الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاثية توفلر.. الفرصة الضائعة (2 / 3 )

محمد عبعوب

2017 / 3 / 25
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


23 مارس 2017م

بعد مرور عقد على طرح كتابه "صدمة المستقبل" الذي أثار عقب صدوره عام 1970م عاصفة من الجدل وشحذ ملكة البحث والتفكير بين أوساط العلماء لاستشراف ما يعد به المستقبل من ثورة جديدة في مجال المعرفة، قدم عالم المستقبليات الأمريكي آلفن توفلر بداية الثمانينات الجزء الثاني من ثلاثيته الشهيرة تحت عنوان "حضارة الموجة الثالثة"، وقد أثار هذا الكتاب صدمة فاقت في ردود فعلها كتابه الأول إذ منع تداوله وتوزيعه في عديد الدول، وذلك لإثارته ملكة التفكير في مستقبل العالم وهو ما تخشى حضارة التصنيع فتح بابه وخوض غماره، وقد حقق منع هذا الكتاب في بعض الدول كما هو معروف أكبر توزيع له عبر العالم واصبح منهاجا لكل مفكر في المستقبل ..

في هذا الكتاب يستعرض المؤلف ثلاث نقلات حضارية ثورية للبشرية غيرت وجه الحياة على الأرض، أولى هذه النقلات او الموجات كما يسميها هو تتعلق باكتشاف الإنسان الزراعة التي حولته من صائد متنقل الى مزارع مستقر مكونا المدن والقرى ومكتشفا طرق إنتاج ومفاهيم جديدة في الحياة مثل التجارة والسلطة وتوسيع دائرة تحركه واكتشاف ما حوله . وثاني هذه النقلات تجسدها ثورة التصنيع التي أفرزت الدولة الصناعية الحديثة التي نراقب ونعيش هذه الأيام لحظات احتضارها أمام زحف النقلة الثالثة التي تمثلها ثورة المعلومات والحواسيب التي تعود بداياتها الأولى الى خمسينات القرن الماضي عندما نجحت إحدى الجامعات الأمريكية في صنع حاسوب الكتروني بدائي بحجم بيت متوسط، والذي منه انطلقت ثورة المعلومات مكتسحة العالم لتتسيد المشهد في غضون عقدين من الزمن..

وتنبأ المؤلف في كتابه هذا بسيطرة الحوسبة وتقنيات المعلومات والبيوتكنولوجي وظواهر أخرى جديدة مثل الإنتاج المرن او المال فوق الرمزي وأسواق الطوائف وتحول وسائل الإعلام وعلاقة جديدة بين المنتج والمستهلك أطلق عليها اسم "المنتهلك، كما طرح فكرة إلغاء وتفكيك مقرات مؤسسات الإدارة والمكاتب وتحويل ما تحويه إلى رموز يتم إيداعها في أجهزة حاسوب يحملها الموظف حيثما حل يمارس من خلالها وظيفته في أي وقت ومن أي مكان. إضافة الى تعديلات عديدة للمواقف السياسية وممارسات الدول القومية.

ويتتبع المؤلف في هذا الكتاب وبتوسع مسارات ومراحل تسرب مفاهيم حضارة الموجة الثالثة القائمة على المعرفة إلى الأوساط العلمية في الدول المتقدمة وما صاحب توسعها وتطورها من اهتزازات وأزمات عكست مدى فشل وتآكل موجة الحضارة الصناعية بمفهوميها الرأسمالي والاشتراكي في تحقيق السعادة والحياة الكريمة للإنسان، و وحشيتها في التعامل مع تطلع الشعوب النامية للتحرر والفكاك من هيمنة الاستعمار ، وإلحاق أضرار بالبيئة يستغرق إصلاحها قرون من الزمن..

ويلفت المؤلف الى أن ما يصاحب انطلاق موجة الحضارة الثالثة في الولايات المتحدة التي تقود هذه الموجة وفي العديد من الدول المتقدمة المندمجة في هذا التحول، من تراجع في العلاقات الإنسانية وانهيار نفسي وارتفاع في معدلات الجريمة والانتحار وتخريب الممتلكات العامة وانحراف في القيم، كل ذلك يجب أخذه كارتداد لزلزال تحطم مرحلة الموجة الثانية، ومؤشر على وصول أولى موجات الحضارة الثالثة الى مختلف مكوناتها السكانية . ويؤكد أنه لخلق حياة عاطفية ذات قيمة للمجتمعات المتضررة من آثار موجة الحضارة الثانية، ومحيط نفسي لحضارة المستقبل (الثالثة) ينبغي توفر ثلاث متطلبات أساسية للفرد : الحاجة الأولى توفر مجتمع وهو ما فقده الفرد طيلة خضوعه لموجة حضارة الصناعة المادية المتوحشة ، والحاجة الثانية بنية تلبي تطلعاته نحو المستقبل، والحاجة الثالثة معنى يعطيه شعورا حيويا بالانتماء.

في كتاب الموجة الثالثة، يقدم توفلر "صورة شاملة وحذرة لحضارة جديدة وهي في فترة النشوء ، تتحدى بعمقها الثوري كل الفرضيات وأساليب التفكير والمعادلات و الايدولوجيات القديمة التي لم تعد تناسب الحقائق الجديدة بغض النظر عن فاعليتها في الماضي" .
يتبع..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل عمليتها البرية المحتملة في رفح: إسرائيل تحشد وحدتين إضاف


.. -بيتزا المنسف- تثير سجالا بين الأردنيين




.. أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط


.. سفينة التجسس بهشاد كلمة السر لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر




.. صراع شامل بين إسرائيل وحزب الله على الأبواب.. من يملك مفاتيح