن والفقراء المعدمون. وفي الحالين يخدم الاخطبوط الاكبر وحيتانه المتصارعة فيما بينها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• اعترف بوش على الملأ عشيه اصدار امره لقوات التحالف الاميركي بغزو العراق في مارس 2003م انه استلم رؤيا سماوبة تأمره بغزو العراق، وهي تذكر برؤيا قسطنطين مؤسس بيزنطة المسيحية وموضوع بحثنا هذا. ويؤكد بوش انه كان يبدأ يومه في البيت الابيض بالصلاة خلال مدة حكمه، وقد اسفر استفتاء اميركي خلال التسعينيات بانه الشخص الاكثر حمقا بين رؤساء الولايات المتحدة الى جانب سلفه الجمهوري رونالد ريغان. وقد ادان عدد من المفكرين الغربيين اتجاه ومزاعم بوش الابن، الممثلة لتسلط التيار الصهيومسيحي على السياسة الاميركية.
• عقب تنازل الاشتراكي فرانتسكي عن رئاسة الوزارة في النمسا خلال التسعينيات رشح وزير ماليته فيكتور كليما لتولي الوزارة للمدة المتبقية. ولوحظ ان كليما بدل التشبث بمستقبل سياسي في بلده، غادر البرازيل ليرأس مركزا ماليا لاحد شركات السيارات هناك. وقد خرج الاشتراكي توني بلير من رئاسته للوزارة البريطانية ايام غزو العراق بالتحالف مو بوش الابن/[فضيحة ايراك انكوايري] مليونيرا يمتلك قصرا في وسط لندن بالقرب من اجزرد رود وحصلت زوجته على شقة تقدر قيمتها باربعة ملايين ونصف من أموال ورشاوي خليجية. بينما كانت مجموعات وزارية في الحكومات البريطانية منذ عهد تاتشر ومن تلاها يستلمون رشاوي مليونية من المياردير المصري محمد الفايد وحكومات العراق ولبيبا والسعودية وقطر.
• الطريف انه بينا ما يزال بعض المثقفين العرب يجادلون في الدولة الريعية وغير الريعية لتوصيف بلدانهم، تحولت الراسمالية الغربية الى دول بورصة ومقامرة مالية مفضوحة، دون تناولها اقتصاديا وسياسيا من قبل المعنيين. فالهدف المباشر من غزو العراق وليبيا هو نهب النفط وشطف مسكوكات الذهب في بنوك البلدين، كلاهما حدثا في عهد توني بلير. بينما تتصاعد في وسائل الاعلام البريطاني ازمات العجز المالي ودعاوى حكومة المحافظين بتضخم حجم الانفاق البريطاني للتغطية على اسئلة غنائم الحرب. ويذكر ان كونديرا رايز مستشارة ووزيرة بوش الابن هي الوحيدة التي تطرقت لغنائم غزو العراق، وقد اختفت من وسائل الاعلام نهائيا، على غرار المس غلاسبي سفير الولايات المتحدة في العراق قبل غزو الكويت (1991م)، حيث تمنع الدمقراطية الغربية تسرب اية معلومات تفضح ممارسات دولها وزعمائها السياسيين، في مراكز اقامة جبرية، لمددة تقارب العقدين حتى يتم تناسي الامر، وتزوره سياسيا واعلاميا. وللمراقب التامل في دعاوى ترامب الحالي عن [قايك نيوز]!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س