الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا أصبحت أصبحت شيوعيا

فاضل عباس البدراوي

2017 / 4 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


كان فاضل صبيا صغيرا، عندما بدأت مجاميع من الغرباء يتوافدون على مدينته الواقعة في أقصى شرق الوطن، هؤلاء الوافدون، الى المدينة، كانوا غريبوا ألأطوار، فأشكالهم لا تدل على انهم أبعدوا بسبب جريمة ارتكبوها، أبعدوا الى (بدرة ) هذه المدينة الوادعة التي يلفها الظلام عند حلول الليل، لافتقارها الى التيار الكهربائي، سكانها أناس بسطاء لايفقهون شيئا عن أسباب معاناتهم من الأستغلال والتخلف والحرمان، ولم يكن قد وصل اليهم صيحة كارل ماركس (يا عمال العالم أتحدوا) ولم يسمعوا من قبل بـ(نظرية الصراع الطبقي) بين المستغلين (بكسر الغاء) والمستغلين (بفتح الغاء) كأنما قدرهم أن يعيشوا هكذا حياة بائسة.
كان ذلك في اوائل خمسينيات القرن الماضي. بدأت ألأمور تتغير رويدا رويدا في المدينة، بعد توافد هؤلاء الضيوف الجدد، الأنيقوا المظهر، المهذبين والمتواضعين جدا، في التعامل مع بسطاء الناس، يتكلمون بلغة جديدة لم يألفها أهل المدينة من قبل. بدأت العيون تتفتح والآذان تسترقي السمع لكلمات لم يسمعوا بها قبلا،(ألأقطاع، الرجعية ،ألأستعمار، ألاستغلال، المطالبة بالحقوق، النضال )، كانت تلك العبارات كافية لأشعال النار في الهشيم، يتناقلها سكان المدينة فيما بينهم يقول البعض منهم، ان هؤلاء يريدون اقامة حكومة عدالة في العراق، بعد افتقادهم للعدالة. بدأ التنظيم يتوسع والوعي ينتشر بين صفوف الفلاحين والكسبة والشباب وطلاب المتوسطة، التي كانت قد أفتتحت توا. تشكلت النواة الآولى للجمعيات الفلاحية، واتحاد الطلبة، والتلميذ الصغير (فاضل)، يخط لأول مرة بالطباشير، في ظهيرة أحد الأيام، عبارة، تسقط السفارة البريطانية! على حائط احدى الدور، بالرغم من عدم فهمه الكامل لتلك العبارة، لكن (الضيوف) الجدد كانوا يرددون في لقاءاتهم بالناس والشباب منهم على وجه الخصوص، ان السفارة، هي التي بيدها مفاتيح الحكم أما الحكام فما هم الا بيادق بأيديها يحركونها كيفما يشاؤون لخدمة مصالحهم الاستعمارية.
من هنا بدأ الوعي الطبقي، يتغلغل في عقول الشباب ومنهم التلميذ الصغير، يتنامى هذا الوعي بمرور ألأعوام، يغادر فاضل مدينته الى العاصمة لألتحاق عائلته بشقيقه ألأكبر محمد، طلبا للعمل وهربا من مطاردات السلطة.
تفتحت اذهان ( فاضل) على الدنيا الجديدة في بغداد، ونسب الى خلية تضم مؤيدين منظمين، لصغر سنه، يكلف بواجبات حزبية، توزيع منشوارات، وايصال رسائل الى رفاق، جمع تبرعات للحزب، يعتقل الصبي في اواسط خمسينيات القرن الماضي ويطلق سراحه لصغرسنه، يشارك في انتفاضة عام 1956 بتوجيه من الحزب، انتصارا لمصر التي تتعرض لعدوان استعماري صهيوني. يجلب له مسؤله الحزبي (صبحي) أستمارة ترشيح لعضوية الحزب، ليخبره بأنه اصبح مؤهلا لأن يكون عضوا في الحزب، يملأ استمارة الترشيح بفرح غامر. تستقبل العائلة رفاق الحزب في البيت خلال اجتماعاتهم وتصبح الوالدة (المتدينة جدا) صديقة للحزب، بعدما ازيلت من عينيها غشاوة اتهام الرفاق بتهم باطلة وملفقة، هذه التهم التي لفقها ضد الحزب أعداء التقدم والتحرر والحياة الحرة للشعب، وأكتشفت نقيض ذلك، وجدت بالضيوف كل معاني الشرف والنبل والصدق والوفاء.هكذا مرت ألأعوام ( وفاضل) يتقدم من منظمة الى أعلى، ويتنقل بين المواقف والمعتقلات، ولم ينله ومن رفاقه الوهن من تلك الحياة الشاقة. ان ابتعد بعد تلك الأعوام عن الشيوعية كتنظيم لكنه ظل وسيظل قريبا من أهدافها السامية في انهاء استغلال الانسان لأخية ألأنسان، وفي وطن حر وشعب سعيد. تحية اجلال واكرام لشهداء الحزب والشعب ولمن يسير على نفس الدرب، ولم تنل من عزيمتهم العواصف الصفراء ومحن سني النضال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة