الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرمز في قصة -الرجل ذو العين الواحدة- مشهور البطران

رائد الحواري

2017 / 4 / 4
الادب والفن


الرمز في قصة
"الرجل ذو العين الواحدة"
مشهور البطران
من ميزات العمل الجيد اللغة الجميلة، الفكرة، طريقة تقديم النص الأدبي، "مشهور البطران" يتقن اخراج عمله الأدبي ويعتني به، كما يعتني الفلاح بالحقل، لهذا نقول أننا أمام نصوص في غالية الأناقة، ليس للغوتها فحسب، بل أيضا للشكل/طريقة تقديم الفكرة، فالراوي يستخدم الرمز، لكنه رمز غير عادي، وليس من السهل معرفته، فهو بحاجة إلى تدقيق وتوقف، لنعرف ماهية هذا "الرجل ذو العين الواحدة".
فهو يدخل البيوت غصبا: "احتل مكانه في البيت وكأنه يعرفه شبرا شبرا، راح يمارس حياته بأريحية، تماما كما لو أنه صاحب البيت." ص20، إذن (الرجل) يختار مكان خاص في البيت، ويتدخل في خصوصيات الراوي: "أخترق كل خصوصياتي" ص21، وهو يلتهم الأصابع في بداية افتراسه: "ـ هذه الأصابع تروق لي، لذيذة، أحب الأصابع البشرية" ص21، فهو إذن غير بشري، ويعمل على نزع/التهام/ الأصابع من الأيدي، ويحرص على عدم جعل فعل الافتراس متوحش، لهذا كان الافتراس بهذه الوصف: "...وراح يلوكه متحاشيا سيلان الدم من طرفي فمه" ص21.
من هنا يمكننا التعرف على هذا الوحش، إنه الكمبيوتر، لأنه يحتل مكان في المنزل، ويأخذ/يشغل أصابع اليد التي تنشغل في الضغط على أزراره، لهذا نجد ردة الفعل عند الراوي كانت باستسلامه: "استسلمت لرغباته الدموية ولم أفكر في الدفاع عن نفسي ولا حتى أن أصرخ" ص21.
الراوي يرفض الانصياع لهذا (الرجل) الحاضر غصبا، والذي يفرض ذاته اجباريا، ولأن بطلنا متمرد/كاتب فهو لا يريد أن يكون من المتقاعسين، لهذا نجده يفكر بطريقة يتخلص بها من هذا (الرجل) وفعلا ينجح في قتله، بواسطة السيخ الذي يغرزه في عينيه الواحيدة: "عاجلته بطعنة خاطفة في عينه" ص24، ويستمر في طعن بقية الأجزاء من جسده إلى أن يخلص عليه تماما، عندها، تعود أصابع الراوي إلى البروز/الوجود/الحياة من جديد: " إنا أصابعي تنمو من منابتها في كل يوم تستطيل قليلا" ص25.
بهذا النهاية يتمكن الراوي من العودة إلى ما كان عليه قبل قدوم هذا (الرجل) المرعب والذي غير معالم الحياة وشوه الجسد، لهذه نجد الراوي يقدم على هذا الفعل: "سأكتب كل شيء، لأن كل شيء يحتاج
إلى ترميم، حتى الذاكرة" ص25.
بهذه التفاصيل يخبرنا الراوي بعدم رضاه التام عن التكنولوجيا، فهي تأخذ منه أشياء وتجعلنه يتحول/يتغير/يستبدل سلوكه/أفعاله/ بأخرى لم يعتاد عليها.
لكن لنا سؤال حول القصة: ما الهدف منها؟، وهل محاربة التكنولوجيا ومعاداتها يخدم المجتمع والأفراد؟
الاجابة على الشطر الثاني من السؤال بكل تأكيد ستكون بالنفي، لكن الاجابة عن الشطر الأولى منه هو المهم، فالراوي يطرح همومه كإنسان في عصر التكنولوجيا، فهو يجد فيها سلب لشيء خلق معه، وهو يحارب هذا السالب/المفترس الذي يعمل على انهاء اجزاء من جسده، وهنا تكمن أهمية القصة، فطرق باب الاغتراب عند الإنسان في هذا العصر المتغير والسريع، يعد مسألة حيوية، ويجعلنا نطرح إلى أين نحن سائرون؟ ففقدان سلوك وطرق الحياة واستبدالها ليس بالشيء السهل علينا، ولا يمكن التسليم به هكذا، دون أبداء التخوف وطرح سؤال حول ما هو قادم/ما هو كائن، لهذا نقول بأن فكرة القصة عميقة وإنسانية وعلينا التوقف عند العديد من المحطات التي تبدو لنا للوهلة الأولى أنها لصالحنا ووجدت لخدمتنا، فالبحث عما تحمله في داخلها من أخطار تتعلق بسلوكنا وتفكيرنا مبرر تماما ومطلوب من أن نجد أجوبة على كل هذه التفاصيل.
القصة من مجموعة "أوهام أوغست اللطيفة"، منشورا الاتحاد العالم للكتاب والأدباء الفلسطينيين، الطبعة الأولى 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في


.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/




.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي