الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الداكير( ارصفة الذاكرة)-الإلياذة

حيدر كاظم زاهدي

2017 / 3 / 26
الادب والفن


وبعد دخولها الغرفة المخصصة لفحص ومعالجة الاسنان في احدى القرى :
-لقد حملوني من تحت اذرعي واوصلوني إليك ..وذكرت اثنين من الاولياء الصالحين ..لن تصدق هذا !؟ لن تصدق انهم ساعدوني لان اصل المستوصف؟! استطردت تلومني مستهجنة ردة فعل رسمتها هي بمخيلتها ولونتها بردود افعال مؤلمة سابقة مستخدمة فرشاة رسم تشكل الانكسارات موادها الاولية
-تفضلي ايتها الحاجّة ..مم تعانين ؟! ..بمحاولة مني لحرف اتجاه هذه البوصلة الدوغمائية ..
-الحمّى تبدأ من القدم..تقول وهي تترجل الى مكان المعالجة، ظناً منها ان ما بأقدامها سبباً لآلامها العضوية ، فتأخذني لسلسلة من الاسئلة ، ترى هل نسيت والدة هذه العجوز غمس اقدامها بنهر ستيكس لتحميها ؟! وان صح هذا هل كان النسيان متعمداً ؟! وما المبدأ الذي اعتمدته في ذلك ؟ هل لانها أنجبت أنثى نقيضاً لما أنجبت ثتيس ، فأمنت جانبها ، ام لم يك تفكيرها ملحمياً ؟!
كان وجه العجوز غنياً جداً وكانت افكاري قبائلاً أيونية تارةً وايوليه ودورية تارةً اخرى تهاجم تجاعيده التي لا تختلف كثيراً عن مدينة اليوس (طروادة) النائمة على بحر البوسفور ، كان وجهاً ميثالوجياً بامتياز ..
كان صوتها المطالَب باصلاح أسنانها دون وجع توأماً لعبارات الرجاء التي استخدمها والد هيكتور لاستعادة جثمان ابنه المقاتل من مخالب (أخيل) والذي قدم من اسبارطة ثأراً لصديقه (باتروكس) الذي قتل على يد هذه الجثة قبل ان تفارقها الحياة ، كانت اثار الحصار والحروب على وجهها تشبه اثار حصار الجيش اليوناني لطروادة الذي انطلق لتحرير زوجة الملك المختطفة (هيلين )
كان وجهها رمادياً ..غنياً ، فقيراً..أدخلني عالم هوميروس
واخرجني بهدوء ..
انتهينا من العمل ..وبعد الإرشادات والنصائح..حمدلله على سلامتك ..قلت لها وغادرتني ، لا لانها تخلصت من الالم الملم بها ..يقول الكاتب الجزائري مالك حداد في روايته( التلميذ والمدرس) :
" ان الشقاء ليجمع الناس اكثر من الفرح " ..ولهذا السبب
لم يدم اجتماعنا ..
يااا عجوز على شاكلة وطن ..اغلقي هذا الباب ..ذهبت ولكنني ادخلت حصانها بيدي ..فحين غادرت ظننت انتهى الامر ، وان الستار قد اسدل على تلك الملحمة الإغريقية ، وان هوميروس قد غادر ، ظننته الحصان الذي ترك وحيداً في قصيدة محمود درويش والذي سيؤنس البيت فيما بعد..
واذا به ذاك الحصان المصنوع من بقايا أخشاب سفن الداكير المحطمة الباكية الكآيبه ، ليتحطم ليلاً وينفجر بالمقاتلين اللؤماء المدججين باسلحة الذاكرة ليحطموا فرحتي بذهاب العجوز الرمادية ، وينقضوا على عناصرها فرداً تلو الاخر ..لقد كنت جزءاً من فرحتي ..لقد كنت الامير اينياس ..نعم كنت الناجي الوحيد ..سوى انه لاذ الى لاثيوم اما انا فقد اخذت مساراً آخراً ابعد قليلاً لكنه اجمل ..
يتبع..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثلة رولا حمادة تتأثر بعد حديثها عن رحيل الممثل فادي ابرا


.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب




.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي