الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة صناعة الصحافة

فتحي حسين

2017 / 4 / 2
الصحافة والاعلام



لا يختلف أحد علي أن الصحافة تواجه أزمة حقيقية خلال السنوات العشرة الاخيرة على صعيد الاستمرار، والوظيفة، والقراء والتمويل، وعناصر الانتاج والتوزيع وغيرها من مستلزمات هذه الصناعة التي تشكل الرأي العام وتمثل سلطة رابعة تراقب السلطات الثلاثة داخل البلاد , ربما نتيجة الارتفاع الجنوني في اسعار الورق والطباعة ومستلزمات الانتاج, وربما نتيجة الانخفاض الكبير في سوق الاعلانات والتوزيع الذي وصل الي أدني مستوياته ,وربما بسبب زيادة اعداد الصحف نفسها وظهور وسائل منافسه كالمواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي وربما بسبب استمرار تخلي نقابة الصحفيين عن دورها المنوط به في الحفاظ علي المهنة ومواجهة تحدياتها والارتقاء بكرامة الصحفي دون ان يتصارع اعضاء المجلس الجديد علي المناصب الداخلية في اول اجتماع بعد انتخاب عبد المحسن سلامة نقيبا !
علي أي حال فهناك تحديات تواجه الصحافة لابد أن تنتبه اليها النقابة بمجلسها الجديد أبرزها كيفية مواجهة انخفاض أرقام التوزيع للصحف المطبوعة وتراجع العائدات الإعلانية وارتفاع تكلفة الإنتاج كالورق والطباعة وحماية الصناعة من الانهيار ، وسيادة التوجه النفعي الرامي لزيادة الربحية وتعظيم الإيرادات على الصعيد الاقتصادي، وضعف معدلات القارئية، وتراجع التزام الصحف بقيم وأخلاقيات العمل الصحفي، والمسئولية المهنية،وفضائح لجنة القيد بالنقابة التي تضم موظفو المعاش المبكر وربات البيوت و"الناشطون" وفتيات الاعلانات ومن لا مهنة له بجانب شباب الصحفيين المحترفين ! وأزمة البدل والحاجة لزيادته بانتظام سنويا بالتوازي مع معاشات الصحفيين وازمة الاسكان ومشروع العلاج وتغيير قانون نقابة الصحفيين الموجود منذ 47 سنة حتي الان وكيفية تنمية موارد وصندوق النقابة وضوابط قبول الصحفيين الالكترونيين بالقيد .. وقد أدي انتشار المواقع الالكترونية والسوشيال ميديا أو مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك والتويتر وغيرها الي اختفاء بعض الصحف المطبوعة في الدول الغربية مثل أمريكا التي اختفي فيها 44 صحيفة يومية خلال خمس سنوات فقط، بالإضافة إلى اندماج الكثير من الصحف المسائية مع الصحف الصباحية المنافسة لها في المدن الأمريكية، وتراجع معدل توزيع الصحف في الولايات المتحدة من 62.3 مليون نسخة يومياً إلى 60.7 مليون نسخة يومياً عام ، واستمرار هذا التناقص بمعدل 8.1 % خلال عقد التسعينيات من القرن العشرين، حيث قدرت خسارة صناعة الصحافة هناك على صعيد القراء حوالي 6.5 مليون قارئ. صاحب ذلك تراجع دخل الصحف الأمريكية من الإعلانات بمعدل 6% في نفس الفترة. كما شهدت الصحافة في العالم الغربي تغيرات ملحوظة في أنماط ملكيتها، وفي هياكلها الإدارية والتحريرية، وفي اقتصادياتها وهياكلها التمويلية، وفي تقنيات وتكنولوجيا إنتاجها، تطلب معه حدوث تعديلات جوهرية في سياسات غرف الأخبار، وفي مفاهيم المسئولية المهنية للصحافة تجاه القارئ والمجتمع وهو ما ينبغي أن ننتبه اليه في صحافة بلدنا اليوم, فقد أدى هذا التحول إلى أن أصبحت هذه الوسائل كيانات اقتصادية في المقام الأول، تسعى إلى تعظيم الربحية، وتستجيب لمتطلبات السوق، بشكل أكبر من حرصها على تحقيق أهدافها المهنية والثقافية. الامر الذي دعا البعض الي المطلبة بانقاذ صناعة الصحافة من خلال حتمية التحول من الصحيفة المطبوعة إلى الصحيفة الإلكترونية، نظرا لتحقيقها هامشاً كبيراً من الربحية، من خلال زيادة المساحات الإعلانية بها. حيث تشير الدراسات إلى أن العائدات الإعلانية لهذه الصحف في امريكا قد بلغت 200 مليون دولار عام 2014، أضف إلى ذلك انخفاض تكاليف الصحف الإلكترونية بسبب تلاشي نفقات شراء الورق ومستلزمات الإنتاج وتكاليف التوزيع، التي تستهلك حوالي 75% من إجمالي دخل الصحيفة..! ناهيك عن ان معظم الصحف المصرية تعاني من مظاهر الجمود والتخلف الإداري الناتجين عن سيادة أنماط من القادة، يتم اختيارهم ربما على أسس تعلي من شأن الولاء والثقة على حساب اعتبارات الخبرة والكفاءة، الأمر الذي أدى إلى حرمان الأجيال الجديدة من المشاركة في تحمل المسئولية والإدارة، والمشاركة في صنع القرارات في مؤسساتهم، وعجز هذه المؤسسات عن مواكبة الثورة الإدارية الحديثة.
فلابد أن تعيد صحافة اليوم هيكلة نفسها، لمواجهة التغيرات المستمرة في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، والتي يفترض البعض أنها السبب الرئيسي وراء التهديد باختفاء الصحافة المطبوعة ولابد من توظيف الإمكانيات والتطورات الراهنة في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات كنوافذ في تقديم طبعات إلكترونية من الصحف لجذب جيل جديد من القراء إليها، وتطوير المواد والمضامين الصحفية للحفاظ على القراء الموالين للإصدار المطبوع.
وينبغي إعادة تعريف المهام المطلوبة من الصحف، وتطوير البيئة الثقافية والاتصالية التي تعمل بها، من خلال طرح وسائل إلكترونية مكملة لدور الصحافة المطبوعة، بحيث تتحول المؤسسات الصحفية من مجرد مؤسسات تصدر الصحف إلى مؤسسات منتجة للمعلومات. وقد يكون الاهتمام المتزايد بتحقيق الأرباح وتعظيم الإيرادات من المصادر المختلفة ـ خاصة الإعلان ـ والاهتمام بالجوانب الاقتصادية والإدارية في عدد من الصحف على حساب الجوانب المهنية إلى تراجع القيم المهنية، وأخلاقيات ومعايير الممارسة الصحفية، في مقابل تصاعد القيم الاقتصادية، وغلبه الاعتبارات والمصالح الشخصية، الأمر الذي أضر بالمسئولية الاجتماعية للصحف إزاء القراء وقضايا المجتمع، وأدى في النهاية إلى انصراف نسبة لا يستهان بها من القراء عن الصحف باعتبار أن سياساتها التحريرية لا تعبر عن رغباتهم واحتياجاتهم الفعلية، وإنما تعبر عن مصالح ملاكها والمعلنين بها، والقوى الفكرية والاجتماعية التي تساندها..لابد ان توجه نقابة الصحفيين والهيئة الوطنية للصحافة كل هذه التحديات والسعي الي علاجها باسرع وقت ولابد من عقد مؤتمر لنقابة الصحفيين يتناول الازمات والتحديات التي تواجه مهنة الصحافة والسبل الي حلها من قبل خبراء وشيوخ المهنة والاكاديميين وحماية الصحافة من الانقراض والحافظ علي الصناعة دون خسائر والاستفادة من تجارب الغرب في هذا الشأن . قبل البكاء علي اللبن المسكوب!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر