الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة -المونسينيور العثماني-

المريزق المصطفى

2017 / 3 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


رغم حالة الأزمة السياسية وما ترتب عنها من أزمة اقتصادية واجتماعية، بسبب عدم قدرة السيد عبد الإله بن كيران، الرئيس المعفى من مهامه، على الخروج منها والإعلان عن الحكومة الجديدة التي لم يكتب لها النور في عهده، عاد الوضع السياسي من جديد إلى الوراء، بحثا عن وصفة جديدة على يد الدكتور سعد الله العثماني، الذي دشن مقاربته بإدعاءات وتصريحات، قيل عنها ما قيل، وصدقها من صدقها..
الآن وقد خرج عبد الإله بن كيران من المربع المعلوم، ليدخله رئيس حكومة مكلف جديد، يعرف الجميع أن لا شيء تغير، ما دام الأمر مجرد انتقال من حالة "البلوكاج" إلى حالة أكثر دونيوية سياسية، قد نسميها ب"مرحلة البلوفاج السياسي"، ونعني بها خدعة من الطراز العالي، في زمن "أوصوليي المونسينيور العثماني".
فكيف سيقتنع من جديد المغاربة بجدوى السياسة؟ إن المقاومة التي شاركنا في أطوارها ودافعنا عليها بكل ما نملك، كانت لأسباب سياسية، ولم تكن لأسباب شخصية، مع فلان أو ضد فلان! كانت مقاومة في إطار صراع سلطة، نريد أن تستمد شرعيتها من المملكة الأرضية وليس من المراجع الدينية. ما يعني أن الصراع السياسي المغربي أعادنا اليوم إلى سلطة العقيدة الدينية الممزوجة بالمخزنية والمالية والشيوعية والاشتراكية والأمازيغية، وجعل الإقرار بالأصولية، إعلانا واضحا على التخلي عن الدولة الحديثة.
لن نناقش من خرج ومن دخل ل"البلوفاج السياسي"، لأن الأمر في نظرنا، لا يتعلق بمن سيدبر السياسات العمومية، ومن سيؤثث حكومة " المونسينيور العثماني". إن الأمر أبعد من ذلك بكثير، وهو وجوب إقامة نظام مستقل للسياسة، وليس نظام متخيل إسلامي- مخزني، متعال عن أصوات الشعب الغنية بتعبيراتها وقيمها.
القضية اليوم هي قضية صراع سياسي، يدور بين مدرستين متعارضتين. الأولى، ترى في تشكيل الحكومة وما يجري من حولها من لهط ولهث، آلية لمواصلة الإصلاح وضمان الاستقرار، والحفاظ على التوازن خدمة للصالح العام. وهناك من يرى الوضع غير قابل للإصلاح، وعليه فإن المغاربة محرومون نهائيا من إصلاحات حقيقية، ومن حلم الدولة المدنية، الاجتماعية، الديمقراطية والحداثية.
وإذا كانت الرؤية الثانية تلقي تأييدا من قبل معظم الحركات الاجتماعية المغربية، في الداخل والخارج، وتعتبر البديل المنتظر، إلا أنه وللأسف، من يحمل سياسيا هذا المنظور، أصبحوا كنائس من دون مؤمنين. وأقصد هنا كل الأحزاب اليسارية المغربية من دون استثناء، والتي لا زالت تعيش على انتصارات بعض شعوب القرون الماضية، وعلى الإيديولوجية الاشتراكية التي وصلت إلى الباب المسدود، بفضل التحولات الاقتصادية التي شهدتها المجتمعات الصناعية، وبروز حركات اجتماعية جديدة غيرت مجريات الصراعات الاجتماعية التقليدية، في زمن الدفاع عن الطائفية والطوائف، والجماعة والمجموعات والتجمعات والإثنيات، بدل الصراع بين الطبقات.
وربما الخوف من قول الحقيقة كما هي، والاختباء من الناس ومن خلف المناضلين والمكافحين، وعدم القدرة على الخروج من المأزق، هو ما زاد الوضع أزمة.
فالأوضاع السياسية المغربية الراهنة، لا تحتاج لرفع الشعارات والتبجح بالمواقف والتغني بالقيم والتشدق بالتغيير. لقد آن الأوان للعمل على إحياء كل تراث المتنورين والليبراليين والماركسيين والماويين وغيرهم، وزرعه في تربة جديدة، أما نضالات الحركات الاجتماعية التي يختبئ في داخلها العديد من القياديين المحسوبين على الأحزاب اليسارية، هي النضالات الشرعية والمشروعة التي يجب تبنيها، ومساندتها، ودعمها، من دون الركوب عليها، حفاظا على استقلاليتها.
فليعلم الجميع الآن أن حكومة "المونسينيور العثماني"، إعلان جديد عن غياب "الموديل" السياسي المغربي الذي طالما حلم المغاربة بوجوده الاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي، والثقافي، وإعلان رسمي عن نهاية الأحزاب اليسارية المغربية، وانخراط جزء كبير منها في موديل "النيو- أصولية".
اليوم يجب الاهتمام بالأهم، خلق حركات اجتماعية جديدة لمواجهة التكنوقراطية، طبقة المسيرين الجدد، واقتراح نمط آخر من المعرفة الاجتماعية، وفهم شروط إنتاجها وسيرورتها وآفاق تطورها، وهذا لا يعني التفريط في تراثنا الكفاحي والنضالي التاريخي، وما قدمه الشعب المغربي من تضحيات جسام من أجل الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية. أبدا لا يمكن أن ننسى أبطالنا وأمجاد شعبنا.. ولعل ما تقدمه اليوم الحركات الاجتماعية من نضالات، إلا دليلا جديدا على انغارسها في المد السياسي الذي يربط الماضي بالحاضر، وقدرتها على لعب الدور الأساسي في المطالبة بالتغيير، والانتفاضة على كل من يريد أن يلصق هزيمته بتواجده السياسي في صفوفها.
إن تشكيل حومة "المونسينيور العثماني"، لن تختلف عن ما سبق من حكومات، في غياب إصلاحات جذرية، دستورية ومؤسساتية، تقودنا إلى ملكية ببرلمان قوي وبصلاحيات واسعة، يتبنى تشريعات جديدة ومستعجلة، وفي مقدمتها: الفصل بين الشأنين السياسي والديني، محاربة آفة الأمية لدى أوسع فئات المجتمع، إعطاء الأولوية للثقافة، إعادة النظر في منظومة التعليم والتربية والتكوين، والاستجابة لمطالب الحركات الاجتماعية (السلم الاجتماعي، الدفاع عن البيئة، احترام حقوق المرأة، احترام الهويات الاجتماعية والثقافية، توفير الشغل لحاملي الشواهد الجامعية..الخ)، واعتبارها نقلة نوعية في العمل السياسي الجديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا