الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكورد .. بين واقع الاستبداد ووهم الديمقراطية!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2017 / 4 / 2
القضية الكردية


بير رستم (أحمد مصطفى)
ربما تعتبر "الديمقراطية والحداثة" هي من أكثر المقولات الفكرية والفلسفية المعاصرة والتي تتم تناولها من خلال الميديا أو الدراسات والقراءات التي تتناول قضايا العالم المعاصر بحيث باتتا تشكلان جوهر المشكلات والقضايا التي تهم الإنسان المعاصر في علاقاته مع الكيانات السياسية والمجتمعية، إن كانت داخل المنظومة السياسية الواحدة أو مع المنظومات والكيانات الدولية الأخرى.. فما هي الديمقراطية؟! وهل ما زلنا نحتفظ بالتعريف القديم لها على إنها ((مشتق من المصطلح الإغريقيδημοκρατία باللاتينية: dēmokratía والتي يعنى "حكم الشعب" لنفسه))، كما كنا نتعلمه على يد أساتذتنا وذلك على مقاعد الدراسة والتعليم ونحن نحاول أن نفك أبجديات هذا المصطلح الغريب بحروفه ومعانيه اليونانية_اللاتينية، أم قد طرأ عليه الكثير من التعديل والتأويل وذلك خلال العصر الحديث ومع ما عرفه الإنسان من مبادئ وقيم أخلاقية خلال الأحقاب والمراحل التاريخية اللاحقة.

لكن وبالعودة للموسوعة الحرة فإن الديمقراطية؛ "هي شكل من أشكال الحكم يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين على قدم المساواة -إما مباشرة أو من خلال ممثلين عنهم منتخبين- في اقتراح، وتطوير، واستحداث القوانين. وهي تشمل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تمكن المواطنين من الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي. ويطلق مصطلح الديمقراطية أحيانا على المعنى الضيق لوصف نظام الحكم في دولة ديمقراطيةٍ، أو بمعنى أوسع لوصف ثقافة مجتمع. والديمقراطيّة بهذا المعنَى الأوسع هي نظام اجتماعي مميز يؤمن به ويسير عليه المجتمع ويشير إلى ثقافةٍ سياسيّة وأخلاقية معيّنة تتجلى فيها مفاهيم تتعلق بضرورة تداول السلطة سلميا وبصورة دورية". وهكذا يمكننا القول؛ بأن الديمقراطية هي تلك المنظومة السياسية التي تضع السلطات بيد الشعب كونه مصدر السلطات أساساً وكذلك هو الهدف والغاية الأخيرة لهذه المنظومة السياسية _نظرياً على الأقل_ بحيث تحقق له الحياة الحرة الكريمة.

إذاً ووفق السياقات الفكرية والأخلاقية التاريخية، فقد جاءت المنظومة الديمقراطية كإحدى أرقى المنظومات الإنسانية المعاصرة، لتحقيق السعادة أو الحلم البشري الهارب وذلك بعد أن (فقد الجنة) بخروجه أو بالأحرى طرده ملعوناً من "الحياة السعيدة"، باحثاً عن ما يعيده إلى تلك الجنان _أو على الأقل يشكل تعويضاً نفسياً وأخلاقياً عما فقده من سعادة أبدية_ فكانت الأساطير والأديان وصولاً للفلسفات والمقولات الحداثوية المعاصرة من قيم تطالب بحرية الفرد والعقل في منظومات سياسية اجتماعية تتصف بالعدالة الاجتماعية والحريات الديمقراطية وتحت بنود عدة اتفقت عليها في شرعة "حقوق الإنسان" وبنودها الأساسية أو ما يعرف بالمبادئ الأساسية في "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" والتي تتألف من ثلاثون مادة قانونية دستورية وأولها تلك التي تؤكد على أن؛ "يولد جميع الناس أحرارًا متساوين في الكرامة والحقوق. وقد وهبوا عقلاً وضميرًا وعليهم أن يعامل بعضهم بعضًا بروح الإخاء".

