الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحلام التقسيم وواقع العراق ما بعد داعش ح 1

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2017 / 3 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


أحلام التقسيم وواقع العراق ما بعد داعش ح 1


كثرت في الأونة الأخيرة ومن ضمن عمليات خلط الأوراق وغسيل للدماغ العراقي الشعب عبر سلسلة من الطروحات السياسية فكرة تقسيم العراق وتحويله إلى كانتونات طائفية وعرقية، تحت مبررات شتى أغلبها يعود لسبب واحد هو فشل العملية السياسية برمتها وما نتج عن ذلك من وضع سياسي ووطني غيسر مستقر وغير قابل للإصلاح، الطرفان الرئيسيان الذان يروجان لمبدأ التقسيم الكون فدرالي أو حتى الإستقلال هما الطرف الكردي أولا وعلنا، وثانيا الأطراف السياسية السنية التي هي جزء من منظومة الفساد السياسي وأحد أعمدة الطائفية في البلد، لكن هذا لا يعني أن هناك أطراف غيرهما تسعى لذات الهدف من خلال جر الطرفين إلى مزيد من التطرف في موضيع التقسيم وأعني بهم خصوصا الشيعة السياسيون من خلف أبواب مغلقة.
لا ننسى أن بعض من الأطراف الشيعي كانت قد أعلنت وبشكل صريح وواضح وعلنا رغبتها في ذلك وأقصد تحديدا المجلس الإسلامي الأعلى (زمن عبد العزيز الحكيم) والمتحالفين معها علة نهجها والدائرين في ذات الفكرة، إلا أن تبدلا حقيقيا قد حدث في الموقف المعلن عنها بعد رحيل عبد العزيز الحكيم وتولي نجله عمار مسئولية القيادة، ربما يسأل متسائل ما سر هذا التحول الجذري في الموقف الذي جعل من عمار الحكيم ودائرته المغلقة وبعض ممن يتبعون ولاية الفقيه في العراق منادين بالتسوية وإصلاح النظام السياسي عبر مبادرة التسوية التأريخية المطروحة اليوم للنقاش، ومحاولة ترتيب الوضع السياسي لمرحلة ما بعد داعش خصوصا.
حتى نكون قراء واقعيين للغة الخطاب السياسي العراقي لا بد أن يستنتج نقطتين مهمتين تفسران على الأقل هذا المسعى المستجد والمتجدد، وهما على التوالي:
• النقطة الأولى والتي يجعل منها البعض صوته عاليا بالتقسيم أو الكونفدرالية العراقية الجديدة هو إيمانهم الأكيد أن الوضع العراقي بجغرافيته السياسية وبواقعه الحقيقي غير قابل للتقسيم وفقا لما يوضع له من شعارات وأهداف وسنتكلم عن ذلك لاحقا، وكل الهدف من هذا الحراك أبتزاز الأطراف المتنافسة على بذل المزيد من التنازلات لتطبيع الوضع السياسي، والمعروف سياسيا أن في ظل الصراع أيا كان نوعه لا بد من خروج منتصر في النهاية يكسب المزيد من الغنائم مقابل تنازله عن سقف عال يضعه في مواجهة الأخر، الأكراد هدفهم ليس الإستقلال بالتأكيد وهم يعرفون تماما أن هذا الوضع غير مقبول لا إقليميا ولا حتى دوليا ولكن الهدف الظل هو كسب المزيد من الأراضي والمصالح الأقتصادية التي تعزز من وجودهم السياسي المؤثر على القرار العراقي مما يخرجهم من مفهوم القومية الثانية ليكونوا الند والمنافس الأقوى للزعامة العربية للعراق.
• أما الطرف السني وأقصد به سياسات رموز السنة السياسيين فيحاولون عبر هذا الطرح الحضور قويا في تحديد شكل ونمذجة الوضع السياسي بما يعيد لهذه الكتلة السياسية بالعودة التدريجية إلى موضوع السلطة من خلال أبتزاز الشركاء لأهداف في الغالب ليست وطنية بالتحديد ولكن هي جزء من منظومة الأفكار التي تمهد إلى مزيد من الضغط على شركاء اللعبة السياسية في محاولة عزل العراق من دائرة أقليمية أخرى، هذا الهدف يمكن تحقيقه بعزل العراق أولا من منظومته السياسية الحالية وتحالفاته الأقليمية، وثانيا إلغاء مفعول الأكثرية الديموغرافية التي يتمتع بها زعماء الشيعة على الواقع، وبالتالي مقايضة الرجوع عن التقسيم مقابل هدف أكبر وهو مزيدا من حرية القرار لها داخل مؤسسة القرار وإعادة هندسة الواقع السياسي العراقي جملة نحو ما كان عليه قبل 2003 .
النتيجة هي أن على العرب عموما والذي يشكلون أكثر من 85% من الشعب العراقي أن يقدموا تنازلات للطرف الكردي حفاظا على وحدة العراق الجغرافية أولا، وثانيا إاعدة ترتيب مفهوم الأمن القومي العراقي ودوره في الواقع الإقليمي بأعتبار أن تضحية الكرد عن المطالبة بالأستقلال تخويل هذه الأقلية حقوق أقتصادية مضاعفة وأستقلا شبه تام داخل الدولة العراقية ليعيش الكيان الكردي داخله بصفة (شعب الله المختار) حقوق مضاعفة وبدون ألتزامات متقابلة، أما في داخل الكيان العربي ستكون النتيجة إنكفاء القاعدة الدستورية التي تعط للشيعة دور قيادي في إدارة الدولة بالمشاركة النسبية مع الفرقاء والشركاء إلى لعب دور التابع والملحق للقوة السياسية القادمة، وإعادة العراق للحضيرة العربية لاعب أساسي في محور لا يمثل إلا دور الشريك اللا مستشار في الصراع الطائفي والقومي في الساحة الأقليمية.
عندما نقول أن كل الأصوات الداخلية والخارجية التي تنادي بالتقسيم تعرف تماما إن حصول هذا الأمر يعني مزيدا من تفجير الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة، ومزيدا من الصراعات التي ستحرق اللاعبيين الأقليمين أولا ولا يمكن بالقطع تحقيق أي أستقرار أو سلام أقليمي وهذا ما تعرفه تماما الدول الكبرى وصاحبة القرار النهائي في ترتيب الوضع العراقي، لا إيران كدولة معنية في المنطقة يمكنها أن تسمح لصراع مذهبي وقومي ينشأ على حدودها ربما يضعف من عمقها السياسي والعسكري والأقتصادي ولا تركيا بمنأى عن هذا الهاجس وتعرف أن أستقلال الأكراد فب شمال العراق يعني مزيدا من الدمار لمستقبل وجودها الجغرافي ودورها الإقليمي، كما تعرف السعودية أن حصول التفكك بواقع العراق سيؤدي في مرحلة ما إلى نوع من التحالف الأكثر عمقا وجديا بين إيران والجزء الأهم من العراق وهو وسط وجنوبه، وتعرف أنها هي مهددة أكثر من غيرها في التقسيم القادم مما يعجل من تفككها وصراعات السلطة على أشدها داخل دائرة الحكم الملكي وداخل دائرة الواقع الديموغرافي أيضا.
الأكراد بأعتبارهم أكثر الأطراف التي تنادي بقوة بالإستقلال يعرفون أن تحقيق الأستقلال لو تم يعني أولا أنتحار سياسي وأقتصادي لهم وهم يعيشون ضمن دائرة مغلقة من الجيران الذين لا يؤمنون بقيام دولة كردية، ثانيا يشعر الكثير من القادة السياسيين الكرد أن تحالفاتهم الحالية وفي عمقها لا تشكل أي دعامة مهمة للإستقلال، بل أن خطرلا تقسيم المجتمع والكيان الكردي هو أو نتائج الإستقلال، وهذه حقيقية لا يمكنهم نكرانها وهم الآن في مرحلة تقسيم حقيقي بين قوتين رئيسيتين برغم مرور أكثر من ربع قرن على وضعهم الحالي لكن الواقع يشير إلى إنقسام هذا الكيان بين مجتمعين لا يتفقان بأي حال على مبدأ دولة وسلطة واحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا - مالي: علاقات على صفيح ساخن؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. المغرب - إسبانيا: لماذا أعيد فتح التحقيق في قضية بيغاسوس للت




.. قطر تؤكد بقاء حماس في الدوحة | #غرفة_الأخبار


.. إسرائيل تكثف القصف بعد 200 يوم من الحرب | #غرفة_الأخبار




.. العرب الأميركيون مستاؤون من إقرار مجلس النواب حزمة مساعدات ج