الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أين كنتم يوم كانت باقية وتتمدد ..؟؟

محمد حبش كنو

2017 / 4 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


قبل حوالي ثلاث سنوات كان المشهد كالآتي :
جماعات إسلامية متطرفة تخرج من رحم القاعدة تسمي نفسها دولة الإسلام في العراق والشام تتمدد يمينا ويسارا في المنطقة وتسيطر على غالبية حدود تركيا في سورية وتتوسع في ريف حلب ومدينة الرقة بأريافها الشاسعة الواسعة وأرياف ديرالزور وآبار النفط فيهما وحقول النفط في الرميلان وآبار الغاز في الشدادي وتتوسع في محافظة الجزيرة ثم تقتحم مدينة كوباني بقراها وتهجر 400 ألف إنسان في أكبر عملية تهجير حصلت في المنطقة برمتها .
في العراق يستولي التنظيم على ثاني أكبر المدن العراقية الموصل ويعلن خلافته هناك ويقتحم مدينة شنكال ويسبي على مرأى ومسمع دول المنطقة آلاف النساء اليزيديات ويبيعهن في أسواق النخاسة في مشهد مقرف عجيب يحدث في القرن والواحد والعشرين .
يتمدد التنظيم نحو الداخل ليصبح على مشارف بغداد ويستولي على المدينة تلو المدينة والقرية تلو القرية ويمد نفوذه حيث وصلت آياديه الآثمة ليقتل ويذبح ويرجم ويجلد ويبتر الأيادي والأرجل ويبث الرعب في النفوس ويتفنن بأدوات القتل وهو يصورها ويرسلها إلى العالم أجمع .

هكذا كان المشهد المرعب ولكن كيف كان الرد من دول ومكونات المنطقة تجاه هذا المشهد الغريب .؟

تركيا كانت صامتة وكأن ما يحدث على حدودها يحدث في جزر المكسيك ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن الوثائق التي حصل عليها الأمريكيون عند أبي سياف وزير بترول داعش أثبتت أن تركيا كانت تشتري البترول من داعش والجميع يعلم أيضا أن تركيا كانت المعبر الوحيد لإمداد التنظيم بالمجاهدين من كل دول العالم .

نظام المالكي في العراق لم يتجرأ على محاربة التنظيم بل انسحبت قطعاته من الموصل وتركت أسلحتها الثقيلة للإرهابيين في خطوة وصفها الكثير من المحللين بعملية استلام وتسليم بين الطرفين وقد ذكر رئيس الوزراء العراقي العبادي نفسه قبل أيام أن الفساد كان من أكبر أسباب تمدد داعش في العراق وسيطرته على كل هذه المساحات .

إيران كانت تتخذ موقف المتفرج وكأن الأمر لا يهمها وكذلك الميليشيات التابعة لها والذين يدعون أنهم يحاربون الإرهاب التكفيري في المنطقة وكان كل همهم المحاربة على جبهات المعارضة السورية في الأفق البعيد قفزا فوق ما يحدث بالقرب منهم وعلى مضاربهم .

النظام السوري حاول قدر الإمكان أن لا يصطدم بالتنظيم بل إنه هو نفسه من سلم الرقة لجبهة النصرة فرع القاعدة في سورية قبل أن تنشق عنها داعش وتستلم الرقة لتنسحب النصرة إلى الداخل السوري وعلى قدر ما كان يشن النظام قصفا عنيفا على حلب وحمص وأرياف دمشق بالبراميل المتفجرة لم يطلق يوما برميلا واحدا على الرقة ولا حاول الإقتراب منها أبدا .

روسيا قبل التدخل في سورية لم تحرك ساكنا وبعد التدخل لم تصطدم مع التنظيم وألقت بكل ثقلها على المعارضة السورية بشقيها المتطرف والمعتدل وبدا كأن أمر التنظيم لا يهمها لا من قريب ولا من بعيد .

السعودية ودول الخليج لم تفعل شيئا ووقفت موقف المتفرج وكأنه لا مصالح لها في سورية والعراق وليست جزءا من مشاكلها خاصة أن الكثير من مجاهدي داعش ينتمون إلى تلك الدول ولا يخفون امتعاضهم من أنظمة الحكم فيها وقد يرجعون إليها مستقبلا كأدوات للتخريب .

في المنطقة الكثير من الجيوش العرمرم التي تتفاخر بها شعوبها كالجيش التركي الذي يصنف كسادس أقوى جيش في الناتو والجيش السعودي الذي يصرف على تسليحه أعلى المداخيل في العالم والجيش السوري الذي يدعي أنه يحارب الصهيونية والإمبريالية وكل متآمر في المنطقة وهناك الكثير من الجيوش الفتاكة في المنطقة ولكنها كلها كانت صامتة صمت القبور .

مسيحيو الشرق كانو صامتين رغم أنهم كانو ضحايا هذا التنظيم والشيعة كانو صامتين والسنة كانو صامتين والعلويون كانو صامتين والدروز كانو صامتين والجيوش والدول والميليشيات كانت صامتة بل كانت متواطئة أحيانا وفي ظل كل هذه الزوبعة وحدهم الكرد رغم ضعف إمكانياتهم كانو يقاتلون .

الكرد وحدهم من تصدو بجدية لهذا التنظيم قبل أن يدعمهم التحالف وقبل أن ينشأ من جذره أساسا ودفعو أثمانا غالية من طهر دماء أبنائهم وبناتهم وكانو يتصدون لداعش وكل التنظيمات الإرهابية التي سبقته رغم ما فعلوه من قصف وحصار وتجويع للقرى والمدن الكردية وقد أبدت وحدات الحماية الشعبية الكردية في سورية والبيشمركة في العراق بسالة أبهرت العالم في التصدي لقوى التطرف والظلام والذين خرجو من رحم الكتب الصفراء مشبعين بأمراض التاريخ ليدمرو حضارة المنطقة برمتها .

نتيجة لهذا ونظرا لضربات التنظيم الموجعة داخل أوروبا أيضا تسارع الغرب لدعم الكرد وإنشاء تحالف دولي ضد داعش ولكن الغرب قبل ذلك لجأ إلى كل جيوش وتشكيلات المنطقة قبل أن يستعين بالكرد .. لجأ إلى تركيا وإلى المعارضة السورية وحتى إلى النظام السوري نفسه وإلى حكومة المالكي ولكن لا أحد استجاب إلى مطلب محاربة التنظيم بشكل فعال فاضطر الغرب للتحالف مع الكرد الذين أبدو جدية حقيقية لمحاربته ولم يبخلو بدمائهم ودفعو أثمانا من رجالهم ونسائهم ومدنهم التي تدمرت جراء الحرب وأنهك اقتصادهم كما هو الحال في إقليم كردستان ورغم ذلك لم يستسلمو فاستحقو المزيد من الدعم والتقدير .
اليوم وبعد أن تم كسر ظهر التنظيم بدأنا نسمع صوت الجميع تلك الأصوات التي كانت راقدة في القبور تنتظر يوم البعث حتى نادى مؤذن في آذانهم أن هبو فإن الكرد يحصدون المنجزات .

اليوم وبعد أن تم كسر ظهر الأفعى في مدينة منبج بفاتورة باهظة من دماء شبابنا سارعت تركيا إلى الإستيلاء على الجيب الهش في جرابلس حتى الباب بعد أن أنهك التنظيم في الخطوط الخلفية بل تطالب اليوم بعدم إشراك الكرد في معارك الرقة والمطالبة بمنبج جاهزة على طبق من ذهب متناسية أن التنظيم كان يصول ويجول على حدودها على مدى أربع سنوات دون أن تطلق عليها رصاصة واحدة .

اليوم تعلو أصوات البعث السوري والمعارضة السورية ضد دخول الكرد إلى الرقة بعد أن زال خطر داعش عنهم واليوم يتحرك البرلمان العراقي لرفض رفع علم كردستان على محافظة كركوك بعد أن سهلت لهم البيشمركة معركة الموصل التي دخلوها بعد الضغوط الأمريكية وحفظا لماء وجههم مما فعلته حكومة المالكي سابقا .

لولا الكرد لانهار الجميع ولسيطر التنظيم على دمشق وبغداد ولسحق المعارضة السورية وأصبح غولا يلتهم الجميع ويدوس على أعلامهم وأصنامهم ولكنهم اليوم يتفقون من جديد حين يتعلق الأمر بالكرد وتعلو أصواتهم مع الكرد وتنخفض مع داعش لكن الكرد لم يعودو كالأمس وأصبحو رقما صعبا ليس من السهل تجاوزه بعد أن ظهرت هشاشة الجميع أمام تنظيم وليد ظهر بالصدفة من رحم الصحراء و أمراض التاريخ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن