الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ياهودايزم [16]

وديع العبيدي

2017 / 3 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وديع العبيدي
ياهودايزم [16]
هالوسين الهيمنة..

على غرار دوريات الفيفا- [منتخبات كرة القدم]، تعاقبت الدورات الزمنية في مراحل متعاقبة، تتخللها صراعات بلدانية/ أممية/ امبراطورية. وعندما انحصر الصراع بين الغرب والشرق، ثم حسمه لصالح القوة الواحدة الوحيدة في العالم، ثم انحسر الصراع –الراهن- داخل الغرب نفسه، وبين تياراته الفكرية المتنافسة(*).

في انتخابات البيت الابيض الاخيرة[2016م]، ظهرت ممارسات واخلاقيات غير مألوفة من قبل. فعندما كانت الولايات المتحدة في صراع قومي مع عدو خارجي، كان الامن القومي الاميركي يفترض ان يكون الداخل الاميركي صفا واحدا، ويبتلع خلافاته وفضائحه.
في الانتخابات الاخيرة تنافست هيلاري الدمقراطية وترامب المستقل كما لو كانا يمثلان بلدين متعاديين. وبينما كانت الانتخابات تنتهي بتبادل التهاني مع الفائز سابقا، استمرت المناوشات وتبادل الاتهامات والتهديدات بين التيارين الحاكمين في العام الماضي.
في نفس الاتجاه، نجد ان ترامب الجمهوري اصلا، كان مرشحا مستقلا، ولا يمثل كتلة الجمهوريين. ويختلف عنهم في خطابهم وبرنامجهم، وهو اكثر من انتقد سياسات سابقيه بما فيهم الجمهوريين، سيما في مجال السياسة الخارجية؛ والدمقراطيين، في السياسة الداخلية.
في ظل ادبيات المرحلة الجديدة، يبدو تودد ترامب لموسكو اكثر من احتمالات الانسجام مع مواطنيه الدمقراطي والجمهوري. وفيما تحاول بريطانيا استعادة دورها الامبراطوري المستقل في العالم – في ظلال البركست- والتودد لبلدان مستعمراتها السابقة، يكتنف الغموض برنامج ترامب العالمي.
ورغم الضجيج وفوضى الاعلام السياسي، لا يعرف احد، هل مشروع ترامب السياسي علماني ام ديني، في طبعة مسيحية ثالثة، تخالف برامج سابقيه –ريغان وبوش الابن- الجمهوريين!

(إما.. أو..)!!؟..
السؤال الاشكالي الديني الذي استغرق سورن كيركجورد طويلا، واخرجه في صورة كتاب يحمل نفس العنوان.
هذا النوع من التفكير السياسي السائد اليوم في عصر ردة الفكر، الذي فرضه الاحتكار الغربي الاميركي الامبريالي، للاستفراد بمنصة البشرية وتهميش الاخرين.
دالة التحول المرتدّ، ترسمت عندما قسم بوش الابن العالم الى محور الشرّ وحلفاء الخير، في استعادة علنية غير مسبوقة للتصنيف الديني [مؤمن/ كافر، خير/ شرّ]. وطالما ان المنظومة الدينية تستخدم نفس قواعد اللعبة، فقد وضع نفسه في دائرة الندّ في منظور الاخر، حيث يتبادل الفريقان المتصارعان نفس الاحكام والاتهامات كل من منظوره.
حدّد بوش الابن اربعة بلدان في نحور الشرّ، هي [ايران، ليبيا، العراق، كوريا الشمالية]، في استعارة دراماتيكية لنفس المصطلح في الحربين العالميتين الاولى والثانية، عندما جرى وسم الاعداء بدول المحور[المانيا، ايطاليا، الدولة العثمانية، اليابان]، فيما وصفت البدان المعتدية نفسها بالحلفاء.
وفيما كانت ثمة دولة مسلمة [واحدة من أربعة] في محور الشر السابق، صارت المعادلة [ثلاثة من اربعة] بلدان مسلمة، أما الطرف الرابع في المعادلتين فهو الثقافة، الديانة البوذية [اليابان/ كوريا الشمالية]. والمعروف ان اليابان والصين هما الظهير والعمق الستراتيجي الكامل لكوريا.
السياسة الغربية الحديثة – في مرحلة التبعية الاميركية- هي ردة فكرية حضارية، تتنافى مع تقنية الفكر الغربي وبيئته الحضارية البروتستانتية العريقة .- الولايات المتحدة الاميركية -نفسها- تمثل انشقاقا وانحرافا عن المركزية الحضارية الاوربية-!، وبما يقارب كلاسيكيا حالة تتماهى مع امبراطورية قيصر روما او بيزنطه، التي تجاوزها الزمن.

ماذا عن الصين والهند والروس والبلدان والمجتمعات والثقافات القديمة؟.. [Huntington: The Clash of Civilizations And The Remarking of World Order]
لم لا يكون من حق الافراد والشعوب والبلدان، اختطاط طريقها ومنهجها الخاص بها؟.. من غير تدخل خارجي، ومن غير منهج (أما.. أو..) التوراتية الكركجوردية!؟..
فكريا.. هل هذا هو المقصود بطروحات سامويل هانتغتون، وتهيئة الارضية التدميرية لصالح البقاء للأقوى الاميركي؟..
أم أن الولايات المتحدة الاميركية، تجازف عبر استعارتها نموذج الاستانة، ان تتعرض للانسحاق والهزيمة على يد محمد فاتح الجديد، يتيح عودة الشرق الامبراطوري لسيادة العالم، فيما تتنازع الامبراطوريات الغربية [الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، الاتحاد الاوربي] السيطرة والصراعات، وقد بلغ الغرور بكل منها مبلغا!.
وهكذا، يأتي الرد من مكان آخر، من الشرق تحديدا.. والاحتمالات مفتوحة على اخرها!..

عالم الحرب الباردة حسم الصراع والخيارات بين [شرقي- غربي/ اشتراكي- رأسمالي]. ومع انتهاء الحرب الباردة، انفرد النظام والمنهج الرأسمالي، وفي أعنف وأوحش اساليبه وتدرجاته، بالسيادة وفرض نفسه على مجتمعات الأرض، حتى ولو بتدمير الدولة وتفكيك الثقافات والهويات وتحويل المجتمعات الوطنية والقومية والثقافية الى مجتمعات متهرئة، تتوزع بين لصوص، قتلة، شحاذين واقليات محتارة.
وعلى نفس الغرار، فان عالم اليوم، -الذي تصطرع فيها التكنولوجيا الهمجية والاطلاق الغريزي الوحشي والفكر الديني وعالم الافكار والمثل، كل لفرض ارادته، وتسويد مشروعه، وترويض/ تهميش/ تصفية ما عداه-، هو مرحلة انتقالية، وعنق زجاجة؛ ما بين امتدادات المشروع الهللنستي، وامتدادات المشروع التوراتي المسيحي.

من منظور فكري سياسي ستراتيجي، ولمواجهة ابعاد المشروع الغربي الاستشراقي الذي ينظر نظرة فوقية عرقية استعمارية، من بؤرة المركزية الغربية الاميركية هاته المرة، على العالم الاسلامي التكتل والتقارب الاقتصادي والائتلاف السياسي مع العالم البوذي (شرق جنوبي اسيا)، وانتهاج سياسة واحدة في البناء والتنمية والادارة، تمهيدا لنقل القطبية والمركزية الدولية نحو الشرق، وتهميش العالم الغربي والاميركي الذي لن يتهيا له البقاء على قيد الحياة بمعزل عن اسيا والشرق. عندها يكون مجبرا على تقديم تنازلات ستراتيجية – وليس تكتيكية على طريقة الانجليز- والتخلي عن غرور العنجهية وعقدة السيادة والهيمنة باسم اسرائيل وذريعة السامية.

ــــــــــــــــــــــــ
• الولايات المتحدة الاميركية تناوئ الاتحاد الاوربي وروسيا الدمقراطية، والمملكة المتحدة تناوئ الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوربي وروسيا الدمقراطية. وفي نفس الوقت تخوض التيارات السياسية الحاكمة في كل بلد اوربي غربي، صراعات داخلية وبينية مع التيارات المنافسة لها، بحثا وراء خطاب سياسي جديد وهوية وطنية راسخة!. ففي التسعينيات صعد الحزب الحر النمساوي للسلطة مع حزب الشعب المسيحي المحافظ بزعامة شلوسيل في النمسا، وفي المانيا ائتلف الحزب الاخضر مع الحزب الاشتراكي الالماني بقيادة شرودر، وبعد فضيحة بلير صعد الحزب اللبرالي مع حزب المحافظين بزعامة كاميرون في دورته الاولى. وكل تيار سياسي يجاهد للبقاء والغلبة مستقبلا، بينما تتمخض المرحلة لانتاج تيارات سياسية جديدة، تناسب خطاب الالالفية الجديدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا


.. الجيش الإسرائيلي يدمر أغلب المساجد في القطاع ويحرم الفلسطيني




.. مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


.. يهود أمريكا: نحن مرعوبون من إدارة بايدن في دعم إسرائيل




.. مجلس الشؤون الإسلامية في أمريكا: الرد القاسي على الاحتجاج ال