وهكذا فالأساس في الديمقراطية أو العدالة الاجتماعية هي قضية "الحرية والكرامة" وهما متلازمتان بالضرورة حيث؛ لا حرية دون كرامة ولا كرامة مع فقدان الإنسان للحرية ولذلك فإن الغاية الأساسية لأي منظومة ديمقراطية تحقيق ثنائية "الحرية والكرامة" البشرية.. وهنا نأتي لمجتمعاتنا الشرقية وضمناً المجتمعات الكردية وعلى الأخص في الإقليمين الجنوبي والغربي من كوردستان _أي الملحقين بكل من سوريا والعراق_ كون شعبنا في الجزأين الآخرين لم يحقق كيانه السياسي الإداري "الشبه مستقل" بعد وبالتالي فهو ما زال رازحاً هناك تحت نير الاحتلال والذي تنتفي في ظله أي قيم ترتبط بالحرية أو الكرامة، لكن وبعد أن أبعدنا الوقوف على أوضاع شعبنا الرازح تحت نير العبودية في كل من الإقليمين الكردستانيين الملحقين بكل من إيران وتركيا، فهل يمكننا القول: بأن الكرد قد نالوا حريتهم وكرامتهم في ظل الإدارتين الكرديتين في كل من "روج آفا" أو إقليم كوردستان.

أعتقد ليس من السهولة الإجابة على هذا السؤال حيث من اللحظة الأولى، ربما أي كردي سوف يجيب بالإيجاب وبكلمة "نعم"؛ كون هناك في الإقليمين إدارة كردية وإن كانت ذات ألوان سياسية مختلفة فهي بالأخير تعتبر إدارات كردية ويقوم أبناء المنطقة بتسيير أمورهم وشؤونهم وبالتالي الخلاص من الإذلال للمحتل الغاصب وقد بات الكردي يمكن له أن يعتد بنفسه مثل باقي مكونات المنطقة من ترك وعرب وفرس؛ أصحاب الدول والكيانات السياسية، لكن هل حقق الكرد كإنسان ومواطن اجتماعي تلك القيمة الأخلاقية والاجتماعية والتي تميز المنظومات السياسية الديمقراطية عن المنظومات المستبدة الديكتاتورية حيث هنا تكمن المعضلة والغاية الأساسية من قضية الحكم والسلطة والكيان السياسي الذي يعمل الفرد على الإتيان به كبديل عن ((فقدان الجنة)).. بقناعتي وفي ظل هذه المنظومات الفكرية والأخلاقية في مجتمعاتنا والقائمة أساساً على العقائدية الإيمانية؛ إن كانت غيبية لاهوتية أو سياسية حزبية، فلا يمكن القول بإمكانية تحقيق منظومات ديمقراطية.

إذ تنتفي داخل المنظومات ((المجتمعية القطيعية)) والمؤسسة على ثقافة القبيلة والتحزب أي شروط ومقومات حقيقية ذاتية لممارسة الثقافة الديمقراطية حيث هذه المجتمعات أو المنظومات وبطبيعتها التكوينية القائمة على الأيديولوجيا الواحدة وفكرة "امتلاك الحقيقة"، تفقد المجتمع مقومات التعددية والتي هي الأساس في أي منظومة سياسية ديمقراطية حيث إلغاء التعدد الديني أو السياسي يعني وبطريقة حتمية إلغاء للديمقراطية كيف وإذا كانت تلك المجتمعات رازحة تحت أعباء التخلف والجهل والأمية وتعاني من الفقر والبؤس المادي والثقافي، توارثته عن عصور وأحقاب طويلة ومريرة من سياسات الإلحاق والاحتلال ولتأتي المرحلة الحالية وتقود هذه المجتمعات أحزاب قائمة على فكر شمولي مستبد بحق الرأي الآخر، بل وتنادي بتخليد الزعامات الكاريزمية وكأن المرحلة والتاريخ والقضية واقفة على هذه الشخصيات الكاريزمية وأحزابهم وبأن "دونهم سوف تكون الكارثة".. وبالتالي وفي ظل هذه الثقافة المتقوقعة حزبياً، لا يمكننا نحن الكرد أن ندعي؛ بأننا حققنا الديمقراطية حيث لا ديمقراطيات في ظل ثقافات أيديولوجيا شاملة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا


.. عائلة فلسطينية تقطن في حمام مدرسة تؤوي النازحين




.. الفايننشال تايمز: الأمم المتحدة رفضت أي تنسيق مع إسرائيل لإج


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب




.. الوضع الإنساني في غزة.. تحذيرات من قرب الكارثة وسط استمرار ا