الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مغادرة المغرب

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2017 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية



بسبب ما تعرضت له من اعتداء عدواني وغاشم ، حيث أُدْخلت السجن بملف مزور ومطبوخ ، عنوانه " اهانة الضابطة القضائية " ، في حين انه ملف سياسي يصفي حسابات سياسية ، بسبب كتابات سياسية درجت على نشرها بانتظام ، وحيث أنّي تساءلت عن ما هي العلاقة السببية بين تهمة " اهانة الضابطة القضائية " ، وتضمين ملفي لكتاباتي السياسية ، لان السؤال . هل أنا أمام المحكمة بسبب تهمة " الإهانة " ، ام بسبب مقالاتي السياسية ، كاتبني بعض الإخوة عبر الميسانجير ، وبعض الإخوة الآخرين والأصدقاء الذين إلتقيتهم في الشارع ، حيث طلبوا منّي المغادرة فورا الى أوربة ، حماية لحريتي ، وتفاديا للاعتداءات العدوانية التي أتعرض لها على أيدي عبداللطيف الحموشي ، والشرقي ضريس .
إني اقدر مواقفهم ، واشكرهم جزيلا على خشيتهم عليّ ، من أيّ مكروه قد أتعرض له حالا او مستقبلا . لكن السؤال : هل الخروج من المغرب هو حل ؟
نحن أبناء المقاومة وجيش التحرير ، حين كان آباءنا يناضلون ضد الاستعمار الذي احتل المغرب ، فذلك لكي نعيش فيه نحن كجيل ، وتعيش فيه بعدنا الأجيال اللاحقة ، والى أن يرث الله الأرض وما عليها . ان الخروج من المغرب ، وبهذه الطريقة ، سيكون خيانة لما ناضلوا من اجله ، وضحوا للبلوغ إليه آباءنا ، كما سيكون جُبنا وخوفا ، من مجابهة العدوانية ، والظلم المستشري في البلاد ، بدون حسيب ولا رقيب .
لماذا أغادر المغرب وارحل عنه ؟ هل هو مغربنا ام مغربهم . إن أنا غادرته ، وغادرته أنت ، وغادره الآخر و الآخر .. فلمن سنتركه ؟ لهم وحدهم ؟
المغرب مغربنا ، هو لنا ونحن له ، هو منّا ونحن منه . نحن المغرب والمغرب ألنّحْنُ . فلماذا نتركه لهم ؟ ان الخروج من المغرب ، او مغادرته ، لن تؤثر فيهم بشيء . بل ستسعدهم ، وستدخل عليه الفرح والبهجة والسرور ، لأنه بمغادرتنا ، سيكونون قد تخلصوا منّا ، وممّا يسمونه بمشاكلنا . ان غادرنا مغربنا فارين مثل الأرانب ، سنترك لهم مغربنا ليعيشوا فيه لوحدهم بدون مشاكل ، لأنهم حين ينظرون إلينا باحتقار وازدراء ، يعتبروننا أصل المشاكل . إنهم حين يشاهدوننا نسير بأرجلنا فوق تراب مغربنا ، ونشغل حيّا من ترابه ، واقفين او متنقلين ، او ماشين على الأقدام ، ونحن ببساطتنا وطيبو بتنا نضحك ، ونتبادل الأفكار والتحية والسلام ، يستغيضون ، ويتنرْفزون ، لأنهم يكرهوننا حد التخمة ، لأنهم يعرفون انّ كرهننا لهم ، كمفترسين ظالمين ، وفاسدين ، وعدوانيين ، و حكّارة ، اكبر ، واكبر بكثير من كرههم لنا . إنهم الأقلية والقليلة ، ونحن الأغلبية الغالبة ، لأننا نحن الشعب . فهل هناك ارض بدون شعب ؟ .
ان غادرنا ، ومغادرتنا ستفرحهم ، وستسعدهم ، سيكونون قد نجحوا في حرماننا من تنفس هواء مغربنا ، واستنشاق نسيمه العليل ، وسيكونون قد نجحوا في إبعادنا عن هموم شعبنا ، وهموم مغربنا . لذا يجب التمسك بالأرض ، بأرض المغرب ، ارض الآباء والأجداد ، لأنه بلدنا ، وليس بلدهم لوحدهم .
نعم حياتي هنا في خطر ، لكن لكل اجل كتاب ، ولكل بداية نهاية ، ودوام الحال من المحال . لقد كنت مشروع تصفية جسدية من قبل مجرمين بسبب كتاباتي ، وبسبب رفضي للظلم والانبطاح ، والمجرمان هما ، المدير السابق لمديرية مراقبة التراب الوطني ، الغير المأسوف عن ذهابه ، عبدالعزيز علابوش ، و العامل عبدالسلام الزيادي الذي كان يشغل الشخصية الثالثة بوزارة الداخلية . لكن إرادة الله كانت ولا زالت أقوى وأعظم . مات المجرمان موتة ندعو الله ان يحفظنا منها ، وادعوه ان يُنزّل عليهما اشد العقاب ، وهما الآن في الآخرة ، أمّا أنا ، فالله أرادني أن استمر في الحياة ، وها أنا لا أزال مستمرا ، مناضلا ، لا أخاف في قول الحق لومة لائم ، وما بدلت تبديلا ، ولا لحست رجل احد ، أو ركعت لآخر .
الموت حتمية وقدر ، وان كان سيأتي ، سيأتي بأجله ، وسيلاحقني حتى ولو غادرت المغرب فارا من الخوف . فإذا كان لابد منه ( أي الموت ) ، فمن الأفضل الموت فوق تراب المغرب لا خارجه ، ولأدفن في ترابه الذي ضحى من اجله آباءنا المقاومين ، وضحينا نحن من اجله لفائدة أجيالنا القادمة واللاّحقة . إننا نفضل ان نموت موتة الشجعان لا موتة الفئران ، كما نفضل ان نموت شامخين رافعين رأسنا إلى الأعلى ، مثل موتة الشجر ، لا ساجدين راكعين ، لان الركوع والسجود ، هو لله وحده الجبار القهار ، الذي سيقهرهم في الحياة قبل الممات .
من هنا أدعو كل المناضلين الغيورين ، وأحرار وشرفاء الشعب المغربي ، التمسك بالمغرب ، والارتباط به ، وعدم مغادرته إلاّ للظروف القصوى ، كالتطبيب والعلاج ، او الدراسة . أما ما عدا ذلك ، فالمغادرة ستفرحهم وستسُرّهم ، وستُخلصهم من رؤيتنا ، كمشهد يشغل حيّزا من التراب الوطني ، ويتنفس هواء لو وجدوا القدرة ، لفرضوا علينا ضرائب من اجل استنشاقه . ان البقاء في المغرب ، والتشبث بالأرض ، والذوبان وسط الشعب ، هو فرض عين ،ف وواجب وطني ، لكل مناضل ، ووطني غيور ، ولكل شريف حر .
النضال خارج الحدود ، لا ابخسه ، ولا اقلل منه . إن لكل مناضل ظروفه الخاصة . انه نضال له أهميته وقصويته ، وبفضل مناضليه ، يتم تعريف الرأي العام الأوربي والأمريكي ، بقضايانا وهمومنا ومشاكلنا ، وبالاعتداءات العدوانية المسلطة علينا ، والظلم الذي يتعرض له المناضلون بمختلف مشاربهم السياسية والإيديولوجية ، ويتعرض له شعبنا ، الذي يعيش في الفقر والظلم واللاّمساواة في الحقوق والواجبات .
ان أفضل خدمة تقدمها المعارضة المغربية خارج الوطن للشعب المغربي ، هي تجنب التسطيح والتشكيك ، وتبادل السب والقذف ، والنقاشات العقيمة التي لا فائدة ترجى منها ، والتي تُباعد المواقف ، وتباينها ، بين الفرقاء السياسيين . ان أهم خدمة تسدد للشعب المغربي ، هي ان تحصل وحدة ، او على الأقل تنسيق بين المكونات السياسية بالخارج ، على ان يكون الهدف المشترك الإستراتيجية ، والاختلاف التكتيك .
ان معارضة الخارج ، هي تكملة لمعارضة الداخل ، ومعارضة الداخل ، هي جزء من معارضة الخارج . الجميع من اجل الدولة الديمقراطية ، والعدالة الاجتماعية ، وحقوق الإنسان ، والمساواة بين جميع المواطنين .

فلكل من يفكر في المغادرة . لمن ستتركون المغرب الذي يغلي ، والشعب الذي يتماوج ، والذي هو في أمس الحاجة إليكم ؟ المغرب يتحرك ، شمالا وجنوبا ، شرقا وغربا . فأين ما فتحت أعينك ، ستجد الجماهير تتحرك ، رافضة للظلم ، رافضة للحكْرة ، رافضة للاستبداد والفساد ، ورافضة للعدوانية . الجماهير تتحرك في الريف ، قلعة المجاهد عبدالكريم الخطابي ، تتحرك في أقاليمنا الجنوبية ، قلعة المجاهد احمد العينين ماء الهيبة ، تتحرك في سوس العالمة ، قلعة العلامة مختار السوسي ، وتتحرك في كل المغرب ، قلعة الثوار ، المهدي بن بركة ، الفقيه محمد البصري ، عمر بنجلون ، محمد بوكرين ، عبدالله ابراهيم ، عبداللطيف زروال ، أمين التهامي ، سعيدة لمنبهي ، عبدالسلام المؤذن ، جبيهة رحال ، وكل شهداء حركة التحرر المغربية .
ان علامات النصر تلوح في الأفق ، والظلم والعدوانية ، والاعتداء على الناس ، مهما بلغ أقسى درجاته ، فهو ساقط لا محالة . فاصبروا وصابرو ، ولا تقلقوا ، ان فرج الله قريب ، وما دامت لقارون ولا لفرعون ، حتى تدوم لغيرهما .
لقد فشل كل شيء . فشل مسلسل التحرير ، وفشل مسلسل الديمقراطية .
فشل مسلسل التحرير ، حين دخلت أزمة صحراءنا المغربية النفق المسدود . وفشل مسلسل الديمقراطية ، حين قاطعت جماهير شعبنا كل الألاعيب التي قدمت لها .
ان مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة . لقد قطعتم الآن 999 خطوة ، ولم تبق لكم إلاّ خطوة واحدة لبلوغ الألف ميل الذي هو الدولة الديمقراطية .
النظام مجبر خلال السنتين القادمتين على الدخول الحقيقي الى الديمقراطية ، وإلاّ سيفقد الصحراء ، وسيفقد سبب وجوده ، لأن كل السلالات التي حكمت المغرب جاءت من الصحراء ، وسقطت كذلك من الصحراء . والصحراء هي التي جنبت سقوطه في سبعينات القرن الماضي ، فهل إذا ذهبت ، واستمر في غيّه الديمقراطي ، سينجو هذه المرة من السقوط ، وخاصة وان الحرب حتمية ، في غضون السنتين القادمتين .
فتمسكوا بالمغرب وبالأرض ، ولا تفرطوا فيهما ، لأنهما ملك للشعب المغربي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا