الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارهاب والعلمانيه

رفعت عوض الله

2017 / 3 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



الارهاب والعلمانيه
الأخبار الأخيرة التي نقلت لنا ما حدث من عمل إرهابي علي الجسر المؤدي للبرلمان البريطاني والذي راح ضحيته 4 ابرياء فضلا عن حوالي 20 جريحا بعضهم حالتهم حرجة علي يد إرهابي بريطاني مسلم من أصول اسيوية ، وُلد وعاش بانجلترا ، ولكنه رغم كونه مواطن إنجليزي ، إلا انه يضمر العداء والكراهية والمقت والبغض للانجليز وكافة الاوروبيين ويراهم كفارا قتلهم جهاد في سبيل الله ، وكأن الله إلها دمويا لا يرضيه سوي الدم المُراق ، وأشلاء الضحايا الذين يموتون بلا جريرة ولا سبب منطقي سوي إنهم من وجهة نظر القاتل كفار .
وأيضا الاخبار الاتية من سيناء المصرية والتي أفادت بأستشهاد 10 جنود مصريين منهم 3 ضباط إنضموا إلي الصفوف الطويله لشهداء الجيش المصري والشرطة في معركة الإرهاب الأسود القاتل.
إن إستشهاد اولئك الجنود البواسل خلف حزنا ومرارة ولوعة لدي أسر الشهداء ، ولدي الوطن والدولة والمجتمع ، وقلق من أستمرار نزيف الدم والضحايا ، وتساؤلات وشكوك .
فهل نحن نواجه الإرهاب مواجهة صحيحة تجعلنا قادرين علي القضاء عليه وتخليص البشرية المعذبة من وحشيته وهمجيته وعصفه بالحياة وبثه ونشره للرعب والفزع والترقب والقلق ؟
في ظني أننا ومعنا كل العالم المُضار من الإرهاب لا ندير معركتنا ضده علي الوجه الصحيح ،وبالتالي لا نصر قريب ، ولا قضاء عليه في المدي المنظور علي الأقل ، بل مزيد من دم الأبرياء الُمراق بفعل ضربات الإرهاب التي يسددها هنا وهناك .
نعم إننا يجب ان نواجه هذا الوحش الكاسر " الإرهاب " بالجنود والسلاح والعمليات العسكرية ،ولكن هذه هي أحدي وسائل المواجهة وليس كلها .
علي العالم ودولتنا المصرية أن تعي ان الإرهاب فكر وأيدولوجية متمكنة من عقول وقلوب الأرهابيين ،علينا ان ندرك أن الإرهابي رجل موت هو يقوم بعملياته وهو يريد ان يموت ،مثال ذلك التفجيريون الذين يفجرون أنفسهم مع تفجيرهم للأخرين الأبرياء ،لذا كلما قتل الجيش والشرطة أعدادا من الإرهابيين خرًجت مفرخة الإرهاب أعدادا اخري وهكذا في حلقة مفرغة بلا نهاية .
لذا البداية الصحيحة تكون في التعامل مع المفرخة التي تولد في كل يوم إرهابيين جددا ،يموتون ، ويحل محلهم أخرون وهكذا بلا نهاية .
إذن علينا أن نبحث عن طريقة لوقف تلك المفرخة . في ظني ان الطريقة هي نشر العلمانية في الدولة والمجتمع المصري الذي ينضح أصولية إسلامية ،وكذا في كافة الدول والمجتمعات الإسلامية التي هي علي منوال مصر .
بالعلمانية نتحرر من الهوس الديني ، ومن الأصولية الدينية التي تتوهم إمتلاك الحق المطلق الذي يعني ان من هو ليس أصوليا علي ضلال مطلق ، وهذا يعني انه كافر ، مما يعني وجوب قتله .
نشر العلمانية وتربية الناس عليها يحرر من هذا الوهم القاتل ، ويقرر أننا نعيش في عالم نسبي متغير لا مكان فيه للحقيقة المطلقة ،عالم يتسم بالاحتمال وقد يكون وقد لا يكون ، ومن ثم يفتح الباب لقبول المختلف المغاير ويمهد الطريق أمام السلام الإجتماعي والتعايش المشترك .
والعلمانية تربي الناس علي النظر للدين لا علي أنه دين ودنيا ،عقيدة وشريعة ، آخرة ودولة ، ولكن علاقة خاصة بين الفرد وربه ولا شأن للدولة والمجتمع بها . ودور الدولة ينحصر في تمكين كل فصيل ديني من إقامة شعائره ، وبناء دور العبادة الخاص به ، ومنع تغول الاكثرية الدينية علي الأقلية الدينية ، وتطبيق القانون ، وبث ونشر مفهوم المواطنة الذي يقيم الفرد بوصفه مواطنا متساوي في الحقوق والواجبات مع غيره من المواطنين دون تدخل من قبل إتباعه لدين معين ،او انتماؤه لطبقة معينة ، او كونه رجلا او إمرأة .
نشر العلمانية بين أفراد المجتمع ،وتربية الناس علي قيمها توجب إعادة النظر في المقررات الدراسية سواء في التعليم العام او في التعليم الديني الذي يقوم به الأزهر عبر معاهده من الابتدائي الى الثانوي وكلياته المتخصصة . في التعليم الأزهري يدرس التلاميذ والطلا ب الفقه الاسلامي السني . يدرس الطلاب فقه المدارس القديمة التي قامت في عهود دولة الخلافة الإسلامية . في هذا الفقه القديم الماضوي المنتمي لعصر غير عصرنا تسود النظرة الأصولية والعداء لكل ما هو غير إسلامي سني ، ويعج بشروط التعامل المذل المهين مع غير المسلمين السنة ،وتكفيرهم ووصفهم بالمشركين ،حتي الشيعة وهم مسلمون ينظر الفقهاء السنيون القدامي إليهم علي إنهم كفار .
ولعل كتب أبن تيمية وكتب تلاميذه تقول هذا بوضوح ..علينا ان ننظر لهذه المقررات التي تربي إرهابيين من خلال العلمانية فنحذفها ونركز علي تدريس ما يساعد علي ان يكون الدين اخلاقا كريمة ، وقبولا للإختلاف والتعدد ونبذا للتكفير ونهيا عن القتل .
في هذا الإطار علينا أن ننظر في دور المسجد فلا يكون منبرا لحض المتعبدين علي الكراهية ،والتعريض بعقائد غير المسلمين ، ولكن منبرا منه نبث مفاهيم الرحمة والبر والتعاون والإخاء والمساواة ، وان لا فضل لعربي علي اعجمي إلا بالتقوي و" أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي ، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم"
معركتنا ضد الإرهاب ليست بالسلاح وحده ولكنها معركة فكرية قوامها نشر العلمانية في الدولة والمجتمع والأفراد . بالعلمانية وحدها نستطيع غلق مفرخة الإرهاب الأسود .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد