الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلم جميل بعد منتصف الليل

خليل الجنابي

2017 / 4 / 5
المجتمع المدني


في خضم المتابعة ليوم ٣١ / آذار / ٢٠١٧ وأنا أبحث عن الرفاق والأصدقاء شرقاً وغرباً لأبعث لهم بالتهاني والتبريكات لهذا اليوم البهيج ، وبنفس الوقت أتابع الفيديوات المُرسلة من قبل العديد من الأصدقاء وهم ينقلون أجواء الإحتفال في بلدانهم التي وصلوا إليها بعد هروبهم من الحكم الديكتاتوري البغيض وأصبحوا في منأى من نيرانه التي إمتدت لخارج الحدود . فرح وموسيقى وغناء ورقص وكلمات وأناشيد مطرزة بإسم الشعب والوطن وأعلام حمراء بلون الدم القاني الذي سُفك في مسيرتهم الطويلة التي تمتد لأكثر من ثمانية عقود .
ثلاث وثمانون عاماً مرت مند ولادة الحزب الشيوعي العراقي ، كانت حافلة بالأفراح والأتراح والتضحيات الجسام التي لم يبخل بها من أجل سعادة شعبه وحريته وكرامته ودفاعاً عن مصالح العمال والفلاحين والمعدمين والطبقات المهمشة وكذلك البرجوازية الصغيرة والمثقفين والأدباء والعلماء في شتى إختصاصاتهم ، إلى جانب الدفاع عن المرأة والطفولة والشباب في حياة لائقة وسعيدة .
نعم لم يبق من جيل العشرينيات والثلاثينيات إلا ما ندر ، ذلك الجيل الذي زرع تلك النبتة الصالحة في تربة وادي الرافدين الطاهرة التي رغم المحن والويلات المحاطة بها والتي أرادت لها أن تنطمر نهائياً إلا أنها بعد كل كبوة تنمو من جديد وتزدهر ثانية لأن جذورها إمتدت عميقاً في تربة العراق الزكية .
نعم خلال المتابعة المستمرة والتي إمتدت لساعات متأخرة من ليلة ٣١ آذار غلبني النعاس ورحت أحلم توافقاً مع تلك المشاهد الرومانسية الجميلة فكانت مترابطة كأنها فلم جميل قصته مستوحاة من ذلك الفلاح الأسطوري الذي زرع فسيل تلك النخلة الباسقة والتي جلس إلى جوارها عقوداً بلا كلل وملل ليسقيها من عرقه ودموعة ويعتني بها صيفاً وشتاءاً وخريفاً وربيعاً ، ويسكب قطرات من دمه كلما عز عليه الماء .
الشجرة نمت وكبرت وغارت جذورها عميقاً في الأرض ، وأصبحت عصية على الإقلاع رغم هول السيول والأعاصير التي أحاطت بها لكنها في كل مرة تتجد الفسائل من حولها لتنتشر رويداً رويداً لتغطي ذلك الحقل وتتجاوزه تباعاً لتغطي كامل تراب وادي الرافدين .
الحلم يتواصل وأنا أحلق كالطير فوق النهرين الخالدين دجلة والفرات لأرى كيف أينعت الحقول الخضراء من حولهما وأصبحت عامرة بالخير بعد أن أحاطها الجفاف ، لا أسمع غير هديل الحمام وزقزقة العصافير وخرير الماء ، ولا أشم رائحة البارود وصوت المجنزرات وأزيز الطائرات ، بل رأيت طيوراً بيضاء تحلق في السماء وفراشات زاهية الألوان تفترش الأرض مع شقائق النعمان الحمراء .
رأيت في الحلم أيضاً عمارات شاهقة قد حلت مكان الأبنية الخربة المتهالكة وشوارع واسعة لا تجد فيها ( ترافيك لايت ) للعبور بل كانت جسوراً متشابكة سهلة العبور لا يخسر المواطن فيها دقيقة واحدة من وقته ، رأيت مدارساً جميلة للصغار ومحاطة بحدائق غناء ومراجيح وألعاب الأطفال المتنوعة ، وللكبار مدارسهم وكلياتهم وجامعاتهم لا تفصل بين طلبتها ذكوراً وإناثاً غير مقاعد العلوم والتقدم ، رأيت مستشفيات عامرة مجهزة بأحدث الأجهزة والتقنيات الطبية الحديثة ، ورأيت أيضاً دوراً للحضانة ودوراً لكبار السن وأخرى للأيتام . أفرك عيناى وأنا غير مصدق حين أدخل إلى المصانع المختلفة التي أصبحت المصدر الوحيد للصناعة الوطنية التي نفتخر بها وهي تضاهي السلع الأجنبية بإمتياز . مزارع نموذجية شديدة الخضرة تملأ البلاد طولاً وعرضاً تأمن الغذاء لكل فرد ويزيد منها للتصدير .
لم أرى فواصلاً وحواجز بين شرق العراق وغربه وشماله وجنوبه ، ولم أرى أعلاماً ترفرف فوقه غير علم العراق الموحد الذي تتوسطه شمس تموز الساطعة التي تنشر الدفىء والأمان بين ربوعه .
نعم هذا وأكثر ما رأيته في الحلم ليلة ٣١ / آذار وكنت أتمنى أن يطول الحلم لفترة أخرى كي أستطيع فيها المرور على قبور تلك الشخوص التي ضحت بحياتها وإعتلت المشانق وهي تهتف للشعب والوطن ومن أجل عراق أفضل ولأسمع منها رأيها فينا وهل كنا ( خير خلف لخير سلف ) .
إنقطع الحلم فجأة على أثر صوت مدوي لمرور طائرة حربية تخترق حاجز الصوت لأستيقظ بعدها من تلك الأحلام الجميلة التي خلتها حقيقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ترصد الواقع المأساوي للاجئين السودانيين في تشاد


.. لحظة اعتقال فتاة فلسطينية من بلدة كفر مالك شرق رام الله




.. مفوض عام وكالة الأونروا يحذر من مجاعة بعد تردي الأوضاع في غز


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - مفوض عام الأونروا يحذر من أن المج




.. اعتقال رئيسة وكالة مكافحة الفساد في الجبل الأسود بتهم تتعلق