الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شأن الإعاقة بالمغرب بين التأسيس وإعمال حقوق الإنسان

لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)

2017 / 3 / 30
حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة


في إطار تفعيل الشراكة الموقعة بين الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة درعة تافيلالت والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والتي حصل تصديقها بمدينة الرشيدية صباح يوم الاربعاء 25 من شهر مايو من العام 2016 وعملا بإحدى توصيات جمعية الأشخاص المعاقين بزاكورة وفيديرالية الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة بجهة درعة تافيلالت التي وقف عندها المشاركون في لقاء تحسيسي حول موضوع «الديمقراطية التشاركية، أي دور للمنظمات العاملة في مجال الإعاقة؟»، أريد منه- اللقاء- فتح باب نقاش بقاعة الاجتماعات بالفضاء الجمعوي بحي المسيرة بالرشيدية، بين الماهنين المؤسساتيين والمجتمع المدني حول السياسات العمومية مساء يوم الجمعة 27 من شهر يناير من العام 2017، يجرى تنظيم اليوم الدراسي حول «واقع تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة وآفاقه» يوم 30 من شهر مارس من العام 2017 بقاعة الاجتماعات بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة درعة تافيلالت، أدرج في برنامجه مداخلة حول «شأن الإعاقة بالمغرب بين التأسيس وإعمال حقوق الإنسان» تركز على ضمان التعليم، بما هو سبيل لتمكين الشخص في وضعية إعاقة. وتتناول، بعد إبراز شخصية المعاق في مقدمة سلطت الضوء على الواقع الغربي عامة، والمعاق شأنه بفرنسا خاصة، علما أنه – المعاق- في المغرب، وإن حضر ضمن النصوص منذ الثمانينات من القرن الماضي فإنه شخص مستهدف بالإحسان والعطف تأسيسا على الوازع الديني، منذ زمان بعيد. نقول تتناول بعده بروز شخصية المعاق ثم الاعتراف القانوني به، قبيل صدور اتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الإعاقة، والتي صدفها المغرب يوم 08 من شهر ابريل من العام 2009. وشكل ذلك التصديق أساسا لمساءلة الدولة على التزاماتها تجاه هذه الفئة.
يندرج المعاقون شأنهم ضمن الفقراء الذين لا يعتد بهم بالمرة وفي سنة 1785 تأسست مدرسة العمي من لدن فالوتان هوي Valetin Hauy، وما بين 1890 و1905 برزت ، في فرنسا، قوانين المساعدة الاجتماعية ونشأ التفكير في إدماج فئة المعاقين وإلزامهم بالتعليم. وفي حدود سنة 1909 صدر قانون ذو صلة بالفئة حمل الرقم 15. وعمقت الحرب العالمية الحس بالاعتناء بإدماج المعاقين إذ تأسس الضمان الاجتماعي سنة 1945 وابتداء من سنة 1975 بدأت تتمعلم سياسة تجاه المعاقين في اوروبا جميعها.
وحصل الاعتراف بحقوق الأشخاص المعاقين يوم 09 من شهر دجنبر من العام 1975، في إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي حمل نحوا من المكاسب من ذلك التعريف بالشخص المعاق. ومعروف في إعلانه أنه كل شخص لا يقدر على تحقيق، من تلقاء نفسه، كل ضروريات الحياة الشخصية، أو بعض منها، أو الحياة الاجتماعية العادية، بنقص خلفي، أو بدونه، لقدراته الفيزيولوجية أو العقلية. وضمن الإعلان المذكور الإقرار بولوج المعاقين كافة المؤسسات المفتوحة أمام العموم وإنشاء اللجان القطاعية للتربية الخاصة CDES ، تركز على الصغار المعاقين من مهدهم إلى بلوغهم 19 سنة، وإنشاء لجنة تقنية لتوجيه المعاقين غير المعمرين 20 سنة، وتصنيفهم مهنيا.
إن إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الأشخاص المعاقين يحمل الاعتراف بدرء كل أشكال الميز، أن يتأسس على الأصل العرقي، أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي، أو طبيعة الإعاقة، أو أي اعتبار آخر. ويحوي الإعلان الغاية من الاعتراف بحقوق الأشخاص المعاقين.
وابتداء من الثمانينيات من القرن الماضي نشأت الحقوق الفئوية تستقر على قرارات القانون الطبيعي. ففي يوم 12 من شهر مارس من العام 1981، كان تبني الميثاق الأوروبي للأشخاص المعاقين من لدن الجمعية الأوروبية، في مدينة ستراسبورغ. وحصل ما بين 1983 و1993 إعلان عشرية الأمم المتحدة لفائدة الأشخاص المعاقين لتنفيذ برنامج عمل للوقاية والتأهيل وتكافؤ الفرص.
ومنذ وقتها نشأ المعاقون المؤطرون سياسيا يعدون العدة بالمرافعة إلى أن صدرت اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة سنة 2006 والتي صدقها المغرب فعليا، وانضم إلى البروتوكول الاختياري، يوم 08 من شهر أبريل من العام 2009. وفي يوم 08 من شهر مايو من العام 2011 قدم المغرب التقرير الأولي، وفق أحكام المادة 35 من الاتفاقية. ومعلوم أنه لما تصدق الاتفاقيىة تحصل ملاءمة القوانين الداخلية ومضامين الاتفاقية، أو يجري سن قوانين جديدة. وكان بعد تجميد مشروع قانون 62.09 الذي حصل تداوله في رحاب الحكومة المغربية والبرلمان أن عوض بقانون إطار 13.97، ومن المفروض أن يستأنس القانون بالدستور المغربي كنحو ما هو مضمن في التصدير (حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة او الإعاقة، أو أي وضع شخصي مهما كان). وضمن التصدير ما يفيد (جعل الاتفاقيات الدولية كما صادق عليها المغرب وفي نطاق أحكام الدستور وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة). وهناك الفصل 34 من الدستور المغربي الذي يشير إلى السياسات العمومية بمعالجة (الاوضاع الهشة لفئات من النساء والأمهات، والاطفال والأشخاص المسنين والوقاية منها). و(إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية أو حسية أو حركية، أو عقلية، وإدماجهم في الحياة الاجتماعية، أن ييسر بإعمال الحق في التعليم.
وإلى جانب الدستور المغربي شرع المغرب في تفعيل إحدى توصيات مؤتمر فيينا لسنة 1993 أطلق المغرب الاشتغال على مشروع خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، وضمن أركانها- الخطة المغربية نقصد- الحقوق الفئوية. ولئن عرفت الخطة مطلا وتأخرا في تفعيلها مند سنة 2007 فإن شأن المعاقين، وضمن المعنيين، في مجال الحقوق الفئوية مفكر فيه ما دامت الخطة عرضانية في مقاربتها، وقد تغشى –لو نجحت الخطة ونزلت على وجهها- كل القطاعات، وتؤثر على السياسة العمومية. ويعنينا أن الاتفاقية تضمن حقوق المعاقين وضمنها الحقوق الاجتماعية الأخرى وإن ما يميز التعليم أنه حق يقضي الإعمال السريع، ولا يسري عليه الإدماج التدريجي كما هو شأن الحقوق الاقتصادية.
صدر القانون رقم 13.97 المتعلق بحماية الأشخاص في وضعية إعاقة، وحمل مفهوما مافتئ المجتمع المدني روجه كثيرا، في إطار تسمية الأسماء بمسمياتها. فالشخص في وضعية إعاقة ليس هو الشخص المنتمي لذوي الاحتياجات الخاصة، كما يشار إليهم.، في أكثر من مناسبة. فالسياسة العمومية التي لا تعتني بالمعاق، هي التي انشأت أمامه وضعا معيقا. وما كانت الإعاقة لتدوم في إعمال الحق في الولوج الشامل والتعليم والصحة. حمل القانون كذلك مفهوم التمييز على أساس الإعاقة (المادة 02) والسياسة العمومية في مجال الإعاقة واستغرق أربع مواد تخص إعمال الحق في التربية والتكوين، المادة 10 و11 و12 و13، وعبر التكوين يجري تمكين المعاق من الحقوق الأخرى، كما سلفت إليه الإشارة.
لكن هل القانون 13-97 مرض المجتمع المدني المغربي؟
جرى قبل صدور القانون المذكور أن حدث نخل مشروعه من لدن المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي يتولى بحث ملاءمة النصوص التشريعية ودراسة ملاءمتها والاتفاقيات الدولية التي صدقها المغرب، لذاك جرى بمدينة الرشيدية لقاء تشاوري احتضنته اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، وهي واحدة من آليات المجلس المذكور جهويا، يوم 29 من شهر يناير من العام 2015، بتأطير من الأستاذ أحمد برقية، ودعي للقاء 40 جمعية ذات صلة بالإعاقة. ويمكن الوقوف عند بعض الخلاصات التي رفعتها بعد نخلها مشروع القانون وتمحيصه. فمن ذلك ما يلي:
- مخالفة المشروع المذكور دستور 2011 والاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة.
- إغفال المشروع تكافؤ الفرص ودرء الميز، وذكر الإلزامية والمقاربة التشاركية.
- تناول المشروع الولوج بشكل ضيق مشيرا إليه في عموميته.
- ضرورة مراجعة الأهداف المضمنة في المشروع وصياغتها.
- سحب الأهداف ذات الصلة بالسياسة الصحية.
- صياغة الأهداف وملاءمتها لتكون قابلة للقياس والملاحظة.
- وجوب خلق فرص متكافئة للوصول إلى مستوى الترشيح في الانتخابات والفوز بها.
- وجوب توافر الشخص المعاق على المواصفات المطلوبة لدى الأحزاب.
- ضرورة توافر الجانب البيداغوجي الذي يمكن من مراقبة هذه القوانين وتمحيصها.
- ملاحظة بعض القصور على المادة 02 التي حوت تعريف الإعاقة، لأنه قائم على حدود ذات صلة بالمنطق الإحساني.
مراجعة بعض العبارات لعلاقتها بالمقاربة الطبية والمقاربة الإحسانية والاجتماعية.
- وجوب إدراج مادة حول المرأة في وضعية إعاقة وكذا الطفل المعاق.
ذلك ما جرت ملاحظته بمدينة الرشيدية ولقد أجريت لقاءات تشاورية من نوعها في 13 مدينة بالمغرب خلصت إلى ملاحظات شبيه وقد يجمعها المجلس الوطني لحقوق الإنسان ويرفعها ضمن مذكرة إلى الجهات المعنية، طبقا للفقرة الثانية من المادة 25 من القانون المنظم له، إذ يساهم في «تعزيز البناء الديمقراطي من خلال النهوض بالحوار المجتمعي التعددي، وتطوير كافة الوسائل والآليات المناسبة لذلك». وكما سلفت إليه الإشارة يتولى المجلس دراسة «ملاءمة النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل مع المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وبالقانون الدولي الإنساني، التي صادقت عليها المملكة المغربية أو انضمت إليها، وكذا في ضوء الملاحظات الختامية والتوصيات الصادرة عن أجهزة المعاهدات الأممية الخاصة بالتقارير المقدمة لها من لدن الحكومة» (المادة 13 من القانون المذكور). ورغم رفع مجموعة من المقترحات المهمة برز القانون 13.97 غير مرض لإغفاله تصديرا تشرح مراميه واستعماله لغة غير ملزمة، وبدا لبعض جمعيات المجتمع المدني إقدام القانون على تكريسه المقاربة الرعائية وتعاطيه مع الأشخاص في وضعية الإعاقة مجردين من صفة ذوي الحقوق، مستفيدين من مكاسب. وللتحالف من أجل النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة عدة انتقادات وملاحظات.
ولئن بدا القانون 13.97 غير سليم من العلة وبات النقض ملازما له، فإنه استجابة لمطلب التوقيع على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بسن قانون ذي شأن بالقضية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.. عشرات الطلاب يتظاهرون بالموت


.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي




.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون