الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيادة الأمل

لارا رمضان أيوب

2017 / 4 / 1
الادب والفن


ولدٓ طفلاً جميلاً لقريةٍ صغيرة يتشارك رجالها الأعمال معاً، تساعد النسوة بعضهن في كل شيء يحزنون لحزن واحد ويفرحون لفرح واحد..
كبر وترعرع في أحضان تلك القرية تفوقُ دوماً في دراسته كان يملكُ وجهاً مبتسماً دائماً.. قلباً طيباً .. وكلمات جميلة..
أنهى دراسته الثانوية بتفوق والتحق اسمه بكلية الطب في جامعة حلب .
ذهبٓ ليحقق حلمه في واحدة من اكبر مدن سوريا
كان يدرس ويمارس مهنة الرسم ، الطبيب الرسام سيكون مشروع انسان عظيم ..
كان طالباً متفوقاً ، تنتظر القرية عودته في كل عطلة ليخضعوا للعلاج في منزله الذي كان منزلاً للجميع..
كان يُعاينُ كل من يقصد منزله دون أخذ أي مقابل مادي منهم..
كان جان يواعدُ أهل قريته أنه ما أن ينهي الدراسة حتى يعود ليعمل في مدينته ،
كان يحظى بمحبة الجميع ، فهو أيضاً كان يحب الجميع..
وجهه ذاك الذي كان يخبئ الكثير من الألآم لم تكن تفارقه تلك الابتسامة التي كانت ترسم الأمل في قلب كل من يجالسهُ تماماً كلوحاته التي امتلأت بمشاهد الفرح والألوان..
وحين أشرف على التخرج تلقى عقد عمل على مدار ستة سنوات ليعمل في أحد المشافي هناك
كان متردداً جداً فهو يُرِيدُ العمل في مدينته ولكن ظروف الحياة أحياناً تتغلب على كل شيء.
وافق وبدأ العمل ، بقي يرتادُ قريته كلما كانت تسمح له الظروف،
يشاركهم الأعياد وفِي كل عيد كان يخبرهم أنه ما أن ينهي ذاك العقد فأنه سيعود للعمل في مدينته وبين أهالي قريته البسطاء...
وما أن اقترب جان من إنهاء المدة ، بدأت الحرب تخيم في بلاده، لم يبالي بشيء فهو لا يهمه سوى أن ينهي سنين الفراق تلك بعودته التي سوف تملئ قلب والدته بالسعادة فهي تنتظره منذ سنين، سنين طويلة ..
عاد ذات يوم ليفاجأ أهل قريته أنه بدأ بمعاملات النقل وأنه عائدٌ ، بعد شهر كان جان يلاحظ فراغاً كبيراً بين بيوت قريته وكلما سأل أمه عنهم تجاوبه والدمعة في عينها:" الحرب لم تدع مكاناً لأحد يابني..."
سافر جان لينهي كل ارتباطاته في المدينة الثانية ويعود الى مدينته ، لم تتطلب إنهاء تلك المعاملات سوى شهر واحد..
وهو في طريقه الى مدينته راودته أفكاراً كثيرة..
سيرى الشتاء والمطر والطين وصوت ضحكات المدافىء ، سيسهر في ليالي الحصاد ، سيشرب الشاي كل صباح في بيته وبين ضجيج الذكريات والطفولة ، سيلتقي بكل من اشتاق سيفعل الكثير من الأشياء الجميلة .....
وحين اقترب من بيته لم يرَ سوى رجالاً كبار في السن يهتفون لعودته والحزن شريك كل واحدٍ منهم
اقترب جان من العم أحمد وسأله:" أين أولادك الشباب السبعة" يجاوبه بخيبة تسبق كلامه:" كلّ منهم في بلد ياولدي.."
يتقدم الى الخالة أمينة وأين زوجك وولدك ؟
تضمه وكأنها كانت تبحث عن سند لتلقي ثقل ذاك الحرب عليه وهي تقول:" لقد سافر ليعمل ويقدم لنا لقمة العيش"
على يمينه العم كرم جالسٌ يذهب جان إليه :" ما بك ياعم أين عائلتك؟"
- كانوا ينتظرون هذه اللحظة منذ زمن ولكن الحرب دوماً تضع بيننا حدوداً ودول إنهم هناك خلف الأسوار وها أنا وحيدٌ بعد كل هذه السنين.
على يساره أحمد الذي لم يبلغ من العمر عشر سنين "نعم عمي الطبيب أمي التي ربتني الآن هناك خلف الجبل..."
لم يظهر جان حزنه لهم كمحاولة ليزرع في قلب كل واحد منهم أمل انتهاء هذه الحرب ..
بدأ يحدثهم عن مشروع عيادته الذي سوف يكون عيادة لهم جميعهم...
كان جان يحب أبناء قريته جداً شاركهم كل شيء ودعاهم للاحتفال في افتتاح عيادته...
مازال جان كل صباح يذهب الى عمله وهو يقول للحرب ( سنعود جميعنا الى هذه القرية وستنتهين يا حرب ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و